المحتوى الرئيسى

عمر الخيام الشاعر العالم.. جاء كالماء ومضى كالريح

05/18 06:00

«إن إصبع الدهر المتحرك كتب ولا يزال يكتب.. وحكمه نافذ حازم صارم.. ليس في مقدر أحد أن يشطب منه شيئا.. ولا تمحى منه كلمة واحدة.. ولو هطلت دموع العالم بأسرها»، كلمات كتبها عمر بن إبراهيم الخيام نیسابوري المعروف بـ عمر الخيام، كما لو كان يعبر عن إسهاماته التي عاشت ما يقرب من الألف عام دون أن تمحى، فكلمات الشاعر العالم كتبت لتعيش أمد الدهر وإنجازاته العلمية ابتكرت لتبقى.  

ولد عمر الخيام، في مثل هذا اليوم من عام 1048 في مدينة نيسابور، خراسان، بدولة إيران، وهو عالم رياضيات وفلك، إذ تمكن من اختراع طريقة حساب المثلثات ومعادلات الجبر من الدرجة الثالثة، ووضع التقويم الفارسي الذي يتبع حتى يومنا هذا، كما لا تخفى إسهاماته في التاريخ واللغة والفقه، ولكن الكثير لا يعرف ذلك عن الخيام، فالرباعيات ذاع صيتها عقب ترجمتها لعدة لغات، والتي هي بالمناسبة محل جدل. 

زعم المستشرق الروسي زوكوفسكي أن 82 رباعية متداولة من أشعار الخيام ليست له، وإنه لم يبقَ إلا القليل منها، وتجدد الجدل عقب غناء كوكب الشرق من أشعار عمر الخيام، خرج البعض حينها ليشكك في نسب الكلمات لعمر الخيام، وبرروا أن أحمد رامي أعاد صياغة كلمات الخيام لتناسب أم كلثوم، والعام الماضي أعاد يوسف زيدان الجدل بشأن الرباعيات، إذ قال إن بعض الرباعيات نسبت إلى الخيام بعد وفاته بفترة زمنية. 

رغم الجدل حول الرباعيات إلا أنه لم يتأثر انتشارها أو وقعها عند المتلقين لأهميتها، وهنا نذكر أن أشعار عمر الخيام ترجمت إلى لغات عديدة، وأبرز من ترجمها إدوارد فيتزجيرالد، الشاعر الإنجليزي، الذي ترجم أكثر من 70 قصيدة، وأسس نادي الخيام في لندن، وكان السبب الرئيسي في ترجمة الأشعار إلى لغات عديدة عقب ترجمته إياها من الفارسية إلى الإنجليزية. 

لم يتوقف الجدل حول عمر الخيام عند رباعياته، فقد طاله هو نفسه، إذ وصفه البعض بالمتصوف العابد، بينما قال البعض عنه إن أشعاره مليئة بالدعوة للهو واقتناص الملذات والفجور، ودليل الفريقين شعره.

الفريق الأول الذي يراه من المتصوفين استشهد على سبيل المثال بكلماته «صاحب من الناس كبار العقول.. واترك الجهال أهل الفضول.. وأشرب نقيع السم من عاقل.. واسكب على الأرض دواء الجهول، إن لم أكن أخلصت في طاعتك.. فإني اطمع في رحمتك.. وإنما يشفع لي أنني.. قد عشت لا أشرك في وحدتك"، أما الفريق الآخر استشهد من بعض الأشعار التي استشهد بها «أفق وهات الكأس أنعم بها.. واكشف خفايا النفس من حجبها.. وروَ أوصالي بها..  قبلما يصاغ دن الخمر من تربها».

ولأن «الدرع لا تمنع سهم الأجل.. والمال لا يدفعه أن نزل.. وكل ما في عيشنا زائل.. لا شيء يبقى غير طيب العمل»، رحل عمر الخيام عن دنيانا عن عمر ناهز الـ83 في بلدة نيسابور في 4 ديسمبر عام 1131، لتبقى سيرته وكتاباته وعلمه حتى لو هطلت دموع العالم بأسرها. 

نرشح لك

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل