المحتوى الرئيسى

قصة الحُكم الثنائي البريطاني-المصري في السودان - BBC News عربي

10/23 07:13

صدر الصورة، Getty Images

محمد علي باشا بدأ في عهده التوسع جنوبا

يعيش السودان مرحلة تحولات وسط صراعات بين القوى السياسية التي تسعى إلى حسم الصراع في الشارع عبر حشد انصارها حيث تدفق يوم 21 اكتوبر الحالي مئات الآلاف من السودانيين إلى الشوارع في عدة مدن في العاصمة الخرطوم وغيرها من مدن البلاد في مظاهرات احتجاجية للمطالبة بالتحول الديموقراطي وتسليم السلطة للمدنيين.

وفي المقابل، توافد المئات للانضمام للمعتصمين أمام القصر الجمهوري للمطالبة بحل حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وتسليم السلطة للجيش.

هل بات السودان على شفير الهاوية؟

السودان: كيف يؤثر انقسام قوى الحرية والتغيير في مسار الثورة؟

ووسط كل ذلك تحل ذكرى إلغاء الحكم الثنائي والذي كان يقضي بتقاسم السيادة على السودان بين مصر وبريطانيا في 27 اكتوبر عام 1951.

ففى أكتوبر/تشرين الأول من عام 1951 شجبت الهيئة التشريعية السودانية اتفاقية السيادة المشتركة بين مصر وبريطانيا ومعاهدة 1936.

وفى الـ 27 من الشهر ذاته قام رئيس الوزراء المصري حينئذ مصطفى النحاس بالغاء معاهدتى 1936 و1899 من جانب واحد، ولم تعترف بريطانيا بهذا الإلغاء.

تقول دائرة المعارف البريطانية إن البداية تمثلت في الحكم المصري العثماني، ففي يوليو/تموز من عام 1820، أرسل محمد علي والي مصر في عهد الإمبراطورية العثمانية جيشا بقيادة ابنه إسماعيل لغزو السودان.

مذبحة القلعة: كيف تخلص محمد علي من منافسيه في حكم مصر بضربة واحدة؟

وكان محمد علي مهتما بالذهب والسيطرة على المناطق النائية الشاسعة في جنوب مصر.

وبحلول عام 1821 استسلم الفونج وسلطان دارفور، وأصبح السودان النيلي من النوبة إلى التلال الأثيوبية ومن نهر عطبرة إلى دارفور جزءا من إمبراطورية محمد علي. بحسب دائرة المعارف البريطانية.

مئات الآلاف يخرجون في مظاهرات السودان للمطالبة بحكم مدني

اعتقال ضباط ومدنيين بعد محاولة انقلاب فاشلة في السودان

وقد أفرط نظام محمد علي في تحصيل الضرائب إلى حد مصادرة الذهب والماشية والعبيد، واشتدت معارضة حكمه مما أدى في النهاية إلى التمرد وقتل نجله إسماعيل وحارسه الشخصي. لكن المتمردين كانوا يفتقرون إلى القيادة والتنسيق، وتم قمع تمردهم بوحشية.

واستمر القمع حتى تم تعيين علي خورشيد أغا حاكما عاما في عام 1826 حيث شكلت إدارته حقبة جديدة في العلاقات المصرية السودانية، فقد خفض الضرائب واستشار السودانيين عبر القائد السوداني الذي حظي باحترام كبير عبد القادر ود الزين.

وعندما تقاعد علي خورشيد أغا في عام 1838 وغادر عائدا إلى القاهرة ترك وراءه بلادا مزدهرة. بحسب دائرة المعارف البريطانية.

وقد واصل خليفته في المنصب أحمد باشا أبو ودان سياساته، ولكن محمد علي شك في ولائه فاستدعاه إلى القاهرة في خريف عام 1843 ولكنه توفي قبل أن يغادر السودان ويعتقد الكثيرون أنه مات مسموما.

السودانيون منقسمون: "محاولة انقلاب" أم "مسرحية"؟

هل تدفع محاولة الانقلاب في السودان نحو انتقال ديمقراطي للسلطة؟

وخلال العقود التالية أصاب البلد الركود بسبب الحكومة غير الفعالة في الخرطوم فحتى لو كان خلفاء أحمد باشا أبو ودان يمتلكون الموهبة الإدارية، فنادرا ما كانوا قادرين على إثباتها حيث لم يشغل أي حاكم عام منصبه لفترة كافية لتنفيذ خططه الخاصة، ناهيك عن الاستمرار في خطط سلفه.

وفي عام 1863 بات إسماعيل باشا واليا على مصر (حمل لاحقا لقب خديوي)، وقد عمل على مواصلة السياسة التوسعية في الجنوب فكلف الإنجليزي صموئيل وايت بيكر بقيادة رحلة استكشافية إلى النيل الأبيض لوضع أساس الهيمنة المصرية على المناطق الاستوائية في وسط إفريقيا والحد من تجارة الرقيق في أعالي النيل.

معركتان خاضتهما مصر ضد إثيوبيا عبر التاريخ وخسرتهما

صدر الصورة، BRITANNICA

شهد عصر الخديوي إسماعيل أزمة مالية خانقة

وقد ظل بيكر في أفريقيا الاستوائية حتى عام 1873 حيث أسس مقاطعة الاستوائية كجزء من السودان المصري. لقد بسط نفوذ مصر وكبح تجار الرقيق على النيل، لكنه عزل أيضا بعض القبائل الأفريقية.

في عام 1877 عين إسماعيل غوردون حاكما عاما للسودان والذي قاد حملة ضد تجارة الرقيق، ولمساعدته في هذا المشروع الإنساني أحاط نفسه بكادر من المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين.

السودان: هل بات الخلاف بين شريكي الحكم المدني والعسكري عصيا على الإصلاح؟

السودان : كيف سيؤثر الإعلان عن إحباط "محاولة انقلابية" على مسار المرحلة الانتقالية؟

وفي نفس العام أيضا وقع إسماعيل اتفاقية تجارة الرقيق الأنجلو-مصرية ، والتي نصت على إنهاء بيع وشراء العبيد في السودان بحلول عام 1880، وقد شرع غوردون في الوفاء بشروط هذه المعاهدة حيث قام خلال جولات سريعة في أنحاء البلاد بتفكيك الأسواق وسجن التجار.

وبحلول عام 1879، كان رد الفعل القوي ضد إصلاحات غوردون يسري في جميع أنحاء البلاد.

حكاية السلطان الذي صار ملك مصر والسودان وسيد النوبة وكردفان ودارفور

وبطبيعة الحال، انقلب تجار الرقيق الأقوياء ضد الإدارة، في حين سارع القرويون والبدو، الذين اعتادوا إلقاء اللوم على الحكومة في أي صعوبات، إلى ربط الكساد الاقتصادي بمسيحية غوردون.

ثم فجأة، في خضم السخط المتصاعد في السودان، انهار المركز المالي لإسماعيل الغارق في الديون حيث لم يعد بإمكانه دفع الفائدة على الدين المصري. وانتهى أمر إسماعيل بعد 16 عاما من الإنفاق الباذخ بالنفي واستقال غوردون.

تنسب تلك الثورة إلى زعيمها محمد أحمد بن عبد الله، وهو نجل أحد صانعي المراكب في دنقلهوي.

وكان محمد احمد متدينا بعمق منذ شبابه، وتلقى تعليمه في إحدى الطرق الصوفية، لكنه عزل نفسه لاحقا في جزيرة أبا في النيل الأبيض لممارسة الزهد.

صدر الصورة، Getty Images

وفي عام 1880 قام بجولة في كردفان حيث علم بسخط الناس ولاحظ تصرفات الحكومة التي لم يستطع التوفيق بينها وبين معتقداته الدينية.

مظاهرات السودان "حماية للثورة أم التفاف عليها"؟

جنوب السودان: دولة وُلدت من رحم ويلات حرب أهلية

وعند عودته إلى جزيرة أبا بات يدعو إلى تجديد الدين وأعلن أن رسالته هي إصلاح الإسلام وإعادته إلى صيغته الأصلية التي مارسها نبي الإسلام.

وانتشرت دعوة محمد أحمد وصار "المهدي" في نظر أنصاره، وعلى رأسهم عبد الله التعايشي، والذين تطلعوا إليه لتطهير السودان من غير المؤمنين.

وبحلول سبتمبر/أيلول من عام 1882، سيطر أنصار المهدي على كردفان بأكملها.

صدر الصورة، Getty Images

وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1883، دمروا جيشا مصريا قوامه 10 آلاف رجل بقيادة كولونيل بريطاني.

ولم تستطع الحملة التي قادها غوردون والتي أُرسلت على عجل إلى الخرطوم السيطرة على الوضع.

ففي 26 يناير/كانون الثاني من عام 1885 استولى المهديون على الخرطوم وقُتل غوردون.

الشرطة السودانية تفرق متظاهرين من أمام مقر رئيس الوزراء

حمدوك: المرحلة الانتقالية في السودان تشهد "أخطر أزمة سياسية"

وفي 22 يونيو/حزيران من عام 1885 توفي المهدي وخلفه عبد الله التعايشي الذي سعى لمواصلة سياسة الجهاد فلقي هزيمة في الشمال على يد القوات الأنجلو مصرية عام 1889 كما لقي هزيمة أخرى في الجنوب على يد القوات البلجيكية في الجنوب في الكونغو عام 1897.

احتلت بريطانيا مصر في عام 1882 ومن ثم سعت إلى تأمين منابع النيل، وبالتالي تفاوضت الحكومة البريطانية على اتفاقات مع الإيطاليين والألمان لإبقائهم خارج وادي النيل.

وكانت بريطانيا أقل نجاحا مع الفرنسيين الذين أرادوا من البريطانيين الانسحاب من مصر، ومن ثم فكر البريطانيون في غزو السودان لحماية منابع النيل من الفرنسيين وخاصة في عام 1896 عندما تحركت حملة كشفية فرنسية عبر إفريقيا من الساحل الغربي إلى فشودة (كودوك) في أعالي النيل حيث كان يُعتقد أنه يمكن بناء سد لعرقلة تدفق مياه النيل.

ومع وصول التقارير إلى لندن خلال عامي 1896 و 1897 عن تلك الحملة الفرنسية إلى فشودة، أصبح عجز بريطانيا عن عزل وادي النيل مكشوفا بشكل محرج.

السودان: هل نجح الجنرالات في شق صفوف شركائهم المدنيين في الحكم؟

أنصار الجيش في السودان يتظاهرون ضد الحكومة

وقد حاول المسؤولون البريطانيون بشكل يائس أن يثنوا الفرنسيين عن فشودة لكن دون جدوى.

وبحلول خريف عام 1897، توصلت السلطات البريطانية إلى استنتاج مفاده أن غزو السودان ضروري لحماية مياه النيل من التعدي الفرنسي.

وفي أكتوبر / تشرين الأول من ذلك العام، تقدم جيش أنجلو-مصري بقيادة الجنرال السير (لاحقا اللورد) هوراشيو هربرت كتشنر لغزو السودان. وقد زحف كتشنر صوب النيل بثبات ولكن بحذر.

صدر الصورة، Getty Images

رسم من معركة أم درمان عام 1898

وقد هزمت قواته الأنجلو-مصرية جيشا مهديا كبيرا في نهر عطبرة في 8 أبريل/نيسان من عام 1898.

ثم بعد أن أمضى 4 أشهر في التحضير للتقدم النهائي إلى أم درمان، التقى جيش كتشنر المؤلف من حوالي 25 ألف جندي بحشد ضم نحو 60 ألف رجل من جيش الخليفة عبد الله التعايشي خارج أم درمان في 2 سبتمبر/أيلول من عام 1898، وبحلول منتصف النهار كانت معركة أم درمان قد انتهت.

الصادق المهدي: السياسي السوداني المخضرم الذي رفضت مصر عودته إليها

البرهان وحميدتي يتهمان قوى سياسية بالمسؤولية عن محاولة الانقلاب في السودان

فقد هُزم المهديون بشكل حاسم وبخسائر فادحة، وهرب الخليفة عبد الله التعايشي، ليُقتل بعد عام تقريبا.

وبعد ذلك اضطر الفرنسيون للانسحاب من فشودة تحت ضغط بريطاني وقد أوقفت معاهدة أنجلو فرنسية في مارس/آذار من عام 1899 التوسع الفرنسي صوب منابع النيل.

صدر الصورة، Getty Images

لورد كرومر وقع اتفاقية الحكم الثنائي عن الجانب البريطاني

وقعت مصر وبريطانيا اتفاقية الحكم الثنائي للسودان في 19 يناير/كانون الثاني من عام 1899، وقد وقع الاتفاقية من الجانب المصري بطرس باشا غالي ناظر خارجية مصر وعن الجانب البريطاني اللورد كرومر.

وهكذا تم تقاسم السيادة على السودان بين الخديوي والتاج البريطاني، وتم رفع العلمين المصري والبريطاني جنبا إلى جنب.

وبات للسودان حاكم عام بيده السلطة العسكرية والمدنية ويعينه خديوي مصر ولكن بترشيح من قبل الحكومة البريطانية.

هل تسليم البشير للجنائية الدولية يأتي ضمن "صفقة" التطبيع مع إسرائيل؟

ما مصير الاتفاق التركي السوداني حول جزيرة سواكن بعد الإطاحة بالبشير؟

وفي الواقع لم تكن هناك شراكة متساوية بين بريطانيا ومصر في السودان حيث سيطر البريطانيون منذ البداية على الوضع في السودان. بحسب دائرة المعارف البريطانية.

صدر الصورة، Getty Images

لورد كتشنر قاد غزو السودان وأول حاكم عام في ظل الحكم الثنائي

وكان أول حاكم عام هو اللورد كتشنر نفسه، ولكن في عام 1899 تم تعيين مساعده السابق، السير ريغنالد وينغيت، خلفا له.

وقد عرف وينغيت السودان جيدا خلال فترة ولايته الطويلة الممتدة بين عامي 1899 و1916.

وتقول دائرة المعارف البريطانية إن التحديث كان بطيئا في البداية، لكن تم تدريجيا توسيع خدمات السكك الحديدية والتلغراف والبواخر، خاصة في منطقة الجزيرة، من أجل إطلاق مشروع زراعة القطن الكبير الذي لا يزال اليوم العمود الفقري لاقتصاد السودان.

بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء المدارس الفنية والابتدائية، بما في ذلك كلية غوردون التي افتتحت في عام 1902 وسرعان ما بدأت في إنتاج نخبة متعلمة في الغرب خرجت تدريجيا من الإطار السياسي والاجتماعي التقليدي.

وتقول دائرة المعارف البريطانية إن القومية السودانية وُلدت في القرن العشرين. وكانت أولى مظاهرها في عام 1921، عندما أسس علي عبد اللطيف جمعية القبائل المتحدة واعتقل بتهمة التحريض القومي.

وفي عام 1924 قام بتشكيل رابطة العلم الأبيض، المكرسة لطرد البريطانيين من السودان.

صدر الصورة، Getty Images

الحاكم العام للسودان السير لي ستاك تم اغتياله في القاهرة عام 1924

وتبع ذلك مظاهرات في الخرطوم في يونيو / حزيران وأغسطس / آب وتم قمعها. وعندما اغتيل الحاكم العام، السير لي ستاك، في القاهرة في 19 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1924، أجبر البريطانيون المصريين على الانسحاب من السودان وأبادوا كتيبة سودانية تمردت دعما للمصريين.

وانتهت الثورة السودانية، وظل الحكم البريطاني دون منازع حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية.

الجالية اليهودية المفقودة في السودان

أقباط السودان: الحاضر المنسي في زمن الانفصال

وفي عام 1936، توصلت بريطانيا ومصر إلى معاهدة عُرفت باسم معاهدة 36 وتضمنت اتفاقا جزئيا في المعاهدة الأنجلو-مصرية مكن المسؤولين المصريين من العودة إلى السودان.

وعلى الرغم من أن شيوخ ورؤساء السودان التقليديين ظلوا غير مبالين بحقيقة أنه لم يتم استشارتهم في المفاوضات حول هذه المعاهدة، إلا أن النخبة السودانية المتعلمة كانت مستاءة من أن البريطانيين والمصريين لم يكلفوا أنفسهم عناء استطلاع آرائهم.

وهكذا، بدأت النخبة السودانية في التعبير عن الضيق من خلال المؤتمر العام للخريجين، الذي تم تأسيسه كجمعية لخريجي كلية غوردون ثم احتضن كل المتعلمين السودانيين.

في البداية، حصر المؤتمر العام للخريجين اهتماماته في الأنشطة الاجتماعية والتعليمية، ولكن وبدعم مصري، طالبت المنظمة باعتراف البريطانيين للعمل كمتحدث باسم القومية السودانية.

ورفضت حكومة السودان ذلك، وانقسم المؤتمر إلى مجموعتين.. أغلبية معتدلة مستعدة لقبول حسن نية الحكومة، وأقلية متشددة بقيادة إسماعيل الأزهري والتي تحولت إلى مصر.

وبحلول عام 1943، كان الأزهري وأنصاره قد فازوا بالسيطرة على المؤتمر ونظموا حزب الأشقاء، وهو أول حزب سياسي حقيقي في السودان، فيما شكل المعتدلون حزب الأمة برعاية عبد الرحمن المهدي.

عبدالفتاح البرهان الذي "يحظى بقبول نسبي" في السودان

عبد الله حمدوك، رئيس وزراء السودان في سطور

وكان منافس المهدي الرئيسي هو علي المرغني زعيم الختمية الذي دعم الأزهري. وفي عام 1951 شكل الأزهري والختمية الحزب الاتحادي الديمقراطي.

وفي ذلك الوقت تم إنشاء مجلس استشاري لشمال السودان يتألف من الحاكم العام و 28 سودانيا لكن سرعان ما بدأ القوميون السودانيون في التحريض على تحويل المجلس الاستشاري إلى مجلس تشريعي يشمل جنوب السودان.

وكان البريطانيون قد عملوا على تخفيف قبضتهم على السودان من خلال فصل الأفارقة الوثنيين أو المسيحيين الذين يهيمنون على الجنوب عن العرب المسلمين المهيمنين في الشمال، ولكن أجبر قرار إنشاء مجلس تشريعي البريطانيين على التخلي عن هذه السياسة.

وفى أكتوبر/تشرين الأول من عام 1951 شجبت الهيئة التشريعية السودانية اتفاقية السيادة المشتركة بين مصر وبريطانيا ومعاهدة 1936.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل