المحتوى الرئيسى

أصيب بشلل في حادثة بيوم زفافه.. فألهم العالم بلسانه

06/15 14:16

لم يكن محمد عليوة يعلم أنه حين ذهب مع زوجته بعد عقد القران لمكان، سيخسر فيه كل شيء في لحظة فارقة تغير حياته وتمنعه من الحركة بشكل طبيعي، لكنه كان يملك من العزيمة والإصرار ما يستطيع به تجاوز هذه المحنة.

كان محمد عليوة شخصا عاديا، قرر الذهاب مع زوجته بعد عقد قرانه بأيام قليلة لمقهى يقع على شاطئ البحر في مدينة بورسعيد الساحلية، وقرر القفز من فوق المقهى إلى الماء، لكنه لم يكن يعلم أن الوقت كان وقت الجذر وانحسار المياه، ليسقط على رأسه ويصاب بشلل رباعي منعه من الحركة.

لكن بعد الحادث الأليم، تمكن الرجل من التحول إلى شخص يقدم محتوى تحفيزيا يساعد الناس ويلهمهم على كيفية الصبر على المصائب وتجاوزها.

يقول عليوة لموقع "سكاي نيوز عربية": "كنت سليما وأتحرك بشكل طبيعي، وأصبحت معاقا إعاقة حركية بعد إصابتي بالشلل الرباعي الذي يحتاج للاعتماد على الكل، وقد استغرقت وقتا ومراحل كثيرة مررت بها لأعتاد على الواقع الجديد. كان دعم أهلي مهما جدا، خاصة أخي إسلام الذي يصغرني بعام ونصف العام، الذي أصبح مركز دائرتي وأعتمد عليه في حياتي بعد الحادث".

ويضيف: "حصلت على مؤهل متوسط ثم عقدت قراني على ابنة خالي، وخرجت معها في 8 يونيو 2012 لقضاء يوم مع أهلي، وكان هناك مقهى معروف بوجوده داخل الشاطئ، وهناك صعدت لأعلى المقهى وقفزت باتجاه المياه في الأسفل، لكني لم أكن أعلم أن المياه قد انحسرت بسبب الجذر، لأصطدم بالقاع بمقدمة رأسي وأصاب بالشلل الرباعي مباشرة، مع حدوث كسر في الفقرات السادسة والسابعة، إضافة إلى كسر في الحبل الشوكي المسؤول عن نقل الإشارات في الجسم".

ويتابع: "بدأت أحاول الصمود تحت الماء حتى انقطع نفسي وانسابت المياه إلى داخل جسدي، لكن شخصا سحبني إلى خارج المياه، وحملني بمساعدة شخص آخر، وحينما تركاني لأسير سقطت على الأرض لأوقن أني قد أصبت بالشلل، وأصبت بصدمة شديدة بسبب عدم قدرتي على الحركة".

ويردف عليوة بالقول: "بدأت بعد ذلك رحلة علاج في غاية الصعوبة، أجريت خلالها سلسلة من العمليات الجراحية وصلت إلى 8"، موضحا أنه خضع لعملية رئيسية بعد الحادث، وباقي العمليات كانت خاصة بالأعراض الجانبية.

وعقب العمليات، اضطر عليوة للخضوع للتدريب لتعلم التأقلم مع الواقع الجديد، فيما يتعلق بكيفية الجلوس وتناول الطعام.

وفي هذا الصدد يقول" "كان أصعب ما واجهته هو قرحات الفراش، التي استدعت إجراء جراحات لعلاجها وترقيعها، إضافة إلى حالات ضيق التنفس التي كانت تنتابني".

وعن علاقته بزوجته بعد الحادث، يقول: "قررت ترك الخيار لزوجتي في البقاء معي أو الطلاق، فأكدت في البداية أنها ستتحمل وتصبر، لكنها بعد مدة لم تستطع تحمل حالتي المرضية فطلبت الطلاق وقمت بتطليقها داخل المستشفى بحضور المأذون، ولا أستطيع لومها كثيرا لأن حالات الطلاق شائعة جدا مع إصابات الحبل الشوكي والشلل، لأن الكثيرين لا يستطيعون تحمل عناء مساعدة شخص لا يستطيع تحريك معظم أجزاء جسده ".

ويبين: "عدت للمنزل بعد رحلة علاج طويلة وقد خسرت مالي وصحتي وزوجتي.. ومع شعوري بالحزن والملل بسبب عدم قدرتي على الحركة لم يكن أمامي سوى مشاهدة التلفزيون وانتظار عودة أخي للحديث معي، وفي يوم من الأيام خلال مشاهدتي للتلفاز نام أخي فحاولت استخدام جهاز التحكم عن بعد "الريموت" بلساني وكنت سعيدا جدا بسبب نجاحي في التبديل بين القنوات".

وكان زواج إسلام الأخ الأصغر لعليوة بمثابة "نقطة تحول" في حياته، فقد كانت زوجته تتبادل معه الحديث، وقد أنجب طفلة تدعى إيمي كان يمضي الوقت معها.

وفي يوم من الأيام، عرضت زوجة أخيه عليه محاولة استخدام الهاتف المحمول الخاص بها بلسانه، وعندما نجح في ذلك، بدأ يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، ثم اشترى هاتفا محمولا، وابتكر طريقة للإمساك به واستعماله، وبدأ في نشر المنشورات عليه.

ويتابع عليوة: "كانت منشوراتي في البداية قصيرة خاصة باهتماماتي، وعندما كتبت قصتي لاقت إعجابا كبيرا من متابعي على الفيسبوك، ولاحظت أن الأمر كان تحفيزيا جدا وملهما بالنسبة لهم، واكتشفت أني قد أثرت في شباب كثيرين، منهم شاب قرر الانتحار وتراجع بعد معرفة قصتي".

ويستطرد: "ثم حصلت على وظيفة مدير صفحة على موقع فيسبوك، وتواكب ذلك مع كتابتي لمنشورات تحفيزية تلهم الناس من قصتي، وكنت أخصص جزءا من يومي للبحث عن معاني الكلمات والمصطلحات وجمع المعلومات، مما جعل عندي حصيلة معلوماتية جيدة تفيدني في حياتي وأستطيع إفادة الناس بها".

وبعدها، قرر عليوة التوجه إلى موقع يوتيوب، لتقديم محتوى خاص به. وعن هذا يوضح: "قررت أن أعمل (يوتيوبر) وأن أقدم محتوى من خلاله، لذا تعلمت عمل المونتاج ووضع المؤثرات الصوتية والبصرية، حيث أقوم باستعمال برامج المونتاج التي تكون على الهاتف المحمول، فأصبحت أحسن المقاطع التي أصورها".

ويشير الرجل إلى أنه كان يصور مقاطع الفيديو من سريره، ثم القيام بعملية المونتاج التي تستغرق قرابة 21 ساعة من العمل، وتحظى بمتابعة عدد لا بأس به من الجمهور.

وبعد هذه الرحلة الطويلة مع المرض والعلاج، قرر عليوة العودة لموقع الحادث في بورسعيد والنزول للمياه في نفس مكان وقوع الحادث منذ 9 سنوات، وهو أمر استغرق منه تفكيرا لمدة 3 سنوات، حتى قرر في النهاية التغلب على خوفه وإثبات قدرته وإرادته.

وبالفعل، دخل إلى المياه في نفس مكان وقوع الحادث الذي غير حياته للأبد، ليثبت قدرته على تخطي الأمر وتحويل آلامه لطاقة تحفيزية تلهم الناس وتبعث فيهم الأمل.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل