المحتوى الرئيسى

الحرب على داعش آداة في يد طالبان لنيل الاعتراف الدولي

12/03 21:11

نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة تحليلا حول محاولات طالبان نيل الاعتراف الدولى من خلال مواجهتها تنظيم داعش خراسان، ذكر التحليل أهداف طالبان من هذه المواجهة، وما هى سيناريوهات المواجهة خلال الفترة القادمة... نعرض منه ما يلى:

أعلنت حركة طالبان، فى تغريدة لها على موقع تويتر فى 18 نوفمبر الماضى، أن القوات الخاصة التابعة لها، تمكنت من كشف خلية لتنظيم داعش فى منطقة قلعة مراد بيك، بولاية كابول الأفغانية، والتى كانت تخطط لتنفيذ هجمات ضد المدنيين. ويأتى هذا بعد ثلاثة أيام من قيام طالبان بشن هجمات على عدة مخابئ لداعش فى ولاية قندهار بجنوب البلاد، مما أسفر عن مقتل أربعة واعتقال عشرة من عناصر التنظيم.

تكثف طالبان فى الآونة الأخيرة جهودها لمواجهة التهديدات المتصاعدة من جانب تنظيم داعش خراسان، وهو ما يكشف عن سعى طالبان لتحقيق عدد من الأهداف، والتى يمكن تفصيلها على النحو التالى:

1 ــ الحصول على الدعم الاقتصادى: يُعد التحدى الاقتصادى، هو التهديد الأكبر لحركة طالبان فى سعيها لإحكام السيطرة على أفغانستان وإثبات قدرتها على حكم البلاد. وتسعى الحركة من خلال تكثيف الهجمات لمواجهة مخاطر داعش، إلى توظيف ذلك فى الحصول على المساعدات المالية ورفع التجميد عن الأرصدة الأفغانية فى الخارج، والتى تمكنها من تسيير أمور الدولة وتقديم الخدمات، ودفع الرواتب للموظفين.

ولذا دعت إسلام آباد، حليف طالبان، المجتمع الدولى لاستئناف الدعم الاقتصادى لأفغانستان بسرعة، مُحذرة من أنها على شفا انهيار اقتصادى. كما أن استتباب الأمن فى أفغانستان، سيمكنها من إقامة علاقات اقتصادية مع الخارج، وجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة الصينية، للاستفادة من الثروات الطبيعية التى تتمتع بها، مثل النحاس والكوبالت والذهب والحديد والليثيوم واللازورد.

ومن جهة أخرى، تقع أفغانستان على أهم طرق وممرات تجارية تربط الجنوب الآسيوى بالوسط والشمال، وترغب، بالتعاون مع حليفتها باكستان، أن تصبح من الممرات الرئيسية لمشروع الطوق والطريق البرى، فقد أشار منصور أحمد خان، السفير الباكستانى لدى أفغانستان، فى 28 سبتمبر الماضى، إلى أن بلاده ناقشت انضمام حكومة «طالبان» إلى مشروع البنية التحتية للممر الاقتصادى الصينى – الباكستانى.

2 ــ ضمان الاعتراف الدولى: تسعى طالبان منذ سيطرتها على زمام الأمور فى أفغانستان، إلى الحصول على الاعتراف الدولى، إلا أنها تدرك أن هذا الاعتراف يتوقف بدرجة أكبر على التزام طالبان بمنع استخدام الأراضى الأفغانية من قبل الجماعات الإرهابية وتحويلها لبؤرة تصدر الإرهاب للدول الأجنبية.

ولعل تصاعد الهجمات الانتحارية من جانب داعش خلال الشهرين الماضيين، والتى أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 90 شخصا وإصابة مئات آخرين، قد أثار مخاوف المجتمع الدولى من إمكانية إخفاق طالبان فى التصدى لهذا التهديد، خاصة فى ضوء وجود تقييمات سلبية لمسئولين غربيين باحتمالية اكتساب داعش القدرة على ضرب أهداف دولية فى غضون ستة إلى اثنى عشر شهرا.

ونجحت طالبان فى استثمار دورها فى محاربة داعش لنيل الاعتراف الدولى بها، حيث التقى ممثلو دول «ترويكا بلس»، والتى تضم الولايات المتحدة والصين وروسيا وباكستان، فى 11 نوفمبر الماضى، بوزير الخارجية فى حكومة طالبان، أمير خان متقى، والذى مثل أكبر مشاركة أجنبية مع الحكومة الأفغانية، بما يوحى باستمرار المفاوضات بين طالبان والدول الأجنبية لبحث الاعتراف بحكومة طالبان، مقابل الالتزام بشروط معينة.

3 ــ التأييد الشعبى وفرض الأمن: تأتى محاولات طالبان لدحر تنظيم داعش، فى إطار مساعيها لإحكام السيطرة على أفغانستان، وفرض النظام والأمن، لكسب الشرعية الشعبية فى الداخل، لاسيما فى الوقت الذى تتزايد فيه مخاطر التنظيم.

وتُشير التقديرات إلى أنه فى الفترة من 18 سبتمبر إلى 28 أكتوبر 2021، نفذ داعش ما لا يقل عن 54 هجوما فى أفغانستان، تنوعت بين التفجيرات الانتحارية والاغتيالات ونصب الكمائن، وطالت المدنيين والمدنيات والبنى التحتية والمساجد الشيعية، سواء فى شمال البلاد أو جنوبها.

وكان أحدث تلك العمليات استهداف مستشفى كابول العسكرى فى 2 نوفمبر الماضى، والذى أودى بحياة ما لا يقل عن 19 شخصا، وهو الأمر الذى يُضعف من سيطرة طالبان على الأوضاع فى أفغانستان، بما قد يمهد لنشوء معارضة مسلحة ضد حكمها فى فترة لاحقة، وبدعم من إحدى الدول الإقليمية.

4 ــ الانتقام من داعش: تُدلل الهجمات التى يشنها مقاتلو طالبان على معاقل داعش، على رغبتهم فى الانتقام من التنظيم، خاصة بعد مقتل القيادى العسكرى فى حركة طالبان، حمد الله مخلص، فى الهجوم على مستشفى كابول العسكرى، وهو أحد عناصر القوات الخاصة لحركة طالبان «بدرى 313»، وهى القوات المعنية بمواجهة داعش فى أفغانستان. ويُعد «مخلص» أعلى مسئول فى طالبان يقتل منذ تولت الحركة السلطة فى أفغانستان فى منتصف أغسطس الماضى.

يمكن إلقاء الضوء على بعض سيناريوهات المواجهة بين طالبان وداعش خلال الفترة القادمة، وذلك على النحو التالى:

1 ــ تمكن طالبان من دحر داعش: يفترض هذا الاحتمال أن تتمكن حركة طالبان من تحجيم داعش، والحيلولة دون تنامى نشاطه الإرهابى داخل أفغانستان، وذلك بالاستناد إلى الدعم الباكستانى العسكرى والاستخباراتى، وكذلك الدعم الدولى، والذى وضح فى اتفاق المشاركين فى اجتماع «ترويكا بلس»، على ضرورة استقرار الدولة الأفغانية، وعدم تحويلها إلى ملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية.

كما أن طالبان تعتمد فى محاربة تنظيم داعش على شبكة حقانى وتنظيم القاعدة الإرهابى والسكان الموالين لطالبان، بما لديهم من خبرة ميدانية فى قتال داعش، أو التبليغ عن أماكن وجودهم، وهو ما قد يساعدها فى القضاء على التنظيم.

2 ــ فشل طالبان فى مواجهة داعش: يقوم هذا الاحتمال على تراجع قدرة طالبان على القضاء على داعش، وذلك فى ضوء استمرار تعليق الحكومات الأجنبية تقديم المساعدات الاقتصادية، واستمرار تجميد الأصول الأفغانية المحتجزة فى الخارج، بما يرتبه ذلك من تنامى الغضب الشعبى، وتمكن داعش من استثمار ذلك لتجنيد عناصر جديدة.

ويشير تقرير صحفية وول ستريت جورنال، فى مطلع نوفمبر الماضى إلى تمكن داعش من تجنيد عناصر من قوات الجيش الأفغانى وجهاز المخابرات السابق، والذين تلقوا تدريبا على أيدى القوات الأمريكية، وهو ما يزيد من مخاطر التنظيم.

وتتراجع فرص تحقيق مثل هذا السيناريو بالنظر إلى تمتع داعش بجاذبية محدودة فى أفغانستان، حيث لم يستطع فى السابق السيطرة، إلا على ولايتى كونار وننجارهار فى الشرق، لما تحظى به الولايتان من انتشار لفكر السلفية المتشددة، فى حين ينتمى السواد الأعظم من الأفغان للمذهب الحنفى المعتدل، بما يعنى وجود قيود على توسيع قاعدة المنتمين إليه والمؤيدين لفكره.

3 ــ تبادل الضربات بين الطرفين: يفترض هذا السيناريو فشل طالبان فى القضاء بشكل كامل على تنظيم داعش، ولكنها فى الوقت نفسه تضعف قدراته بشكل كبير، بما يجعله لا يستطيع السيطرة على أماكن وحكمها، ولكنه فى الوقت نفسه لا يفقد القدرة على تنفيذ هجمات إرهابية، بما يمثله ذلك من إضعاف لطالبان وإحراجها أمام الداخل والخارج.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل