المحتوى الرئيسى

الألعاب الأولمبية: ماذا لو عاد الرياضيون إلى المنافسات عراة كما كانوا قديماً؟

07/29 08:23

تقول الأسطورة اليونانية القديمة أنه في عام 720 قبل الميلاد، كان هناك رياضي أولمبي يدعى أورسيبوس المنحدر من ميغارا، يتنافس في سباق 185 متراً. وعندما سقط المئزر الذي كان يلف به وسطه لم يبالِ بما حدث أو يتوقف ليخفي عورته بل استمر في السباق وفاز فيه. وظلت صورة أورسيبوس عالقة في الأذهان منذ ذلك الحين.

وأصبحت المنافسات الرياضية تجري عارية وغالباً ما كانت تجري بعد دهن الرياضيين أجسامهم بزيت الزيتون في اليونان، حيث كان يُنظر إلى هذه المنافسات على أنها قمة التكريم للإله زيوس.

تقول سارة بوند، أستاذة التاريخ في جامعة آيوا الأمريكية: "كانت الفكرة الشائعة أن الإحتفاء بأورسيبوس كان بسبب فوزه في المنافسة ولأنه ظل عارياً". وأضافت: "ثم أصبح تعري الإغريق وسيلة لكي يؤكدوا من خلالها يونانيتهم وتحضرهم".

وبحلول الوقت الذي تم فيه إحياء الألعاب الأولمبية الحديثة في عام 1896 كانت البيئة الثقافية قد تغيرت منذ فترة طويلة، ولم يفكر المنظمون حتى في إعادة التقليد اليوناني للمنافسة العارية.

وفي المنافسة الرياضية الحديثة، تلعب الملابس الآن أيضاً دوراً أساسياً في الأداء، حيث توفر الأحذية ثباتاً وقوة دفع لخطوات العداء، ويمكن أن تساعد أزياء السباحة أيضاً السباحين على الانزلاق في الماء بسهولة أكبر، كما أن الملابس الضيقة قد تقلل من مقاومة الرياح والماء.

ولكن، الألعاب الأولمبية التي تقام في طوكيو الآن تعِدُ غير عادية من نواح كثيرة، نظراً للقيود المفروضة بسبب كوفيد 19.

ولكن ماذا لو اتخذت الألعاب خطوة غير عادية من خلال إعادةإحياء التقليد الأصلي للأولمبياد أي التنافس عراة؟

في حين لا أحد يفكر بجدية في القيام بذلك، إلا أن الفكرة تثير أسئلة مثيرة للاهتمام حول الأداء الرياضي والأعراف الثقافية والتمييز على أساس الجنس وغيره.

الأمر أكثر من مجرد احتشام

بالنسبة للمبتدئين، فإن التنافس العاري قد يكون محرجاً للعديد من الرياضيين.

في حين أن المنافسين المعاصرين غالباً ما يمارسون رياضاتهم عراة تقريباً حيث يرتدون فقط أقمشة مرنة مشدودة على الجلد، على سبيل المثال بينما تخدم بعض قطع الملابس أغراضاً أساسية مهمة، كتثبيت ثديي المرأة والأعضاء التناسلية للرجال في مكانها.

يقول شون ديتون، مدير المشاريع الخاصة في مركز حماية المنسوجات والراحة في جامعة ولاية كارولينا الشمالية: " إن هذه الملابس مريحة لمن يرتديها".

من ناحية أخرى، فإن الدرجة التي تساهم بها الملابس في الأداء الرياضي (عدا عن الراحة ) أقل وضوحاً.

ووفقاً لأولغا تروينيكوف، أستاذة المواد الوظيفية والهندسة التي تركز على الإنسان في جامعة " RMIT " في ملبورن، يتوقف الأمر حقاً على الملابس ومدى ملاءمتها لجسم كل رياضي ونوع الرياضة.

وبشكل عام فإن الملابس تمنح شيئين للرياضيين، كما تقول ترونيكوف.

أولاً ، تجعل الجسم انسيابيا ما يسمح بتوجيه قوة العضلات بشكل أفضل إلى المهمة التي يقوم بها الرياضي. وعلى سبيل المثال، أحزمة رفع الأثقال والسبانديكس مفيدة في تثبيت عضلات المنافس لكي يتمكن من توجيه كل طاقته نحو العمل الذي يقوم به. وقد يتراجع الأداء في حال عدم ارتداء هذه الملابس.

ويمكن أيضاً أن تقلل الملابس شديدة الليونة، المقاومة التي يواجهها الجسم عند التحرك في الهواء أو الماء. وعلى سبيل المثال، بالإضافة إلى حلق أرجلهم، يمكن لسائقي الدراجات أيضاً الاستفادة من ارتداء ملابس ضيقة ذات مقاومة منخفضة جداً للهواء، مع وجود رقع خشنة موضوعة بشكل استراتيجي للحد من مقاومة الهواء الى اقصى درجة.

الأقمشة المصممة لأغراض فنية

ولكن، المثال الأكثر إقناعاً لمزايا الملابس الرياضية هي المستخدمة في مجال السباحة.

في الواقع، كادت الرياضة "أن تصبح منافسة في الهندسة وليس فقط في القدرات الرياضية لجسم الإنسان" ، كما تقول تروينيكوف.

وتصدرت هذه المسألة عناوين الصحف في عام 2008 عندما حطم السباحون المتنافسون في أولمبياد بكين، 25 رقماً قياسياً عالمياً، 23 منهم كانوا رياضيين يرتدون بدلة مصنوعة من قماش البولي يوريثين لكامل الجسم تسمى "LZR Racer".

ووفقاً لوكالة ناسا، التي ساعد علماؤها في تصميم LZR Racer ، قللت البدلة المتطورة من احتكاك الجلد بالماء بنسبة 24 في المئة، وضغطت أيضاً على جسم مرتديها لتقليل حجمه وبالتالي الإزاحة.

وفي عام 2010، قررت FINA ، وهي الهيئة الدولية المشرفة على السباحة، أن بذلة " LZR Racer" وشبيهاتها تمنح مرتديها ميزة غير عادلة.

ومنعت الهيئة الرياضيين من خوض المنافسات في أي بدلة تساعد السباح من حيث السرعة أو الطفو أو الأداء.

في الواقع ، هذا يعني، باستثناء الازاحة الإضافية الناجمة عن الثدي المتدلي أو الأعضاء التناسلية، فإن إقامة المنافسات الرياضية دون ارتداء أي ملابس، قد لا تؤثر على أداء السباحين بشكل كبير.

وتقول تروينيكوف إنه فيما يتعلق بالرياضات الصيفية الأخرى، فإن المساهمة الإجمالية للملابس من ناحية الزمن أو تحقيق نتائج أفضل، أمر مشكوك فيه.

"ثمة الكثير من المزاعم بأنها تفعل ذا وذاك، ولكن في الحقيقة ليس هناك ما يدعم هذه المزاعم".

الملابس الضاغطة، على سبيل المثال، مصممة لتغيير طريقة تدفق الدم عبر الجسم من أجل تحسين امتصاص الأكسجين.

في الواقع ، تتساوى نسبة مؤيدي ومعارضي تحسن الأداء في حال ارتداء الرياضيين هذه الملابس.

تقول تروينيكوف: "هناك بعض الأبحاث، لكن نتائجها ليست قطعية وحاسمة".

مسألة الأحذية مختلفة، فهي ليست فقط لتحسين الأداء بل لضمان السلامة أيضاً.

الأحذية المناسبة التي توفر دعماً لباطن القدم والكعب وخاصية امتصاص الصدمة للاعبي كرة القدم تساعدهم في الجري والقفز والانعطاف السريع بشكل كبير . كما تقلل هذه الأحذية من تأثير الصدمة على الأطراف السفلية والعظام والأربطة والعضلات.

تقول باميلا مكولي، وهي مهندسة صناعية في كلية ويلسون للمنسوجات في جامعة ولاية كارولينا الشمالية: "تتحمل القدمان كل وزن الجسم، لذلك من الضروري أن يكون هناك دعم ممتاز للقدم لحمل الجسم ككل".

تتطلب بعض الرياضات أحذية أكثر تخصصاً. فالرياضيون الذين يتنافسون في مسابقات الزوارق الشراعية على سبيل المثال، يعتمدون على أحذيتهم لتلافي الانزلاق والمساعدة على استقرارهم عند التعلق بجانب القارب. وهذا يقلل من احتمال وقوع حوادث خطيرة إلى جانب تعزيز الأداء أيضاً.

وأخيراً تقول مكولي: "إذا كانوا يريدون العودة إلى ممارسة الألعاب الأولمبية عراةً، فلا بأس ولكن ليحتفظوا بالحذاء على الأقل".

قد يختار بعض الرياضيين، إذا واجهوا العري الإلزامي، الانسحاب من الألعاب الأولمبية احتجاجاً على القرار، وقد تحظر أيضاً بعض الدول المحافظة رياضيها من المشاركة كلياً في المسابقات.

تقول روث باركان، الأستاذة الفخرية المشاركة في دراسات الجندر في جامعة سيدني، ومؤلفة كتاب " Nudity: A Cultural Anatomy": "بالنسبة للثقافات التي تلعب فيها الأخلاق والحياء دوراً كبيراً، لن يكون هذا خياراً وارداً".

ستكون هناك أيضاً أسئلة قانونية وأخلاقية جدية تُطرح إذا طُلب من الرياضيين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، التنافس عراة.

في حين شارك رياضيون لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً في الألعاب الأولمبية اليونانية القديمة، نظراً للطبيعة الدينية للألعاب، كما يقول بوند، فإن النشاط الجنسي أو إضفاء طابع جنسي على المنافسات من قبل الرياضيين كان محظوراً تماماً وكان موضع استياء شديد، لكن اليوم الحال مختلف تماماً.

تقول سارا بوند: "كان للعري في الألعاب الأولمبية القديمة معنى مختلف، أما في يومنا هذا، سيصبح بطبيعة الحال شيئاً جنسياً وإباحياً جداً، وهذا بدوره سيعرضالمتنافس للاحباط والاستخفاف".

عراة على شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي

جرت العادة عند اليونانيين القدماء أن يشاهد الألعاب الأولمبية النخبة من الذكور فقط، الذين ينتمون إلى نفس الخلفية الثقافية والدينية (ولم يُسمح إلا لعدد قليل من النساء غير المتزوجات بالحضور).

أما في يومنا هذا، يتم بث هذه الألعاب ليشاهدها الملايين حول العالم.

في حين قد تحظر الدول المحافظة بث الأولمبياد على المحطات التلفزيونية، لكن في الأماكن الأكثر ليبرالية، فإن "الشركات الإعلامية ستتنافس لبثها بحماس شديد"، كما يقول باركان.

من ناحية أخرى، ستكون ردود فعل المشاهدين متباينة للغاية. يقول باركان: "في الوقت الذي سيرى قسم من الناس أن هذا شيء فني وراق ورائع، سيكون هناك من يرى أنه شيء مثير للاشمئزاز".

وستضمن مواقع التواصل الاجتماعي نشر مجموعة كاملة من الآراء على نطاق واسع، مما يؤثر بالتأكيد على أداء الرياضيين الذين يتم التدقيق في أجسادهم وتقييمها كأفضل جسم أو أسوأه.

الرياضيونالمتحررون قد يعجبهم لفت الانتباه على عكس المحافظين. ويقول باركان: "ستكون لديهم أجسام مثالية وسيتباهون بها".

ولكن حتى أكثر المنافسين ثقة بالنفس قد يجدون في تركيز الآخرين إهتمامهم على أجسادهم شيئاً صعباً، "إنهم لا يتحكمون فيما تقوله وسائل الإعلام والجرائد الشعبية عن أجسادهم".

ويتابع باركان: "سيواجه المتحولون جنسياً والرياضيات بلا شك احكاماً وتعليقات أكثر من الرياضيين الذكور".

هناك سوابق كثيرة مماثلة حدثت عبر التاريخ، فعلى سبيل المثال، عندما خلعت براندي تشاستين قميصها بعد تسجيلها الهدف الحاسم في كأس العالم للسيدات في عام 1999، خلقت صور لاعبة كرة القدم وهي ترتدي حمالة صدرها الرياضية، ضجة إعلامية على مستوى العالم، على الرغم من مشاهدة الرياضيين الذكور بلا قمصان مراراً وتكراراً.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل