المحتوى الرئيسى

غداة مؤتمر بغداد إلى أين نتجه؟

09/27 19:15

يبدو أن مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة الذى استضافه العراق فى ٢٨ من الشهر الماضى، والذى ضم إلى جانب الدولة المضيفة دولا عربية ستا إلى جانب إيران وتركيا، وكذلك بمشاركة فرنسا من خارج الإقليم الشرق أوسطى، قد أطلق مسارا جديدا لإقامة حوار متعدد الأشكال والصيغ من حيث المشاركة فيه. وقد هدف المؤتمر إلى بلورة تفاهمات الحد الأدنى الممكن للبناء عليها لاحقا بين الأطراف المشاركة بصيغ وأشكال مختلفة. ولا بد من التذكير أن مجمل الدول العربية الست المشاركة كانت تتسم علاقاتها بدرجات مختلفة من التوتر مع إيران وتركيا أو مع أحدهما. المشاركة الفرنسية عكست عودة ناشطة للدبلوماسية الفرنسية على الصعيد الإقليمى من بوابتى بيروت وبغداد، وبما هناك من ترابط بين البوابتين فى ملفات عديدة. ولعبت فرنسا دورا داعما ومشجعا للعراق لإطلاق «مسار بغداد». يأتى هذا المسار الذى أطلقه مؤتمر بغداد على مفترق طرق بين مسارين: الأول مسار تصعيدى فى حروب مختلفة الأشكال والأهداف أولى ضحاياها العراق الذى تعمل قيادته على بلورة سياسة متوازنة فى منطقة تنهشها الصراعات. منطقة تعيش حروب متعددة الأشكال والأطراف. سياسة متوازنة تقوم على نوع من الحياد الإيجابى بين الأطراف المتصارعة، من خلال بلورة أفضل للعلاقات مع جميع هذه الأطراف دون أن تنحاز لطرف على حساب طرف آخر. المسار الآخر أو المسار البديل هو التى أطلقته بغداد ويأتى تحت عنوان الحوار والتفاهم على أسس واضحة تعزز الاستقرار الإقليمى الذى يدفع الجميع بأشكال مختلفة ثمن غيابه.

«مسار بغداد» شهد لقاء آخر الثلاثاء الماضى فى نيويورك استضافة العراق على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بحضور أكثرية المشاركين فى مؤتمر بغداد إلى جانب أطراف أخرى. لقاء جاء ليعزز منطق الحوار بشأن قضايا المنطقة بغية البحث عن حلول سياسية لهذه القضايا.

جملة من العناصر تشجع على المضى فى هذا المسار والرهان على إمكانية النجاح فى تحقيق أهدافه، حسب أصحاب الدعوة، ولو أن هذا الأمر ليس بالبسيط أو بالسهل. من هذه العناصر اللقاءات السعودية الإيرانية، التى استضافها العراق، أيا كان مستوى المشاركة فيها والتى تعكس تغيرا مازال فى بداياته تشجع عليه بعض التصريحات الإيجابية، ولو المحدودة والمشروطة بسلوكيات معينة مطلوبة، كذلك التطبيع التدرجى التى شهدته وتشهده العلاقات التركية مع الدول العربية التى كانت على خصومة مع تركيا بعد أن تراجعت هذه الأخيرة عن مواقف أيديولوجية حادة نتجت عنها سياسات صدامية مع هذه الدول. فالتخلى عن المواقف والخطابات الأيديولوجية فى العلاقات بين الدول شرط أكثر من ضرورى لبداية تطبيع هذه العلاقات. من عناصر التغيير أيضا التطبيع التدريجى بين عدد من الدول العربية وسوريا، والتى كانت فى حالة عداء شديد مع سوريا، كما دلت على ذلك مؤخرا العديد من اللقاءات والاتصالات بين الأطراف المعنية وسوريا، أيا كانت التفسيرات لتوظيف هذه الاتصالات فى اتجاه أو آخر.

إن رهان البعض على مستقبل المفاوضات النووية الأمريكية الإيرانية وانتظار هذه النتائج لتوظيفها فى صراعات المنطقة لمصلحة هذا الطرف أو ذاك يعكس رؤية أقل ما يمكن وصفها بأنها رؤية اختزالية وتبسيطية لمسائل شديدة التعقيد من حيث طبيعة وعدد العناصر التى تؤثر فيها. ألم يحن الوقت لأهل الإقليم من عرب وإيرانيين وأتراك ليبادروا كأطراف معنية مباشرة بما يمس أمنهم القومى بالطبع كل حسب مصالحه، للبناء على «مسار بغداد«، وهو ما يهدف إليه أساسا، فى إقامة منتدى للحوار. منتدى يكون بمثابة إطار للبحث فى الخلافات وفى سبل تسويتها متى أمكن ذلك أو فى كيفية احتوائها ومنعها عن التأثير السلبى فى مجالات تعاون مختلفة تحمل مصلحة للجميع.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل