«الاغتصاب الزوجي».. كيف واجهت التشريعات العربية والأجنبية القضية المؤلمة؟ - صوت الأمة

«الاغتصاب الزوجي».. كيف واجهت التشريعات العربية والأجنبية القضية المؤلمة؟ - صوت الأمة

منذ ما يقرب من 3 سنوات

«الاغتصاب الزوجي».. كيف واجهت التشريعات العربية والأجنبية القضية المؤلمة؟ - صوت الأمة

قضية "الاغتصاب الزوجي" مصطلح تردد كثيرا في وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة بين مطالبات بتجريمه واستنكار لمفهومه من الأساس، والمطالبة بإقرار تشريع يعاقب على الجريمة.  \nوترى بعض النساء أن ممارسة العلاقة الزوجية دون موافقة "أي بالإكراه"،  نوع من جرائم العنف الأسري المستحدث، وعلى الرغم من جدية الموضوع إلا أنه لم يخل من السخرية لتسليط المزيد من الضوء على القضية، إذ تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي نموذجاَ ساخراَ لا يمت للحقيقة بشئ اسموه طلب علاقة بين الزوجين، عبارة عن تعهد من الزوج بإقامة العلاقة الحميمية بناء على شروط تحمي كرامة الطرفين وتمنع الإيذاء بينهما. \nتعد قضية الاغتصاب الزوجي إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في "الاغتصاب الزوجي"، ولكن هذه المرة ليست في مصر فقط ولكن في التشريعات العربية والأوربية، وكيف تصدت تلك التشريعات لمثل ذلك الجرم المستحدث في العديد من التشريعات والعقوبات المقررة له؟ وذلك في الوقت الذي يعرف فيه "الاغتصاب الزوجي" بأنه هو الجماع الذي يتم بدون موافقة أحد الزوجين، ومن خلال هذا التعريف يمكن الوقوف على بعض النقاط الهامة والجوهرية ومن ثم تجريم الفعل قانونا أو اقتصاره عند حد الظاهرة المجتمعية التي يختلف وصفها من آراء لأخرى – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض محمد ميزار. \nفي البداية - وقبل التطرق للحديث في هذا الملف الشائك والمثير للجدل في هذه الفترة في مصر بل وفي معظم الدول العربية، وتعالي الأصوات المطالبة بضرورة وضع إطار تشريعي يجرم ذلك الأمر مستندين إلى تقارير الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية من ضرورة تجريم كافة اشكال العنف وبكل صورة ومجاراة مستحدثات العصر نحو تمكين المرأة والمساواة بالرجل وما بين أصوات تري آن الأمر بالغ الصعوبة في آلية تطبيقه وطرق إثباته وعادات وتقاليد المجتمعات العربية والاسلامية والتي قد لا تفصح كثير ممن يتعرضن للاغتصاب من غير زوج عن تعرضها لمثل هذا الجرم، وأصوات تري أن هذا الأمر هو نوع من العبث كون إن العلاقة الزوجية لها سبب مشروع وهو عقد الزواج ,\nوينبغي إن نقف على تعريف مبسط لمفهوم "الاغتصاب الزوجي" لدي مؤيدوه، فيمكن تعريفه بأنه هو الجماع الذي يتم بدون موافقة أحد الزوجين واعتبار أن نقص الموافقة كاف ليتم اعتباره اغتصاب حتى ولو لم يتم استخدام العنف وهو بمثابة شكل من أشكال العنف المنزلي والاعتداء الجنسي، ومن خلال هذا التعريف كان علينا أن نتعمق في تشريعات بعض الدول العربية وقوانينها للبحث عن نصوص تجرم ذلك الفعل مقارنة بالدول الغربية، والبحث في تاريخ هذه الظاهرة ومدي ارتباطها بتقارير منظمة الصحة العالمية وتوصيات الأمم المتحدة والبداية من مصر.  \nقانون العقوبات المصرى لم يذكر هذا المسمى ولم يشتمل عليه صراحة برغم تناوله جريمة الاغتصاب في عمومها المطلق فى نص المادة 267 على أن من واقع أنثي بغير رضاها يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد، والملاحظ أن هذا النص قد جاء عاما مشتملا علي كلمة أنثي ولم يتم عليه استثناء على غرار العديد من التشريعات العربية التي أوردت استثناء علي هذا النص أن من واقع انثي غير زوجه أو من أكره غير زوجته، وهذا الأمر بمفهومه قد يجعل الاغتصاب الزوجي مدرجا بقانون العقوبات المصري دون حاجة لنص خاص لأن صراحة نص المادة وردت علي لفظ أنثي ولم يحدد عما اذا كانت زوجه أو غير زوجته، وبرغم تناول العديد من النصوص الجنائية في قانون العقوبات المصري للعنف الأسري الا آنه جاء خاليا من نصوص صريحه قاطعة الدلالة علي تجريم مفهوم الاغتصاب الزوجي.  \nلا وجود لنص قانوني يجرم الاغتصاب الزوجي علي الرغم من تجريم الاغتصاب بصفه عامه في الفصل 486 من القانون الجنائي المغربي، ويعاقب بالسجن من 5 الي 10 سنوات مواقعة رجل لأمرأه بدون رضاها، وينص الفصل 485 علي أن كل رجل هتك عرض أمرأه بالعنف يعاقب بالسجن من 5 الي 10 سنوات، وهو أيضا جاء خاليًا من استثناء من تربطهم العلاقة الزوجية.\nوفي واقعة هي الأقرب في تكييفها للاغتصاب الزوجي، أدانت محكمة في مدينة طنجة شمال المغرب عام 2019 متهما بالاغتصاب الزوجي، واعتمدت الزوجة صاحبة الدعوى على وثائق تعرضها للاغتصاب من قبل زوجها مقدمه شهادة تثبت تعرضها لتمزق مهبلي، وأشار الحكم الي هتك العرض بالقوة.  \nلا يوجد أى تجريم صريح للاغتصاب الزوجي بل اكتفى المشرع بتجريم الاغتصاب بشكل عام بالفصل 227 من المجلة الجزائية، وكذلك ما ورد بالفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية والتى تنص على ضرورة قيام كل من الزوج والزوجة بالواجبات الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادات بما في ذلك الواجبات الجنسية، وهذا النص لم يشتمل علي الشرح المفصل للواجبات الجنسية والتي تؤخذ علي اطلاقاتها، وأعتبر القانونيين في تونس أنه لا يمكن الجمع بين صفتي الزوج والمغتصب.\nوفي ضوء توجيهات مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، وما نصت عليه المادة 236 مكرر أ ، قد يؤدي بنا إلي استخلاص أمكانية تطبيق حكم نصها علي حالة الاغتصاب الزوجي متي نتج عنه ألم شديد جسدي كان أو عقلي، كما أخذ البعض من توسع شرح هذه المادة، مما مفاده أن تعاليم الإسلام ترفض إهانة المرأة، وأي تعدي عليها أو إيذاء مادي وتحرص أحكامه دائمًا علي مبادئ راقيه فى معاملة المرأة.\nكما أن الجزائر قدمت لمجلس حقوق الانسان تقريرًا كتابيًا تضمن تفسيرها السيادي لحكم المادة 236 من قانون العقوبات فتري أن إيلاج جنسي مصحوبا بعنف مادي أو معنوي تتعرض له أمرأه يشكل عناصر لجريمة الاغتصاب الزوجي، وفي 2012 تم التأكيد على آنه وبالرغم من عدم ورود تعريف للاغتصاب الزوجي، فإن المحاكم تعتبر كل فعل جنسي يرافقه عنف جسدي أو نفسي تتعرض له أنثي على أنه جناية هتك عرض، ويمكن تطبيق هذا على الاغتصاب الزوجي، لأن المسألة في فقه القانون لا تستثني اغتصاب الزوج لزوجته وكل ما أشتمل عليه قانون العقوبات الجزائري حاليا هو إقرار عقوبات رادعة لوضع حد للعنف ضد المرأة حيث تصل العقوبة الي السجن المؤبد. \nقانون العقوبات الأردني في مادته 292 رقم 9 في بند الاغتصاب نصت على أن كل من واقع أنثي غير زوجته بغير رضاها سواء بالإكراه أو بالتهديد آو بالحيلة أو الخداع عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن 10 وكل شخص أقدم علي اغتصاب فتاة لم تتم الخامسة عشر من عمرها يعاقب بالإعدام.\nويري القانونيون بالأردن أن هذا النص لا ينسجم مع المادة الثانية من الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف والتي تنص علي أن العنف ضد المرأة يشمل علي سبيل المثال لا علي سبيل الحصر العنف البدني الجنسي الذي يحدث في إطار الأسرة، بما في ذلك الضرب والتعدي الجنسي علي اطفال الأسرة واغتصاب الزوجة وختان الأناث وغيرها من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة والعنف غير الزوجي والعنف المرتبط بالاستغلال، كما تم الأستناد الي تقرير صادر من منظمة الصحة العالمية حول العنف المنزلي عام 2005 أن العنف الجنسي بوصفه احد التصرفات التالية أكراه المرأة علي إقامة علاقة جنسية معها تحت التهديد إكراهها علي القيام بممارسة جنسية تعتبرها معينة أو محبطه لقيمتها.  \nفلا يتم تجريم الاغتصاب الزوجي علي وجه التحديد وجريمة الاغتصاب في القانون لا تشمل اغتصاب الزوج حيث إن مفاد نص المادة 489 من قانون العقوبات رقم 148 لسنة 1949 إن الاغتصاب باستثناء الزوجة وتكون العقوبة الإعدام، علي من أكره غير زوجته بالعنف أو بالتهديد علي الجماع عوقب بالأشغال الشاقة 15 سنه علي الأقل ولا تنقص العقوبة عن إحدى وعشرون سنة اذا كان المعتدي عليه لم يتم الخامسة عشر من عمره.\nيحظر العنف الاسري ضد النساء في الأسرة سواء كان مرتكبه الزوج أو أي عضو أخر بالأسرة، ويخضع هذا العنف للقانون رقم 17 لسنة 2015 الخاص بالحماية من العنف الاسري ولم يرد نص خاص صريح يجرم مفهوم الاغتصاب الزوجي.  \nالاغتصاب الزوجي في التشريع الإماراتي\nعقوبته في المادة 670 قد نصت علي الاغتصاب بمفهومه العام: "كل من واقع أنثي مواقعه غير مشروعه دون رضاها باستعمال القوة أو بالتهديد أو بإيقاع الأذى الجسماني البليغ أو واقعها وهي في حالة غيبوبة أو هي عاجزة عن المقاومة أو كانت لم تكمل الخامسة عشره عاما". \nكان لها السبق في عام 2014 بإصدار قانون للقضاء علي العنف الأسري شمل نص في مسودته الأولي علي نص يتعامل مع الاغتصاب الزوجي إلا إن بعض القادة الدينيين المسلمين والمسيحيين أدانوا هذا النص ومن ثم تم حذف المادة، ولم يتحقق لهذا النص أن يري النور.\n تم تجريم الاغتصاب الزوجي في عدد من الدول الغربية، عُرفت بـ"جريمة الاغتصاب الزوجي" وبعقوبة لا تختلف عن الاغتصاب من قبل رجل غريب.\nفى عام 2010 صدر قانون يسمح لقاض شئون الأسرة بإن يصدر علي وجه الاستعجال أمرًا بحماية الزوجة بالأبعاد المكاني للزوج المعتد علي زوجته في ثلاث جنح من ضمنها الاغتصاب الزوجي. \nوفي الولايات المتحدة الاميركية وبالتحديد عام 1993 شرعت 50 ولاية قوانين ضد الاغتصاب الزوجي مساوية بالاغتصاب من غير الزوج في بعض الولايات، والاغتصاب الزوجي مطروح بالمجتمعات الغربية منذ بدايات القرن 19 بعد مطالب الحركة النسوية علي حقوق النساء بالتحكم بأجسادهن، وتحكمها بمعدل انجابها وبدأت العديد من الناشطات في الحركة النسوية بالوقوف ضد حق الرجل المزعوم في ممارسة الجنس قسريا مع زوجته ومن بينهم إليزابيث كادي ستانتون.\nوتتلخص في عبء الإثبات وكيفية جمع الأدلة وعناصر الاثبات حتى وأن تحقق الركن المادي في الواقعة وثبت من خلال تقارير طبية أن العلاقة قد اشتملت على بعض العنف الجنسي، فإن هناك إشكالية متعلقة بالركن المعنوي، وتحتاج قصد جنائي خاص كون أن الفعل المراد تجريمه هي استثناءً من مباح وهو عقد الزواج والتي لا جريمة وفقا لمجريات الأمور العادية وإن كنت أري أن نص الاغتصاب في القانون المصري متسع، وقد يكون هناك اتهام لاغتصاب زوجي من خلاله دون حاجة لنص تشريعي له، لأن النص اشتمل على أن من واقع انثي بغير رضاها.\nوترك النص ليشمل كل انثي ولم يحدد كما ورد في بعض التشريعات العربية بشأن الاغتصاب بذكر اللفظ صراحة من واقع أنثي غير زوجته، وأن كان البعض سيري أن ما قصده المشرع هو تلك العلاقة المحرمة والتي تستوجب العقوبة، وهذا يقودنا إلى الاغتصاب الزوجي في عقد زواج صحيح، فلو كان النص ما يقصده مبني على طبية الارتباط فما الداعي لتجريمه فقد كان لدولة لبنان السبق آن أصدرت قانون القضاء علي العنف الآسري شمل النص في مسودته الأولي علي نص يتعامل مع الاغتصاب الزوجي إلا أن بعض القادة الدينيين المسلمين والمسيحيين أدانوا هذا النص ومن ثم تم حذف هذه المادة، ولم يكتب لأول دولة عربية إن تجرم الاغتصاب الزوجي في قوانينها.\nنص المادة 267من قانون العقوبات المصري قد يدرج الاغتصاب الزوجي دون حاجة لنص تشريعي خاص، ذلك لأن النص جاء بكلمة أنثي في العموم المطلق في حين أن معظم التشريعات العربية في مادة الاغتصاب ذكرت: "من أكره انثي غير زوجته ومن واقع انثي غير زوجته"، وتلك النصوص اغلقت الباب أمام هذا الامر وذاك الاجتهاد، وقد يري البعض إن الشارع قد تطرق للعلاقة المحرمة، وأن المعاشرة في الزواج حق مباح للزوجين، فلو كان المشرع قد قصد ذلك لأغلق النص بعبارة غير زوجته، ولو قصد العلاقات المحرمة فإن تجريم ذلك الفعل ضمن إطار المباح والمشروع لن يكون له محل من الاعراب جنائيا، والطلاق للضرر أو الخلع هو السبيل الوحيد. \nوفى الحقيقة خلت التشريعات العربية من نصوص تجرم ممارسة الزوج للعلاقة الزوجية مع زوجته حتى لو كان الأمر بدون رضاء الزوجة وعدم موافقتها وتناول القانون النصوص الصريحة واضحة الدلالة على مفهوم ومعنى الاغتصاب خارج حدود الزواج، وأفرد لذلك عقوبات تصل للإعدام عن مواقعة أنثى بدون رضاها واغتصاب قاصر أو طفل، وهنا تتحقق الجريمة عند ثبوت عدم الرضاء وحال وقوعها على قاصر، أما فيما يتعلق بالمنظور المطروح لموضوع "الاغتصاب الزوجي" والقائم على أساس عدم موافقة الزوجة وعدم رضاها وهذا الأمر من الأمور المستترة والقائمة على الخفاء ولا يمكن إثباته بسهولة، فهنا سيفتح الباب على مصراعيه أمام العديد من الأمور المتعلقة بالتعسف والكيدية والانتقام والتي قد يكون مبناها على خلاف هذا الأمر، ولو دخل هذا الأمر دائرة التجريم سيكون هناك تبعات كثيرة وأهمها فيما يتعلق بعبء الإثبات، وكذلك بمنطق الاستدلال القضائي فيما يتعلق بشهود الإثبات أو حتى في كيفية إجراء التحريات التي تعزز أدلة الاتهام من عدمه.\nليس بالضرورة كل ظاهرة اجتماعية ينجم عنها عدم توافق أو خلل أن يكون هناك نص تشريعي يجرمها، فمثلا وحال صدور تشريع يجرم ذلك الأمر "الاغتصاب الزوجي" سيكون كل الأزواج عند كل علاقة مع زوجاتهم مهددين بأن يكونوا محل اتهام بالاغتصاب وسيكون من حق الزوج مطالبة زوجته بإقرار كتابي بالموافقة والرضاء التام على العلاقة في هذا الوقت وبهذا التاريخ. 

الخبر من المصدر