المحتوى الرئيسى

افتح نوافذ للاستغراق عملاً! | المصري اليوم

06/19 09:00

فى خمسينيات هذا القرن، كانت بعض أسماء النساء المصريات مشهورة عند عامة الناس، مثل أمينة السعيد وسيزا نبراوى ونوال عامر وراوية عطية، كانت شهرة عن إنجاز وعطاء مبذول أقرب إلى مرتبة الاستغراق!.

حين تفتحت زهور المجتمع وحصلت المرأة على حقها فى العمل، استطاعت أسماء كثيرة أن تحقق شهرة، مثل ليلى تكلا وتهانى الجبالى ومنى مكرم عبيد وأخريات، لكن زمان السيسى كان ذروة العطاء للمرأة، حيث حصلت على التمكن بما فيه مناصب القضاء، وربما كنا كشرقيين نرفض أن تكون «امرأة» وزيرة للدفاع، كما بعض الدول الأوروبية. والثابت أن المرأة قادرة على إثبات وجودها بنسبة قد تتعادل مع الرجل وقد تفوقه أحيانًا!. وكانت القيادة السياسية بعيدة النظر حين اختارت عددًا من الوزيرات فى حكومة مدبولى، وقد أثبتن كفاءةً شهد بها المجتمع، حتى إن وزيرة مصرية «د. غادة والى» قد اختيرت لمنصب دولى. وأطباء النفس يعتقدون - بالأدلة العلمية - أن المرأة أكثر احتمالًا لساعات العمل الطويلة، وأكثر احتمالًا للإرهاق، وأكثر احتمالًا على الانكفاء على الكمبيوتر!.

■ واحدة من الحكايات تتصل بالدكتورة هبة جمال، وهى وكيلة كلية فى جامعة سعودية خاصة، وأيضًا لديها مسؤولية العمل الأكاديمى للكلية، فضلًا عن التدريس فى الكلية لعلوم الاتصال. سمعتْ د. هبة خادمتها تقول لصديقتها: الغدا ع السفرة زمانه سقع والست يا عين قلبى مكفية على اللاب توب ساعات ورا ساعات، وكل ما أنبهها تشاورلى: حاضر!.

هذا النموذج المخلص فى الأداء لدرجة كبيرة قد لا يستطيع رجل القيام بنفس الأداء، ولكن الجامعة السعودية اختبرت د. هبة وأعطتها هذه المسؤولية «بنات شطار». هن جيل محمد بن سلمان، وجه السعودية المطور والمتطور.

■ نموذج هبة جمال فى مصريات مسؤولات عن مهام كبيرة، مثل وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية د. هالة السعيد وإنجازها، طفرة بالمراكز الخدمية المتنقلة تحت إطار «حياة كريمة»، وهى التى تراجع معدلات النمو أو التضخم فى الأداء الاقتصادى المصرى.

ويبدو أن النجاح يصاحب الناجح فى مطلع حياته، مثلًا د. هبة جمال سعودية إعلامية، عرفها المجتمع العربى مذيعة محاورة ناجحة وجميلة من أصول جمعت بين جمال الأصول التركية ورصانة الأصول السعودية!.

* ود. هالة السعيد كانت «عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية»، وكانت من أنجح العميدات، وتصدر علمها وشخصيتها الواجهة فى المجتمع، وهى ابنة وزير فى زمان عبدالناصر «حلمى السعيد»، وعندما اختيرت وزيرة كنت أقول: «حان وقت تطبيق النظريات»!. وأنا لا أدرى كم ساعة تعمل د. هالة السعيد، لكنى أعرف أن لها مهام عائلية تأخذ نصف وقتها، إن لم يكن أقل! لكن «النموذج السعودى» وهو د. هبة جمال وصلت فى العمل إلى مرحلة «الاستغراق»!. ورغم أن هبة لها شواغلها الاجتماعية الأسرية، فإنها «مستغرقة» فى أداء مهامها On Line فى زمن الفيروس عابر القارات، لكن صديقتها تشكو من حالة «الاستغراق»، التى يوصف بها أداء هبة جمال!.

■ قد يلجأ الإنسان فى مرحلة ما إلى ما يسمى «مرحلة الاستغراق عملًا»، مثلما حدث لى عندما كنت أقدم «حديث المدينة» ولى جهدى الصحفى فى نفس الوقت، عشت الاستغراق فترة، ثم اكتشفت أن الاستغراق يغلق نوافذ الحياة، الحياة العامة والحياة الخاصة!. الاستغراق يجعل صاحبته «تقاطع» لقاءات الصداقة، الاستغراق ينسيك الرياضة والمشى، يجعلك منكفئًا فوق اللاب توب ساعات طويلة دون أن تحرك قدميك، وقد تشكو عضلات الظهر من هذا الانكفاء!، فجأة يجرى العمر ويشعر المستغرق أن «الاستغراق» منع دخول «الهواء النقى» إلى العقل، فيهاجمه فيروس الاضطراب فى التفكير، لأن الصحيح من الأفكار «مخنوق» بين الضلوع ومعتقل بسبب الاستغراق!.

■ الاستغراق يحتاج «راحة» ذهنية وبدنية. كان كيسنجر، داهية السياسة الأمريكية، ينتهز عرض فيلم كوميدى، ويقتطع وقتًا من مهامه السياسية ويراه. وكان له صديق «بحار» يقوم معه برحلات بحرية ولا ينطق بكلمة فى السياسة!.

■ ينصح أطباء النفس المستغرقين والمستغرقات بتغيير النشاط الذهنى، فلا تمارس لعبة الشطرنج لأنها فى النهاية «تعتمد على التركيز الذهنى» وليس غير ممارسة صداقة حقيقية حميمية هى بمثابة نافذة للهواء الصحى وممارسة الحياة الطبيعية، للغداء موعد، وللنوم موعد، ولا تأجيل لموعد على حساب آخر..!.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل