المحتوى الرئيسى

«نانسى» وأخواتها | المصري اليوم

06/13 02:57

فى الأسبوع الماضى، اختُتمت فى مصر بطولة عالمية للجمباز الفنى للرجال والنساء شارك فيها 300 لاعب ولاعبة يمثلون 16 دولة من مختلف دول العالم، وحضر البطولة رئيس الاتحاد الدولى للجمباز. هذا وقد حقق اللاعبون واللاعبات المصريون إنجازًا غير مسبوق، وذلك بحصولهم على أربع ميداليات عالمية، لأول مرة، إذ حصلت «نانسى طمان» على ذهبية جهاز «حصان القفز»، وحصل «على زهران» على ذهبية «جهاز الحلق»، بينما حاز الميدالية البرونزية كل من اللاعبتين «زينة إبراهيم» فى جهاز «عارضة المتوازى»، و«ماندى عصام» فى «الحركات الأرضية». أن تنظم مصر منافسات وبطولات دولية، وتحصد فتياتها الجوائز، فهذا شىء جيد، له العديد من الجوانب الإيجابية، التى تتعدى المجال الرياضى والجوائز، خاصة إذا علمنا أن هذا التنظيم تم بأيادٍ وخبرات مصرية، وأبان عن إمكانياتنا فى إقامة بطولة عالمية طبيعية، وليست مصطنعة عبر المال وشراء واستيراد كل عناصرها التنظيمية والفنية. ومصر دولة لها تاريخ رياضى، وليست دولة أو دويلة بلا تاريخ، تشترى تاريخًا رياضيًا مصطنعًا.. و«بطولات أنابيب» بالتجنيس. الإعلام المصرى تناول أخبار البطولة على استحياء، وفى إيجاز. نعم، استضاف بطلاتنا، ولكنه كاد لا يعرض صورهن ولا فيديوهات لهن أثناء أدائهن الحركات الرياضية والألعاب التى فزن بها!. لماذا يا تُرى؟.. ربما خجلًا من الزى الرياضى، الذى يرى فيه مرضى الكبت «عُريًا» لا يليق بالصحف والشاشات المصرية. ومع أن وسائط التواصل الاجتماعى (فيسبوك.. تويتر.. إلخ) قد عكست احتفاء الناس بالبطلات، ولكنها وللأسف الشديد عكست أيضًا كمًا من التنطع لا يُستهان به، إذ استنكر المتنطعون وسخروا من بطلاتنا، ومن هذا «العرى الفاضح». وهو فى واقع الأمر.. فاضح وكاشف، لا لأجساد البطلات ولكن لمدى تخلف وهيمنة الغرائز الحيوانية على عقول هؤلاء المتنطعين، ورؤيتهم الذكورية التسلطية، التى لا تعبر عن شهوة التسلط على المرأة فقط، ولكن التسلط على الآخر بصفة عامة.

■ «نانسى» و«زينة» و«ماندى».. وغيرهن من الإناث «شرفونا.. شرفوا» مصر أكثر كثيرًا من العديد من «الذكور» الأنطاع، الذين يتقاضون الملايين فى ملاعب كرة القدم لينشروا سلوكيات العنف والبذاءة. ولا يُغفر لهم أن يسجدوا «شكرًا لله»، بعد إحراز الأهداف فى شباك الخصم- أو قل «العدو»- حتى لو كان فريقًا مصريًا مثلهم.

اهتمام المرأة المصرية بالرياضة والفنون موغل فى القدم. والآثار الفرعونية تشهد على ذلك. وبعد فترة انقطاع وانتكاس حضارى دامت لمئات السنين، ومع العقود الأولى للقرن العشرين، تصاعدت تدريجيًا ممارسة المرأة للرياضات والفنون، وحتى سنوات الخمسينيات والستينيات وبداية السبعينيات. كان لدينا بطلات رياضيات رفيعات المستوى- فى السباحة على وجه الخصوص- من أمثال الرياضية المتكاملة «إيناس حقى»، التى برزت بصفة خاصة فى سباحة المسافات الطويلة، وحصلت على بطولات ومراكز متقدمة فى بطولات عالمية، (تابعت مسيرتها كريمتها «عبلة خيرى»). ثم جيل البطلات «سحر منصور» و«سحر عبدالباقى» وغيرهما. ثم بدأ المنحنى فى الهبوط، وذلك مع تصاعد المد الدينى السلطوى، وسطوع نجومه الوعاظ، بزعامة أكثرهم موهبة، كبيرهم هذا.. «الشيخ الشعراوى». وبدأت عملية ممنهجة لعزل المرأة، وتحجيبها وتغليفها وإبعادها عن ممارسة الفنون والرياضة. وتوالى اعتزال النساء للفن والرياضة، وضمر الاهتمام المؤسَّسى بكليهما، ومنذ الصغر. ثم كان أن وصلنا إلى بزوغ نماذج فردية، مثل «رانيا علوانى» ثم «فريدة عثمان» وزميلاتهما (ممن يضطررن إلى

«العرى الفاضح».. ولبس «لباس السباحة».. «ولا مؤاخذة.. المايوهات».. «غير الشرعية»). ولا يجب أن ننسى أيضًا إنجازات مشهودة لبطلاتنا فى الرياضات الأخرى. فى «الاسكواش»: «رنيم الوليلى» و«نور الشربينى» و«نور الطيب» و«نوران جوهر».. وزميلاتهن. وفى «التنس» «ميار شريف».. ورفع الأثقال «نهلة رمضان».. وتنس الطاولة.. والجودو.. والكاراتيه.. وبطلات الألعاب الجماعية.. كرة السلة.. الكرة الطائرة.. كرة اليد.. إلخ. كلهن بطلات.. بغض النظر عن الحصول على بطولات أو الاشتراك فى مسابقات، ففى زمننا هذا يصبح مجرد ممارسة الفتيات والنساء للرياضة فى حد ذاته فعلًا بطوليًا.

■ «نانسى»- وأخواتها من بطلات مصر- «ترفع» المبتدأ.. العَلَم المصرى.. عاليًا، و«تنصب» نُصبًا تذكاريًا لمثابرة المرأة المصرية، وبإنجازها «تجر» وتمسح الأرض بكل مَن يتطاول ويستهين بتاريخ المرأة المصرية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل