المحتوى الرئيسى

ما هو الدولار الرقمي؟.. سر العملة التي هزمت أمريكا

05/12 13:02

مع قوة العملات الرقمية تواجه أمريكا الحائرة بين الإبداع والهزيمة، صعود السوق المشفرة بالدولار الرقمي لحماية عملتها.

عمليا ووفق أرقام السوق العالمية للعملات الرقمية "المشفرة"، استرعت العملات الرقمية اهتماما كبيرا في الأشهر القليلة الماضية، مع الموجة الصعودية الأخيرة التي تبدو أكثر استدامة من غيرها من الموجات السابقة الشهيرة تاريخيا بالتقلب الشديد والسريع- حتى إنها جذبت اهتمام المسؤولين على الصعيد العالمي بشكل غير مسبوق.

ازدادت قيمة بيتكوين بأكثر من 100% هذا العام فقط، لتسجل أعلى مستوياتها قرب 65 ألف دولار في شهر أبريل، وفي هذه الأثناء تضاعفت قيمة ثاني أغلى عملة رقمية، الإثيريوم، مرات عدة لتقفز من 735 دولارا في بداية العام ثم تجاوزت حالياً مستوى 4 آلاف دولار، مستفيدة من ثورة "الرموز غير القابلة للاستبدال".

والأكثر من ذلك، أن عملة "دوجكوين" التي بدأت كمزحة، ارتفعت بأكثر من 20000%العام الماضي، وزادت عدة أضعاف هذا العام، لتجذب اهتمام الكثيرين، ومن بينهم الملياردير المستثمر "إيلون ماسك".

هذه الصحوة لم تجذب اهتمام المستثمرين والشركات أمثال "تسلا" و"باي بال" فحسب، بل أثرت حتى على تعليقات المسؤولين الماليين حول العالم، حيث تراجعت الصين عن موقفها المتشدد كليًا من بيتكوين ووصفتها بـ"البديل الاستثماري" وقالت إن ارتفاع قيمتها يزيد الاهتمام بمشروع "اليوان الرقمي" والذي اجتذب اهتمامًا واسعًا هو الآخر.

الاهتمام بالعملة الصينية الرقمية كان مختلفا بعض الشيء، كونها عملة مشفرة مدعومة من سلطة مركزية، تمتلك آفاقا واعدة لمنافسة مكانة الدولار في المعاملات الدولية وزلزلة أركان النظام المالي العالمي.

في هذه الأثناء، كانت تعليقات الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، بشأن خططهما لإطلاق عملاتهما الرقمية الخاصة، أكثر هدوءًا وقللت من الحاجة إلى التعجل الذي "قد يزعزع استقرار النظام الماضي"، لكنها بذلك منحت أملًا بوجود خطط مستقبلية ذات صلة.

سلط هذا التدافع والموجة الصعودية للعملات الافتراضية الضوء على جهود الحكومات والبنوك المركزية للاستعداد للعالم الرقمي القادم، وقد تكون هناك نتيجة أكثر ثورية لهذه الجهود، ألا وهي إنشاء عملات رقمية حكومية، والتي تهدف إلى السماح للأشخاص بإيداع الأموال مباشرة في البنك المركزي، متجاوزة المقرضين التقليديين.

هذه العملات الرقمية الحكومية هي تجسيد جديد للمال، إنها تعد بجعل التمويل يعمل بشكل أفضل ولكن أيضا تحول القوة المالية من الأفراد إلى الدولة، وتغير الجغرافيا السياسية وتغير كيفية توزيع رأس المال.

قبل أكثر من عقد من الزمان، وسط أزمة انهيار بنك "ليمان براذرز" تذمر "بول فولكر" الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي، من أن آخر ابتكار مفيد للبنوك كان جهاز الصراف الآلي، لكن منذ الأزمة سرّعت الصناعة خطواتها وطورت البنوك أنظمتها المتعثرة.

بنى رواد الأعمال عالما تجريبيا من التمويل اللامركزي، والذي تعتبر بيتكوين الجزء الأكثر شهرة فيه، والذي يحتوي أيضًا نوعًا من الشغب المتمثل في العملات الرقمية وقواعد البيانات والمنصات الخاصة بها التي تتفاعل بدرجات متفاوتة مع التمويل التقليدي.

في الوقت نفسه، أصبح لدى شركات المنصات المالية الآن أكثر من 3 مليارات عميل يستخدمون المحافظ الإلكترونية وتطبيقات الدفع. إلى جانب "باي بال"، يوجد متخصصون آخرون مثل "آنت جروب" و"Grab" و"Mercado Pago" والشركات الأشهر مثل "فيزا" وحتى في وادي السليكون مثل "فيسبوك".

أكثر من 50 سلطة نقدية، تمثل الجزء الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تستكشف بالفعل العملات الرقمية، وأصدرت جزر البهاما نقودًا رقمية، وطرحت الصين برنامجها التجريبي لأكثر من 500 ألف شخص، ويريد الاتحاد الأوروبي يورو افتراضيا بحلول عام 2025، وشكلت بريطانيا فريق عمل لنفس الغرض، فيما تسعى أمريكا لإطلاق الدولار الإلكتروني.

تعتبر العملات الرقمية الحكومية أو التابعة للبنك المركزي، الخطوة التالية ولكنها تأتي مع عقبة، لأنها ستعمل على تركيز السلطة في الدولة بدلًا من توزيعها عبر الشبكات أو منحها للاحتكارات الخاصة.

الفكرة من ورائها بسيطة؛ بدلًا من الاحتفاظ بحساب لدى بنك للتجزئة، يمكن القيام بذلك مباشرة مع بنك مركزي من خلال منصة تشبه تطبيقات "علي باي" أو "فينمو"، وبدلًا من كتابة الشيكات الورقية أو الدفع عبر الإنترنت، يمكن استخدام الشبكة الرخيصة للبنك المركزي.

ستكون أموال المودعين مضمونة بسلطة الدولة وليس بنكا عرضة للخطأ، وإذا كان المرء بحاجة لشراء وجبة سريعة أو حتى تقديم المساعدة المالية لأحد الأقارب؛ لا داعي للتعامل مع خدمة العملاء في البنوك التجارية أو تحمل رسوم المعاملات الإلكترونية مثل "ماستركارد"، ستكون المصارف المركزية في الخدمة (وأرخص).

أحد دوافع الحكومات والبنوك المركزية هو الخوف من فقدان السيطرة إذا انتقلت المدفوعات والودائع والقروض من البنوك إلى العالم الرقمي الذي يديره القطاع الخاص، وحينها ستعاني البنوك المركزية لإدارة الدورة الاقتصادية وضخ الأموال في النظام أثناء الأزمات، وقد تتحول الشبكات الخاصة إلى وحش للاحتيال وانتهاكات الخصوصية.

الدافع الآخر هو وجود نظام مالي أفضل: يمكن أن يعاني المودعون غير المؤمن عليهم إذا فشلت البنوك، وفي نفس الوقت لم يتم قبول بيتكوين على نطاق واسع حتى الآن، وبطاقات الائتمان باهظة الثمن، لكن العملات الافتراضية الحكومية ستحرز درجات عالية من الأمان، لأنها مضمونة من الدولة ورخيصة التكلفة.

في الولايات المتحدة، أعلن مشروع الدولار الرقمي، وهو شراكة بين شركة الاستشارات "أكسنتشر" ومؤسسة الدولار الرقمي، ويقوده منظمون ومديرون تنفيذيون سابقون، 5 مشاريع تجريبية لمعرفة كيفية عمل العملة الرقمية التابعة للبنك المركزي.

الغرض من مشروع الدولار الرقمي هو تشجيع البحث والمناقشة العامة حول المزايا المحتملة، وجمع قادة الفكر والفاعلين في القطاع الخاص، واقتراح النماذج الممكنة لدعم القطاع العام، وسيعمل على تنسيق البرامج مع أصحاب المصلحة المهتمين لقياس قيمة وإنشاء الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها لإنشاء دولار رقمي.

ستعمل المشاريع التجريبية الخمسة على تقييم ما إذا كان الدولار الرقمي يفيد الأفراد الذين لا يتعاملون مع البنوك أو الذين يتعاملون قليلًا جدًا مع البنوك، وكذا الأفراد الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الخدمات المصرفية، والشركات الصغيرة.

دشنت مؤسسة الدولار الرقمي العام الماضي من قبل "أكسنتشر" ورئيس لجنة تداول السلع الآجلة الأمريكية السابق "جيه كريستوفر جيانكارلو"، و"دانييل جورفين" المدير السابق في "LabCFTC" والمستثمر "تشارلز جيانكارلو".

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل