المحتوى الرئيسى

نبي الله (30).. محمد خاتم الأنبياء والرسل (2): الهجرة والمؤاخاة وتأسيس الدولة الإسلامية والغزوات وخطبة الوداع

05/12 11:20

يقول الله تعالى في كتابه العزيز "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب"، من هذا المنطلق تستعرض الشروق مجموعة قصصية عن سير أنبياء الله، خلال شهر رمضان الكريم، بهدف استخلاص الموعظة والحكمة.

نستكمل في الحلقة الثلاثين من هذه السلسلة، الجزء الثاني من سيرة النبي محمد من قصة خاتم الأنبياء'/tags/85210-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%84'>الأنبياء والرسل محمد بن عبد الله عليه أفصل الصلاة وأتم التسليم، بعد الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة.

* الجزء الأول

قلنا في الجزء السابق في نسب أشرف الخلق، أنه من نسل النبي إسماعيل أبو عرب الحجاز، وأن محمدا خاتم الأنبياء والرسل، ودعوته سرا وجهرا الى قريش، ثم الهجرة الأولى الى الحبشة، وقد توقفنا عند بيعة العقبة الأولى والثانية.

ويمكنكم قراءة الحلقة عبر هذا الرابط

#أنبياء_الله (29).. أين كانت الهجرة الأولى للنبي محمد وماذا رأى في ليلة الإسراء؟

* الهجرة الثانية (المدينة المنورة)

كانت الهجرة الثانية للمسلمين إلى المدينة المنورة لإقامة وطنٍ آمنٍ يعيشون فيه؛ حفاظاً على دينهم وأنفسهم، وكان أبو سلمة وعائلته أول المهاجرين ثم تبع المسلمون بعضهم البعض في الهجرة للمدينة حتى كادت مكّة أن تصبح خاليةً من المسلمين، فخفافت قريش على نفسها، واجتمعوا للبحث عن طريقة للتخلص من الرسول عليه الصلاة والسلام.

وانتهى بهم الأمر إلى أن يأخذوا شابا من كل قبيلةٍ ليضربوا الرسول ضربة رجلٍ واحدٍ؛ ليتفرّق دمه بين القبائل ولا يستطيع بنو هاشم على الثأر منهم، وفي ذات الليلة أوحى الله لرسوله بالهجرة فاتخذ صديقه أبا بكرٍ رفيقا له، ونام علي بن أبي طالب ابن عم الرسول في فراشه، وقت أن قدمت قريش أمام منزل الرسول لقتله.

خرج الرسول مع أبي بكر أمامهم وهم لا يرونه بحجاب من الله، وقصدا غار ثور، وحين علمت قريش بفشل خطّتها وهجرة الرسول بدأوا يبحثون عنه وفرضوا المكافآت لمن يدل عليه، وبقي الرسول وأبو بكر في الغار ثلاثة أيامٍ إلى أن استقرّت الأحوال وتوقف البحث عنهما، ثم استأنفا مسيرتهما إلى المدينة، فأقام الرسول أربعة عشر ليلة في بني عمرو بن عوف، أسّس خلالها مسجد قباء أول مسجدٍ في الإسلام، ثم بدأ بعدها في إقامة الدولة الإسلامية.

* كيف أسس الرسول الدولة في المدينة؟

بنى رسول الله المسجد النبوي في المدينة المنورة (يثرب وقتذاك) على أرضٍ اشتراها من غلامين يتيمين، ووضعت قبلته إلى بيت المقدس، وكانت للمسجد أهمية عظيمة حيث كان مكان لقاء المسلمين للصلاة ومقر الحكم، وغيرها من الأمور الدنيوية.

وكانت صمن أوائل خطوات الرسول على الله عليه وسلم لتأسيس دولة، هي تحقيق المؤاخاة بين المهاجرين ممن ذاقوا العذاب، وأنصار المدينة ممن عاهدوا الرسول، وفق أسس العدل والمساواة، فكان يدرك عليه السلام أن الدولة لا يمكن أن تقام إلا بتوحد أفرادها.

أما الخطوة الثانية التي أسست للدولة، فكانت وثيقة المدينة، والتي كتبها رسول الله لتكون بمثابة دستورٍ بين المسلمين من المهاجرين والأنصار واليهود، ينظم أمور الدولة في الداخل والخارج، فحوت إقامة البنود الأساسية بحسب أحكام الشريعة، كما كانت عادلة تجاه المعاملة مع اليهود.

خاض النبي صلي الله عليه وسلم غزوات ومعارك بهدف إقامة الحق وإزالة العوائق التي تحول دون نشر الدعوة، ما أدى لوقوعٍ عددٍ من المواجهات القتالية، كانت أولها غزوة بدر الكبرى، التي وقعت في السنة الثانية من الهجرة، بسبب اعتراض المسلمين لقافلة قريش المتّجهة إلى مكة بقيادة أبي سفيان، فوقعت حرب بين الطرفين، وبلغ عدد القرشيين ألف مقاتلٍ، فيما كان عدد المسلمين ثلاثمئةٍ وثلاثة عشر رجلا، وانتهت بانتصار المسلمين.

يقول الله تعالى في كتابه العزيز، سورة آل عمران: "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ * بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ".

أما الغزوة الثانية فكانت غزوة أحد، التي وقعت في السنة الثالثة من الهجرة، بسبب رغبة قريش في الثأر من المسلمين بعد هزيمة بدر، حيث بلغ عدد المشركين ثلاثة آلاف مقاتل، فيما كان عدد المسلمين نحو سبعمئة رجل، منهم خمسين على ظهر جبل أحد، وعندما ظن المسلمون أنهم انتصروا بدأوا بجمع الغنائم، فانتهز خالد بن الوليد (كان من المشركين حينها) الفرصة، والتف من وراء الجبل وقاتل المسليمن، ما أدى لانتصار المشركين.

وأما غزوة بني النضير فكانت مع قوم من أقوام اليهود نقضوا العهد مع رسول الله، فأمر الرسول بإبعادهم عن المدينة، وأخبرهم قائد المنافقين عبد الله بن أُبيّ، بالبقاء في أماكنهم مقابل دعمهم بالمقاتلين، وانتهت الغزوة بإجلاء هؤلاء القوم اليهود من المدينة.

بعدها وقعت غزوة الأحزاب، في السنة الخامسة من الهجرة، وكان سببها توجه رؤساء بني النضير إلى قريش؛ لتحريضهم على قتال رسول الله، وانتهت بانتصار المسلمين، ثم وقعت غزوة بني قريظة، في نفس السنة، وكان سببها نقض يهود بني قريظة العهد مع رسول الله، وتشكيلهم للأحزاب مع قريش، ورغبتهم في الغدر من المسلمين، فخرج رسول الله إليهم مع ثلاثة آلاف مقاتل من المسلمين، وحاصروهم خمسة وعشرين ليلة، فضاق عليهم الحال وخضعوا.

وفي السنة السادسة من الهجرة وقعت غزوة الحديبية، بعد أن رأى رسول الله في منامه أنّه ذاهب ومن معه إلى البيت الحرام وهم آمنين حالقين رؤوسهم، فأمر المسلمين بالتجهز لأداء العمرة؛ لتعلم قريش أنهم لا يبتغون القتال، ووصلوا إلى الحديبية، إلا أن قريشا منعتهم من الدخول، فتم الصلح بمنع الحرب مدة عشرة سنوات، وتحلل المسلمون من إحرامهم، وعادوا إلى مكة المكرمة.

ثم وقعت غزوة خيبر في السنة السابعة للهجرة، بعد أن رأى رسول الله حتمية التخلص من تجمعات اليهود التي تشكل خطرا على المسلمين، فخرج بالفعل لتحقيق مقصده وانتهى الأمر لصالح المسلمين، وفي السنة التي تلتها وقعت غزوة مؤتة، بسبب غضب الرسول من مقتل الحارث بن عمير الأزدي، وانتهى القتال بانتصار المسلمين.

ثم وقعت غزوة الفتح في السنة الثامنة للهجرة وهي غزوة فتح مكة، نتيجة اعتداء بني بكر على بني خزاعة وقتل عددٍ منهم، وقد تجهز رسول الله ومن معه للسير إلى مكة، ودخل مكة مكبرا شاكرا الله على الفتح المبين، ثم طاف مع المسلمين حول الكعبة المشرفة وحطم الأصنام وصلى ركعتين عند الكعبة، وعفى عن قريش.

وفي نفس العام الثامن من الهجرة وقعت غزوة حنين، بسبب اعتقاد أشراف قبيلتي هوازن وثقيف أن الرسول سيقاتلهم بعد فتح مكة فقرروا مبادرته بالقتال، فخرج إليهم رسول الله وكل من أسلم معه إلى وادي حُنين، وكان النصر للمسلمين بعد ثباتهم.

أما أخر الغزوات فكانت غزوة تبوك، التي وقعت في السنة التاسعة للهجرة، بسبب رغبة الروم في القضاء على الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، فخرج المسلمون إلى القتال وأقاموا في منطقة تبوك ما يقارب عشرين ليلة، ثم رجعوا دون قتالٍ.

* خطبة الوداع

لما شعر الرسول عليه الصلاة والسلام باقتراب الأجل، خرج لآداء الحج لأول وآخر مرة، وأظهر نيته في ذلك، ثم سار نحو البيت العتيق، وألقى خطبة عُرفت فيما بعد بخطبة الوداع، كان مضمونها الحث على الوحدة والتحذير من الفرقة، والمساواة ومراعاة النساء، والتمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية.

وقال عليه الصلاة والسلام: "أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا، أيها الناس إن دماءكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها".

وقال عليه الصلاة والسلام في موضع آخر: "أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال لأخيه إلا عن طيب نفس منه – ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فلا ترجعن بعدى كافراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد، أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى – ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد قالوا نعم – قال فليبلغ الشاهد الغائب، أيها الناس إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ولا يجوز لوارث وصية، ولا يجوز وصية في أكثر من ثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر. من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل. والسلام عليكم".

* وفاة خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل