المحتوى الرئيسى

نص كلمة السيسي بالأمم المتحدة: متمسكون باتفاق قانوني لأزمة السد الإثيوبي

09/22 01:44

ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ76، أكد خلالها تمسك مصر بالوصول إلى حل منصف وقانوني لأزمة السد الإثيوبي، فضلا عن تناوله قضية الإرهاب والتحديات التي تواجه دول العالم إزاء مواجهته وتحديدا منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا على ضرورة العمل متعدد الأطراف لمواجهة الأزمات العالمية.

وجاء نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام المتحدة كالتالي:

«السيد عبدالله شاهد رئيس الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أود في البداية، أن أعرب عن تهنئتي لكم، ولبلدكم الصديق، على توليكم رئاسة هذه الدورة للجمعية العامة للأمم المتحدة، راجيا لكم النجاح والتوفيق في أعمالها»

ويطيب لي، أن أشيد بالدور البناء، الذي يقوم به السكرتير العام للأمم المتحدة، عبر سعيه الدءوب لتنفيذ مبادئ ميثاقها.. الذى ظل دستورا للعلاقات الدولية.. ومرجعا لها لما يتجاوز خمسة وسبعين عاما، ويبقى أملا فى تكريس نظام عالمي قائم على القانون، والعمل على إرساء السلام.

أهمية تذليل الصعوبات أمام توفير اللقاحات لمختلف دول وشعوب العالم

وقال الرئيس: إن استمرار الجائحة العالمية منذ قرابة العامين، أثبتت مجددا أن البشرية مثلما تتشارك فى الأخوة الإنسانية، فإنها عرضة كذلك للتشارك فيما تواجهه من تحديات، مهما تفاوتت مستويات تقدمها.

وهنا تجدر الإشارة، إلى ما يحمله موضوع دورة الجمعية العامة لهذا العام من أهمية، إذ لخص ما نحن بحاجة إليه فى عالم اليوم، من صمود فى مواجهة وباء «كوفيد- 19»، وأمل فى التعافى منه، الأمر الذي يلقي الضوء على أهمية تذليل الصعوبات أمام توفير اللقاحات لمختلف دول وشعوب العالم، وضمان توافرها بصورة عادلة ومتساوية، بل ويكسبها أولوية قصوى.

ومن هذا المنطلق، اسمحوا لي أن أستعرض من خلال هذا المحفل المهم، رؤية مصر -كعضو مؤسس للأمم المتحدة ولعدد من المنظمات الإقليمية- للواقع الدولي، وإسهاماتها فى مواجهة التحديات التى يشهدها عالمنا اليوم.

القارة الإفريقية الأكثر تضررا من تداعيات الجائحة

السيد الرئيس:

تقدر الدولة المصرية، خطورة التباين فى مسارات التعافي الاقتصادي بين الدول، وفقا لقدرتها على توفير الأعداد اللازمة من اللقاحات، حيث تستأثر الدول المتقدمة بالنصيب الأكبر من إنتاج العالم منها، وتشير مصر على وجه الخصوص، إلى ضرورة الاستجابة السريعة والفعالة لاحتياجات القارة الإفريقية، حيث باتت قارتنا، الأكثر تضررا من تداعيات الجائحة في الوقت الذى تواجه شعوبها تحديات أخرى لا تقل خطورة عن فيروس كورونا، لذا حرصت مصر على توطين صناعة اللقاحات، ليس فقط لتلبية احتياجات مواطنيها، ولكن أيضا للتصدير إلى القارة الإفريقية.

مراعاة توسيع نطاق الدعم الدولي للعالم النامي

إن الظروف الراهنة، إنما فاقمت واقعا تكرس على مدى عقود، وهو القصور فى التعاون الإقليمي والدولي، وعكست أهمية مراعاة توسيع نطاق الدعم الدولي للعالم النامي، ليشمل مجموعة الدول متوسطة الدخل فالثقل السكاني لهذه المجموعة، من الدول يمنحها أهمية محورية، كونها تضم غالبية سكان العالم، لذا فهى مركز أساسي، لاستهلاك السلع والخدمات على المستوى الدولي، ومحرك رئيسى للنمو الاقتصادي العالمي.

وعلى ضوء التحرك الدولى لإصدار ما قيمته نحو «650» مليار دولار من حقوق السحب الخاصة فى إطار صندوق النقد الدولي، ترى مصر أهمية بالغة فى استطلاع السبل الملائمة، لتوظيف هذه الموارد، لخدمة احتياجات العالم النامىي، بما يشمل الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.

وفى هذا الإطار، تدعو مصر إلى تخفيف أعباء الديون عن الدول النامية وخاصة الإفريقية والدول متوسطة الدخل، وتيسير شروط الاقتراض من المؤسسات الدولية والإقليمية، من خلال إمدادها بأدوات للتمويل الميسر، وتشجيع الاستثمارات، وضمان استمرار تدفقها إلى هذه الدول، لما تمثله هذه الإجراءات، من عامل حيوي في دعم الجهود الوطنية للتنمية، وفقا للأجندات التنموية الإقليمية والدولية ذات الصلة.

إن اقتناعنا راسخ، بأن التنمية تضم إطارا شاملا، لمجموعة واسعة من الحقوق اللازمة للنهوض بالفرد، وتوفير سبل الحياة الكريمة للمجتمعات.

نجحنا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مختلف محافظات مصر

ومن هذا المنطلق، طبقت مصر سياسات الإصلاح الاقتصادى التى مكنتنا من تنفيذ برامج اجتماعية طموحة، لصالح الفئات الأولى بالرعاية، ونجحت في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مختلف محافظات مصر.

كما قلصت التفاوت التنموي، بين الريف والحضر، وذلك انطلاقا من إيماننا، بأن وصول الدولة المصرية بالخدمات الأساسية إلى كل ربوع البلاد، من شأنه أن يعزز المشاركة السياسية والمجتمعية، كونه يخلق مناخا صحيا، يزدهر فى إطاره الفكر الحر، وتنشط فيه حركة الإبداع، فتدفع بعجلة التقدم إلى الأمام.

مصر تبذل قصارى جهدها لتعزيز التنسيق إزاء قضايا المناخ

تعي مصر جيدا، الخطر الذى يمثله التدهور البيئي على كل مناحي الحياة، وعلى مستقبل الأجيال القادمة، بل وعلى وجودها، خاصة تغير المناخ، الذى باتت آثاره السلبية واضحة للعيان، فلقد شهدنا على مدار الفترة الماضية، العديد من الظواهر المناخية القاسية في كثير من دول العالم، من فيضانات وأمطار غزيرة، إلى الارتفاعات غير المسبوقة فى درجات الحرارة، وحرائق الغابات، صاحبتها تداعيات إنسانية واقتصادية واجتماعية، باتت تمثل أعباء إضافية على كاهل الدول والحكومات، لتحقيق الرفاهة لشعوبها.

ومن منطلق مسئولياتنا الأخلاقية المشتركة تجاه الأجيال القادمة، مع أهداف رؤيتنا الوطنية والتزاماتنا الدولية، تبذل مصر قصارى جهدها لتعزيز التنسيق إزاء قضايا المناخ تفاديا للوصول إلى لحظة قد تصعب فيها العودة إلى الأوضاع المناخية الطبيعية بعدما يكون تغير المناخ قد بلغ مداه، وبات ظاهرة عصية على المعالجة.

وعلى ضوء الدور المصري النشط في مفاوضات تغير المناخ، فإننا نتطلع إلى استضافة الدورة السابعة والعشرين.. لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ عام 2022.

الرئيس أمام الأمم المتحدة: تجفف منابع الإرهاب يستلزم تعاونا دوليا واسعا

يظل الإرهاب كذلك، من أكبر التحديات التي تواجه الأسرة الإنسانية فى عصرنا الحالي، حيث تنتهك هذه الظاهرة الحقوق الأساسية للمواطنين، وفى مقدمتها الحق في الحياة وتعيق جهود الحكومات، نحو بلوغ الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لشعوبها.

لذلك تشدد مصر، على أنه لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا من خلال مواجهة الفكر التكفيري والمتطرف، المتسبب فى تلك الظاهرة البغيضة وذلك في إطار مقـاربة شاملة لا تقتصر فقط على المواجهة الأمنية للإرهابيين وتنظيماتهم، بل تشمل أيضا أبعادا اقتصادية واجتماعية وتنموية وفكرية، تجفف منابع الإرهاب، وتعالج الظروف والعوامل التى تدفع البعض إلى هذا الطريق الإجرامي وهى مقاربة كما تتطلب جهدا وطنيا، فإنها تستلزم تعاونا دوليا.

يجب محاسبة الدول التي ترعى الإرهاب وتحتضن عناصره

ومن هنا، أود تأكيد أهمية احترام كل الدول، لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

ونشدد فى هذا الصدد، على أهمية محاسبة الدول التي ترعى الإرهاب، وتحتضن عناصره، بمن في ذلك المقاتلون الإرهابيون الأجانب، وتوفر لهم الملاذ والدعم، أو تسهل انتقالهم عبر أراضيها، بما يهدد السلم والأمن الدوليين.

مصر تحرص على تعزيز حقوق الإنسان لمواطنيها

إن مصر تحرص على تعزيز حقوق الإنسان لمواطنيها وتبذل لتحقيق هذه الغاية جهودا حثيثة فى إطار من احترام مبادئ المواطنة وسيادة القانون وتدرك الدولة المصرية تماما.. أن الإنسان المصرى يأتي فى القلب من منظومة التنمية الشاملة، التى تحرص على تنفيذها إعلاء لكرامته وضمانا لحقوقه وحرياته.

ولقد عكست منظومة حقوق الإنسان مؤخرا فى مصر، تطورا جليا، اتصالا بما يتضمنه الدستور المصرى وتعديلاته، من مواد تضمن الحقوق والحريات العامة، وما لذلك من انعكاسات على تحديث التشريعات ذات الصلة، ولعل «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» التي أطلقتها مصر منذ أيام، بناء على تشاور مجتمعى، وبمساهمة المجتمع المدنى، هى خير دليل على المقترب الشامل والبناء، الذى تنتهجه بلادى، إزاء موضوعات وقضايا حقوق الإنسان.

السيسي: انتخاب مصر رئيسا للجنة الأمم المتحدة لبناء السلام يعكس ثقة المجتمع الدولي

لقد جاء انتخاب مصر لرئاسة الدورة الحالية الخامسة عشرة، للجنة الأمم المتحدة لبناء السلام، ليكلل مسيرة متواصلة من الإسهام المصري الفاعل، لتعزيز وتفعيل هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام، منذ إنشائه عام 2005، كما يجسد ثقة المجتمع الدولى، فى قدرة مصر على قيادة الجهود الأممية في هذا الشأن، على ضوء إحرازها المرتبة السابعة، بين الدول المساهمة بقوات عسكرية وشرطية -رجالا ونساء- في عمليات حفظ السلام الأممية.

السيسي: لا استقرار بالشرق الأوسط دون التوصل لحل عادل ودائم للقضية الفلسطينية  

لقد أكدت مصر مرارا، أنه لا سبيل لاستقرار الشرق الأوسط، دون التوصل إلى حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية، التى كانت ومازالت، القضية المركزية للأمة العربية، وذلك عبر التفاوض، استنادا إلى مقررات الشرعية الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها «القدس الشرقية».

ومن هذا المنطلق، تؤكد مصر أهمية تثبيت وقف إطلاق النار، الذي جرى التوصل إليه في 20 مايو 2021، كما تدعو مصر المجتمع الدولي، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطيني، وإيصال المساعدات الإنسانية إليه، وحث الأطراف المانحة على دعم وكالة «الأونروا»، تمهيدا للقيام بعملية إعادة الإعمار فى قطاع «غزة»، أخذا في الاعتبار، ما أعلنته مصر من تخصيص «500» مليون دولار لإعادة الإعمار.

مفهوم الدولة الوطنية القوية المتماسكة بات مهددا بعوامل اضطراب متعددة

وقال الرئيس: إن منطقة الشرق الأوسط، كما تتسم بموقع استراتيجى فريد، فإنها تحتل أيضا موقعا متقدما على قائمة مناطق العالم الأكثر اضطرابا، ما يضيف إلى التحديات العالمية المشتركة التي تواجهها دول المنطقة، تحديات أخرى ذات خصوصية بدولها، إذ بات مفهوم الدولة الوطنية القوية المتماسكة، مهددا بعوامل اضطراب متعددة، يكمن جوهرها فى الانقسام والتشرذم بأنواعه المختلفة، سواء كان طائفيا أو سياسيا أو عرقيا.

وأضاف: وهو ما يجعل دولا غنية بمواردها الطبيعية وتاريخها وحضارتها العريقة، كـ«العراق» الشــقيق، أو بثقافتها وتنوعها الديني والعرقي كـ«لبنان» و«سوريا»، أو بمواردها وثرواتها وموقعها المتميز، کـ«ليبيا» أو بموقعها الاستراتيجي، كـ«اليمن»، تعاني كل هذا الكم من التحديات الضخمة، وهو ما يؤكد أنه لا غنى عن إعلاء مفهوم الدولة الوطنية، الجامع الذي لا يفرق بين أبناء الوطن الواحد، ويحول دون التدخل في الشئون العربية.

نهر النيل يشكل شريان وجود مصر الوحيد عبر التاريخ

إن مصر ترتبط ارتباطا وثيقا بواقعها الإفريقي، الذي تعتز به كثيرا، والذى لا يرتبط فقط بموقعها الجغرافي، لكنه يتصل عضويا بوجودها، ويهمنى في هذا المقام، إيضاح أن تحقيق التعاون بين دول القارة، لن يتأتي من خلال تحديد طرف واحد لمتطلبات طرف آخر، وإنما يتعين أن تكون تلك العملية متبادلة، فمصر التى تعترف بحقوق أشقائها التنموية تعد من أكثر الدول جفافا.. ويظـل شعبها تحت حد الفقر المائي، ويشكل نهر النيل، شريان وجودها الوحيد عبر التاريخ، وهو ما يفسر القلق العارم، الذى يعترى المواطن المصري، إزاء سد النهضة الإثيوبى.

السيسي: نتمسك بالتوصل في أسرع وقت ممكن إلى اتفاق عادل ملزم بشأن السد الإثيوبي

ولعلكم تعلمون جميعا، ما آلت إليه المفاوضات الدائرة، منذ عقد من الزمن، بين مصر وإثيوبيا والسودان، جراء تعنت معلوم، ورفض غير مبرر، للتعاطي بإيجابية مع العملية التفاوضية في مراحلها المتعاقبة، واختيار للمنهج الأحادى وسياسة فرض الأمر الواقع، ما بات ينذر بتهديد واسع لأمن واستقرار المنطقة بأكملها.

أهم أخبار كورونا

Comments

عاجل