المحتوى الرئيسى

أبو الغيط: على الإعلام العربي مسئولية تاريخية في مواجهة خطاب التفتيت والكراهية والإرهاب

10/19 17:43

قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية إن "على الإعلام العربي مسئولية تاريخية في مواجهة الخطاب الذي قاد إلى التفكيك والتفتيت وأشاع الكراهية، وجعل استحلال الدم وإرهاب الأبرياء هدفا مشروعا"، مؤكدا أن هذا الخطاب حاضر بصور شتى في الفضاء الإلكتروني، بل والتليفزيوني، وهو يُشكل المظلة التي تحتمي بها قوى الإرهاب والطائفية لتبرر أهدافها والوسائل البشعة التي تستخدمها في تحقيق هذه الأهداف.

وأضاف أبو الغيط، في كلمته، اليوم الثلاثاء، خلال مؤتمر الإعلام العربي الذي ينظمه اتحاد إذاعات الدول العربية في تونس: "الأزمات الأمنية والسياسية الخطيرة التي تُعاني منها بعض الدول العربية لا تخفى عليكم جميعاً، كما لا تخفى تداعياتها المأسوية على ملايين البشر، وعلى مستقبل المجتمعات والدول، وعندما ننظر إلى هذه الأزمات حيث توجد، فإننا نرصد على الفور عاملا مشتركاً بينها يتمثل في التراجع الخطير لمفهوم الدولة الوطنية، ويصحب ذلك عادة خطاب إعلامي يقوم على التحريض والتخوين المتبادل، وتقسيم أبناء الوطن الواحد على أساس الدين أو العرق أو الانتماء الطائفي، فيختفي علم الدولة رمز وحدتها وسيادتها، ويظهر بدلاً منه علم القبيلة أو الطائفة أو الجهة".

وتابع: "إن إعلاما بلا حرية يفقد معناه ومصداقيته، ولكن إعلاماً بلا مسئولية يُمكن أن يتحول إلى ثغرة خطيرة في الوعي الوطني.. لذلك لا ينبغي أن تضيع من البوصلة من الإعلام العربي، والبوصلة دائماً هي مصلحة المواطن وأمن الوطن.. وفي ظل التحديات الاستثنائية التي يواجهها عالمنا العربي يتعين على الخطاب الإعلامي أن يُعيد التركيز على مفهوم الدولة الوطنية الذي تعرض للتشويه والتشويش، عن جهل أو قصد".

وأشار أبو الغيط إلى أن الدولة الوطنية التي نعنيها، هي الدولة المستقلة صاحبة السيادة، وأيضاً الدولة التي تُعامل كل مواطنيها على قدم المساواة بلا تفرقة أو تمييز، وبلا تهميش لأي من مكونات الوطن، دولة القانون والحقوق المتساوية للجميع.

ورأى أن الرسالة الأساسية للإعلام العربي في هذه الرحلة، تتمثل في غرس قيم الاندماج الوطني والعيش المشترك وعدم التمييز وتعزيز المشتركات التي تتأسس عليها الجماعة الوطنية، حيث أن ذلك هو السبيل الأمثل لمواجهة إعلام التحريض، وخطاب الفتنة وتقسيم الأوطان.

وأكد أبو الغيط أن الإعلام رافد أساسي من روافد التنمية في العالم العربي، إذ لا يُمكن أن تُثمر جهود التنمية من دون وعي جماهيري بضرورتها، وإدراك شعبي للصعوبات والتحديات الكبيرة التي تعترض طريقها، موضحا أن الإعلام أيضا هو خط اتصال جوهري بين الحكومة والناس، فمن خلاله تتبلور لدى الحكم صورة عن القضايا التي تشغل الجمهور وطموحاته وأحلامه من أجل المستقبل، وكذا يعرف الجمهور محددات العمل الوطني وخطط الحكومات وأهدافها.

وحذر من أنه إذا حدث وانقطع هذا الخط الواصل بين الحكومة والجمهور، فإن الفجوة تتسع بينهما، فتفقد الحكومة الشعور بنبض الشعب، ويفقد الشعب الاهتمام بسياسات الحكومة، وهو وضع يُفضي إلى تعطيل جهود التنمية، وإرباك مسيرة العمل الوطني.

ولفت أبو الغيط إلى أن دور الإعلام في صناعة الوعي لا يُمكن التقليل منه، حيث كشفت أحداث العقد المنصرم في العالم العربي عن المخاطر الكبيرة التي ينطوي عليها اختراق العقل والتشويش على الفهم والإدراك بسيل من المعلومات المتناقضة والزائفة التي تتدفق على مدار الساعة من كل حدب وصوب، فتكتسح الحقائق أمامها في تدفقها الهادر.. كما لفت إلى أن البعض أشار إلى أننا نعيش ما يُسمى بـ"عالم ما بعد الحقيقة" من فرط الكم الهائل من المعلومات الزائفة التي يجري تناقلها في الفضاء الرقمي بسرعة غير مسبوقة.

وبين أن بلادنا العربية لم تعاني وحدها من هذه الظاهرة، بل إن دولاً كبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وجدت نفسها في مواجهة هذا التحدي الصعب الذي تفرضه تكنولوجيات العصر الرقمي والتواصل الاجتماعي، وسرعة تناقل وتبادل المعلومات، والإمكانيات الهائلة لصناعة المحتوى على نحو يخدم أهدافا سياسية معينة أو يُعزز أفكارا بعينها.

وشدد أبو الغيط على أن صيانة العقل والوعي الجمعي لا تقل أهمية عن تأمين الحدود والتراب الوطني، فإلى العقل قد تتسرب أفكارٌ تهدم الأوطان من داخلها وتجعلها فريسة للاستقطاب الحاد أو تعرضه للتدخلات الخارجية والأجندات الأجنبية.. داعيا الإعلاميين العرب إلى التنبه لمخاطر الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني، بما في ذلك ما صدر مؤخرا عن محكمة إسرائيلية بالسماح لليهود بالصلاة في باحات الأقصى الشريف، ما يوصف بأنه خطوة خطيرة تمس مشاعر المسلمين في كل العالم، وتشكل تحديا لكل الجهود التي تبذل من أجل استعادة فرص الحل التفاوضي.

كما أكد أن القضية الفلسطينية تتعرض لحملةٍ شرسة في الخارج من أجل كسب العقول والقلوب عبر تشويه الحقائق وقلبها، فيتحول الشعب المُحتل إلى ممارس للعنف والإرهاب، ويُصبح الفلسطيني اللاجئ، الذي يعيش على مساعدات الوكالة الدولية لغوث اللاجئين، متبنياً لخطاب التحريض، مضيفا أن الإعلام العربي مُطالب بمواجهة هذا التشويه والتزييف عبر مخاطبة العالم بلغته، وكشف حقائق الوضع القائم من دون تشنج أو خطاب زاعق، فالحقائق وحدها، وهي مخجلة ومأسوية، كافية للتأثير في أي ضمير حر.

ونوه إلى أن خطة التحرك الإعلامي العربي، التي أقرها مجلس وزراء الإعلام العرب في عام 2001 وتم تحديثها مرات عديدة لتتماشى مع المتغيرات الحاضرة، بحاجة اليوم إلى تفعيل بنودها بالتعاون بين كافة الجهات الإعلامية العربية، فيما سيسهل وضع المرصد والمنصة المدمجة عملية تنفيذ الأهداف والأنشطة التي تتضمنها هذه الخطة، التي تتناول عدداً من المحور الأساسية، أهمها القضية الفلسطينية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل