المحتوى الرئيسى

«علي صوتك».. فيلم يحارب التطرف بالموسيقى

10/22 20:33

فى تجربته الجديدة «على صوتك» أو «إيقاعات كازابلانكا» الذى يعرض على شاشة مهرجان الجونة السينمائى، يقتحم المخرج المغربى الفرنسى نبيل عيوش عالما شائكا حول تحرير النفس من ثقل التقاليد التى لم تعد توائم جيل جديد من الشباب المغربى وفرضت عليه، وذلك عبر شخصية رئيسية هو أنس بصبوسى، مغنى راب سابق، يعمل فى مركز ثقافى، سيحاول جعل الطلاب يعيشون شغفهم والتعبير عن أنفسهم من خلال ثقافة موسيقى الراب أو موسيقى الشارع التى لها دلالتها الكبرى وثقافتها الخاصة.

تدور أحداث القصة فى سيدى مومن، وهو مكان ذائع الصيت منذ عام 2003 بعد سلسلة من حالات الانتحار، فيما أسفرت تفجيرات فى المدينة عن مقتل 33 شخصا. إنه المكان الذى صور فيه المخرج نبيل عيوش فيلمه الرائع «خيول الله» فى عام 2012.

يأتى الفيلم الجديد أكثر انتقادًا للمجتمع المغربى، وهذه المرة يستخدم لغة الموسيقى والأغانى وقوة الحوار الذى يتخذ منحنى جدليا فى مواجهة القضايا التى تواجه الشباب فى مجتمع الدار البيضاء وخاصة التشدد الدينى وطمس حقوق الفتيات ومعاملة المرأة. إنها مقطوعة تعزف عن حالة الأمة؛ حيث تصبح الموسيقى وسيلة للهروب لشباب المنطقة من مأزقهم، وحيث يعكس الفن الواقع المهزوم والأحلام المكبوتة، لكن هذه المقارنة ستؤدى إلى الدفع السياسى للحكاية والصدام لا محالة.

فى أحداث الفيلم يسير السرد على نهج درامى متنامى يبدأ فى أحد أيام عام 2014، بطلب أنس بناء برنامج يسمى المدرسة الإيجابية للراب، حيث يصل أنس إلى المدرسة ويعلن أنه ستكون هناك دروس، فى الدرس الأول، شرح أهمية الهيب هوب فى إحداث التغيير فى أمريكا. يصف كيف أثر ذلك فى برونكس، نيويورك فى التعبير عن الاستياء السياسى وإعطاء صوت للمحرومين حيث غير المشهد الموسيقى التركيبة السياسية للبلاد، ما أدى إلى انتخاب الرئيس باراك أوباما الأسود.

بل ويشجع الطلاب على البدء فى الكتابة عن تجاربهم ليحصلوا على فرصة للتحرر من ازماتهم الحياتية حيث تعيش إحدى الفتيات مع أخ مفرط فى الحماية، وآخر فى دار للأيتام، والصبى الأكثر غرورًا لديه أب عنيف فى المنزل الراب بالنسبة لهم هو هروب وهوية.

بينما تغوص دراما الفيلم وحبكته الداعمة لفكر المخرج فى توجهه العام فى نقاش حول الإسلام والنمو فى مجتمع بين عالمين، الماضى والحاضر، وهل يمكن للتقاليد أن تنجو من العولمة والإنترنت؟ ما هو دور الثقافة فى إحداث التغيير؟ التصوير السينمائى لأمين المسعدى وفيرجينى سورديج كان رائعا، مما يجعل المنطقة فى الدار البيضاء تبدو وكأنها فى ضواحى باريس، مما يعزز فكرة أن العالم أصبح أصغر فى العصر الرقمى، وأكثر تجانسًا أيضًا، تلك الصورة التى جاءت متجنبة العديد من الكليشيهات التى تغلف أفلام من هذا النوع.

هذا النهج بعفوية وحيويته السياسية سيصيب الجمهور بشغفه وإيمانه الراسخ بأن الشخص الذى لديه ثقة بالنفس والتعبير عن الذات يمكنه حقًا تغيير المجتمع، بينما يحافظ عيوش على الإطار مليئًا بالطاقة والتوتر الإبداعى لشخصياته وكذلك الخلفية المثيرة للاهتمام.

صنع عيوش فيلما بمثابة دليل مشجع على أن الأفكار الجديدة يمكن أن تزدهر فى مجتمع دينى أيضا بمزيج من الدراما الموسيقية فى الشوارع، والدراما الملهمة للمعلمين والطلاب، تحت شعار جرىء «هناك مجتمع عليك تغييره لأنك لم تختره». حيث تترابط مجموعة متنوعة من المراهقين المحليين ويتشاجرون ويتفاخرون عبر وسط موسيقى الهيب هوب، هو ما يضفى على الفيلم ضجة من المقاومة الواقعية لتظهر كيف تتحول الموسيقى إلى حركة فاعلة حتى عندما يتبادل الطلاب النظرات المضطربة التى تنفجر منها على سبيل المثال صورة الفتاتين اللتين تتعاونان كثنائى ويكتبان أغنية راب نسوية صريحة ــ وهو أيضًا أفضل مسار للفيلم وأكثرها جاذبية، وكذلك مقاطع الفصول الدراسية بأسلوب توثيقى وجلسات التسجيل والعروض المرتجلة.

أصبحت القصة الخيالية للمدرسة الإيجابية للهيب هوب، التى أسسها القائد المغربى نبيل عيوش فى أحد الأحياء الفقيرة بالدار البيضاء، تمرينًا على التعبير عن الذات والتغيير الاجتماعى.

المخرج نبيل عيوش يدرك الأمر بشكل صحيح؛ حيث ينقل الإثارة الإبداعية لموسيقى الهيب هوب والمزيج من الرسائل السياسية والأغانى المثيرة التى تلفت الانتباه.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل