المحتوى الرئيسى

عمرو موسى يروي كواليس وإشكاليات «كتابيه- سنوات الجامعة العربية»

08/02 16:43

المعلم: موسى مؤلف متفاهم وجلسات الكتابة معه مُمتعة.. والمؤلف يرد: المعلم أقنعني بكتابة سيرتي الذاتية.. وناصر كان مضطرا لتناول الطعام السويسري

حاولنا احتواء خلافات دار فور كثيرا.. والبشير وحكومته أصروا على انفصال الجنوب

أدركت من سياسات واشنطن في 2002 أن آلة الحرب الأمريكية ماضية في طريقها نحو العراق

نقاشات مهمة وآراء ثرية وأفكار متنوعة وحديث حول الدبلوماسية والسياسة المصرية المعاصرة، شهدها اللقاء الذي دعا إليه رئيس مجلس إدارة مؤسسة الشروق المهندس إبراهيم المعلم، في فندق ماريوت، واستضاف خلاله الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، بحضور عدد من المثقفين والإعلاميين، منهم الكاتب الصحفي خالد أبو بكر محرر وموثق مسيرة عمرو موسى "كتابيه وسنوات الجامعة العربية" ، والدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والكاتب الصحفي سليمان جودة، والروائية رشا سمير، والكاتبة الصحفية داليا عاصم، ومقدم البرامج أحمد الغندور، وطاهر المعتز بالله الكاتب والمعد التلفزيوني.

الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، استهل حديثه معربًا عن سعادته باللقاء واختيار أن يكون الحديث عن حاضر ومستقبل مصر في واحد من أعرق فنادقها التاريخية، موضحًا أن إبراهيم المعلم، هو صاحب فكرة كتابة السيرة الذاتية، رغم أنه كان يرفضها لعلمه بالمشاق التي تلازم عملية الكتابة والصعوبات التي تترتب على ذلك خاصة مع آراءه حول الأداء الإيجابي أو السلبي لعدد من المسئولين العرب.

موسى قال إن المعلم أقنعه بالكتابة بعدما ذكر أسماء كبار السياسيين المفكرين والمثقفين ممن رحلوا دون أن يكتبوا شهادتهم على العصر، مردفا: "تحدث معي عن كثيرين كان يتوجب عليهم كتابة سيرتهم ودورهم في خدمة الوطن لكنهم ذهبوا دون أن يكتبوا حرفًا، وهو الأمر الذي أقنعي، خاصة أن دار الشروق قدمت عددا كبيرا من كتب السير والتراجم لكبار مفكري مصر من المجالات المختلفة، بالإضافة إلى أنه أغراني بمساعدة كاتب صحفي من أفضل وأنشط المحررين لديه، وبالفعل وجدت في خالد أبو بكر، شخصا صعيديا لطيفا وصبورا لديه مواقف واضحة وأداء الواجب عنده مهم جدًا، خاصة أني كنت أعيد قراءة وصياغة الكثير من المسائل ذات الحساسية أكثر من مرة، للدرجة التي كانت تشعرني بالحرج لمطالبته بإعادة تعديل ما".

إبراهيم المعلم، وصف وزير الخارجية المصري الأسبق بأنه" مؤلف متفاهم وجلسات الكتابة معه مُمتعة وتذخر بالمعلومات الهامة، لكنه مٌتعب في الوقت نفسه إزاء مراحل الكتابة والمراجعة وعمليات التنقيح والتدقيق للخروج بالنص بأفضل صورة، وهذا من شيم كبار الكٌتاب"، مضيفا أن الصورة النهائية لكتاب "سنوات الجامعة العربية" خرجت بعد أن تم إعادة كتابته للمرة السابعة.

وخلال حديثه، أوضح موسى أن الجزء الثالث من سيرته الذاتية "كتابيه" يبدأ من اليوم التالي لتركه الجامعة العربية وحتى اليوم الذي تولى فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، بما شملته تلك الفترة الساخنة من تغيير على كل المستويات "الدستور، الانتخابات، الأحزاب وغير ذلك من أحداث شغلت الرأي العام في مصر والعالم العربي والعالمي أيضًا" .

وحول ما أثير في وسائل الإعلام منسوبًا إلى ما ذُكر في "سنوات الجامعة العربية" من أن الرئيس جمال عبد الناصر كان يستورد طعاماً خاصاً له من الخارج، وتحديداً من سويسرا، قال: "لم يكن وراء ما كتب أية نية سيئة. ولا يمكن أن أقول ذلك متعمدًا الإساءة فأنا خير من يعلم أن استيراد هذه الأصناف كان علاج ما، وأن ناصر كان مضطرًا لتناول هذا الطعام الخاص بـالريجيم، بناءً على تعليمات الطبيب وحتى الورقة التي كنت اتسلمها كانت ورقة طبية، فمن أين كان يأتي بما طلبه الأطباء ومصر كانت تعاني وقتها نقص في الطعام والأدوية".

وأوضح أن ما كتبه جاء في سياق الحديث عن حكم عبدالناصر لمصر، وأن ما أثير عن الطعام كان مقصودًا لتحويل الانتباه عن قضية هزيمة 67، مؤكدًا أنها بداية التراجع المصري، وأن هناك أخطاء جسيمة حدثت عاشها وتبعاتها وآثارها أبناء جيله، مضيفًا: "أنا رأيى أننا سنتكلم عن الهزيمة اليوم أو غدًا أو بعده، وسواء كان هذا الجيل أو غيره، فلابد من التحقيق تاريخيًا فيما حدث واستيعاب الدروس منه، وضرورة الإصرار على أن لا تترك موضوعات الحرب والسلام في يد شخص واحد، وأن يسبقها قوانين ودساتير ورأي للشعب، قبل أن تقرر الدولة أى من هذا".

وتطرق موسى خلال حديثه عن ما حملته فصول الكتاب من دور جامعة الدول العربية إزاء قضايا بلدان الوطن العربي بدأها بالسودان، ووصفها بأنها كانت من أهم شواغله منذ بدء حياته الدبلوماسية، وأنها جزء أصيل من مستقبلنا، وكانت تستحق نظام حكم أفضل، مؤكدا أنه أخذ الجامعة إلى "دارفور"، وشبك بينها ووبين الاتحاد الإفريقي.

وتابع: "كنت مهتم بأن الجامعة العربية لا يصح أن تبعد عن القارة الإفريقية، ولذا كنا موجودين في دارفور وكردفان والجنوب وغيرها وحضرنا عدد من جلسات المفاوضات بين الشمال والجنوب، وحتى توقيع وثيقة الاستقلال، بعدما حاولنا احتواء الخلافات كثيرًا، لكن الرئيس السوداني السابق عمر البشير وحكومته والأحزاب السياسية والحركات الدينية أصروا على الانفصال، وهو أمر ضايقني كثيرًا ولكن ما حدث قد حدث".

وأشار إلى أن موقف جون قرنق والذي تطور من النضال لأجل انفصال الجنوب إلى الدعوة إلى" السودان الجديد" الجامع لكل الأعراق والديانات، ربما هو سبب اختفائه ثم نهايته بالطريقة التي لا تزال تطرح علامة استفهام حولها.

وفي سؤال حول التطبيع العربي مع إسرائيل، قال الأمين العام الأسبق للجامعة العربية: "أقرينا موضوع التطبيع في المبادرة العربية 2002، أنما في مقابل محدد وملزم لإسرائيل كالإنسحاب والعاصمة القدس واللاجئين وغير ذلك مقابل الموافقة على التطبيع والاعتراف الكلي والجماعي بها، لكن التطبيع المجاني لا يصح ولا يجوز إعطاء مزايا مجانية، بخاصة أن المبادرة العربية هي بما تمثله من موقف عربي موحد نصت على الاعتراف والتطبيع إذا التزم الطرف الآخر بما نصت عليه المبادرة".

وفيما يخص الحلول التي يراها عمرو موسى لحل القضية الفلسطينية في وقتنا الراهن، قال إن خطر الانقسام الفلسطيني على القضية أكثر من خطر إسرائيل مضيفًا:" مصيبة الاحتلال لا يقارنها إلا مصيبة الانقسام، وإسرائيل لا تستطيع تدمير القضية، ولدى الفلسطينين الكثير للقيام به، ولكن عليهم إيجاد حل جيد طبقًا لمنظور المبادرة العربية والالتزامات المتبادلة".

لبنان حسبما قال الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، كانت أول حالة تشارك فيها الجامعة العربية كلاعب أساسي، فهي لم تتدخل في خضم عمل داخلي في أي دولة، لكنها فعلتها هنا، وأضاف:" كنا موجودين في لبنان وتحدثنا مع كل الزعماء وقدمنا كافة الاقتراحات، والاجتماع الوحيد الذي تم بين الرئيس اللبناني ميشيل عون ورفيق الحريري داخل البرلمان كان بواسطة الجامعة وفي حضوري، بعد إقناعهما بالحل، وعقدنا عدة جلسات كتب محاضرها جبران باسيل وزير الخارجية اللبناني الأسبق، ورحب اللبنانيون بهذا الدور، والحقيقة أن قطر كان لها دور كبير للوصول إلى اتفاق الدوحة، بما تمتلكه من وسائل تفوق الجامعة العربية، لكن المشروعية والشرعية كانت لدى الجامعة العربية".

وأشار إلى دور مصر تجاه لبنان، وأنه دور تاريخي مستشهدًا بما فعله الزعيم مصطفى النحاس في التقارب بين جميع طوائفها للحفاظ على الهوية والوجه العروبي في لبنان المتعدد الثقافات.

دور الجامعة العربية وما دار من كواليس بشأن معضلة اليمن ورئيسه الراحل عبدالله صالح، كان ضمن النقاط التي حظت باهتمام كبير في حديث عمرو موسى، وكذلك العراق والغزو الأمريكي لها، ومن قبله تدخله ومحاولات وقف اندلاع الحرب، وتعاونه كأمين عام للجامعة مع الأمين العام للأمم المتحدة لوقف الضربة الأمريكية: "حاولت مع كوفي عنان وتجاوب معي، وأرسل معي رسالة تهدئة إلى الرئيس صدام حسين لحلحلة الموقف والتعاون مع هانز بليكس، ليتأكد أن العراق خالي من أسلحة الدمار الشامل".

وأردف: "لكن السياسات الأمريكية وتحركتها خلال 2002، ورغم الجهود التي بٌذلت لوقف شبح الحرب جعلتني أٌدرك أن آلة الحرب الأمريكية ماضية في طريقها نحو المسرح العراقي، وأن الغزو الأمريكاني قادم"، مشيرًا إلى الشكوك التي أحاطت بالمجلس الانتقالي بعد الحرب وكيفية سلخ العراق من العرب.

وأردف: "تفاهمت مع عدد من وزراء الخارجية العرب لضرورة استعادة العراق وأن يصبح كرسيها الفارغ بالجامعة من نصيب المجلس الانتقالي حتى أحافظ على وجودها".

النقاط التي أثارها الكاتب الصحفي سليمان جودة، شغلت جزءا كبيرا من حديث الأمين العام الأسبق، خاصة ما جاء حول الاستراتيجية التي تتبعها إسرائيل مع العرب كونها لا تتفاوض معهم مجتمعين بل بصورة فردية لتحقيق غايتها، وسعيها الحثيث للحصول على التطبيع مع العرب بشكل مجاني، وما حققته من نجاح على ذلك الصعيد مع الدول الأربعة، إضافة إلى مبادرة "رابطة الجوار العربي" التي يتبناها موسى منذ 2010، وهل يرى الدبلوماسي المُخضرم أن تطبيقها الآن في صالح العرب في ظل الأوضاع الراهنة من التقارب التركي لمصر، والاتفاقية الصينية الإيرانية؟.

وعن رابطة الجوار العربي، قال موسى إنه استلهم الفكرة من تجارب إقليمية نجحت في مناطق متفرقة من العالم، وأنه في حال كان تم الموافقة عليها لكانت ساعدت في حل الكثير من المشاكل الراهنة لما تخلقه الرابطة من تأثيرات إيجابية على كل المجالات بعد بناء علاقات تقوم على جملة من المصالح المتبادلة أو المشتركة في المجالات كافة، بالإضافة إلى أنها كانت ستمنح العالم العربي مركز ثقل إقليميًا وخلق تكتل قاري داعم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل