المحتوى الرئيسى

مصالح متبادلة تضمن العلاقة بين إسرائيل ومصر رغم الاختبارات

09/13 22:00

نشرت صحيفة جيروزاليم بوست مقالا للكاتبة كيرين سيتون، تقول فيه إن الجانبين المصرى والإسرائيلى لا يزالان يشهدان حالة من «السلام البارد». المخاوف الأمنية المشتركة والعلاقات الاقتصادية المتنامية لم تؤد بعد إلى «سلام دافئ»، فالعلاقة بين الشعبين المصرى والإسرائيلى سيئة للغاية... نعرض منه ما يلى.

عندما وقعت إسرائيل ومصر معاهدة سلام فى 1979، كان هناك أمل فى علاقات دافئة بين دولتين تشتركان فى ماضٍ دموى. لكن سرعان ما حلت خيبة الأمل محل هذا الحلم. وعلى الرغم من أن الحرب لم تعد خيارًا وقت توقيع الاتفاقية، لم تكن هناك صداقة وحب من الأساس بين الجانبين المصرى والإسرائيلى. فى الواقع، تعمل المصالح المشتركة على استمرار اتفاقية السلام، كما أن العلاقة مهمة بما يكفى لكلا الجانبين مما تدفعهما للحفاظ عليها. ومع ذلك، بعد أكثر من 40 عامًا، يبدو من غير المرجح أن تنشأ صداقة تتخطى هذه السياسة الواقعية.

بداية، العلاقة المصرية الإسرائيلية هى حجر الزاوية المهم فى السياسة الخارجية لكلا البلدين، وهى علاقة لا يسارع أى منهما إلى التخلى عنها على الرغم من التحديات العديدة التى واجهتها على مر السنين.

فى عام 1982، عندما عرّف وزير الخارجية المصرى آنذاك بطرس بطرس غالى السلام مع إسرائيل بأنه «بارد»، ربما لم يعتقد أن التوصيف سيستمر. ربما كان يعتقد، مثل كثيرين آخرين، أن الاتفاقية لن تستمر أيضًا. قال الدكتور أودى بالانجا، الخبير فى شئون مصر من قسم دراسات الشرق الأوسط بجامعة بار إيلان فى إسرائيل: «هذا سلام بين الأنظمة وليس بين الناس وهو قائم إلى حد كبير على المصالح الأمنية المتبادلة. ظلت هذه الأمور ثابتة على مر السنين، وكذلك الموقف تجاه السلام البارد».

يُستخدم مصطلح «السلام البارد» حتى الآن عام 2021، ولكن ثبت أنه إحدى العلاقات الأكثر استقرارًا فى الشرق الأوسط المضطرب بالفعل. فرئيس الوزراء نفتالى بينيت تلقى مؤخرًا دعوة لزيارة القاهرة واللقاء مع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الأسابيع المقبلة. ستكون هذه أول زيارة علنية لزعيم إسرائيلى منذ عقد وهى إشارة إلى قوة العلاقة، على الرغم من أنها تخضع للاختبار باستمرار.

قال بالانجا «هناك فجوة كبيرة بين العلاقات الأمنية والدفاعية الممتازة والعلاقات المدنية من جانب. وبين العلاقة على مستوى الشعوب، فهى سيئة للغاية».

بالنسبة لمصر، توفر إسرائيل بوابة إلى البيت الأبيض. بالنسبة لإسرائيل، فإن الحدود المستقرة مع مصر تتيح لها التركيز على التهديدات التى تواجهها على الحدود الأخرى. كما أن وجود حليف عربى قوى هو جزء مهم من سياسات الدولة اليهودية الخارجية والدفاعية. ومع الأخذ فى الاعتبار تقليص الولايات المتحدة لتدخلها فى الشرق الأوسط، يمكن التقريب بين إسرائيل ومصر فى محاولة لدرء الأعداء المشتركين. بسبب كل ما ذكر، ظل التعاون الأمنى والاستخباراتى ثابتًا ومثمرًا للغاية بين الدولتين.

ومع ذلك، لم تزدهر السياحة بين الجانبين، فبغض النظر عن كوفيدــ19، يستمتع مئات الآلاف من الإسرائيليين والإسرائيليات بزيارة المواقع التاريخية والشواطئ فى مصر كل عام، لكن لا يتوافد المصريون والمصريات على إسرائيل، فقط بضعة آلاف منهم يدخلون كسائحين وسائحات سنويًا وترجع قلة الأعداد إلى أن الإجراءات البيروقراطية المفروضة على المصريين والمصريات من أجل السفر إلى إسرائيل مرهقة ولكنها تشير فى نفس الوقت إلى تردد مستمر فى الحكومة المصرية تجاه مثل هذه العلاقات.

على الصعيد التجارى، زادت التجارة بين الدولتين بشكل تدريجى. عززت أربع مناطق صناعية مؤهلة (QIZs) مشتركة بين إسرائيل ومصر والولايات المتحدة التجارة بين مصر وإسرائيل. وتم توقيع اتفاقية الكويز عام 2004، بموجبها تصدر مصر منتجات معفاة من الرسوم الجمركية إلى الولايات المتحدة، هذه الصادرات مصنعة فى مصر وإسرائيل. جاء الاتفاق بعد سنوات عديدة من توقيع اتفاق السلام، وهو دليل على النضج التدريجى للعلاقات. كما تم توقيع اتفاق بين إسرائيل ومصر يسمح بنقل الغاز الطبيعى الإسرائيلى عبر مصر إلى أوروبا فى وقت سابق من هذا العام.

العلاقات التجارية بين البلدين صمدت أيضا فى وجه العديد من العواصف. ففى الوقت الذى تم فيه استدعاء السفراء عدة مرات بشكل متبادل إلى الوطن كاحتجاج، استمرت العلاقات الاقتصادية بدون تأثر.

قال الدكتور نمرود غورين، رئيس المعهد الإسرائيلى للسياسات الخارجية الإقليمية Mitvim: «فى السنوات الأخيرة، هناك المزيد والمزيد من العلاقات الاقتصادية بين الدولتين. كما أن هناك جوانب مدنية متزايدة للعلاقات. يبدو أن هناك قرارًا من الجانب المصرى بإمكانية رفع مستوى العلاقات وإبرازها بشكل أكبر».

على الجانب الآخر، العلاقة تتميز بتوتر مستمر بين شعبى الدولتين المصرية والإسرائيلية. ففى حين أن الحكومة والمؤسسة الدفاعية على كلا الجانبين تنجح فى الغالب فى العمل جنبًا إلى جنب رغم الضغوطات والاختبارات المتصاعدة، فإن تشابك المصالح هذا لا يهم الشعب المصرى أو الإسرائيلى وبالتأكيد لا يقربهما.

لسنوات، كانت إسرائيل معزولة فى العالم العربى. كان أول اتفاق سلام لها مع مصر ومعها جاء الكثير من الأمل. كانت هناك توقعات كبيرة لكن جاءت خيبة الأمل. يقول بالانجا: «لا توجد إرادة مصرية لخلق التطبيع. بالنسبة لإسرائيل كان هذا هو الهدف دائمًا، أرادت إسرائيل تعزيز العلاقات الثنائية على عدة مستويات وكان الهدف هو التطبيع».

لا يزال الإعلام المصرى ونظام التعليم ينتج وينشر الكثير من المحتويات المعادية لإسرائيل. كبار المفكرين وأشد منتقدى إسرائيل داخل مصر، وغالبًا ما ينشرون التحريض ونظريات المؤامرة حول الدولة اليهودية. ولاشك هذا له تأثير كبير على الرأى العام. لا يزال الشعب المصرى جيلا بعد جيل ينظر إلى إسرائيل كدولة معادية. يُنظر إلى إسرائيل على أنها دولة قوية جدًا فى المنطقة مما يجعلها تمثل تهديدا خطيرا.

الصراع الفلسطينى الإسرائيلى لطالما كان فى صميم الخلافات بين الدولتين. وترى مصر نفسها حامية للقضية الفلسطينية وتضعها فى صراع مع إسرائيل خاصة فى أوقات التصعيد فى الأراضى الفلسطينية. وفى مناسبات عديدة حدثت احتجاجات عنيفة أمام السفارة الإسرائيلية فى القاهرة. القضية الفلسطينية مهمة لكل من الرأى العام والحكومة فى مصر. هذا متجذر بعمق فى الطريقة التى ترى بها مصر نفسها فى المنطقة.

تلعب مصر دورًا حاسمًا فى أى تصعيد تقوم به إسرائيل ضد قطاع غزة الذى تسيطر عليه حماس، وغالبًا ما تتوسط بين الجانبين. كما تفرض مصر حصارًا على القطاع أيضا، على غرار الحصار الإسرائيلى. إن الحصار المصرى، وإن كان من أجل مصالحها الخاصة، هو دليل على اتفاق الجانبين المصرى والإسرائيلى بشأن خطورة سيطرة حماس على غزة.

التحسن الأخير فى العلاقة بين الجانبين المصرى والإسرائيلى هو نتيجة للتحولات الإقليمية. ربما تكون اتفاقيات أبراهام، التى مهدت الطريق للتطبيع بين إسرائيل وأربع دول عربية، قد أشارت لمصر بأنها تستطيع أيضًا المضى قدمًا فى العلاقة. وقد تمتد العلاقات الاقتصادية التى تم تعزيزها مؤخرًا وتؤدى إلى علاقات أفضل بين الشعوب.

يمكن أيضا لأى تقدم فى عملية السلام بين الجانب الإسرائيلى والجانب الفلسطينى أن يساعد مصر وإسرائيل على تعزيز العلاقات بينهما، ولكن مع استمرار الجمود، فإن هذا أمر مستبعد للغاية.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل