المحتوى الرئيسى

تفاؤل الممارسة

09/28 20:57

من الطبيعى أن يكون لدى المثقفين والساسة رؤى متباينة تجاه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، بين تفاؤل وتحفظ، أو شعور لدى البعض بأن صدور الوثيقة يمثل تقدما فى ذاته، وآخرون يرون أن العبرة بتنفيذ الاستراتيجية على أرض الواقع. لا أظن أننا أمام اتجاهين مختلفين، بل اتجاه واحد. فمن شارك أو سعد بصدور الاستراتيجية لا يمكن أن يقول إن ما حدث هو نهاية المطاف، بل ينبغى أن تترجم نصوصها عمليا، وهو ما يطالب به المتشككون أو المتحفظون.

صدرت الاستراتيجية فى 11 سبتمبر الماضى، وبالتالى لم يمض عليها وقت طويل حتى نتجه إلى تقييم تطبيقها أو نحيل عليها مشكلات قائمة أو ممارسات تحتاج إلى مراجعة، ولكن هذا لا يعنى ألا نفكر فى رؤية هذه الاستراتيجية تتحقق فى غضون المدى الزمنى المعلن لها وهو خمس سنوات، وأن تكون هناك خطة واضحة، تتناول تعديلات تشريعية، وسياسات جديدة، وإجراءات تٌراجع، لأن الإعلان عن هذه الاستراتيجية لا يمثل فقط التزامًا مصريًا، ولكن أيضا جزء من الحوار مع الشركاء الدوليين.

أظن أن هناك عددًا من الإجراءات يمكن الآخذ بها فى الثلاث شهور الأولى من عمر الاستراتيجية حتى تكون بمثابة رسالة واضحة بأن هناك حرصا حكوميا على تطبيق الاستراتيجية، وليس فقط إصدارها. صحيح، أن كثيرا من التطورات التى حدثت خلال السنوات الماضية يصعب اغفالها مثل برامج الحماية الاجتماعية، والتوسع فى مشاركة المرأة، وتحسين مناخ الحريات الدينية، وتطوير الخدمات العامة، وغيرها، لكن تظل هناك العديد من الإشكاليات التى يمكن أن تكون محور اهتمام فى الفترة المقبلة مثل تدريس حقوق الإنسان فى مؤسسات التعليم ولاسيما أننا على مشارف عام دراسى جديد، وتكثيف النقاش حول أبعاد حقوق الإنسان فى الإعلام، استكمال تشكيل لجان حقوق الإنسان بالوزارات، ووضع التعديلات التشريعية بشأن عدد من القضايا منها الأحوال الشخصية، وما ذكره عضو مجلس النواب طارق الخولى فى الحلقة النقاشية التى رافقت حفل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من أهمية الدمج المجتمعى للمفرج عنهم من الشباب حيث أن الرئيس السيسى استخدم صلاحياته الدستورية فى الإفراج عن الشباب المحبوسين فى قضايا التظاهر، وهو ما يرتبط بتعديلات تشريعية تعمل على دمج هؤلاء الشباب، وما ذكره الكاتب إبراهيم عيسى أيضا فى نفس الحوار من أهمية مراجعة مسألة الحبس الاحتياطى، ومادة ازدراء الأديان وغيرها من الموضوعات التى يمكن أن تكون حاضرة على مائدة النقاش والتشريع والتنفيذ خلال الشهور القليلة القادمة، وبخاصة من خلال الحوار مع الجمعيات الأهلية، والمثقفين، والمعنيين بحقوق الإنسان، وهو ما يتطلب حلقات نقاشية، ومؤتمرات ينظمها المجلس القومى لحقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدنى، ومراكز الأبحاث، بما يعطى الزخم المطلوب للحوار الثقافى والقانونى حول بنود الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل