المحتوى الرئيسى

نبيل فهمى يكتب: «أجندتنا المشتركة»

10/18 21:56

وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش للمجتمع الدولى، وعلى رأسهم الحاضرون فى دورة الجمعية العامة رقم 76 فى خريف 2021، رسالة قوية وصريحة، محذرا من أن العالم وصل إلى نقطة فارقة فى التاريخ، ويواجه أكبر تحد مشترك منذ الحرب العالمية الثانية، وأمامه اختيار عاجل وقاطع بين الانهيار أو الانفراجة.

واستعرض رئيس المنظمة الأخطار الجمة من تداعيات جائحة كورونا وتعدد وتفاقم النزاعات وتداعيات التغيرات المناخية والتلوث البيئى، من فيضانات وحرائق وارتفاع شديد فى درجات الحرارة والمجاعات، ونوه إلى أن كثيرين لم يعد لديهم ثقة أو اطمئنان للعمل الجماعى أو مبادئ النظام الدولى، وهو ما يظل ضروريا لتأمين عالمنا وتوفير مستقبل أفضل لشعوبنا وكوكبنا، مشددا على أن ضمان مستقبل الإنسانية مرهون بتعاون دولى لتحقيق أهداف مشتركة.

ولم تكن تلك الملاحظات آراء خاصة له وحسب، بل تعبيرا عن شعور ومطالبات من أعضاء المنظمة خلال اجتماعهم فى 2020 بمناسبة مرور 75 سنة على انشاء الأمم المتحدة، والتى جعلت السكرتير العام يقدم هذا التقرير الشامل من 80 صفحة، بعنوان «أجندتنا الموحدة»، بعد التشاور مع الدول الأعضاء ومفكرين مستقلين، تشرفت أن أكون أحدهم، والمجتمع المدنى وأمانة الأمم المتحدة وشركائها وكذلك الشباب، والذى يحمل رسالة واضحة بأن خياراتنا اليوم بين التحرك نحو انطلاقة لمستقبل أفضل أو التردد والسكون الذى سيجعلنا نتجاوز حافة الهاوية.

وطرح جوتيريش فى «الأجندة المشتركة» المقترحة للعمل الدولى أهدافا محددة، على أساس إحياء التضامن العالمى منهجا أساسيا لعملنا، وبلورة سبل مختلفة للعمل الجماعى، وكان ذلك لمواجهة «كوفيد» أو الاضطراب المناخى والآثار البيئية السلبية للتلوث.

ودعت الأجندة إلى تجديد العقد الاجتماعى بين الحكومات والشعوب لإعادة الثقة بينهم، وتبنى مفهوم شامل لحقوق الإنسان، ودعا السكرتير العام إلى تحاور المؤسسات الحكومية مع الفئات المختلفة للشعوب حول تطلعاتهم المستقبلية على وجه الخصوص.

وأكد التقرير ضرورة وقف انتشار المعلومات المغلوطة وغير الصحيحة، والاعتماد على المعلومات الموثقة والمنظور العلمى والمعرفة، وطالب بضرورة وقف الحملة الشرسة الجارية للتشكيك فى المنظور العلمى، كما طالب بوضع قواعد دولية لضمان نزاهة المعلومات، بخاصة بالنسبة إلى المعلومات التى تعنى المصلحة العامة، مع ضرورة مراجعة معايير تقدير وتقويم النمو الاقتصادى والتقدم، إذ لم يعد مقبولا أن نحمل البيئة خسائر وكلفة بالغة وطويلة الأجل وخطرة لرفع معدلات الناتج القومى على المدى القصير، واعتبار ذلك معيارا للتطور والتقدم والنمو.

كما طالب التقرير الجميع بالتفكير استراتيجيا ضمن منظور مستقبلى وعلى المدى الطويل، بما يعطى اهتماما أكبر بالشباب والقضايا المستقبلية، وتناول عددا من المبادرات التى يعتزم القيام بها فى هذا الصدد، بما فى ذلك إصدار إعلان عن حقوق الأجيال القادمة، وتعيين مبعوث أممى للأمم المتحدة للتأكد من توافق السياسات والموازنات تراعى مصالح الشباب، وأعلن أن الأمم المتحدة ستصدر تقارير استراتيجية مستقلة عن الأخطار الدولية والكونية، مقترحا إنشاء منصة للطوارئ تنعقد وتجمع لمواجهة الأزمات الدولية الطارئة.

وأكد الأمين العام أهمية انشاء منظومة دولية متعددة الأطراف تكون أفضل وأقوى وأكثر ترابطا، على أن تكون الأمم المتحدة عمودها الأساس، وطرح أجندة جديدة للسلام وحوارات متعددة الأطراف حول الفضاء الخارجى، وحول التعامل مع سبل الحياة الرقمية، واقترح عقد اجتماع بين أعضاء مجموعة الـ 20 والمجلس الاقتصادى والاجتماعى ورؤساء المنظمات المتخصصة كل عامين.

وختم جوتيريش تقريره بأنه سيطالب بإنشاء مجلس استشارى عالى المستوى يشمل رؤساء دول وحكومات سابقين، لتجديد القضايا العامة محل الاهتمام المشترك والتى تحتاج إلى رفع كفاءة التناول الدولى لها، على أن يقدم المجلس بدائل لحل المشكلات والتصدى للتحديات، كما اقترح عقد «قمة للمستقبل» للبدء فى بلورة توافق دولى حول شكل المستقبل الذى نرجوه وسبل تحقيق ذلك.

أرى جوانب إيجابية كثيرة فى هذا التقرير، ليس لمشاركتى المتواضعة فى إعداده، وتشديدى على ضرورة إحياء الضمير الاجتماعى للمجتمع الدولى، وهو خيط امتد عبر مجالات عدة من التقرير، وإنما لتركيزه على عالمية المشكلات وضرورة خلق زخم سياسى حول العمل الجماعى والمنظور الشامل المستقبلى للأمور، وفى ضوء انتمائى لدولة متوسطة الحجم ونشطة خارجيا ودوليا، أميل إلى العمل المتعدد الأطراف كلما كان ذلك متاحا، لأنه مع بطئه يرسى قواعد ثابتة ومستدامة تنطلق فى أغلب الأحيان من قواعد القانون الدولى التى تشكل الغطاء الآمن لغالبية دول العالم.

أهم أخبار كورونا

Comments

عاجل