المحتوى الرئيسى

الأقدم فى إفريقيا.. الكنيسة المرقسية بالإسكندرية.. هنا يرقد بطاركة مصر | المصري اليوم

09/16 18:56

مبنى ضخم عملاق يفاجئك بمجرد الدخول من البوابة الرئيسية المطلة على شارع الكنيسة بمنطقة الرمل وسط الإسكندرية، يتميز باحتوائه على عناصر معمارية وهندسية بالغة الدقة والبراعة وتصميم غاية فى الرقى ممزوج بالحداثة والحضارة على السواء، وإذا كنت تزور الإسكندرية لأول مرة فلن تطاوعك قدماك على مغادرة المدينة الساحلية من دون زيارتها، فتأبى إلا أن تزورها وتتفقد معالمها وأيقوناتها ومذابحها وجوانبها التى ستبهرك بمجرد أن تقع «مقلتاك» عليها.

وفد من «الأرثوذكسية اليونانية» يلتقي بطريرك الروم ويزور الكنيسة المرقسية بالإسكندرية

عضو «ملّي الإسكندرية»: أحداث «المرقسية» ضاعفت الإقبال على الصلوات بالكنائس

حيث تميمة لا تقاوم من جانب المسلمين والأقباط على السواء.. إنها كاتدرائية الأقباط الأرثودكس فى الإسكندرية، والتى تعد الكنيسة الأقدم فى مصر وإفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، فضلًا عن كونها تضم رأس القديس مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية، ومؤسس الكنيسة القبطية التى يتم تسميتها بـ«الكنيسة المرقسية» نسبة إلى اسمه.

«المصرى اليوم» أجرت جولة ميدانية داخل أقدم كنيسة فى مصر وإفريقيا والشرق الأوسط، للتعرف على معالمها ومزاراتها الدينية التى تحظى باهتمام ثقافى سياسى ودينى مصرى وعالمى كبير، ويأتى إليها السائحون والجاليات والسفراء والقناصل من كافة أرجاء البلاد، حيث اصطحب الجريدة خلال الجولة القمص إبرام إميل، وكيل البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فى الإسكندرية وراعى الكنيسة المرقسية الكبرى.

واستهلت الصحيفة جولتها بشرح من الوكيل البابوى، حيث يقول إنها أول كنيسة قبطية فى مصر وإفريقيا.. وبحسب التقليد القبطى المتوارث، فإنه يعتبر المكان الذى كانت فيه أول كنيسة أسسها القديس مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية، وهدمت وأعيد بناؤها عدة مرات على مر التاريخ، وأن المبنى الحالى للكنيسة يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1890 فى أواخر القرن التاسع عشر، والمدخل الرئيسى للكنيسة به 6 أعمدة «صب» من الرخام الأبيض، ومكانها الأصلى كان فى منتصف الكنيسة قبل إجراء التوسعات لها، مشيرا إلى أنه عندما أجريت أعمال توسعة لها فى عام 1990 تم نقل الأعمدة كما هى بنفس الشكل ووضعها فى المدخل الحالى مع افتتاح الكنيسة بالتوسعات الجديدة فى عام 1990 فى عهد وبيد البابا المتنيح شنودة الثالث.

بمجرد الدخول إلى الكنيسة، تقابلك 4 أيقونات من الموزاييك: واحدة فى الناحية الشمالية عند الدخول باسم القديس مارمرقس،وأخرى فى الناحية اليمنى باسم السيدة العذراء مريم، وفى خلفيتهما أيقونتان أخريان: واحدة باسم «القديس مارجرجس»، والأخرى باسم «الملاك ميخائيل»، فضلا عن المذبح الأوسط فى الكنيسة على اسم السيدة العذراء ومارمرقس، والبحرى باسم الملاك ميخائيل، والقبلى باسم الشهيد مارجرجس، وتمت تسمية الأيقونات والمذابح على أسمائهم.

وفى منتصف الكنيسة، تجد أيقونتين مهمتين، كما يقول الوكيل البابوى، هما أيقونة فى الأعلى باسم القديس إثناسيوس الرسول، وهو من أبرز بابوات كرسى مارمرقس فى الإسكندرية، والبابا رقم 20، ومعروف فى بيت كل مسيحى فى العالم، لأنه يعد إحدى العلامات المميزة فى الكنيسة، وهى مرسومة بطريقة الموزاييك من الحجر الطبيعى لتتناسب مع تاريخ وعراقة الكنيسة.. وفى مواجهتها أيقونة أخرى للبابا كيرلس عمود الدين رقم 24 فى تاريخ البابوات، وهو شخصية مشهورة جدا فى تاريخ المسيحية بشكل عام وليس فى مصر.. والجزء العلوى من الكنيسة توجد فيه كنيسة صغيرة على اسم القديس أنطونيوس، وهو أب الرهبنة فى المسيحية، مشيرا إلى أن الكنيسة فى مصر تقوم على عمودين هما: عمود الرهبنة وعمود الشهداء نسبة إلى القديس مارمينا وهو شهيد مصرى مشهور جدا.

ولو تقدمت عدة خطوات داخل الكنيسة، ستجد نفسك واقفًا عند حد نهاية الكنيسة القديمة، والجزء الخلفى تمت توسعته فى عهد البابا شنودة، حيث جرت الأعمال فى عام 1886 وافتتح فى ليلة عيد الغطاس فى عام 1990. واللافت أن الذى صمم الجزء القديم مهندس مصرى، والذى صمم الجزء الخلفى ابن ذات المهندس، وروعى فيها منتهى الدقة ليكون الجزءان متشابهين تمامًا حفاظًا على العراقة والتصميم القديم.

وفى أول الكنيسة يوجد مكان يتم صعوده بسلالم سواء خشبية أو رخامية، يسمى بـ«الانبل» أو المنبر، وهو موجود فقط فى الكنائس القديمة، وفائدته تكمن فى أنه حتى يصل صوت الواعظ للجميع يصعد إلى الأنبل ويعظ بصوت جهورى كى يسمعه الجميع، والأنبل يعتبر أثريًا، وأنشئ فى عام 1870 وكذا حامل الأيقونات، وتم إنشاؤها على الطراز البيزنطى اليونانى، خاصة أن الفن القبطى فى مصر مر بفترات ضعف، وتم إنشاء الكنيسة على النسق البيزنطى اليونانى، كما يوجد كرسى مارمرقس الرسول، وتم تصنيعه خصيصا مع بداية تجليس البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فضلا عن 3 مذابح أمامية.

وعلى الجانب الأيمن من الدخول فى منتصف الكنيسة، تطالعك لوحة رخامية ضخمة توثق أسماء البابوات المدفونين تحت أرضية الكنيسة، وذلك حسب التقليد القبطى، وعددهم 55 بطريركًا، مكتوبة أسماؤهم بـ 3 لغات العربية والإنجليزية واليونانية، وتبدأ القائمة بالقديس مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية، حيث يوجد رأس القديس مارمرقس ورفات البابوات تحت أرضية الكنيسة، وتزين اللوحة عبارة «ذكرى الصديق تدوم إلى الأبد».

واصطحب الوكيل البابوى، «المصرى اليوم»، إلى مزار القديس مارمرقس الذى يوجد أسفل الكنيسة، حيث تعلو المدخل الرئيسى للمزار لوحة فنية رسمها الفنان إيزاك فانوس، وهو فنان قبطى مشهور ومتنيح قام برسمها فى عام 1970، لتجسيد القديس مارمرقس، وتعمد أن يرسم القديس ببشرة سمراء، على أساس أنه من قارة إفريقيا- حسبما قال القمص إبرام- حيث يمسك فى يده الإنجيل، ثم تسير فى ممر ضيق إلى المزار ذاته فتقابلك لوحة بانورامية دائرية تحكى تاريخ القديس مارمرقس.

حيث تجده فى بداية اللوحة جالسا على كرسى، ثم يحضر حادثا فى الكتاب المقدس اسمه معجزة قانا والجليل، وفيها السيدة العذراء والمدعوون ثم يوجد فى اليوم قبل يوم صلب السيد المسيح أثناء القبض عليه، إلا أنه هرب أثناء محاولة الحراس القبض عليه، ثم مارمرقس مع العذراء فى العلية يوم حلول الروح القدس والتلاميذ والرسل، ثم القديس أثناء لقاء إنيانوس وهو رجل إسكافى يعمل فى تصليح الأحذية، وأخيرا مارمرقس وهو يرسم القديس إنيانوس.

وقال القمص إبرام إن الكنيسة تعتبر مزارا تاريخيا أثريا دينيا عالميا، يأتيه الجميع من كافة أنحاء الأرض قبل كورونا، حيث كانت تستقبل أفواجا سياحية يوميًا إلا أنه بعد الوباء انحسرت الأعداد نسبيا.. ومع عودة الحياة ستعود الزيارات من جديد للتعرف على تاريخ الكنيسة.

كما تحدث القمص إبرام عن مشروع الترميم والتطوير الذى تم تنفيذه فى الكنيسة، قائلًا إن المشروع يعد الأول لها منذ توسعة الكنيسة قبل نحو 30 عامًا، حيث قامت بالأعمال بعثة أثرية يونانية متخصصة فى هذا الفن، وشملت مشروع ترميم المبنى بالكامل من الداخل، وكان المشروع مكونا من مرحلتين: المرحلة الأولى شملت ترميم الأيقونات المقدسة والمقتنيات الأثرية والدكك الخشبية وأجهزة التكييف، كما شملت الأعمال حجاب الهيكل (حامل الأيقونات المقدسة) وأجهزة التكييف والهياكل والخشب ودكك المصلين ونظافة السقف والجدران وتغيير مدخل الكنيسة.

وأشار إلى أن أعمال التطوير ضمت إلى جانب حجاب الهيكل ترميم الأبواب والمنبر القديم وعشرات الأيقونات الأثرية القديمة والأعمدة الرخامية، موضحًا أن حامل الأيقونات معمول على الطراز البيزنطى، خاصة أن وقتها لم يكن الفن القبطى قويا، فتم إنشاؤه على الطراز البيزنطى اليونانى باعتباره الفن الشيك.

ولفت إلى أن المرحلة الثانية من المشروع تشمل تغيير جميع إضاءة الكنيسة من خلال تركيب نجف جديد، فضلًا عن تغيير الخشب من دكك وشبابيك مع الحفاظ على الطابع الأثرى اليونانى للمكان، خاصة أن الكنيسة تجمع بين أمرين: العبادة باعتباره مكان صلاة للأقباط، وكونه مزارا سياحيا وقبلة لكل الجاليات الأجنبية، لافتًا إلى أنه ستتم إعادة تصميم الفناء الخاص بالكنيسة بحيث يضم أماكن لخدمة السائحين، وعمل بورشورات وتذكارات دعاية تحكى تاريخ الكنيسة.

كما سيتم عمل بانوراما بصرية ومتحف ذكى بكل لغات العالم، حيث يتيح التطبيق لمستخدميه من الزوار الأجانب من مختلف أنحاء العالم عبر الهاتف المتحرك الاطلاع على ما تحتضنه الكنيسة من المعالم التاريخية والتحف النادرة والمنحوتات واللوحات الفنية، التى يتم عرضها باستخدام التقنيات الحديثة مثل: تقنية 360 درجة، وتقنية الواقع المعزز، فضلا عن تخصيص أماكن استراحات الزوار من السائحين أسوة بالمواقع الأثرية المفتوحة فى مصر.

أهم أخبار كورونا

Comments

عاجل