المحتوى الرئيسى

قصة الولاية الأمريكية التي اشترتها واشنطن بنحو 7 ملايين دولار - BBC News عربي

10/18 05:57

صدر الصورة، Getty Images

شارع في سيتكا عاصمة ألاسكا (القديمة)في عام 1900

تحتفل ولاية ألاسكا الأمريكية في 18 أكتوبر/تشرين الأول من كل عام بيوم ألاسكا، وهو اليوم الذي تحولت فيه تبعية هذا الإقليم من روسيا إلى الولايات المتحدة عام 1867، بعد أن اشترته واشنطن من موسكو مقابل 7.2 مليون دولار، فما هي قصة ولاية ألاسكا؟

تقع ألاسكا في أقصى شمال غرب قارة أمريكا الشمالية، ويحدها من الشرق كندا التي تفصلها عن بقية الأراضي الأمريكية، ومن الشمال المحيط المتجمد الشمالي، فيما يحدها المحيط الهادئ من الجنوب والغرب.

حكاية "فلاحة مصرية" بين فرنسا ومصر وأمريكا

في ذكرى استقلال أمريكا عن بريطانيا: حب مديد بعد حربين

وتعد ألاسكا أكبر الولايات الأمريكية من حيث المساحة إذ تبلغ مساحتها حوالي 1.7 مليون كيلومتر مربع وتضم العديد من الجزر، منها بعض الجزر البركانية، غير أنها من أقل الولايات من حيث عدد السكان إذ يبلغ نحو 700 ألف نسمة.

وتقول دائرة المعارف البريطانية إن البشر يعيشون في ألاسكا منذ 10 آلاف سنة قبل الميلاد، ففي ذلك الوقت، امتد جسر بري من سيبيريا إلى شرق ألاسكا، وتبع المهاجرون قطعان الحيوانات عبره.

ومن بين مجموعات المهاجرين تلك، مازال الأثاباسكان والأليوت والإنويت ويوبيك وتلينغيت وهايدا يعيشون في ألاسكا.

في وقت مبكر من عام 1700، أشار السكان الأصليون في سيبيريا إلى وجود منطقة كبيرة من الأرض تقع شرقا.

صدر الصورة، Getty Images

رسم للقيصر الروسي بيتر الأول الذي كلف بعثة استكشافية بالذهاب إلى ألاسكا

وفي عام 1728، قررت بعثة استكشافية بتكليف من قيصر روسيا بيتر الأول (بطرس الأكبر) بقيادة فيتوس بيرنغ، وهو ملاح دنماركي، أن الأرض الجديدة ليست مرتبطة بالبر الروسي، ولكن فشلت البعثة بسبب الضباب في تحديد موقع أمريكا الشمالية.

وفي رحلة بيرنغ الثانية في عام 1741، شٌوهدت قمة جبل سانت إلياس، وتم إرسال الرجال إلى الشاطئ. وعندما اُخذت فراء ثعالب البحر إلى روسيا فتح ذلك أبواب تجارة الفراء الغنية بين أوروبا وآسيا وساحل المحيط الهادئ في أمريكا الشمالية خلال القرن التالي.

وتقول دائرة المعارف البريطانية إن الروس هم أول من أسسوا مستوطنة أوروبية عام 1784 في خليج ثري سينتس بالقرب من كودياك الحالية.

حقائق عن روسيا

ومع وصول تجار الفراء الروس، قُتل العديد من الأليوتيين على يد الوافدين الجدد أو أُنهكوا في العمل في صيد فقمات الفراء. ومات العديد من الأليوتين الآخرين بسبب الأمراض التي جلبها الروس.

وفي القرن التاسع عشر، كان تجار الفراء البريطانيون والأمريكيون منافسين للروس، وقد تم تسوية تلك المنافسة المريرة بين تجار الفراء في عام 1824 عندما أبرمت روسيا معاهدات منفصلة مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وضعت حدودا تجارية ولوائح تجارية.

كان الانقراض الوشيك لثعالب البحر والعواقب السياسية لحرب القرم (1853-1856) من العوامل التي أدت إلى أن تكون روسيا مستعدة لبيع ألاسكا للولايات المتحدة.

في يومه العالمي: تعرف على دور الشاي في استقلال أمريكا

كيف تُحيي أمريكا الذكرى الـ 400 لبدء العبودية فيها؟

وقاد وزير الخارجية الأمريكي ويليام سيوارد عملية شراء الأراضي وتفاوض على معاهدة مع الروس.

وبعد الكثير من المعارضة، وافق الكونغرس الأمريكي على عرض سيوارد الرسمي البالغ 7.2 مليون دولار، و في 18 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1867 تم رفع العلم الأمريكي في عاصمة ألاسكا حينئذ "سيتكا" (تحولت العاصمة لاحقا إلى جونو).

صدر الصورة، Getty Images

رسم لوزير الخارجية الأمريكي وليام سيوارد الذي تفاوض على شراء ألاسكا

وتمت الإشارة في البداية إلى شراء ألاسكا باسم "حماقة سيوارد" من منتقدي الصفقة الذين كانوا مقتنعين أنه لم يكن بتلك الأرض ما تقدمه.

وقد حكم ألاسكا في البداية قادة عسكريون من وزارة الحرب حتى عام 1877.

وخلال تلك السنوات كان هناك القليل من التطور الداخلي، لكن مصنع تعليب السلمون الذي تم بناؤه عام 1878 كان بداية لما أصبح أكبر صناعة للسلمون في العالم.

وشهدت ألاسكا منذ أواخر القرن التاسع عشر بداية اكتشاف الذهب وازدهار الإقليم.

في عام 1884، أعلن الكونغرس ألاسكا مقاطعة فيدرالية، وتم إنشاء محاكم فيدرالية بها، وبدأ نظام مدرسي.

في عام 1906، تم انتخاب أول ممثل لألاسكا في الكونغرس، وهو مندوب لم يكن له حق التصويت.

وفي عام 1912 تم انتخاب أعضاء كونغرس إقليم ألاسكا.

وفي عام 1946 صوت سكان ألاسكا لصالح أن تصبح مقاطعتهم ولاية أمريكية.

وعقب موافقة الكونغرس على مشروع قانون ولاية ألاسكا في عام 1958 دخلت الولاية رسميا في الاتحاد في عام 1959 لتصبح الولاية رقم 49.

وأدت اكتشافات النفط والغاز الطبيعي في شبه جزيرة كيناي والحفر البحري في كوك إنليت في الخمسينيات من القرن الماضي، إلى إنشاء صناعة احتلت المرتبة الأولى بحلول السبعينيات في إنتاج المعادن بالولاية.

وتبدلت تماما الأوضاع الاقتصادية في الولاية في عام 1968، عندما اكتشف حقل نفط شاسع تُقدر احتياطيات النفط فيه بنحو 13 مليار برميل، ويقع هذا الحقل في خليج برودو بمنطقة المنحدر الشمالي للولاية، على بعد أكثر من ألف كيلومتر عن مدينة أنكوريج، كبرى مدن ولاية آلاسكا.

صدر الصورة، Getty Images

وسرعان ما أدر الحقل أرباحا وفيرة، إذ بلغت العوائد التي جنتها الولاية في عام 1969 من تأجير الأراضي المحيطة بالحقل لشركات النفط 900 مليون دولار.

وفي أعقاب اكتشاف حقل نفط خليج برودو وإنشاء خط أنابيب نقل النفط عبر ولاية ألاسكا، بات واضحا أن اقتصاد الولاية سيشهد تحولا نوعيا.

لكن عندما أُنفقت عوائد الإيجارات بالكامل على البنية التحتية والخدمات، لم يلمس بعض السكان تحسنا كبيرا في الأوضاع الاقتصادية. كما أدرك جاي هاموند، حاكم الولاية المنتخب في عام 1974، أن إيرادات النفط ستنقطع لا محالة يوما ما.

كيف هاجم دب امرأة في ألاسكا أثناء استخدامها المرحاض؟

ولذا مضت إدارته في إنشاء صندوق ألاسكا الدائم في عام 1976 لادخار الأموال للأجيال القادمة من سكان ألاسكا. واتُفق على أن يوضع ربع ريع النفط بالولاية في صندوق الادخار العام، الذي فاقت قيمته الآن 65 مليار دولار.

ويقول هاموند في كتابه 'مقترح حاكم الولاية: كيف يصلح نموذج ولاية آلاسكا في توزيع عوائد النفط على السكان للتطبيق في العراق وغيرها من البلدان الغنية بالنفط': "أردت أن يشعر سكان ألاسكا بأن هذه الموارد ملك لهم، لتشجيعهم على دعم الأساليب المستدامة في تطويرها والنأي عن النماذج غير المستدامة".

وبعد مرور ست سنوات، طُبق برنامج "حصص أرباح الصندوق الدائم"، الذي يُوزع بمقتضاه جزء من أرباح الصندوق الدائم على السكان المقيمين في ألاسكا منذ ما لا يقل عن عام.

ففي عام 1982، تلقى كل شخص في ألاسكا يستوفي الشروط اللازمة للحصول على حصة من أرباح الصندوق، 1000 دولار (ما يعادل 2670 دولار في الوقت الحالي)، ومنذ ذلك الحين، أصبحت حصص الأرباح تحتسب سنويا على أساس متوسط دخل الصندوق الدائم الخاضع للضريبة على مدى السنوات الخمس السابقة.

ويرى مؤيدو البرنامج أنه يحفز سكان الولاية على منع هيمنة أصحاب المصالح الخاصة على الصندوق، ويقدم مزايا للجميع على السواء، وأنه بمثابة شبكة أمان اجتماعي لحماية محدودي الدخل من سكان الولاية.

وفي عام 1984، أعد معهد الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية التابع لجامعة ألاسكا، تقريرا عن مشاعر سكان ألاسكا حيال الصندوق الدائم، وخلص التقرير إلى أن 60 في المئة من سكان ألاسكا يستحسنون الفكرة، بينما 29 في المئة منهم لديهم مشاعر مختلطة، و10 في المئة منهم يستهجنونها.

وذكر التقرير أن سكان ألاسكا أنفقوا نحو 45 في المئة من حصص الأرباح الموزعة عليهم على الاحتياجات الأساسية من طعام وتدفئة وملبس وإيجار، وادخروا 20 في المئة منها، وأنفقوا 20 في المئة على الضرائب الفيدرالية، وخمسة في المئة لتسديد جزء من الديون، و10 في المئة على منتجات الرفاهية مثل رحلات الطيران.

وانتهى التقرير إلى أن: "برنامج حصص أرباح الصندوق الدائم بات واحدا من أهم أسباب نمو مصادر الدخل الشخصي القابل للإنفاق (بعد اختصام الضرائب) منذ بداية الانتعاش الاقتصادي في عام 1980".

صدر الصورة، Alamy

في أعقاب اكتشاف حقل نفط خليج برودو وإنشاء خط أنابيب نقل النفط عبر ولاية ألاسكا، بات واضحا أن اقتصاد الولاية سيشهد تحولا نوعيا

وذكرت دراسة أجراها معهد الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية في عام 2016، أن برنامج حصص أرباح الصندوق الدائم أسهم في تخفيف حدة الفقر في ولاية ألاسكا، ولا سيما بين سكان ألاسكا الأصليين، إذ تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن معدلات الفقر بين السكان الأصليين أعلى منها بين السكان غير الأصليين بولاية ألاسكا بمرتين ونصف.

كما يساعد البرنامج في انتشال ما يتراوح بين 15 و25 ألف مواطن في ألاسكا من الفقر المدقع سنويا.

وتُوزع حصص أرباح الصندوق الدائم في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، إذ تُضخ أموال في اقتصاد الولاية تسهم في إنعاشه حتى نوفمبر/ تشرين الثاني.

معلومات اساسية عن الولايات المتحدة الأمريكية

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل