المحتوى الرئيسى

تقرير خاص لنيويورك تايمز عن «أسانسيرات» وسط البلد: «مصاعد الشيخوخة»

09/21 12:03

تنتمي المصاعد العتيقة في منطقة وسط القاهرة، لحقبة صاغ خلالها المهندسون المعماريون والأوروبيون شوارع القاهرة حتى صارت تنافس لندن وباريس على الثروة والبريق، وعلى الرغم من استبدال بعض المصاعد بأخرى حديثة، إلا أن العشرات، إن لم يكن المئات - لا يوجد إحصاء دقيق - كانت تواصل العمل صعودًا وهبوطًا في نفس المباني منذ عقود، وفي بعض الحالات لأكثر من قرن.

ويعود الفضل في بقاء بعض المصاعد القديمة بمنطقة وسط البلد إلى جمالها، حيث يعتبرها أصحاب العقارات بمثابة قطع مركزية في الردهة، بينما يفتقر الملاك الآخرون إلى الوسائل أو الإرادة لاستبدالهم، ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى ما يسمى بنظام الإيجار القديم الذي يحكم نحو ربع إيجارات القاهرة، مما يسمح للمستأجرين بدفع ما يقرب من لا شيء - بمتوسط نحو 3 دولارات شهريًا - مقابل سنوات متتالية.

مصاعد الشيخوخة في مدينة الروائع

وسلطت صحيفة «نيويورك تايمز» في تقرير لها، الضوء على مصاعد منازل وسط القاهرة القديمة، وقالت إنها «مصاعد الشيخوخة في مدينة الروائع» بالنسبة للبعض، بينما تظل مصدر إحباط وخوف للبعض الآخر من السكان.

أشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن عقارات وسط القاهرة تحمل واجهات أوروبية، تتميز بـ«العظمة الباهتة»، ونقلت عن أحد سكانها، أنها تعاني رهاب المصاعد القديمة، فتقول هاجر محمد على، 28 عامًا، باحثة دكتوراة في علم الاجتماع، وعاشت بضعة أشهر في منطقة وسط البلد: «بمقصوراتها الخشبية اللامعة، وزجاجها المعلق من كابلات مرئية جدًا في أقفاص، كانت المصاعد دائمة الأعطال، وهو ما سبب مخاوفًا لدى أغلب السكان، ودفعني إلى النزول من خلالها، وعدم العبث في صندوق التحكم».

تضيف «هاجر» التي عاشت في الطابق الخامس في أحد عقارات «وسط البلد»: «فشل السكان في القيام بأعمال الصيانة حتى توقفت المصاعد عن العمل بشكل كامل. حتى لو تم إصلاحه، فإنه سينزل فقط حتى الطابق الثاني»، مشيرةً إلى أنها تعيش حاليًا في الطابق السادس بعقار آخر، لكن من دون مصعد، مضيفةً: «الأمر مرهق، لم أدرك قيمة المصعد إلا حينما اختفى».

يقول محمد حسن، كبير المهندسين في شركة الإسماعيلية، التي تعمل على إعادة تأهيل المباني القديمة في وسط القاهرة: «حقيقة أنهم ما زالوا يعملون حتى الآن، إنها معجزة».

تنقل الصحيفة عن محمود رشاد، 37 عامًا، بواب وحارس المصعد في مبناه في الزمالك، وهو حي قديم يضم العديد من المصاعد الأثرية، «إنها تحفة فنية.. عندما يأتي الناس إلى المبنى، يشعرون وكأنهم يعودون بالزمن إلى الوراء».

مع ذلك، فإن معدل الكوارث - حسب الروايات المتناقلة - يبدو منخفضًا، فقبل أن تتحرك المصاعد، يجب على الراكب إغلاق الأبواب الخارجية ثم الداخلية بعناية فائقة، وهي ميزة أمان مع بعض الآثار الجانبية غير المريحة.

كانت تقل الأرستقراطيون والباشاوات إلى شققهم

«ما يهمني هو القدرة على التنفس»، تقول هناء عبد الله، 68 عامًا، عن المناسبات النادرة التي انقطعت فيها الكهرباء في منتصف الطريق إلى شقتها: «ما يهمني هو أنه إذا تعطل المصعد، يمكن لشخص ما أن يحضر لي كرسيًا، ويمرره إلى الكابينة عبر الفتحة المفتوحة، ويمكنني الجلوس هناك بقية اليوم».

عندما تزوجت هناء عبد الله، قبل خمسة عقود في سن السادسة عشرة، كان زوجها واحدًا من اثنين من مشغلي المصاعد في المبنى، وكان يضغط على الأزرار لنقل الأثرياء إلى شققهم، ولكن، واحدًا تلو الآخر، مات الأرستقراطيون والباشاوات، وأفسح اللمعان الأرستقراطي في وسط القاهرة الطريق إلى الحبيبات سريعة النبض حيث انحدرت المباني إلى الإهمال.

مجتمعات الضواحي التي استنزفت العديد من السكان

أهم أخبار الوسيط

Comments

عاجل