المحتوى الرئيسى

«اتفاقية الجلاء».. كيف ساهمت المقاومة في إجلاء الإنجليز بعد 73 عامًا من التفاوض؟ | المصري اليوم

10/18 14:52

في مثل هذا اليوم قبل 67 عامًا، وقّع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، النص النهائي لـ«اتفاقية الجلاء» لتتكلل مساعي الشعب المصري الذي كافح حتى إجلاءه آخر جندي بريطاني من أراضيه، عبر نضال استمر 73 عامًا و9 أشهر و7 أيام، كانت عمر وجود الاحتلال الإنجليزي على الأراضي المصرية، ما يعيد إلى الذاكرة مراحل هذا الاتفاق التي لم تكن بمعزل عن المقاومة الشعبية.

«وثائق منسية».. أين ذهبت ذاكرة السينما التسجيلية لنصر أكتوبر؟ (صور)

مفتى فلسطين السابق لـ«المصرى اليوم» بعد اقتحام منزله: الأقصى فى خطر

شقيق زكريا الزبيدى لـ«المصري اليوم»: أخى أراد الحياة لكن الاحتلال يدفعه إلى الموت

بدءً من انتهاء ثورة عرابي، فقيام ثورة 19، مرورًا بانتفاضة الشعب المصري وإضراب طوائفه بانتهاء الحرب العالمية الثانية، ثم وصولًا للكفاح المسلح ضد قوات اللاحتلال البريطاني والعمليات النوعية التي قامت بها المقاومة الشعبية في قناة السويس فور انتهاء حرب فلسطين، واستمرار هذا الكفاح عقب قيام ثورة يوليو 1952، مما أجبر الجانب البريطاني، على استئناف المفاوضات، وإبرام اتفاقية الجلاء في الـ19 من أكتوبر1954.

ظلت قناة السويس، مقرًا لأكبر قاعدة عسكرية للاحتلال البريطاني، في الشرق الأوسط، لنحو مايزيد عن 73 عامًا، لكن مصر استردتها بموجب «اتفاق الجلاء».

كذلك تسلمت باكتمال إجلاء الإنجليز عن مصر منشآت عسكرية تحوي معدات إنجليزية قدرت قيمتها آنذاك، بنحو 60 مليون جنيه، فضلًا عن خط أنابيب البترول بين السويس والقاهرة الذي قدرت قيمته آنذاك بنحو 2.5 مليون جنيه.

جاء ذلك عقب نضال استمر لما يزيد عن سبع عقود، ولكن ما هي مراحل ذاك النضال، وكيف أتمت مصر اتفاقية الجلاء؟

بدأت مساعي مصر لإجلاء الاحتلال الإنجليزي عن مصر منذ أربعينات القرن الماضي؛ إذ دخلت الحكومات المصرية المتعاقبة سلسلة من المفاوضات بهدف تعديل بنود معاهدة 1936، وإجلاء الإنجليز تمامًا عن الأراضي المصرية.

وتمثلت أولى مراحل هذا الإجلاء في تمام الساعة الحادية عشر صباح الاثنين 31 مارس 1947م حين رفع الملك فاروق علم مصر فوق «ثكنات قصر النيل» معلنًا جلاء الإنجليز عن القاهرة والإسكندرية.

حضر إلى جانب فاروق، محمود فهمى النقراشى، رئيس وزراء مصر وكبار قادة الجيش المصري، وكان هذا يوما مشهودا بإعلان أولى خطوات إجلاء الإنجليز عن مصر، طبقا لمعاهدة عام 1936 التي جرى تأجيلها جراء الحرب العالمية الثانية، وأطلق الجيش المصري أنذاكـ أعيرة احتفالية، وأعلنت الحكومة المصرية هذا اليوم إجازة رسمية للوزارات والمصالح الحكومية.

بموجب اتقافية 1936 كانت بريطانيا تدعى أنها «تحمى» قناة السويس لمدة 20 عام تنتهى 1956، لكن جلاء القوات البربطانية عن القاهرة والإسكندرية حفًز الحكومات المصرية المتعاقبة لتحقيق الجلاء التام والغير مشروط؛ لذا دخلت مصر سلسلة مفاوضات بهدف ذلك؛ ففي 27 أبريل عام 1953 عقد في مقر مجلس الوزراء المصري أول اجتماع لمباحثات الجلاء.

راوغ الجانب البريطاني، وأصر على البقاء؛ إذ فشلت المفاوضات إثر تمسك بريطانيا بإعطاء السودان «حق تقرير المصير» كشرط لجلائها عن مصر وهو الأمر الذي رفضه الملك فاروق آنذاك؛ مما دفع حكومة مصطفى النحاس باشا والبرلمان إلى إلغاء معاهدة 1936 في 15 أكتوبر 1951، وحينها نصحت القوات البريطانية رعاياها بالرحيل عن مصر.

عقب فسخ معاهدة 1936 أعلنت مصر حالة الكفاح المسلح ضد قوات الاحتلال البريطاني الموجودة في قناةالسويس، كما أعلنت تمسكها بالسودان جزءًا لا يتجزأ من مصر، وأعلن الملك فاروق نفسه كـ«ملك مصر والسودان»، بالمخالفة لرغبة الاحتلال البريطاني؛ فرغم إعلان إنتهاء الحماية البريطانية على مصر إثر تصريح 28 فبراير 1922 احتفظت بريطانيا بأربع ميزات، تمثلت في «تأمين مواصلات امبراطوريتها في مصر»، وما أسمته «الدفاع» عن مصر ضد أي تدخل أجنبى، و«حماية» المصالح الأجنبيه والأقليات، وأيضًا حق التصرف في السودان.

نشب الصراع بين قوات الاحتلال ومصر، إثر فسخ المعاهدة، ودخلت مصر في موجات من الفوضى العارمة «مجهولة الفاعل» فتنة طائفية إلى حرائق إلى مظاهرات إلى حظر تجوال وأحكام عرفية.

بلغت الصراعات الداخلية ذروتها، وكان لحريق القاهرة في 26 يناير 1952 دور مهم في دفع «حركة الضباط الأحرار» للإطاحة بالملك فاروق، إذ تسلم فاروق إنذار الجيش في 26 يوليو الذي أجبره على التنازل عن العرش لولى العهد، أحمد فؤاد، فسقط حكم الوفد والملك، وعزلت ثورة يوليو، آخر ملوك مصر، الملك احمد فؤاد، وأُعلنت مصر كـ«جمهورية» 18 يوينو 1953 كان محمد نجيب أول رئيسًا لجمهورية مصر العربية، لكن سرعان ما وُضع تحت الإقامه الجبريه في منزله، وتولى مجلس قيادة الثورة، ورئاسة الوزراء، جمال عبدالناصر.

عقب تولي جمال عبدالناصر رئاسة مجلس قيادة الثورة ورئاسة الوزاره في فبراير، 1953، سعى لكسب الشعب الراغب في إجلاء الاحتلال؛ فزار مدينة بورسعيد في أغسطس عام 1953، ودعا الشعب إلى مواصلة الكفاح ضد الاحتلال الإنجليزي؛ إذ قال مخاطبا المواطنين «إن مصر متكاتفة معكم لإجلاء قوات المحتل الغاصب، حتى يغادر بلادنا، آخر جندي أجنبي من قوات الاحتلال»، ما قوبل باحتفاء شعبي، ثم واصل جمال عبدالناصر، ثم كسب تأييد الجماهير حتى أصبح رئيسا للجمهورية 24 يونيو 1956

شجعت الحاضنة الرسمية التي وفرتها حكومة عبدالناصر الشعب المصري على مواصلة الكفاح ضد الاحتلال الإنجليزي؛ إذ شهدت الفترة بين أواخر ديسمبر 1953، حتى أوائل 1954 حركة مقاومة شعبية واسعة؛ وتعددت العمليات النوعية للمقاومة الشعبية ضد جنود الاحتلال الإنجليزي، بمعسكرات القناة، مما أجبر الوزير البريطاني، سلوين لويد، على إعلان قبول بريطانيا استئناف المفاوضات حول جلاء الإنجليز عن مصر مجددًا.

تصاعدت وتيرة المقاومة الشعبية، وتجددت العمليات النوعية، ضد ثكنات الاحتلال البريطاني، في مارس 1954، مما أدى إلى قدوم السفير البريطاني إلى مصر، لتسجيل اعتراضه، على مصرع ضابط بريطاني، وإصابة آخر في القناة، وحينئذ، أعلن وكيل وزارة الخارجية البريطانية، أمام مجلس العموم البريطاني، في مايو عام 1954، عن وقوع 52 «حادث اعتداء»، في غضون ست أسابيع.

وفي يونيو عام 1954، لفت وكيل وزارة الخارجية البريطانية أن مستقبل المفاوضات، بين مصر وبريطانيا، مشروط بتعاون مصر في الكشف عن المسئولين عن قتل ضباط الاحتلال البريطاني.

أجبرت المقاومة الشعبية المدعومة بحاضنة رسمية، الجانب البريطاني على استئناف المباحثات، في يوليو 1954؛ إذ وقع الجانبان المصري والبريطاني «مذكرة تفاهم»، حول الجلاء وقعها كل من جمال عبدالناصر، وأنتوني هيد وزير الحربية البريطانية، آنذاك.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل