المحتوى الرئيسى

محمد دياب لـ«الشروق»: حكاية «أميرة» أقرب للخيال العلمي.. ورسائل الفيلم إنسانية

10/14 23:01

* التحيزات الغربية ضد فلسطين لم تؤثر على استقبالى فى فينسيا.. وأنتظر رد الفعل العربى بمهرجان الجونة

* أقدم قصصا مؤثرة تستحق التضحية بوقتى وجهدى.. والقضايا الشائكة ليست بوابة للمهرجانات الكبرى

* لدى نية لتقديم أفلام تجارية.. وتوجيه نجوم بحجم إيثان هوك وأوسكار إسحاق أكبر تحديات Moon Knight

* القضية الفلسطينية جزء من تكوين كل إنسان عربى.. وهانى أبو أسعد ساعدنى على دخول هذا العالم

من بين 7 أفلام مصرية تشارك فى الدورة الحالية لمهرجان الجونة السينمائى، يعرض فى الخامسة والنصف من مساء الثلاثاء المقبل، فيلم «أميرة» إخراج محمد دياب، الذى ينافس 15 فيلما فى المسابقة الدولية للأفلام الروائية الطويلة، وكان عرضه العالمى الأول فى مسابقة «آفاق» بمهرجان فينيسيا 2021.

الفيلم تدور أحداثه حول بنت اسمها «أميرة»، حملت فيها والدتها بالتلقيح المجهرى، عن طريق تهريب نطف والدها المعتقل فى سجون الاحتلال الإسرائيلى، وعندما تبلغ من العمر 17 سنة، يقرر الأب والأم إنجاب طفل آخر، ولكن خلال عملية التلقيح الثانية يكتشفان سرا يقلب حياتها، ويجعلها تبحث عن هويتها لتعرف من هى.

«الشروق» التقت بالمخرج محمد دياب، لتسأله عن سبب حماسه لتحويل هذه القصة إلى عمل فنى بعد قراءتها على صفحات الجرائد، وكيف كان استقبال الصحافة الدولية فى مهرجان فينيسيا للرسائل التى يقدمها، كما يتحدث عن تجربته العالمية مع «مارفل»، والتى وصلت ميزانيتها 160 مليون دولار، وما هى مشاريعه المقبلة فى أمريكا.

يقول محمد دياب: دائما كمخرج ومؤلف، أبحث عن قصص أستطيع تحويلها إلى أفكار درامية، وقبل سنوات كنت أمارس هذه العادة، فوجدت فى الصحافة قصة عن «تهريب النطف» من المعتقلين الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، فشعرت أننى أمام قصة خيال علمى، ويمكن أن يصنع منها دراما إغراقية.

على الفور جلست أنا وزوجتى سارة جوهر، وأخوتى خالد وشيرين دياب، وعملنا على الفكرة، حتى توصلنا لخط درامى، أدعى أننى شخصيا لم أشاهده فى فيلم من قبل.

* هل كان سهلا عليكم كمصريين كتابة وإخراج فيلم فلسطينى خالص؟

ــ أحب التحديات من هذا النوع، أن يعبر الإنسان عن عالم غير الذى ينتمى إليه، لأن هذا يجعلك كصانع أفلام وكإنسان تدخل عوالم وتعيشها وتصبح أكثر نضجا، فقد رأيت على المستوى الشخصى أشياء لم أفكر فيها من قبل.

ولكن قبل أن أصنع «أميرة»، قررت من البداية ألا ادخل عالما أنا لست جزءا منه إلا بوجود شخص يساعدنى على رؤيته، وهذا تحقق من خلال هانى أبو أسعد، المخرج الفلسطينى العالمى، هو وزوجته المنتجة أميرة دياب. فكانا مشاركين معنا فى تطور الفيلم بداية من المعالجة وحتى السيناريو والتصوير.

إلى جانب هانى أبو أسعد، تقريبا كل فريق الفيلم فلسطينى باستثناء مدير التصوير والمونتير، ووجودهم فى المشروع، قرب الفكرة والصورة بالنسبة لى لأقدم فيلما فلسطينيا قدر المستطاع، كل فرد فى الفيلم كان يضيف لى وللسيناريو معنى جديدا، يستخلصه من المعاناة التى يعيشها هو أو أحد أفراد أسرته، وهذا فرق كثيرا فى مستوى الفيلم.

وبشكل شخصى كنت سعيدا جدا، أن هذا الفيلم كان سببا فى أن أتعرف عن قرب على المجتمع الفلسطينى، ومع كل معلومة جديدة أعرفها، أشعر أننى عشت حياتهم، وهذا جعلنى أكثر تعاطفا مع القضية الفلسطينية، وأتمنى أن يصل ذلك للجمهور عندما يشاهد الفيلم.

* لماذا قدمت القصة عن المجتمع الفلسطينى رغم أنها تصلح لأن تحكى من خلال أى سجين فى أى بلد؟

ــ لأننى شعرت أن هذه القصة تحديدا لن تتكرر، وظروفها موجودة فقط فى فلسطين، فأنا لم أسمع فى حياتى، أن أشخاصا فى أى مكان فى العالم، قرروا مقاومة الاحتلال بهذا الشكل، وإنجاب أطفال بهذه الطريقة، لكن هذا لا يتعارض أن الدراما الموجودة فى الفيلم تصلح لأن تحدث فى أى مكان بالعالم.

* ما الرسالة السياسية التى تريدها أن تصل من خلال هذه القصة؟

ــ القضية الفلسطينية جزء من تكوين كل إنسان عربى، ولكن اعتقادى أن الرسالة السياسية دائما تكون أفضل عندما تكون فى خلفية الفيلم، وهذا ما يحدث فى «أميرة» فالرسائل غير مباشرة، ولا يوجد شخصية تقول كلمة سياسية واحدة، لكن الفيلم به رسالة إنسانية، يطرح السؤال الفلسفى: «هل الإنسان ابن بيئته أم ابن اختياراته؟».

والفيلم بشكل عام، ملىء بالإسقاطات، وأحب أن يشاهده كل إنسان بطريقته، يكفى أن الفيلم عن فلسطين، وسترى فيه حياة الفلسطينيين، وإلى أى مدى هى صعبة، وهذه أهم رسالة يمكن الجمهور أن يخرج بها من أى فيلم فلسطينى حتى لو كان كوميدى.

* كنت متخوفا من استقبال الغرب لقصة «أميرة».. بعد عرضه فى مهرجان فينيسيا، هل زالت مخاوفك أم تأكدت؟

ــ التخوفات التى تشغل تفكيرى دائما، تتعلق بكيفية استقبال المشاهد لأى فيلم أقدمه، وفى «أميرة» أريد أن يرى الجمهور الدراما الموجودة خلف القصة التى نقدمها فى الفيلم بدون تحيزات، لأن الغرب غالبا يكون متحيزا ضد فلسطين، لكن كانت المفاجأة والتى سعدت بها جدا، أن الجمهور الغربى والنقاد الدوليين استقبلوه جيدا، فى مهرجان فينيسيا، بعيدا عن التحيزات المعتادة، ولم أرَ أى منهم يتحدث بشكل سلبى عن أى رسالة فى الفيلم.

* إذا كنت ترى استقبال المشاهد الغربى للفيلم معيار نجاح.. فماذا عن الجمهور العربى؟

ــ استقبال الفيلم من الجمهور والنقاد فى فينيسيا، كان بالفعل مؤشر نجاح، لكننى فى النهاية أرى أن استقبال المجتمع العربى للفيلم هو الأهم، وأنتظر أول رد فعل فى مهرجان الجونة، الذى اخترت أن تنطلق رحلة الفيلم فى العالم العربى من خلاله، لأنه حاليا مهرجان ناجح جدا، بل أستطيع القول إنه خلال 5 سنوات فقط، أصبح من أنجح المهرجانات فى الوطن العربى.

* بين «678» و«اشتباك» أكثر من 5 سنوات.. وهى نفس المدة التى استغرقتها حتى تصنع «أميرة».. لماذا كل هذه السنوات لإنجاز فيلم؟

ــ خلال 10 سنوات صنعت ثلاثة أفلام فقط، ولكنى فخور وسعيد بها جدا، وهذا أفضل بالنسبة لى من صناعة عدد أكبر من الأفلام العادية التى ربما أكون أنا شخصيا غير راض عنها.

أمنية حياتى أن أقدم أفلاما بشكل أسرع، ولكن فى نفس الوقت أهم شىء بالنسبة لى هو مستوى وجودة الفيلم، وواقعيا العمل الجيد، الذى يتوفر فيه الحد الأدنى من الكتابة والإخراج، يستغرق حوالى 3 سنوات، يضاف إليهم الوقت الذى يضيع فى رحلة البحث عن تمويل، والاتفاق مع الممثلين، وبعد اكتمال الفيلم ربما يتأخر طرحه لأسباب مختلفة.

* لماذا كل افلامك كمخرج تتناول قضايا شائكة.. هل هذا توجه؟

ــ لا أتعمد البحث عن الموضوعات الشائكة، ولكنى أبحث عن قصص أكون متأثر بها، وتستحق التضحية، خاصة أن الفيلم يكون شريكى لمدة 5 سنوات من حياتى، وقناعتى أن المجهود الذى أبذله فى صناعة أى فيلم لا يساويه أى فلوس يمكن أن أحصل عليها. وبالتالى لابد أن أحب هذا الفيلم لأستطيع أن أقدمه.

* ولكن البعض يرى أنك تقدم قضايا شائكة لتشق أفلامك طريقها إلى المهرجانات الدولية كما حدث مع «اشتباك» و«أميرة»؟

ــ ليس حقيقيا أن تناول الفيلم لقضية شائكة هى بوابة عبوره إلى المهرجانات الكبرى، فالعالم ملىء بالأفلام التى تتناول قصصا شائكة، ولكن فى النهاية المهرجانات الكبرى لا تتنازل عن الجودة، وإذا لم يكن هناك لحظة صدق فى القصة، والمخرج ليس متأثرا بما يقدمه سيخرج الفيلم سطحيا، وغير محسوس ولن يذهب إلى أى مهرجان، ولن يؤثر فى من يشاهده أيضا.

* كمخرج.. هل تنحاز إلى تقديم السينما الجادة التى تشارك فى المهرجانات على حساب التجارية التى تستهدف شباك التذاكر؟

ــ أنا كمخرج فاتح بابى لكل أنواع الأفلام، وأدعى أن طبيعتى هوليودية، ولدى نية بالفعل لتقديم أفلام تجارية فنية، فأنا أحب صناعة الأفلام التجارية ذات القيمة مثل «الجزيرة» الذى كتبته وأخرجه شريف عرفة، أتمنى أن أقدم لنفسى فيلما بهذه الكيفية، وأتمنى أن يحدث ذلك فى وقت قريب، لأننى لدى نقاشات مع عدد من النجوم فى مصر لأقدم أفلاما معهم، ولكنها متوقفة على انتهائى من المشاريع التى ارتبطت بها فى أمريكا، لدى أكثر من مشروع متتالٍ، منهم « moon knight» الذى لا يزال أمامه فترة حتى ينتهى مونتاجه، وسأدرس بعد ذلك ماذا أفعل.

* بمناسبة moon knight ما هى التحديات التى واجهتك فى هذه التجربة العالمية المهمة؟

ــ أكبر تحدٍ بالنسبة لى، أننى عادة كنت أعمل بميزانية حوالى 2 مليون دولار، وفجأة وجدت نفسى فى هذا العمل أعمل بميزانية تصل إلى 160 مليون دولار، وهذه مسئولية كبيرة جدا.

المسئولية الأكبر أننى كمخرج لم أقدم أكشن أو كوميديا أو رعبا من قبل، وهى كلها أنماط موجودة فى المسلسل، وبالتالى المشروع ليس سهلا، ولكنى طمأنت نفسى، بأن «مارفل» عندما طلبتنى لإخراج مشروع بهذه المواصفات، مؤكد أنها أرادت أن يحمل بصمتى وطريقتى فى العمل.

وهذا حدث من البداية، لأن مشاركتى أنا وسارة جوهر فى كتابة نسخة من السيناريو، فرقت جدا فى الدراما، ووضعت جزءا من شخصيتى فى المشروع.

هناك تحدٍ آخر، يتعلق بتوجيه ممثلين نجوم مثل إيثان هوك المرشح للأوسكار 4 مرات، وهو شخصية أسطورية، بالإضافة إلى الممثل العبقرى أوسكار إيزاك، ليس سهلا أن توجه مثل هؤلاء الممثلين، وهذا التحدى، أعادنى لأول يوم أخرجت فيه، حسيت أننى صغير، لكن هذا الإحساس يجعلنى أتحدى نفسى، وأجتهد قدر المستطاع حتى أحقق النجاح، وأتمنى النتيجة تكون مرضية.

* هل استمرارك فى الخارج يتوقف على مدى نجاح هذه التجربة بعد عرضها؟

ــ أنا شخصيا لا أنتظر نجاح المشروع فقط لكى أستمر فى هوليود، فقد بدأت رحلة البحث عن طريق لتنفيذ أعمالى هناك، وأعطيتها جزءا كبيرا من حياتى، ولذلك انا موجود فى أمريكا منذ 3 سنوات.

نرشح لك

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل