المحتوى الرئيسى

مسؤول أفغاني سابق: حكم طالبان لأفغانستان لن يكون سهلا عليها

09/22 12:27

لا تزال الأنظار تتجه إلى أفغانستان، تترقب تصرفات طالبان بعدما استولت الحركة المسلحة على مقاليد السلطة في البلاد منتصف شهر أغسطس الماضي، حتى قبل استكمال القوات الأمريكية انسحابها الكامل من البلاد.

والسؤال المطروح حاليا هو: هل ستصمد طالبان في حكم هذا البلد الذي لطالما مزقته الاضطرابات والحروب؟.

وقال أروين راحي، المستشار السابق لحاكم ولاية بارفان الأفغانية، في تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، إنه يبدو أن حركة طالبان تسيطر بشكل كامل على الوضع في أفغانستان في الوقت الراهن. وقد يكون الهدوء الذي تشهده حركة طالبان حاليا خارج وادي بانشير، حيث تستمر المقاومة ضد الحركة، هو الهدوء الذي يسبق العاصفة، كما هي العادة في أفغانستان.

ويرى راحي أن التحديات التي ورثتها طالبان والأخطاء التي ارتكبتها الحركة خلال الشهر الماضي، قد قوضت شرعيتها، وستمثل حجر عُثرة في طريقها لحكم أفغانستان، وبذلك سينتهي قريبا شهر العسل بالنسبة لطالبان.

وكان الخطأ الأول لطالبان، في رأي راحي، هو إطلاق سراح جميع السجناء بعد الاستيلاء على السجون ومراكز الاحتجاز التي كانت خاضعة لإدارة الحكومة السابقة في شتى أنحاء أفغانستان. ولو كانت طالبان أفرجت فقط عن أعضائها، لكان ذلك مبررا في سياق الصراع. ولكن لا يمكن بأي شكل تبرير قيام طالبان بإطلاق سراح الآلاف من المجرمين والإرهابيين المحترفين، مثل زعيم تنظيم داعش في خراسان، عمر فاروقي وغيره من أعضاء التنظيم. والآن، بعد أن أصبح عدد كبير من الإرهابيين المتشددين الذين يشكلون تهديدا أمنيا كبيرا، مطلقي السراح، تثورالمشكوك بشأن ما إذا كانت طالبان تملك القدرة على إعادة اعتقالهم، أو الإرادة لفعل ذلك.

أما الخطأ الثاني الذي ارتكبته طالبان فكان مهاجمة وادي بانشير بدلا من محاولة التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض مع المسلحين هناك. ولا يستوعب كثير من الأفغان لماذا يمكن لطالبان أن تتفاوض لمدة عامين مع الأمريكيين ولا تطيق التفاوض لمدة أسبوعين مع مقاتلي بانشير. وعلى الرغم من أن حركة طالبان أعلنت انتصارها في بانشير، فإن احتفال بهذا النصر سابق لأوانه. ولا تزال جبهة المقاومة الوطنية بقيادة أحمد مسعود، التي تقع في بانشير، وتعرف التضاريس جيدا، تحتفظ بالجبال، وإزاحة الجبهة مهمة ضخمة، ليس من المضمون نجاح طالبان فيها.

وإذا استمرت الجبهة في الصمود ضد الطالبان، من المرجح أن تمتد المقاومة ضد الحركة إلى أجزاء أخرى من أفغانستان. وتفتقر طالبان إلى الدعم بين الجماعات العرقية غير البشتونية، مثل الطاجيك والأوزبك والهزاره والتركمان، الذين لا يهتمون كثيرا بالحكم الديني لطالبان، الذي يهيمن عليه البشتون. وحتى الآن لم تفعل طالبان الكثير لإرضاء غير البشتون الذين يشكلون ما بين 55 و60% من سكان البلاد .

وكان الخطأ الثالث الذي ارتكبته طالبان، بحسب راحي، فهو السماح للجنرال فايز حميد، المدير العام للاستخبارات المشتركة بين الأجهزة في باكستان، بالظهور علنا في العاصمة الأفغانية كابول. ويشتبه الأفغان العاديون منذ فترة طويلة في أن طالبان تعمل من أجل تعزيز مصالح باكستان في البلاد.

وعلى الرغم من نفي باكستان وطالبان ذلك، أضرت زيارة حميد العلنية لأفغانستان بشدة بسمعة طالبان وأثارت تساؤلات خطيرة حول تأثير الاستخبارات الباكستانية على الحركة. وأيا كان الغرض والدوافع وراء زيارة حميد، سيستغرق الأمر بعض الوقت، أو ربما وقتا طويلا، للتعافي من هذه الصفعة.

وكان الخطأ الرابع والأخطر الذي ارتكبته طالبان حتى الآن هو الإعلان عن تشكيل حكومة أحادية العرق تقريبا. وكان البشتون، الذين تتراوح نسبتهم بين 40 و45% من سكان أفغانستان، يشكلون أكثر من 90% من التعيينات الوزارية.

ورغم ذلك، أعلنت طالبان أمس الثلاثاء بقية تشكيلة حكومتها لتصريف الأعمال، بتسمية 17 شخصية لمناصب حكومية بموجب مرسوم صدر عن قيادة الحركة. وشملت المناصب الجديدة تعيين شخصية من المقيمين في ولاية بانشير بشمال شرق البلاد قائما بأعمال وزير التجارة، واختيار نائب لوزارة الصحة من أقلية الهزارة. وكانت المجموعة الأولى من التعيينات التي أصدرتها الحركة أثارت انتقادات لعدم شمولها، حيث كانت الأغلبية من قيادات طالبان وقبيلة البشتون.

ولكن لم تتضمن التعيينات في المرتين أي امرأة.

ولاسترضاء منتقدي الحركة من المحليين والأجانب، وصفت طالبان حكومتها بأنها مؤقتة، يفترض أن تحل محلها هيئة أكثر دواما في مرحلة ما في المستقبل. ويرى راحي أنه بالنظر إلى سجل طالبان في الكذب وخرق وعودها، ليس هناك أمل كبير في أن تفي بوعدها هذه المرة.

وبالإضافة إلى أن حكومة طالبان أحادية العرق وتتمحور حول البشتون، يهيمن عليها تماما ما يسمى بالملالي، وهم شبه ملمين بالقراءة والكتابة. ومعظم أعضاء الحكومة لا يتمتعون بتعليم عال أو مهني، ناهيك عن التعليم ذي الصلة بحقائبهم الوزارية. وحتى مؤهلاتهم الدينية تبدو مشكوكا فيها لأن معظمهم لا يتحدثون العربية، وهي اللغة التي تتحدثها المدارس الدينية في أفغانستان وباكستان، وقد اضطروا إلى استخدام المترجمين الفوريين للتواصل مع مضيفيهم القطريين في الماضي.

ويقول راحي إنه إلى جانب هذه الأخطاء، تواجه طالبان عدة تحديات، منها أولا، أن إعلانها عن تشكيل حكومة أحادية العرق لن يساعدها في السيطرة على الوضع الهش في أفغانستان. وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل الرغبة في مزيد من الحقوق والمشاركة في المجتمع التي يحتفظ بها الشباب الأفغان، ولاسيما النساء. ويمكن لطالبان اللجوء إلى العنف لقمع المعارضة في الوقت الراهن، ولكن القمع في أفغانستان غالبا ما يأتي بنتائج عكسية مع عواقب وخيمة على الطرف المعتدي.

ثانيا، بما أن أفغانستان كانت دائما دولة ضعيفة، فإن انهيارها لم يتسبب في فوضى واسعة النطاق. ولكن أفغانستان الآن على شفا انهيار اقتصادي. فتجميد أصول أفغانستان في الولايات المتحدة والانخفاض الحاد في المساعدات المالية الدولية، يؤثران سلبا على الأفغان العاديين. وفي ظل نفاد السيولة النقدية بالبنوك ولدى عدد كبير من الأفغان بسبب تجميد الأصول الأفغانية، أصبح حتى من كانوا ميسوري الحال في ظل حكومتي حامد كرزاي وأشرف غني يعانون من الضائقة المالية ويكافحون اقتصاديا.

ثالثا، في أوائل أغسطس 2021، أفادت الأمم المتحدة بوجود أكثر من 10 آلاف مقاتل أجنبي في أفغانستان. وكان ذلك قبل أن تفرج طالبان عن مئات (أو ربما آلاف) المقاتلين الأجانب الإضافيين من السجون التي كانت تديرها الحكومة، والتي استولت عليها الحركة الشهر الماضي.

ويبدو أن طالبان لا تسيطر كثيرا على هؤلاء المقاتلين الأجانب، ولا سيما مقاتلي "داعش خراسان" الذين تعتبرهم الحركة عدوها اللدود. وعلاوة على ذلك، ستختبر حركة "طالبان باكستان" أيضا قدرة طالبان أفغانستان والتزامها.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل