المحتوى الرئيسى

المدرب الوطني.. وأساس تعديل الهرم المقلوب – توووفه – صحيفة رياضية إلكترونية

11/29 16:35

في وقت سابق من عصر النهضة المباركة، عندما نمر على كبار السن بملابسنا الرياضية، كانوا يرددون رايحين تلعبوا التوووفه، ومع مرور السنين كرة القدم لم تعد “توووفه” التي تتقاذفها الأقدام، بل أصبحت من الاقتصادات الكبيرة بالعالم، وتطورت مكونات اللعبة بشكل هائل، فحسب مؤتمر دبي الرياضي الدولي أن كرة القدم تعد مصدر دخل رئيسي لحوالي مليار نسمة حول العالم من أصل 7 مليارات على وجه الأرض، وسوق كرة القدم تشكل أكثر من 80% من الاقتصاد الرياضي في أوروبا، وتساهم كرة القدم والرياضة بشكل عام ب220 مليار دولار سنويا للقطاع الاقتصادي الأمريكي، وهو ما يمثل ضعف إنتاج السيارات و7 أضعاف إنتاج السينما، وتشير دراسة قناوي “الآثار الاقتصادية لبطولة كأس العالم لكرة القدم على الدولة المستضيفة” أن عدد الأندية التي يرعاها “الفيفا” تبلغ 300000 ناد في عضويتها 240 مليون لاعب، كما يبلغ عدد الأعضاء في “الفيفا” نحو 208 أعضاء أي أكثر من عدد أعضاء منظمة الأمم المتحدة، ووقع “فيفا” عقودا تلفزيونية بقيمة 1.85 مليار دولار لنقل بطولة كأس العالم لكرة القدم لدورتي 2018، 2022 في كل من روسيا وقطر.

إن هذه التطورات التي مرت بها كرة القدم العالمية وتطورها من رياضة إلى صناعة، يتطلب منا مواكبة تطوراتها والاستفادة من ذلك بما يعود بالنفع على الاقتصاد العماني، من خلال إنشاء منظومة متكاملة لهيكلة قطاع الفئات السنية كأولوية، فهي الأساس الذي ننطلق منه لتطوير كرتنا العمانية، وهذا بداية يتطلب وجود كفاءات على قدر عال من المعرفة والتأهيل العلمي والخبرة فإعداد لاعبين ذوي كفاءة عالية يتطلب إعداد بدني سليم وممنهج، وعندما يكون اللاعب مرهقا تتأثر قراراته فينتقل الإجهاد “البدني” إلى “الذهن” فيصبح المخ متأخرا في معالجة الحالة التي على ضوئها سيتخذ القرار من الناحية ” التكتيكية” وغيرها من العوامل التي قد تؤثر سلبا على هذا المنتج وهو اللاعب، فلاعبو كرة القدم بشر يحتاجون إلى بيئة آمنة لتحقيق النجاح.

والدور المهم لتطوير الفئات السنية يكمن في المدرب، فهو المسؤول الأول عن بناء فرق ولاعبي المستقبل، وتطوير اللاعبين ورفع مستواهم الرياضي، والمعرفة العلمية والتجربة الميدانية، وأي تهاون في ذلك قد يقضي على ناشئ ويحرم من أن يصبح لاعبا مجيدا أو ذا شأن مستقبلا في كرة القدم، فلمدرب الفئات السنية دور فعّال في عملية انتقاء المواهب وكذلك في عملية تكوينهم، فهو يعد والدا ثانيا لهم- ويؤثر تأثيرا مباشرا في مستواهم الرياضي، كما أن له دورا فعالا في تطوير شخصياتهم تطويرا شاملا متزنا نظرا للوقت الذي يقضونه في التدريب.

ومن متابعتي خلال الفترة الماضية لبعض مباريات دوري الناشئين تحت 17 سنة والشباب تحت 19 سنة، بتنظيم الاتحاد العماني لكرة القدم،-مع كامل تقديري – للمدرب الوطني الذي نناشد الجهة المعنية بتمكينه أكثر، والذي نراهن على قدرته في تطوير الكرة العمانية إذا تم تأهيله بطريقة جيدة معرفيا وميدانيا، شاهدت جهدا كبيرا يبذل من قبل مدربينا الوطنيين وتفاني في أداء المهام الموكلة اليهم.

وهنا أود أن أشير إلى ما جاء في كتاب “تطوير الفئات السنية في كرة القدم للأستاذ صالح الربع فقد ذكر أن يوليان ناغلزمان صرح بأن “التدريب 30% منه تكتيك و70% منه تواصل وكفاءة” وذكر به أيضا أن مارسيلو بييلسا يشير إلى أن” بالنسبة للمدربين كلما تحدثوا أقل كلما كان أفضل وكلما كانوا أكثر اختصارا حينما يتواصلون كلما كان ذلك أفضل” وخصوصا مع الفئات السنية، وأيضا على المدربين أن يعوا أن الأخطاء واردة جدا مع هذه الفئة فجوفاني تراباتوني يقول ” إذا حرمنا اللاعب حق ارتكاب الأخطاء فيجدر بنا العودة للمنزل”، وقطاع الفئات السنية هدفه الأول تطوير اللاعب وتكوينه والفوز يأتي لاحقا والتركيز على اللاعبين الأفضل فقط يفقد اللاعب الأضعف فرصة التطور التي يحتاجها أيضا.

لذا ينبغي على الجهة المعنية عن اللعبة (الاتحاد العماني لكرة القدم) النظر إلى المشرفين على قطاع الفئات السنية في الأندية والفرق الاهلية والأكاديميات أنهم مكونون أكثر منهم مدربون، والمعرفة والخبرة هي العامل المهم جدا للعاملين بقطاع الفئات السنية، فكرة القدم رياضة تتداخل وتتشابك مع علوم ومعارف شتى وليست علما أو ممارسة مستقلة بذاتها كعلم الحركة والفسيولوجيا وعلم التربية وعلم النفس، فلا يعتقد أن الأشخاص الذين يعملون في عالم كرة القدم بالفئات السنية ولفترات طويلة لديهم المعرفة الكاملة، فهذا اعتقاد خاطئ، هم لديهم الكثير من الخبرة الشخصية، ويحتاجون إلى الدعم والعناية الكاملة من الاتحاد المسؤول.

وهناك عبارة لترودل زنميلبرت تقول: “عشر سنوات من التدريب دون مراجعة وتأمل ما هي إلا سنة واحدة تكررت عشرات السنين” فشخص بمعرفة محدودة ولكن بتجربة أو سنوات طويلة من العمل ماذا سيعلم أو سيعكس على لاعبيه الصغار، فالتدريب والتكوين أصبح مرتبطا بالمعرفة وليس فقط بعدد التجارب، ودورات الحصول على رخصة التدريب بمختلف مستوياتها ربما لا تعطي المعرفة الكافية لذلك، وخصوصا إذا علمنا أن منهج الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لا يوجد به مؤهلات مخصصة لمدربي الفئات السنية، بينما في ألمانيا تشترط للمدرب الحاصل على الشهادة التدريبية B وقبل الالتحاق بدورة الشهادة التدريبية A إلزامه بأخذ شهادة متخصصة للفئات السنية واجتيازها.

Comments

عاجل