المحتوى الرئيسى

شريف دسوقى: توقعت فقدان قدمى لأنها «شقيت سنين»

06/15 20:26

ابن الإسكندرية الأصيل، تربَّت على يديه أجيال من نجوم المسرح، عاند أهله من أجل التمثيل، ليقدم عدداً من المسرحيات المهمة والأفلام القصيرة، وبعد حصوله على جائزة أحسن ممثل عن دوره فى فيلم «ليل خارجى» بمهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الـ40، انفتحت أبواب الشهرة والنجومية أمام عم سباعى «سبعبع»، الذى بات لقب الفنان شريف دسوقى بعد نجاحه بمسلسل «بـ100 وش» مع المخرجة كاملة أبوذكرى، إلا أن حياته انقلبت رأساً على عقب بعدما تعرَّض لإصابة بقدمه أدت إلى البتر، حتى تدخل رئيس الجمهورية الرئيس عبدالفتاح السيسى ليتكفل بعلاجه كاملاً.

ويتحدث شريف دسوقى، لـ«الوطن»، فى أول حوار له بعد جراحة قدمه، عن كواليس العملية، ومساندة الفنانة بدرية طلبة له فى أزمته الأخيرة، ويكشف لأول مرة عن تعاطيه لمخدر الحشيش قبل اتخاذه قراراً نهائياً بالإقلاع عنه، كما يوضح تفاصيل أعماله الفنية خلال الأيام المقبلة بعد تركيب الطرف الصناعى، وأكد مجدداً اعتزاله مهنة التمثيل عام 2025.. وإلى نص الحوار:

بداية، حدثنا عن تطورات حالتك الصحية.

- أنا بخير، ولكنى مُصر على توثيق كل ما تعرضت له عبر عمل درامى، وهذه الخطوة ليس الغرض منها كتابة سيرتى الذاتية وما إلى ذلك، ولكن الهدف هو إبراز كل القيم الروحانية التى خرجت بها من هذه القصة، فقد تعرضت لآلام شديدة الصعوبة، فى الوقت الذى لا أملك أى خبرات فى التعامل معها، وأضع نفسى أمام الجملة التى يرفض الناس ترديدها أمامى، لأنها باتت حقيقة حدثت بالفعل وهى أننى «أعيش بدون قدم»، فأنا أتعامل حالياً مع شريف دسوقى الجديد، ولكنه شخص صامد أمام قضاء الله، ومع ذلك سألت نفسى سؤالاً مفاده: «ماذا لو كان الله خلقنى بدون قدمين؟»، وهذه الجزئية تناقشت فيها مع أحد المشايخ الذين أثق فيهم، لأن الحزن سيظل موجوداً فى القلب رغم رضائى التام بما حدث، ولكن ستظل الفترة الراهنة هى الأصعب فى حياتى، إلا أن الله سبحانه وتعالى وضع جنوداً فى طريقى ساعدونى على المرور من تلك الأزمة، منهم أخصائى التمريض محمود سمير، والدكتور شلتوت، الأخصائى النفسى بالمستشفى الذى أعالج به.

تواصلك مع هذا الشيخ كان قبل الجراحة أم بعدها؟

- منذ علمى أننى بصدد اتخاذ قرار صعب «ما خاب من استشار»، وأنا أعيش فى الدنيا بمفردى منذ 40 عاماً، وأستطيع أن أتعايش مع أى أمور حياتية مهما كانت، ولكن عند قرار بتر قدمى كان لا بد من أخذ النصيحة ممن يفوقونى خبرة فى الدنيا، وهنا أتذكر المرة الأولى التى ذهبت فيها إلى منزلى بمنطقة عابدين بعد العملية، حيث دار أمامى مشهد صعب تحمُّله ويفوق الوصف، مفاده أننى معتاد على الجرى فى الشقة والقيام بترتيبات البيت «لو فيه غسيل أنشره، ولو فيه مواعين أغسلها»، ولكنى وجدت نفسى فجأة جالساً فى الصالة مُقيَّداً ولا أستطيع الحركة، فشعرت وكأننى بمثابة 4 أشقاء فقدت أحدهم، وأصبحت أقول لنفسى باستمرار: «إحنا بقينا 3 يا شريف».

كيف اكتشفت إصابة قدمك قبل تدهور حالتك؟

- القصة بدأت وقت تصويرى لمسلسل «القاهرة كابول»، الذى كنت أقدم فيه دوراً مهماً، وصورت يوماً كاملاً منه قبل إصابتى بخربوش بسيط فى قصبة قدمى اليسرى، وبعدها أصبت بدوار شديد وفقدان للوعى فى اليوم التالى مباشرة، وتزامن ذلك مع تصويرى لفيلم «وقفة رجالة» مع المنتج أحمد الجناينى، حيث جرى نقلى حينها رفقة مساعد إنتاج المسلسل إلى المستشفى، وتركنى بمفردى، ولم أجد بجوارى حينها سوى «الجناينى»، وفوجئت بإبلاغى بنبأ إصابتى بمرض السكر من الأطباء، ولم أكن أعلم هذه المعلومة فى أى أوقات سابقة، ومن هنا بدأ الجرح يتزايد حجمه ليتحول من نقطة صغيرة إلى جرح عرضه 5 سم وارتفاعه 11 سم، وزاد الوضع سوءاً مع تشخيص حالتى طبياً بشكل خاطئ لمدة 6 أشهر، فمنهم من ادعى إصابتى بالقدم السكرى، وآخرون قالوا سرطان جلدى، حيث استخدمت كل الوصفات الشعبية المتاحة ولكن دون جدوى.

معنى كلامك أنك لم تعان من أعراض السكر فى أوقات سابقة.

- على الإطلاق، فقد علمت أننى مريض سكر مع ازدياد حجم الجرح وألمه، وهنا أتذكر قول أحد الأطباء معى منذ فترة حينما اتجهت للكشف فى حملة «100 مليون صحة» للقضاء على فيروس التهاب الكبد الوبائى: «السكر وراثة، ووالدك ووالدتك مصابين بالسكر، خلى بالك»، ولكنى لم أضع الأمر فى بالى، وانشغلت بالتصوير فى أكثر من عمل فنى حتى حدثت واقعة مسلسل «القاهرة كابول».

متى شعرت بتدهور حالة قدمك؟

- عندما نظرت إليها، فكل الأطباء والاستشاريين بمجرد اطلاعهم على الجرح كانوا يفزعون من شكله، ولكنى كنت أعلم أن البتر سيكون مصير قدمى، وذلك من فرط التعب والإجهاد الذى تعرضت له منذ الطفولة، فلقد عملت بمهنة شهدت وضع قدمى فى الماء لمدة 15 عاماً، فهذا اسمه «شقا وسعى على الذات»، وبالتالى من الطبيعى أن يأتى وقت وتعجز قدمى عن الحركة، وذهبت إلى المستشفى وأنا أمام قرارين هما الترقيع أو البتر.

من ساندك ووقف بجوارك فى الفترة التى سبقت العملية وما بعدها؟

- كل المحيطين بى كانوا يحاولون وضع مخدر بالعصير من أجل دخولى للعمليات، إلى أن جاء يوم كنت فى مسرح بدرية طلبة، فقالت لى: «أنا زعلانة عشان انت مش عايز تروح للدكتور»، قلت لها: «لا، عايز أروح»، وبالفعل ذهبنا للمستشفى وبدأت الفحوصات والتحاليل، وكانت بجوارى وتطمئننى طوال الوقت، ثم ذهبت بعد يومين لإجراء العملية، وقد كان، بدرية طلبة خطفتنى فى لحظة واحدة، ووجدت نفسى أمام غرفة العمليات.

حدثنا عن اللحظة التى اكتشفت فيها أن قدمك قد بُترت؟

- عندما كنت فى مرحلة الإفاقة من البنج، سمعت الأطباء يقولون: «مين هيقول له إن رجله اتقطعت»، فعلمت ما حدث لى، وحركت يدى من تحت الغطاء وقلت: «الحمد لله قطعوا حتة صغيرة»، وأول شىء فكرت فيه حينها أننى أريد الوضوء والصلاة وشكر الله سبحانه وتعالى، لأننى لست طمعاناً فى الدنيا، ولا أريد أن أتنافس مع أى شخص على أى شىء، فأنا مخزِّن بكاءً يكفى العالم، ولكن ليس لبتر قدمى، وإنما لاكتشافى أشخاصاً خذلونى فى الحياة، فبتر قدمى ليس إصابة لشريف دسوقى، ولكنه استشفاء وتعافٍ من أشخاص كنت مجبراً عليهم، كانوا يلقون علىَّ باستمرار اللوم، فيقولون تارة: «ده كان مريض نفسى من 20 عاماً»، وتارة أخرى: «كان بيدرب الشباب ويزعق ويشتم».

من له مصلحة فى إطلاق شائعات عنك حسبما يتضح من كلامك؟

- لا أستطيع قول اسم بعينه، ولكن الإجابة تظهر عندما يتم نشر منشورات إيجابية عنى، ونجد فى وسط حالة الحب تعليقاً يقول: «خلاص يا جماعة هو أول واحد يشيلوا له رجله»، أكاد أجزم أنه لا يوجد أب أو أم سلَّمنى ابنه إلا وسلَّمته لهم نجماً فى الشىء الذى يحبه، وأشخاص كثيرة فى الإسكندرية والمحافظات الأخرى كانوا يقولون: «إلا شريف دسوقى»، ولكنى أتساءل: «لماذا وضعونى فى رأسهم خلال هذه الفترة؟»، وأجد تحقيقاً مكتوباً عنى بعنوان «حملة ممنهجة لهدم شريف دسوقى»، لماذا كل هذا الكره لى؟!

هل شعرت أن أعداءك ظهروا بصورة واضحة بعد حصولك على جائزة أفضل ممثل بمهرجان القاهرة السينمائى بدورته الـ40؟

- بالتأكيد، وأحياناً كان هناك أشخاص يقولون لى ذلك وجهاً لوجه: «جت معاك بالحظ.. أصحابك سقفوا لك، ورينا هتكمل إزاى»، رغم أنه لا أحد كان يعرفنى فى ليلة عرض فيلم «ليل خارجى» فى مهرجان القاهرة السينمائى بدورته الـ40، ولكن كان لى أصحاب فى الوسط الفنى، وعندما يشاهدوننى يبعدون وجوههم فى جهة أخرى، نجوم كبار ولكن «مكسوفين يقولوا إنهم اتربوا عند عم دسوقى».

هل تتفق مع قول المخرجة كاملة أبوذكرى بأن الحسد هو الذى أوصل شريف دسوقى لهذه الحالة؟

- الحسد مذكور فى القرآن، ولكنى لا أعتقد أنه هو الذى أصابنى بالبتر، ولكن السبب الحقيقى يكمن فى الحقد والغل الموجود بقلوب البشر، ولكن سأظل أقول وأردد أنه لم يكن حلمى الفوز بجائزة فى مهرجان القاهرة الذى فتح الطريق أمامى، ولم يخطر فى بالى تلك اللحظة مدى حياتى، ولم أحلم بها، ولكن الله سبحانه وتعالى أرسل لى تلك الجائزة تعويضاً عن المشاجرات التى كانت تحدث معى فى المسرح، فأعطانى جائزة فى السينما، فأنا حتى اللحظة الأخيرة قبل إعلان النتائج، كنت أشعر أن الجائزة سوف تتغير، ولكن قدرة الله فاقت كل شىء، فكان كرم الله وفضله كبيراً علىَّ، فقد تسلَّمت الجائزة بالمسرح الكبير، وفى اليوم التالى كرَّمونى فى المغرب، والصحافة أخبرتنى أن دكتور أشرف زكى منحنى عضوية نقابة المهن التمثيلية، ومن بعدها توالت النجاحات، ولكن العين فلقت الحجر.

أعلنت اعتزامك اعتزال التمثيل عام 2025 قبل العملية.. فهل تغير قرارك حالياً؟

- هذا قرار لا يمكن الرجوع فيه، فالفنانات من جيل الستينات والسبعينات اعتزلن التمثيل فى تلك الفئة العمرية، منهن شادية، شويكار، نجاة الصغيرة وعفاف راضى، لأن الوسط الفنى يخذل النجوم الكبار، لذلك كرَّموا مشوارهم الفنى بالاعتزال.

وما الأعمال التى تخطط لتقديمها خلال الـ4 أعوام المقبلة؟

- سوف أؤكد فكرة المسرح الجديد كحكاء، ولن أخوض تجربة المسلسلات بعد الجزء الثانى من مسلسل «بـ100 وش»، وهو قرار لن أتراجع عنه لأسباب عدة، منها تأخر السيارة التى كان يرسلها الإنتاج لى، ثم أفاجأ أنها سيارة إكسسوارات، كما كنت أحظى بمعاملة غير محببة لى، فضلاً عن انتظارى لوجبة الإفطار فى رمضان كأى شخص، بالإضافة إلى عدم دفع مستحقاتى المالية كاملة، فهذا كله شىء مهين لشخص كان يُدرب جيلاً جديداً على التمثيل، ويُقدم أرخص ورشة تمثيل بسعر 300 جنيه للفرد الواحد، وكل ما حصلته جرَّاء ذلك شباب تنادى باسمى مدى الحياة.

- «قهوة سبعبع»، فسوف أقدم للناس «شاى وقهوة» على «سبرتاية»، فتلك المهنة أمتهنها منذ أن كنت فى الصف الثانى الابتدائى، وسأقضى المتبقى من عمرى فى هذا المشروع.

كيف استقبلت قرار رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى بالتكفل بعلاجى؟

- أشكر الرئيس عبدالفتاح السيسى على دعمه لى خلال الفترة الأخيرة، كما أشكر الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التى قامت بدور كبير فى دعمى وساهمت فى التكفل بعلاجى، وأحلم بأن أحصل على جائزة، وعلم مصر يُرفع من خلفى على موسيقى السلام الجمهورى، وهذه الخطوة اقتربت بشدة.

ما الذى تغير فى شخصيتك بعد العملية؟

- أشياء كثيرة على المستوى العضوى منها السجائر، فطعمها تغير فى فمى، ومنعت السكر نهائياً، أما على المستوى النفسى، فأنا شخص أهوى المخاطرة حتى بعد بتر قدمى، فأتحرك بمفردى كنوع من الاعتماد على النفس والتعود على الوضع الجديد، كما كنت أتعاطى مخدر الحشيش وبكميات كبيرة، ولكن اليوم أحتفل باليوم الخامس والعشرين دون أن أضعه فى فمى، علماً بأننى وصلنى منه مؤخراً، ولكنى ألقيته، وندمت على كل الوقت الذى أضعته فى شرب هذا الحشيش.. «ولو رجعت للحشيش تانى يبقى أمى عزيزة ماجابتش راجل».

هل تسبب إدمانك لمخدر الحشيش فى عدم تأسيسك لحياة أسرية ناجحة؟

- بالعكس، فالخط الأسرى غير مكتمل عندى منذ فترة، فأنا شخص متغير الحال، ولكن لدى نجلى «آدم» فى 3 ثانوى، يلعب على آلة الكونترباص، ويريد دخول الوسط الفنى حالياً، والتقديم فى معهد الفنون المسرحية، ولا أستطيع أن أمنعه من ذلك.

لكن والدك رفض دخولك الوسط الفنى، هل ترى أنه كان يتمتع ببُعد نظر؟

- بكل تأكيد، فكانت له نظرة حقيقية، ولكننى لن أستطيع أن أمنع نجلى من دخول المجال؛ لأننى لا أعلم الغيب.

دائماً ما تحلف باسم والدتك «عزيزة».. فكيف كانت العلاقة بينكما؟

- «عزيزة» كانت أحن وأفضل إنسانة فى الكون، فهى كانت بجهلها وعفويتها وعصبيتها مسئولة عن أشياء كثيرة، وشعرت أنها كانت لها رؤية وبصيرة غير طبيعية، وكانت باستمرار تذهب للموالد وتصلى مهما كان عدد الساعات دون توقف، وكنت أذهب معها، وقبل دخولها فى غيبوبة بـ3 أيام قالت لى: «ربنا يحبب فيك جميع خلقه»، ومنذ أيام تحدث معى الدكتور أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، وسألنى: «انت فيه إيه بينك وبين ربنا؟»، فقلت له: «دعوة عزيزة»، فدعوتها تنجينى فى الوقت الحالى والمقبل، وأعجبتنى فكرة دكتورة كانت تطلب أن يُكتب المولود فى البطاقة الشخصية باسم الوالدة وليس الوالد.

هل انتهت الأزمة بينك وبين المنتج جمال العدل بعد إعلانك عن عدم حصولك على مستحقاتك المادية المتأخرة عن «بـ100 وش»؟

- تحدث معى بالفعل، وقال لى «انت ابننا»، وأخبرنى أنه سيرسل لى أموالى، ولكن لم يحدث ذلك إلى الآن.

وما موقفك من المشاركة فى الجزء الثانى من فيلم «وقفة رجالة»؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل