المحتوى الرئيسى

قالوا هنركب وجايين.. السواد يخيِّم على قرية الشقيقَين ضحايا ميكروباص الأوسطي

10/21 23:44

تسلل الموت إلى قرية عرب أبو كريم التابعة لمحافظة أسيوط، ارتدت نساؤها الملابس السوداء، وعلا الحزن ملامح أبنائها؛ فقد فقدت للتو البلدة 7 من خيرة رجالها، خرجوا يسعون نحو رزقهم، حتى رافقهم الموت أثناء رحلة العودة إلى أحبائهم بعد فترة غياب طويلة.

قرر الشقيقان سيد وعبد الغفار، أن يذهبا إلى مدينة وادي النطرون للعمل في إحدى مزارعها؛ الأخ الأكبر سيد البالغ من العمر 47 عاماً، وشقيقه عبد الغفار صاحب الـ41 عاماً، كلاهما كان يعمل في ليبيا كغيره من أبناء قريته؛ لكن الأحداث لم تساعدهما على الاستمرار فحملا حقائبهما وعادا إلى بلدتهما بحثاً عن مصدر رزق بها.

"كانوا بيسافروا يجيبوا قرشين ويرجعوا"، الحاج صالح ابن عم الشقيقَين، سرد لنا تفاصيل رحلتهما؛ فسيد الذي خرج من الدنيا بستة من الأبناء أكبرهم حاصل على شهادة الدبلوم، لم يكن له مصدر رزق سوى يدَيه، فكان يعمل نجاراً مسلحاً؛ لكن مع وقف البناء لم يجد عملاً سوى الزراعة. ولم يختلف الحال مع عبد الغفار الذي خرج من الدنيا بخمسة من الأبناء أكبرهم فتاة في الصف السادس الابتدائي، والذي كان يرافق شقيقه الأكبر في كل مكان يذهب إليه.

في الخامس من سبتمبر الماضي قرر سيد وعبد الغفار الذهاب إلى مدينة وادي النطرون كغيرهما من أبناء بلدتهما للعمل في إحدى مزارعها، استمر الشقيقان أسابيع يعملان في حصاد الطماطم؛ من أجل جمع المال للعودة إلى أسرتيهما.. ذهب سيد أولاً ثم لحق به عبد الغفار بعد ثلاثة أيام، فلم يشأ أن يترك شقيقه بمفرده وقرر اللحاق للعمل معه بالمزرعة.

"اتصلوا قبل الظهر وقالوا هنركب وجايين"، بعد نحو شهر ونصف الشهر من العمل، عقد الشقيقان العزم على زيارة أسرتيهما، وفي العشرين من أكتوبر وفي الثانية عشرة ظهراً، أبلغ الشقيق الأكبر أبناءه أنهما حصلا على إجازة صغيرة لمدة 5 أيام وأنهما سيستقلان السيارة للعودة إلى المنزل، فقد اشتاقا إليهم كثيراً.

انتظرت الأسرة قدوم ابنيهما واستعدت لاستقبالهما، فلم تلتقِ بهما منذ فترة طويلة؛ لكن مرّ الوقت ولم تتلقَّ الأسرة اتصالاً هاتفياً من ابنيها، فتسلل القلق إلى قلبها، حتى انتشر خبر تصادم ميكروباص عبد الله طاهر الذي كان الشقيقان يستقلانه بالقرية، لم يعلم أحد منهم مصير الشقيقَين حتى وصل الخبر إلى أبناء بلدتهما الذين يعملون معهما في وادي النطرون، والذين ذهبوا إلى المستشفى وحينها أبلغوا أسرة سيد وعبد الغفار بمصير ابنَيها.

"غلابة وبيوتهم عشوائية، مين هيصرف على ولادهم"، لم يكن سيد وعبد الغفار ميسورَي الحال، فعاشا رفقة صغارهما في منزل من الطوب الأبيض، فقد ولد الشقيقان في أسرة فقيرة، ورثا الشقاء عن والدهما منذ نعومة أظافرهما، لم يشأ القدر أن يفرق الشقيقَين فرحلا سوياً تاركين خلفهم 11 ابناً؛ أكبرهم لم يتجاوز عمره العشرين، ليحمل على عاتقه مسؤولية أشقائه وأبناء عمه الصغار.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل