المحتوى الرئيسى

أموال دافعى الضرائب الأمريكيين تزيد العنف الإسرائيلى

05/14 22:09

نشرت صحيفة «ذا نيويورك تايمز» مقالا للكاتب نيكولاس كريستوف يرى فيه أن أموال دافعى الضرائب فى أمريكا تدعم العنف الإسرائيلى، ويشير إلى أهمية أن تكون هذه الأموال مشروطة بتقليل الصراع وبناء السلام... نعرض منه ما يلى:

دمرت القنابل الإسرائيلية مبنى مكونا من 13 طابق فى غزة على أساس أن حماس يجب أن تدفع ثمنا باهظا لما تفعله. وحماس أطلقت المزيد من الصواريخ على إسرائيل على أساس أن إسرائيل بدأت العدوان وعليها تحمل العواقب.

نحن الآن نشهد أسوأ اقتتال حدث بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ 7 سنوات، ونشهد نفس النتائج؛ تُضرب الصواريخ، ينهض المتطرفون على كل جانب، يُقتل المدنيون، والمتطرفون على جهة يزيدون من قوة المتطرفين على الجهة الأخرى.

هذا ما وصفه الطبيب النفسى البارز فى غزة إياد السراج ــ رحمه الله ــ قائلا: «المتطرفون يحتاجون بعضهم البعض، يدعمون بعضهم البعض». وأعرب عن أسفه لأن الحصار الإسرائيلى لغزة حول المتعصبين الفلسطينيين إلى أبطال شعبيين.

ما قامت به إسرائيل من محاولات للاستيلاء على الأراضى فى القدس الشرقية دفع إلى هذا الاقتتال الأخير، إلى جانب ما يحدث من معاملة غير عادلة للفلسطينيين. أصدرت منظمتان بارزتان لحقوق الإنسان هذا العام تقارير تبين معاملات الفصل العنصرى الإسرائيلى للفلسطينيين. مجموعة «بتسليم» وصفت النظام فى إسرائيل بنظام «تفوق يهودى» وخلصت إلى أن ما يحدث هو «فصل عنصرى». نشرت هيومن رايتس ووتش تقريرا من 224 صفحة يعلن أن السلوك الإسرائيلى فى بعض المناطق يرقى إلى «جرائم ضد الإنسانية مثل الفصل العنصرى والاضطهاد».

من الصحيح أيضا أن حماس لا تهاجم المدنيين الإسرائيليين فحسب، بل تضطهد شعبها أيضا. لكن دافعى الضرائب من الأمريكيين، ليس لديهم تأثيرا كبيرا على حماس، بينما لديهم نفوذ على إسرائيل، وتقدم عدة مليارات من الدولارات سنويا كمساعدات عسكرية لدولة غنية، وبالتالى تدعم قصف الفلسطينيين.

هل هذا يعد أفضل استخدام للضرائب؟ ألا يعد استخدام هذه الأموال لتوفير لقاحات كورونا بالخارج والداخل أفضل؟ ألا ينبغى أن تكون المبالغ الهائلة التى تقدمها أمريكا لإسرائيل مشروطة بتقليل الصراع بدلا من مفاقمته، وبناء السلام بدلا من خلق العقبات؟

أفضل طريقة لحل معضلة الشرق الأوسط هى حل الدولتين، لكن هذا أصبح حلما من الصعب التمسك به. المتشددون فى إسرائيل يتهمون الأمريكيين بالسذاجة لعدم إدراكهم ما يحدث على أرض الواقع. ولكن، وفى نفس الوقت، أظهر هؤلاء المتشددون مرارا وتكرارا سذاجتهم فى اتباع سياسات فاقمت الأوضاع. فإسرائيل نفسها هى التى ساعدت حماس فى أواخر الثمانينيات وفى التسعينيات، حينما كانت قلقة بشأن حركة فتح تحت زعامة ياسر عرفات، لذلك مارست القمع ضد حركة فتح وسمحت لحماس بالارتقاء كقوة معارضة.

منذ ذلك الحين، يشن المتطرفون من كل جانب هجمات عنيفة، تؤثر عليهم وعلى الطرف الآخر. قصف حماس قوض السياسيين المعتدلين فى إسرائيل. ودمر الحصار الإسرائيلى لغزة مجتمع الأعمال الفلسطينى الذى كان من الممكن أن يكون ثقلا موازنا معتدلا لحركة حماس، فى حين أن الاستيلاء على الأراضى فى الضفة الغربية والقدس الشرقية أضعف من موقف القيادة الفلسطينية.

صحيح أن استخدام القوة مهم فى بعض الأحيان. لكن يقول الكاتب أن فى حواره مع سكان غزة وجد أن العديد من الفلسطينيين لديهم آراء معقدة. البعض يشعر بالاستياء من حماس لكونها قمعية وغير ذات كفاءة، وكثيرون يكرهون إطلاق الصواريخ على إسرائيل لأنهم يعلمون أنهم سيواجهون انتقامها، ولكن فى نفس الوقت، فى ظل ما تحملوه من ضائقة مالية وخوف وموت فرضته عليهم إسرائيل، يرضى البعض عن رؤية الصواريخ تُضرب على إسرائيل.

يعتمد مستقبل أمن إسرائيل جزئيا على حسن النية تجاه أمريكا وعلى تقديم تسويات مؤقتة مع الفلسطينيين، وهما ما تجاهلهم نتنياهو. يؤكد التاريخ أن إسرائيل لا تستطيع ردع الفواعل الإرهابيين من غير الدول، ولكن بإمكانها ردع الدول التى تؤيد الإرهاب، لذلك عليها أن ترحب بوجود دولة فلسطينية. ومع ذلك، بينما يؤدى التطرف من كل جانب إلى إثارة التطرف على جانب الآخر، فإن هذا الاحتمال يتلاشى.

تخوفت وترددت إدارة بايدن، ما أدى إلى إبطاء مشاركة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فى القضية، ولم تعين بعد سفيرا لإسرائيل. لكن هذا التهرب له عواقب ضخمة، وعلى الرئيس بايدن الوقوف مع الآخرين فى مجلس الأمن للمطالبة بوقف إطلاق النار قبل أن يتصاعد هذا الأمر أكثر وأكثر. يجب على إدارة بايدن أيضا أن تعرب عن قلقها الشديد بشأن عمليات إخلاء الفلسطينيين من منازلهم والتى أثارت الأزمة. هذا الانتظار والتقاعس لن يفيد.

فى الوقت الحالى، يبدو أن الرابحين فى هذا القتال الحالى هم؛ نتنياهو، الذى قد يستخدم الاضطرابات للحصول على فرصة أخرى للاستمرار كرئيس للوزراء، وحماس، التى تظهر نفسها على أنها مهمة بالمقارنة مع السلطة الفلسطينية. فى خضام ذلك، من يخسر هم ملايين الفلسطينيين والإسرائيليين.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل