المحتوى الرئيسى

هروب اضطراري| لماذا فضَّل أولياء الأمور التعليم الحكومي على الخاص؟  

10/21 18:29

فاجأ إيمان محمود اتصال هاتفي، في منتصف عام 2021، من إدارة المدرسة الخاصة التي يدرس بها ثلاثة من أطفالها بمنطقة المقطم؛ لإخطارها بالإسراع بدفع رسوم السنة الدراسية الجديدة المتأخرة كإنذار أخير؛ تجنباً لقيام المدرسة بمنعهم من متابعة العام الدراسي ودخول امتحانات آخر العام، أو تحويل أوراقهم إلى أية مدرسة حكومية، حسب نصوص القانون؛ ولكن عقب سداد المصروفات.

"عاوزه أحوِّل لهم بس مش عارفة أجمع المصاريف"، تقولها إيمان الأم، التي تنقلت على مدار شهر كامل، عقب تحذير إدارة المدرسة، من بنك إلى آخر، في محاولة منها للاقتراض لسداد مصروفات أولادها الملتحقين بالمرحلة الابتدائية بالمدرسة، خوفاً على مستقبلهم من الضياع، بعدما قامت العام الماضي بالاتفاق مع إدارة المدرسة بتأجيل العام الدراسي لهم، نظراً للظروف الاقتصادية التي فرضها الفيروس على عدد من القطاعات؛ منها قطاع السياحة الذي يعمل به زوجها "من يوم ما كورونا دخلت وإحنا حالتنا صعبة بنحاول نعيش وبس"، تقولها إيمان.

بعد أشهر قليلة من دخول فيروس كورونا مصر، تفاجأ محمد سعد، زوج إيمان، بقرار من إدارة الشركة التي يعمل بها، المتخصصة في استيراد وتوريد المستلزمات الفندقية، بتخفيض نصف رواتب العاملين؛ نظراً لانخفاض حجم المبيعات إلى أكثر من النصف نتيجة فسخ التعاقد مع بعض الفنادق: "بعد ما كان يأخذ 8 آلاف، بقى يأخذ 3 آلاف"، ليقرر الزوجان تدبير أمورهما الأسرية على هذا المبلغ بتقليل النفقات المعيشية، ومنها تحويل أطفالهما مع بداية العام من المدرسة الخاصة "اللغات" التي تكلفهما ما يقارب 27 ألف جنيه سنوياً إلى مدرسة تجريبي أقل تكلفة، ولم يمر شهر ونصف الشهر حتى أعلنت الشركة توقفها عن العمل بشكل مؤقت، وبالتالي قطع رواتب العاملين الشهرية: "في يوم وليلة مابقاش لنا دخل نصرف منه".

قبل انتشار فيروس كورونا الزائر الثقيل على دول العالم؛ ومنها مصر، كانت حياة إيمان وزوجها تسير بشكل طبيعي، الزوج يتقاضى راتباً ينفق منه على أسرته "زوجته وأطفاله الثلاثة"، وما يتبقى يتم ادخاره لسداد مصروفات المدارس الخاصة الملتحق بها الأطفال، بجانب بعض المصروفات الأخرى، لكن هذا لم يدم طويلاً بعدما فقد الزوج وظيفته وأصبحت الأسرة بلا دخل "والد زوجي خد فترة يساعد في مصاريف الأطفال"، لكن تعذر ذلك بعدما توقف نتيجة خروجه على المعاش.

"مش عارفة أعمل إيه، الولاد حالياً مش في مدرسة"، تستكمل إيمان، موضحةً أن إدارة المدرسة ترفض التحويل لأطفالها إلى أي من المدارس الحكومية؛ نظرًا لعدم سداد المصروفات المتأخرة، والتي تجد إيمان صعوبة في دفعها، مضيفةً أنها ذهبت إلى إدارة المدرسة للاتفاق معهم على إمضاء إيصالات أمانة والتحويل للأطفال لاستكمال تعليمهم حتى تدبر المصروفات، وهذا ما رفضته إدارة المدرسة، مبررةً أن هذا نظام المدرسة ولا يمكن تغييره.

"المدرسة حولت أولادي إلى مدرسة تانية لمجرد التأخير عن الدفع في الميعاد"، تقول لمياء مطاوع، أم لطفلَين بالمرحلة الإعدادية بإحدى المدارس الخاصة بمنطقة الهرم بالجيزة، اللذين تم تحويلهما من قِبل إدارة المدرسة إلى مدرسة أخرى حكومية، بعدما تخلفت أسرتهما عن دفع مصاريف العام الدراسي الجديد في الموعد المحدد.

قبل شهرين من العام الدراسي، تفاجأ أولياء أمور الطلاب بإعلان إدارة المدرسة على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أسعار العام الدراسي الجديد، على أن تكون 7 آلاف جنيه، بزيادة ألفَي جنيه على كل المراحل الدراسية مقارنة بالعام السابق، يتم دفعها خلال شهر كاملة قبل بدء العام الدراسي، خلاف نظام التقسيط المعتاد، وفي حالة التخلف عن الموعد المحدد سوف يتم تحويل الطلاب إلى مدارس حكومية: "اعترضنا على الزيادة؛ لكن المدرسة نفذت كلامها"، تقول لمياء، بعدما قامت إدارة المدرسة بتحويل ملفَّي ابنيها إلى مدرسة حكومية أخرى في نفس النطاق؛ هي وعدد من أولياء الأمور الذين اعترضوا على الزيادة وتخلفوا عن ميعاد الدفع.

 "لازم يكون في رقابة على أسعار المدارس الخاصة، الظروف مش متحملة"، تستكمل لمياء، التي عانت رحلة طويلة للتحويل لأطفالها إلى مدرسة أخرى بخلاف المدرسة التي حولتهم المدرسة الخاصة إليها لبعدها عن المكان التي تقطن فيه بالحي الخامس بمدينة السادس من أكتوبر تقول "المدرسة كانت في حتة بعيدة، قُلنا نشوف مدرسة تانية"، ومن مدرسة إلى مدرسة استقرت الأم في إحدى المدارس القريبة من مسكن عائلة زوجها.

 "الظروف لو زي الأول ماكانش ده حصل"، تستكمل لمياء، بعدما انخفض الدخل الشهري لزوجها الذي يعمل موظفاً بأحد المصانع بالمنطقة الصناعية بأكتوبر، بجانب عمله الإضافي "سائق"، في إحدى شركات النقل الذكي، "لما حصل الحظر ماكانش فيه شغل خالص"؛ لذا كان التحويل من المدرسة الخاصة إلى أخرى حكومية هو الحل الوحيد؛ نظراً للظروف الاقتصادية.

"كورونا قفلت كل حاجة، والوضع لسه زي ما هوه لحد اللحظة"، تقولها فاطمة حسام، التي قررت هي وزوجها تحويل أطفالهما إلى أي المدارس الحكومية من المدرسة الخاصة اللغات، توفيراً للمصاريف التي اعتادوا على إنفاقها مع بداية كل عام.

"الدخل مش زي الأول والمرتب يكفي الأكل بس"، تقول فاطمة التي تعمل هي وزوجها مدرسَين بالمدرسة الخاصة بمنطقة شبرا الخيمة بالقليوبية، التي كان يدرس بها أطفالها، وتم تحويلهم إلى مدرسة حكومية، مع ارتفاع حالات كورونا العام الماضي، وما ترتب على هذا الارتفاع من قرارات منها الغلق الجزئي وتعطيل الدراسة، لم يكن هناك خيار آخر أمام فاطمة وزوجها إلا اتخاذ قرار التحويل لأبنائهما الثلاثة بمراحل التعليم المختلفة، تخفيفاً للمصاريف بعدما توقف الزوجان عن إعطاء الدروس الخصوصية التي كانت تعود عليهم بدخل يتم توفير مصروفات المدرسة منه "فلوس الدروس كنا نوفرها لمدرسة الأولاد"، ليقررا التحويل إلى مدرسة حكومية بعد انقطاع الدروس.

"كانوا أولادي في البيت وبدفع ليهم مصاريف"، يقول محمد مروان، الذي حول لطفلَيه من المدرسة الخاصة لغات إلى أخرى تجريبي؛ لادخار الأموال التي يقوم بدفعها رسوماً للمدرسة لمرحلة الكلية التي يرى أنها أولى لما يراه من قلة المجاميع؛ "لما أدخلهم كلية خاصة أحسن من المدرسة"، بجانب تكثيف الدروس الخصوصية بعد التحاقهم بالمدارس الحكومية، يقول: "رغم أنهم خاص بس مش عارفين نستغني عن الدروس الخصوصية".

"أنا غيرت نشاط الشغل بسبب كورونا"، يستكمل الرجل صاحب الـ41 عاماً، الذي يمتلك مكتبة أدوات مدرسية قام بتحويلها إلى هدايا وألعاب أطفال مؤخراً؛ بسبب حالات الإغلاق التي قامت بها الحكومة خلال مارس 2020، ضمن الإجراءات الصارمة، للحد من تفشي "كوفيد 19"، ليستمر هذا الحظر لأربعة أشهر بداية من مارس حتى شهر يونيو، وتسبب في فقدان 2.3 مليون مواطن وظائفهم، و خسائر فادحة لبعض القطاعات منها وتجارة الجملة والتجزئة، حسب تقرير أصدرته وزارة المالية أواخر نوفمبر من نفس العام؛ مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 9.6% من إجمالي القوة العاملة، مقارنة بالأشهر التي سبقت هذه الإجراءات الوقائية، حيث لم تتجاوز نسبة البطالة فيها 7.7% من العام ذاته.

"ماكانش فيه مدارس، وأنا في البيت في الوقت ده"، ليقرر بعد ضغط إدارة المدرسة المستمر على أولياء الأمور لدفع رسوم السنة الدراسية، التحويل لأطفاله إلى مدرسة أخرى تجريبي أقل تكلفة، والتي لا تتعدى مصاريفها ألف جنيه للطالب، بخلاف المدرسة الخاص التي كان يدرس بها أولاده وتتعدى مصاريفها 15 ألف جنيه "بدفع للطفل الواحد 15 ألفاً جانب المصروفات الأخرى".

أهم أخبار كورونا

Comments

عاجل