المحتوى الرئيسى

«صناعة السجاد اليدوى».. مهنة تواجه الانقراض | المصري اليوم

09/19 11:27

تحتل الحِرَف اليدوية مكانة كبيرة من تراث محافظة الشرقية، ويعتمد فيها الصانع على مهارته الذهنية واليدوية باستخدام الخامات الأولية المتوافرة فى البيئة المحلية أو الخامات المستوردة.

دورات تدريبية على السجاد اليدوي ضمن «حياة كريمة» بالفرافرة في الوادي الجديد

جامعة الأزهر تهدي الإمام الطيب سجادة مصنوعة يدويا تحمل صورته (صور)

مصانع السجاد اليدوي تشكو الاستيراد من الصين والهند

حرفيون أثناء تصنيع السجاد

وتشتهر «الشرقية» بالحرف التراثية؛ منها صناعة الكليم والسجاد اليدوى بقريتى ميت زافر وكفر الحمام، ويعد الاهتمام بتلك الصناعة بهدف الحفاظ على التراث الشعبى، ولعل قاطنى هاتين القريتين كانوا يعتمدون على تلك الصناعة فى دخلهم اليومى مصدرا للرزق، إلا أن تلك الصناعة تأثرت بالحالة الاقتصادية وتراجع السياحة، فضلا عن وباء كورونا الذى اجتاح العالم وأربك حسابات البلدان، وقد أصبحت هذه الصناعة فى مرحلة حرجة ومن المهن المهددة بالانقراض.

وطالب القائمون عليها بضرورة الاهتمام بها وإحيائها من خلال توفير المواد والخامات، وطالبوا بإنشاء معارض أو البحث عن وسائل تسويقية لتزدهر وتعود لسابق عهدها.

حرفيون أثناء تصنيع السجاد

زارت «المصرى اليوم» قريتى ميت زافر وكفر الحمام، مركز ومدينة الزقازيق، بمحافظة الشرقية، اللتين تعدان ضمن أشهر القرى فى صناعة السجاد اليدوى، وكان يعتمد مئات من أهالى القرى على تلك الصناعة فى دخل الأسرة، حتى وصل عدد العاملين فى صناعة السجاد اليدوى إلى نحو ٣ آلاف عامل، إلا أنها تراجعت فى الآونة الأخيرة ليصل عدد المشتغلين بالمهنة إلى ١٠٠ عامل فقط، ما يهدد هذه الصناعة بالانقراض وتشريد عشرات الأسر، الذين حاولوا الحفاظ عليها من الاندثار.

يقول مصطفى كساب، أحد صناع السجاد اليدوى، إن قريتى ميت زافر وكفر الحمام كانتا ضمن أشهر قرى الشرقية، بل مصر بأكملها، فى صناعة السجاد اليدوى، لافتا إلى أنه يعمل فى تلك المهنة منذ أن كان فى الثالثة عشر من عمره حتى بلغ السابعة والخمسين، وأن هذه المهنة كانت تعتمد على الاستيراد والتصدير، وكانت تدر دخلا مناسبا لأهالى القريتين؛ خاصة السيدات، ويستخدم صانع السجاد اليدوى الصوف والحرير والقطن ونولا مصنوعا من الخشب، ليبدأ فى إنتاج أشكاله الهندسية المستوحاة من الحياة اليومية، التى تعبر عن البيئة؛ سواء زراعية أو بدوية أو ريفية؛ خاصة أن هذه المهنة تحتاج إلى كثير من المهارة والتوافق العضلى والعصبى.

حرفيون أثناء تصنيع السجاد

وأوضح أنه ورث المهنة عن آبائه وأجداده ويتقنها، لافتا إلى أنه كان عاملا صغيرا لدى أحد الصنايعية وبعد أن أتقنها أصبح (صنايعى وصاحب عمل) حتى أصبح صاحب مصنع كبير، وكان يعمل لديه ٨٠ صنايعيا، وكانت المهنة بمثابة مصدر رزق ثابت لعشرات من الأسر، بل مئات من أهالى القرية والقرى المجاورة، لافتا إلى أنه كان من بين العاملين طلاب جامعيون، كانوا يحرصون على الحضور للعمل مبكرا قبل التوجه إلى الكلية حتى يأتى ميعاد المحاضرة، وفور العودة من المحاضرات يعودون للعمل على النول مرة أخرى، لمساعدة أسرهم على أعباء الحياة وتوفير المصاريف الدراسية، مؤكدا أنه رغم أن هذه المهنة على وشك الانقراض إلا أنها كالدم يجرى فى العروق ولا يستطيع الابتعاد عنها، وقد سبق أن طالبه أبناؤه بتركها ليستريح من متاعبها إلا أنه رفض ويحرص على مواعيد عمله، وهناك عشرات الأسر يحافظون على تلك الصناعة التى تعد ضمن أقدم الحرف اليدوية وتتميز بقيمتها الفنية والمادية، مطالبا الجهات المعنية بضرورة الاهتمام بالمهنة والتأمين عليهم؛ كونهم فصيلا منسيا، وفق قوله.

حرفيون أثناء تصنيع السجاد

وقال يوسف كفافى، أحد العاملين فى المهنة، إنهم يستخدمون خيوط صوف السجاد (صوف غنم خالص)، يصنعه ويصبغه، أو خيوط الحرير، وهى الأغلى، ويتم رسم النموذج الخاص بالسجاد على ورق به مربعات صغيرة تحمل ألوانا ورسومات مختلفة، ويتم تعليق الرسومات أمام الصانع القائم بالغزل والنسج،

حتى تخرج السجادة بأشكالها المختلفة، لافتا إلى أن السجادة اليدوية تستغرق ثلاثة أشهر حسب عدد العاملين، حيث تعرف تلك الصناعة بقوتها ومتانتها، كونها لا تدخل فيها مواد بلاستيكية، مشيرا إلى أن هناك أنواعا للسجاد اليدوى؛ منها الحرير والكزاك وشيروان.

حرفيون أثناء تصنيع السجاد

وأضاف «كفافى» أنه تعلم المهنة فى الحادية عشر من عمره، وبدأ يتقنها بجانب دراسته ليساعد أسرته فى متطلبات الحياة، مؤكدا أن تلك الصناعة كانت ضمن أعرق الصناعات اليدوية، وظل أصحابها يحافظون عليها ويتمسكون بها ويصرون على توريثها لأبنائهم، إلى أن تأثرت إبان ثورة يناير بالحالة الاقتصادية والسياحة ومؤخرا أزمة كورونا حتى أصبحت المهنة على وشك الاندثار؛ نظرا لعدم وجود معارض، فضلا عن ركود حركة البيع والشراء بالأسواق، حيث كنا نسوق المنتجات لدى تجار القاهرة والمحافظات.. إلا أن التاجر، فى الوقت الحالى، تراجع عن شراء المنتج، ما يضطرنا إلى العمل بالطلب، وبعد أن كان يعمل على النول ٣ عمال أصبح هناك عامل واحد فقط، ولجأ عدد كبير من العاملين إلى العمل فى قيادة التوك توك وجمع الخردة، مطالبا المسؤولين بإعادة النظر لإحياء تلك الصناعة التراثية، كونها توفر فرص عمل لدى الشباب وتساهم فى زيادة الدخل القومى وعودة الروح للقائمين عليها وتحفيزهم على العمل.

وأكد الدكتور ممدوح غراب، محافظ الشرقية، حرص المحافظة على الاهتمام بالتراث الحضارى وحماية الأماكن التراثية بنطاق المحافظة، لما تمثله من قيمة ثقافية وتنويرية تبرز دور الحضارة المصرية، وكذا حرص المحافظة على إحياء صناعات الحرف اليدوية والتراثية وحمايتها من الاندثار عن طريق نقل المهارات الحرفية إلى الأجيال الشابة لضمان بقاء هذه الحرف والاستفادة منها.

وأضاف محافظ الشرقية أن الصناعات اليدوية إلـى جانب كونها مـن أجمل مظاهر التراث الحضارى بإبداعاتها المعبرة عن حياة الشعوب ونمط عيشها وأسلوب تفكيرها، كونها إرثا ثقافيا ومجالا للابتكار، فهى نشاط يساهم فى تحسين الدخل ورفع مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل وتعتبر مصدرا لتنمية الموارد الاقتصادية وأحد العوامل المهمة لإنعاش الحركة التجارية والسياحية بالمحافظة، لافتا إلى أن المحافظة تشتهر بالحرف التراثية؛ مثل صناعة ورق البردى بقرية القراموص بأبوكبير، والكليم والسجاد اليدوى بميت زافر وعرب البياضين فى بلبيس، والخزف والفخار بمنيا القمح، والعرائس الخشبية بالصالحية.

أهم أخبار كورونا

Comments

عاجل