المحتوى الرئيسى

ما وراء الأزياء.. وترقب حذر | المصري اليوم

08/01 04:59

عقب بث احتفال افتتاح «أوليمبياد طوكيو»، دار سجال حول «الزى الرسمى للبعثة المصرية» وملابسها الرياضية. وفى واقع الأمر، لا يعنينا كثيرًا كيف تم اختيار الأزياء، وربما كان ذلك وظيفة أجهزة الدولة المعنية والإجراءات الروتينية المُتَّبعة فى مثل هذه الأحوال. ولكن لنا أن نناقش ما شهدناه. وما شاهدناه فى حفل الافتتاح هو ارتداء أعضاء بعثتنا بدلًا كلاسيكية، عادية جدًا. لا يوجد أى شىء يميزهم، ولا حتى «إكسسوار» يبوح أو يُلمح من بعيد إلى أن هؤلاء الرياضيين ينتمون إلى مصر.. لا شىء سوى العَلَم المصرى فى أياديهم- ذلك الذى يتشابه مع الكثير من أعلام دول أخرى- وأيضًا لا شىء فنيًا أو إبداعيًا مُميزًا يستوقف نظر المشاهد لهذا الزى. عجز خيال المصمم عن أن يستوحى من تراث بلدنا.. مصر، الحافل منذ قدم التاريخ بالصور والرموز البصرية الدالّة عليها بلا أدنى جهد ممن يشاهدها، والتى من اليسير استلهامها فى الأزياء وملحقاتها، وقَلَّ أن تجد فى العالم بلدًا يماثل بلدنا فى ثراء تراثه البصرى المميز، والموغل فى القدم، والمعروف فى كل أنحاء الأرض.

أما الشىء المُحزن حقًا فهو ما صرح به «الراعى الرسمى» لأزياء وملابس البعثة المصرية- وهو المغنى المصرى الشهير «تامر حسنى»ـ إذ يقول مخاطبًا أعضاء البعثة على صفحة تواصل اجتماعى بأن: «كل الشرف والفخر وأنتم أول مَن يرتدى أول خط أزياء إيطالى لى فى حياتى.. (ويذكر اسم المصمم المجهول!)»!!. ويتابع «تامر» بأنه اختار بنفسه: «الأقمشة والخامات من أعلى وأفضل الخامات الإيطالية»!!. أى فخر هذا حين تفخر بمنجزات غيرك فى محفل عالمى.. تصميم إيطالى وأقمشة إيطالية؟!. إن هذا لا يُعد فخرًا.. بل يُسمى بالبلدى «فشخرة» و«منظرة كدابة»، وهى للأسف قد أصبحت سلوكًا سائدًا فى سياقات عديدة. ولَكَم من رسائل سلبية تتضمنها هذه الاختيارات وتلك التصريحات. وإننا لا نلوم المغنى الشاب، بل يجب أن نشكره على حسن نواياه ونبل مقصده. ولكننا نتعجب من مرور ذلك مرور الكرام، بل بمباركة مَن هم يشغلون مواقع مهمة، هى سياسية بالضرورة، فللرعاية أصول وقواعد، والمسألة ليست مجرد توفير نفقات الزى والملابس. وإنما المسألة هى ألا يكون ذلك على حساب قيم ومبادئ وسياسات عامة للدولة الرشيدة وتوجهاتها. المسألة ليست انحيازًا وطنيًا أعمى- ونحن لسنا ضد الاستعانة بالخبرات أو الخامات الأجنبية التى لا تتوافر لدينا- ولكن.. ألَا يجب أن نسعى إلى تشجيع الصناعة المصرية.. ولو حتى على مستوى تصميم وصناعة الملابس؟!. ثم نتساءل: ترى ما التكلفة السياسية مقابل توفير ثمن أزياء وملابس أعضاء البعثة الرياضية بتلك الكيفية؟. إن ما نفرح بتوفيره اليوم ندفع مقابله أضعاف أضعافه غدًا، إذ يغيب الوعى بالمبادئ السياسية والاقتصادية والوطنية المستقرة. الوعى مطلوب، ولو بمقدار.

«الراعى الرسمى» ليس بالضرورة «فاعل خير»، كما أن رعايته نشاطًا أو فاعلية وطنية ليست إسهامًا مجانيًا، و«الرعاية» هى «دعاية» للراعى فى ذات الوقت.

منذ بضعة أشهر شاهدنا وشاهد العالم معنا احتفالية نقل المومياوات من متحف التحرير إلى المتحف الكبير، وكانت حدثًا عظيمًا بكل مكوناته، ومن بينها تصميم الأزياء، تلك التى أبدعتها ونفذتها عقول وأيادٍ مصرية، فهل كان من الصعب أن «نصمم» و«ننفذ» أزياء بعثتنا الرياضية لأوليمبياد طوكيو بإبداع مصرى مماثل؟، أم هى المجاملات؟، أم ماذا؟.

لقد كانت تونس يومًا ما- بفضل «الحبيب بورقيبة» وصحبه- هى أقرب الدول العربية ممارسة للعقلانية السياسية و«العلمانية»- والعياذ بالله- وعلى الرغم من ذلك، نجح «اللوبى الإخوانى العالمى» وفساد نظام «بن على» فى إحداث صدع فى أعمدة العلمانية التونسية. وحينما هبّت الجماهير التونسية ضد نظام الرئيس «بن على»، فر وغادر البلاد. وهنا ردد رجال إعلام «مبارك»: «مصر ليست مثل تونس». وكانوا على حق، ولكن.. من حيث لا يقصدون، فقد كان الوضع المصرى مختلفًا- من حيث تجذُّر فكر الإخوان والتيارات الإسلامية التسلطية الأخرى فى كافة مؤسسات المجتمع- فقد كان أسوأ من الوضع فى «تونس».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل