المحتوى الرئيسى

المشير محمد حسين طنطاوي.. رحيل «القائد التاريخي» للجيش المصري

09/21 08:33

رحل المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم للبلاد عقب «25 يناير»، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق، صباح اليوم، عن عمر ناهز 86 عاما، بعد صراع طويل مع المرض.

«المشير طنطاوي» اسم من ذهب، يعرفه الصغير قبل الكبير، رغم ابتعاده عن مواقع المسؤولية الرسمية منذ نحو 10 سنوات حين ترك موقعه كوزير للدفاع والإنتاج الحربي، تصدر المشهد لـ21 عاما كقائد عام للقوات المسلحة، ومسؤولا أساسيا للتصدي لأي تهديدات تمس أمن واستقرار الوطن، وتتلمذ العديد من القيادات الوطنية والعسكرية البارزة، خلَّدت اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ العسكرية المصرية.

المشير محمد حسين طنطاوي: رحيل المقاتل الشرس في الدفاع عن مصر

المشير محمد حسين طنطاوي، أحد أبناء حي عابدين الشعبي لأسرة نوبية، وُلد في 31 أكتوبر 1935، وعاش فيها فترة الصبا والدراسة، لينمو في ذهنه حلم الالتحاق بالكلية الحربية، وهو ما جرى ليتخرج فيها في الأول من أبريل عام 1956، أي منذ نحو 65 عاما، ليمضي في الخدمة بقواتنا المسلحة أكثر من نصف قرن، كأحد أكثر العسكريين المصريين خدمة من حيث المدة في صفوف قواتنا المسلحة، وتحديدا لمدة 56 عاما.

رجل «الحرب والسلام»: خاض «5 حروب».. وقاد تحركات قواتنا المسلحة لتكون «ضهر الشعب» لأكثر من 20 عاما.. وجملته التاريخية لمرؤوسيه: «مصر محتاجالنا»

خاض «القائد التاريخي للجيش المصري» نحو «5 حروب نظامية» إبان فترة خدمته في القوات المسلحة، ففور تخرجه وانضمامه رسميا للخدمة في صفوف قواتنا المسلحة، كانت من أولى مهامه ضمن تكليفات القيادة السياسية والعسكرية لمصر في هذا البلاد لرجال قواتنا المسلحة هو مواجهة «العدوان الثلاثي» على مصر، حين كان قائدا لـ«فصيلة مشاه»، ثم شارك في حرب يونيو 1967 كقائد لـ«سرية مشاه».

عمل «المشير طنطاوي»، في فترة الستينيات بالكلية الحربية، في فترة يؤكد للمقربين منه بأنّها أحد أكثر المراحل في تاريخه العسكري اعتزازا بها، رغم كثرة المواقف التي عاشها خلال خدمته، حيث شارك في تدريب وتأهيل الكثير من الضباط، الذين تتلمذوا على يديه، ونهلوا من فيض علمه وخبرته من العلوم العسكرية.

بطولة المشير طنطاوي في حرب أكتوبر المجيدة

وحين ناداه القدر في حرب أكتوبر المجيد لبى نداء الوطن، حيث كان قائدا لكتيبة مشاه في هذا الوقت، وخاض أحد أكثر معارك حرب أكتوبر شراسة، والتي عُرفت فيما بعد باسم «المزرعة الصينية»، حيث تكبّد فيها الجانب الإسرائيلي خسائر كثيرة باعتراف موشيه ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي حينها، وآرائيل شارون، قائد الفرقة التي واجه عناصرها في هذا الوقت.

ولم يتوقف دور القائد التاريخي للجيش المصري عند هذا الحد، لكنه اختير ليعمل ملحقا عسكريا لمصر في باكستان عامي 1977 و1978، قبل أن يعود ليتولى مهمة قيادة لواء مشاه ميكانيكي، ثم قائدا لفرقة مشاه ميكانيكية، ثم قائدا للجيش الثاني الميداني، ثم قائدا للحرس الجمهوري، ورئيسا لهيئة عمليات القوات المسلحة.

وتركت المعارك والحروب التي خاضها «المشير طنطاوي» أثر كبير في شخصيته، حيث اعتاد على الاستماتة في الدفاع عن مصر وأمنها القومي مهما تعددت التحديات، وخير ما يعبر عن ذلك قوله لرجال الجيش الثالث الميداني، حين زار قيادته في 10 أبريل 2011، بحسب فيديو صادر عن إدارة الشؤون المعنوية في وقت سابق، حيث قال: «أنا حاربت 4 أو 5 حروب من سنة 1956، وفي وقت من الأوقات كان نفسي استشهد والله العظيم تلاتة.. وربنا أراد أن أحيا.. الشظايا في جسمي لحد دلوقتي، لكن أنا ماسك نفسي عشان مصر».

وفي لحظة فارقة في عمره، وفي تاريخ العسكرية المصرية، وقع عليه الاختيار ليصبح وزيرا للدفاع والإنتاج الحربي، وقائدا عاما للقوات المسلحة في 20 مايو 1991، وهو المنصب الذي ظل فيه لمدة 21 عاما، وتحديدا حتى 12 أغسطس 2012، في فترة مرت بها المنطقة بتحديات جسام، كان أخطرها التحديات والتهديدات التي واجهت مصر في الأيام الأخيرة للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لكنه تمكن باقتدار من مواجهة تلك التحديات، ليبدأ مهمة «تثبيت أركان الدولة»، حين تولى المسؤولية كحاكم للبلاد، بعدما تخلى «مبارك» عن منصبه كرئيس للجمهورية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي كان يتولى «المشير طنطاوي» مسؤوليته في هذا التوقيت، عقب أحداث «25 يناير».

العبور بمصر إلى بر الأمان عقب أحداث «25 يناير»

ونجح «القائد التاريخي للجيش المصري» في «العبور بمصر»، للمرة الثانية في حياته، فالأولى كانت حين عبر قناة السويس لتحرير سيناء من الاحتلال، والثانية حين احتوى الصدمات التي واجهت الدولة المصرية بحنكة، حتى سلّم الأمانة لـ«الرئيس المُنتخب» في التوقيت المُحدد وفقا لـ«خارطة الطريق»، وما استتبعه ذلك من إجراءات استهدفت تولى جيل جديد من القادة للمسؤولية في قواتنا المُسلحة.

وخلال توليه منصب وزير الدفاع والإنتاج الحربي، القائد العام للقوات المسلحة، نجح «المشير طنطاوي» في الارتقاء المستمر بقواتنا المسلحة ومنظومة عملها قدر الإمكان، وتوسع في المشروعات المختلفة التي نفذتها القوات المسلحة، ليس لتدعيم قدراتها فقط، ولكن لتكون «ظهرا للشعب»، حيث تدخلت في حل مشكلات كثيرة للبنية التحتية، وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى بالمحافظات من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وغيرها.

جملته التاريخية للشعب: «مصر هي المراد وهتستمر شعلة الأمن والأمان»

ولم يكن «المشير طنطاوي» محبا للظهور كثيرا للحديث للرأي العام، إلا أنّه وجّه «رسائل حاسمة» للشعب المصري في أعقاب موجة عدم الاستقرار التي حدثت خلال عام 2011 للبلاد، حيث قال خلال زيارة إحدى المنشآت العسكرية يوم 11 نوفمبر 2011، في كلمة مُصورة أذاعتها الشؤون المعنوية للقوات المسلحة فيما بعد: «المراد هي مصر.. ومصر هتستمر شعلة الوطنية، والقومية، والأمن والأمان في المنطقة كلها».

رسالة «المشير طنطاوي» للضباط والجنود: «مصر محتاجانة»

كما اعتاد «المشير» أن يتابع الأمور عن كثب، وكانت اللحظة التاريخية الحاسمة حين نزل للشارع المصري في أعقاب «الانتفاضة» التي اندلعت لتغيير الواقع المصري في نهايات حكم «مبارك»، إلا أنّ أحد أكثر اللقطات إنسانية لـ«القائد التاريخي للجيش»، حين ذهب للجنود في الشوارع، حيث كان يعلم بحجم التحديات والأعباء التي كُلفوا بها، وقال لأحد المجندين: «مصر محتاجالنا»، في دلالة على المنهج الذي رسّخه طوال خدمته بحرصه على التواصل مع القادة والجنود، وتوعيتهم بالتحديات والمخاطر التي تستهدف الوطن، وهو ما تزايد في الفترات الأخيرة للبلاد في ضوء التهديدات والتحديات التي تواجه المنطقة.

وعقب خروجه من «الخدمة»، حين أُحيل لمنصب مستشار رئيس الجمهورية، حرصت القوات المسلحة على تكريمه أكثر من مرة؛ كما أُطلق اسمه على خريجي الدفعتين «112 حربية»، و«الدفعة 47» للمعهد الفني للقوات المسلحة.

شهادة الرئيس عبدالفتاح السيسي عن «بطولات المشير طنطاوي»

نرشح لك

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل