بعد توقفها في المكسيك لـ12 ساعة.. قصة حب تجمع ثنائي التقيا في المطار

بعد توقفها في المكسيك لـ12 ساعة.. قصة حب تجمع ثنائي التقيا في المطار

منذ 3 سنوات

بعد توقفها في المكسيك لـ12 ساعة.. قصة حب تجمع ثنائي التقيا في المطار

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في شهر أغسطس/ آب من عام 1991، قررت إيرجا يوتيلا، وهي ناشرة فنلندية تعيش في نيويورك، أن تحقق حلماً طال انتظاره، أي زيارة أمريكا اللاتينية.\nومنذ سن مراهقتها، لطالما تأملت يوتيلا في كتيبات السفر، متخيلة نفسها وهي تتجول بين أبرز المواقع الأثرية والخلابة في المنطقة. \nوعندما كانت في أوائل الثلاثينيات من عمرها، شعرت يوتيلا بالتعب من قضاء صيف طويل مليء بالعمل، ومواجهة بعض التحديات في حياتها الشخصية.\nوبذلك، قررت يوتيلا أن وقتها قد حان لقضاء عطلتها في أمريكا اللاتينية والاستمتاع برحلة أحلامها.\nوصحيحٌ أنها كانت تبحث عن الراحة والاسترخاء في إجازتها، ولكنها أرادت أيضاً التعرف على تاريخ وثقافة وجهتها.\nوبعد بحث مكثف، وقع اختيار يوتيلا على مدينة واهاكا في المكسيك باعتبارها المكان المثالي.\nولكن، لم تكن هناك رحلات جوية مباشرة من مدينة نيويورك إلى مدينة واهاكا، ما دفعها إلى التوقف في مدينة مكسيكو والبقاء طوال الليل.\nوقالت يوتيلا لـCNN Travel: "كنت معتادة على السفر وكل شيء آخر، لكن احتمال هبوطي بمدينة مكسيكو حوالي الساعة 10 مساءً، في مدينة يزيد عدد سكانها عن 20 مليون نسمة، خاصة أنني لا أتحدث الإسبانية، لم يكن أمراً رائعاً للغاية".\nوناقشت يوتيلا خطط إجازتها مع الأصدقاء، بما في ذلك ماركوس، وهو زميل سابق نشأ في المكسيك.\nوبدورها، تستذكر قول ماركوس: "لدي صديق.. كما تعلمين، تواجد في نيويورك مؤخراً، ربما يمكنه مساعدتك".\nوكان ماركوس يفكر بصديقه القديم منذ أيام المدرسة الثانوية، خيسوس إستريلا خورادو.\nوبذلك، أجرى ماركوس مكالمة هاتفية مع خيسوس، وسأله عما إذا كان بإمكانه مقابلة يوتيلا في المطار.\nوكانت الاتصالات الخارجية مكلفة، ما دفع ماركوس لإعطاء صديقه جميع المعلموات الأساسية: "اسمها إيرجا، وهي من فنلندا، وتعيش في مدينة نيويورك، هذه تفاصيل رحلتها، وستهبط في غضون أيام قليلة".\nووافق خيسوس على الفور. ورغم أنه صديق لماركوس ولا يعرف الكثير عن يوتيلا، إلا أنه أراد تقديم المساعدة.\nويستذكر خيسوس أنه وضع اسم إيرجا على لافتة محلية الصنع واشترى باقة من الزهور لها عند وصولها، قائلاً: "لا أعرف من سيأتي، لكن سأبذل قصارى جهدي".\nوعندما كانت يوتيلا تسير وسط الحشود في مطار مدينة مكسيكو، أُعجب خيسوس بها على الفور، ليستذكر ابتسامتها وعينيها.\nورغم أن يوتيلا كانت تشعر بالتعب بسبب ذهابها إلى المطار مباشرة بعد العمل، إلا أنها شعرت أيضاً بالراحة بوجود خيسوس.\nواستذكرت يوتيلا مشاعرها حينها قائلة إنه كان "يبدو لطيفاً".\nوسأل خيسوس يوتيلا عما إذا كانت تشعر بالجوع، حيث توجها لاحقاً إلى مطعم قريب وتناولا الطعام. \nويُذكر أن خيسوس كان يعمل حينها في وظيفتين، أحدهها كطبيب أسنان و الأخرى بدوام جزئي في أعمال تابعة لعائلته.\nوبدأ الثنائي بالدردشة في السيارة، ليستمر حديثهما في المطعم عن المكسيك، ونيويورك، وفنلندا، وصديقهما المشترك ماركوس.\nويقول خيسوس: "كنت أستمتع بمحادثتها"، مضيفاً: "كنت أستمتع أيضاً بالنظر إلى عينيها، كانت جميلة ولامعة"، موضحاً: "لم أكن أدرك تماماً أنني كنت في حالة حب.. لكن بالتأكيد كانت تلك هي القوة الدافعة".\nوتعرف الثنائي على بعضهما لساعات قليلة، لكن التعب الذي شعر به كلاهما قد تلاشى، ما دفعهما لمواصلة الحديث.\nوأخيراً، اقترح خيسوس أن تقيم يوتيلا في منزل شقيقه، الذي كان فارغاً حينها.\nوأدركت يوتيلا أن ثقتها في شخص غريب كان يحمل بعض المخاطرة.\nوقالت: "أنا في مدينة غريبة، في جزء من العالم لم أزره من قبل، إنه منتصف الليل هنا، هل أفعل شيئاً آمناً؟ أم أن هذا أمراً طائشاً؟".\nوأضافت: "ولكن في الوقت نفسه، فكرت أن لدينا صديقاً مشتركاً، كان كلانا قريباً جداً منه". وقالت يوتيلا لنفسها لاحقاً: "حسناً، أعتقد أنه يجب أن تثقي في الناس، يجب أن تكوني حريصة.. ولكن في الوقت نفسه، لا يمكن أن تفقدي كل ثقتك".\nوفي اليوم التالي، أعاد خيسوس يوتيلا إلى المطار. لكنه توجه أولاً إلى مقر أعمال عائلته، حيث التقت إيرجا بوالدته وشقيقه.\nوأخيراً، ودع الثنائي بعضهما البعض على أمل اللقاء عند عودة يوتيلا إلى وطنها عبر مدينة مكسيكو، بعد مرور أسبوع.\nوتقول يوتيلا: "ذهبت بالفعل إلى مدينة واهاكا، والتي أعتقد أنها لا تزال واحدة من أفضل تجارب السفر الخاصة بي".\nورغم حماسها لمقابلة خيسوس، إلا أنها كانت سعيدة لقضاء إجازة بمفردها بعد مرور صيف صعب.\nوفي طريق عودتها إلى نيويورك، حاول كلاً من خيسوس وإيرجا اللقاء مرة أخرى، لكنهما كانا على وشك فقدان بعضهما.\nوعندما وصل خيسوس إلى المطار، لم يتمكن من العثور على يوتيلا في أي مكان، ولم يكن لديه أي وسيلة للاتصال بها. وبسبب قلقه المتزايد من فقدانه لها، سأل موظفي المطار عما إذا كان بإمكانهم المناداة باسمها عبر مكبر الصوت العلوي.\nواستطاع خيسوس العثور على يوتيلا، ليقوم بتوديعها في الدقائق الأخيرة قبل رحلتها. وتواعد الثنائي للبقاء على تواصل دون أن يحمل كلاهما أي توقعات تجاه الآخر.\nوتقول يوتيلا: "آخر شيء أردت الحصول عليه في تلك المرحلة من حياتي كان رجلاً، ناهيك عن علاقة بعيدة المدى".\nولكن قبل مغادرتها، التقطت يوتيلا صورة لخيسوس، حتى تتذكره. وعند عودتها إلى المنزل، قامت بإرسال بطاقة شكر.\nويقول خيسوس: "احتفظت بها"، وأرسل بدوره بطاقة بريدية مزينة بصور لأجزاء أخرى من المكسيك.\nواستمر الثنائي بإرسال الرسائل لبعضهما البعض، وكذلك التحدث عبر الهاتف في بعض الأحيان، لكن الاتصال ظل متقطعاً.\nوتقول يوتيلا: "لم يكن هناك بريد إلكتروني، ومن الواضح أنه لم يكن هناك تطبيق فيس تايم، ولا رسائل نصية.. البريد بين نيويورك ومدينة مكسيكو كان غير منتظم إلى حد ما. وأفضل ما يمكنك فعله هو مجرد الاتصال لمسافات بعيدة، وما زلت أتذكر بوضوح أنه كان يكلف حوالي 90 سنتاً أمريكياً للدقيقة الواحدة".\nوفي نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1991، أي بعد ثلاثة أشهر من رحلة يوتيلا إلى المكسيك، سنحت الفرصة لخيسوس لزيارة نيويورك بدافع العمل.\nوكان متحمساً جداً لفكرة رؤية يوتيلا مجدداً. وبذلك، قرر أن يجعل زيارته مفاجأة، وأن يُخبرها بذلك عند وصوله إلى نيويورك.\nوكانت يوتيلا تعتقد أن خيسوس قد توقف عن الاتصال بها، ولكنها شعرت بالارتباك عندما علمت أنه وصل إلى نيويورك، إذ تتذكر قائلة: "أعتقد أنني تلقيت اتصالاً من صديقنا المشترك يقول: كما تعلمين، خيسوس في المدينة، هل تودين أن نجتمع نحن الثلاثة؟".\nورغم أن يوتيلا وافقت، إلا أنها لم تكن متأكدة مما يجب التفكير به.\nوبمجرد وصول خيسوس وماركوس إلى شقة يوتيلا، سرعان ما أصبح واضحاً لخيسوس أن خطته كانت سيئة، إذ قال: "يا إلهي، أتذكر العودة إلى منزل صديقي، لأنني مكثت معه طوال الليل، وكنت بائساً للغاية".\nوعند عودته إلى المكسيك، شعر خيسوس بالارتياح عندما تلقى مكالمة هاتفية من يوتيلا في عيد الشكر.\nوتقول يوتيلاً: "لم أعتقد أن ذلك اللقاء كان سلبياً للغاية.. كنت متفاجئة فحسب".\nومنذ عودتها إلى نيويورك، بدأت يوتيلا في تلقي دروس اللغة الإسبانية وقراءة كتب عن تاريخ المكسيك وثقافتها. وتقول يوتيلا: "لقد وقعت في حب المكسيك بعد وجودي في واهاكا".\nوبالتالي، قررت التخطيط لرحلة أخرى في يناير/ كانون الثاني 1992، مدتها 10 أيام.\nوبذلك، أتيحت الفرصة للثنائي أخيراً بتوطيد علاقتهما بعد لقائهما الأول في مطار مدينة مكسيكو.\nوبينما تجولت يوتيلا أحياناً بمفردها خلال عطلتها، إلا أن الثنائي استمتع أيضاً بتجربة الاستكشاف سوياً.\nوحرص خيسوس على أن تشاهد يوتيلا بعضاً من أماكنها المفضلة في المدينة، حيث سافر كلاهما إلى مدينة تاكسكو، وهي معروفة بفن العمارة ومحيطها الجبلي الوعر.\nوتقول يوتيلا إنها "مدينة شهيرة جداً لدى السياح، وهي مدينة قديمة لتعدين الفضة"، مضيفة أنها "رومانسية للغاية.. وإذا كان من المفترض أن تقع في الحب، فمن المحتمل أن يكون هذا هو المكان المناسب".\nوأضاف خيسوس: "أعتقد أن الرحلة كانت ناجحة إلى حد كبير"، مستذكراً القيادة عبر الجبال مع يوتيلا والإعجاب بجمال تاكسكو.\nوتقول يوتيلا: "أعتقد أن هذا ما يمكن أن تسميه نقطة تحول". وبدوره، وافق خيسوس على ذلك بقوله: "بعد ذلك، أصبحت الأمور أكثر صلابة قليلاً".\nوأخيراً، عاد الثنائي إلى ديارهما وصمما على إنجاح علاقة طويلة الأمد.\nوفي شهر مارس/ آذار، سافرت يوتيلا إلى المكسيك، حيث اجتمعت مع خيسوس لقضاء عطلة نهاية أسبوع طويلة، تزامنت مع عيد ميلادها.\nواستذكرت قائلة: "كانت تلك هي المرة الأولى التي أذهب فيها إلى منزل فريدا كاهلو، وصدف أنه كان قيد التجديد".\nوبمجرد وصولهما، قيل للثنائي إن المتحف مغلق.\nوبذلك، قرر خيسوس أن يتدخل قائلاً: "لقد قطعت شوطاً طويلاً، وهي من المعجبين بالفنانة، هل يمكنك السماح لها بالدخول؟".\nوتقول يوتيلا: "سمحوا لنا بالدخول، لذلك قمت بجولتي الخاصة الصغيرة".\nوبالطبع، التقت يوتيلا ببعض أفراد عائلة خيسوس في المكسيك خلال لقائهما الأول، لكن لم يسافر الثنائي إلى فنلندا لمقابلة عائلة يوتيلا حتى عام 1994.\nوكان الأصدقاء يشعرون بالسعادة بعلاقة الثنائي، خاصة ماركوس، وهو الصديق الذي جمعهما معاً.\nوفي ديسمبر/ كانون الأول 1995، تزوج يوتيلا وخيسوس في حفل مدني، تلاه حفل ديني صغير في العام التالي.\nواشترى الثنائي خاتم الزفاف من مدينة تاكسكو في وقت سابق من ذلك العام، رغم أنهما لم يحددا موعداً للزواج حينها، ولكن الأمر بدا كفرصة مثالية.\nوقالت يوتيلا: "تاكسكو هي مدينة شهيرة لتعدين الفضة، حيث يبيعون جميع أنواع العناصر الفضية بما في ذلك المجوهرات ذات الأحجار المحلية".\nوعاشت يوتيلا في نيويورك لعدة سنوات. وبعد زواجهما، خضع خيسوس للكثير من الإجراءات في مكتب الهجرة، حتى يتمكن من العيش مع زوجته بشكل دائم في  الولايات المتحدة، وهو أمر لم يخل من التحديات.\nوتخلى خيسوس عن طب الأسنان بعد أن اكتشف أنه سيضطر إلى إعادة تدريب نفسه لعدة سنوات قبل أن يمارس مهنته في الولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك، بدأ شركة خاصة بالصور والفيديوهات.\nويقول خيسوس: "لأنني قابلت إيرجا، أتيت إلى نيويورك، وبدأت حياة جديدة هنا في ظل ظروف لم أتخيلها"، مضيفاً: "لكن يمكنني أن أخبرك بالتأكيد أن الشعور الذي تشعر به في الداخل يجعل الحياة جميلة في أي مكان".\nواستقر الزوجان بسعادة خلال حياتهما في نيويورك معاً، ليصبحا والدين بعد بضع سنوات لابنتهما إيريكا.\nوتقول يوتيلا: "اخترنا اسماً مناسباً في فنلندا، والمكسيك، والولايات المتحدة".\nواليوم، لا يزال كلا خيسوس ويوتيلا يعملان في مستشفيات مدينة نيويورك، كما يديران أعمال شركة الصور والفيديوهات بدوام جزئي.\nويعمل خيسوس في قسم علاقات المرضى بالمستشفى، بينما تعمل يوتيلا في قسم خدمات الترجمة، كونها تتحدث اللغات الفنلندية، والإنجليزية، والسويدية، بطلاقة.\nوقالت يوتيلا: "عشنا كابوس كوفيد-19 في مدينة نيويورك". وأوضح خيسوس: "أعتقد أن هذه كانت واحدة من أقوى التجارب التي مررنا بها معاً".\nوفي عام 2021، ستحتفل يوتيلا و خيسوس بمرور 30 عاماً على لقائهما في مطار مدينة مكسيكو، و25 عاماً منذ احتفالهما بزواجهما في نيويورك.\nوقام الثنائي بزيارة تاكسو في العقود اللاحقة مع ابنتهما إيريكا أيضاً، كما استمتعت العائلة بالعودة إلى متحف فريدا كاهلو.\nوأمضت العائلة بعض الوقت في فنلندا وسافروا معاً في أوروبا.\nوتقول يوتيلا: "يمنحك السفر منظوراً مختلفاً، ومنظوراً لثقافتك الخاصة، ولكن أعتقد أيضاً أنه يفتح عقلك نوعاً ما"، موضحة أنه كان من المهم نقل شغف التجول من الثنائي إلى ابنتهما إيريكا.\nوتقول إيريكا، وهي في أوائل العشرينيات من عمرها ودرست السياحة والضيافة في الكلية: "قصة لقائهما وعلاقتهما بشكل عام تجعلني أؤمن بالحب الحقيقي، وهو مثل قصص الرومانسية الخيالية".\nوتضيف: "أعتقد أيضاً أنه أمر فريد ورائع للغاية كيف التقى شخصان من جانبين متعاكسين من العالم، وأنجبا ابنة نصف مكسيكية ونصف فنلندية".\nوبعد ثلاثين عاماً من لقائهما لأول مرة، لا يزال يستمتع كلاً من خيسوس ويوتيلا بتعلم أشياء جديدة عن بعضهما البعض، سواء كانت جيدة أم غير جيدة.\nويقول خيسوس: "رغم وجود اختلافات بيننا، إلا أنه من الجيد أن نكون معاً، وأن نستمر في الاستمتاع بالشعور الذي يجعلنا نقرر أن نكون معاً، على أمل أن نكون معاً لسنوات عديدة في المستقبل".\nوأضاف: "تستمر الحياة في كونها سخية ورائعة للغاية. لذلك هذا هو شعوري، أشعر بالامتنان لذلك".

الخبر من المصدر