المحتوى الرئيسى

زمن الصنايعية! | المصري اليوم

05/10 06:26

كان الأستاذ عباس الطرابيلى، رحمه الله، يهتم بأسعار الخضروات والفاكهة والدواجن واللحوم والطماطم.. وينشرها فى الصفحة الأولى.. وحين أراد أن ينشئ صفحة اقتصادية سماها «الناس والفلوس».. وطلب منى أن أعاونه فيها.. وكان يعتقد أنه لو ذهب ساعة إلى سوق سليمان جوهر المجاورة لنا فى الدقى، فإنه يمكن أن يحرر الصفحة.. وكنت أسأله عن ذلك، فيقول إنها «اهتمامات الناس يا ابنى».. وكان يرى أن الصحافة هى ما يهم الناس.. وكان يكتب عمودًا يوميًا عن هموم المصريين وهموم الناس.. وكان يأخذ إجازة أسبوعية يومى الخميس والجمعة أسبوعًا وأسبوعًا.. وكان يفرح بأخبار السوق التى نعدها له ويحجزها للصفحة الأولى!.

وبالأمس، تذكرت الأستاذ عباس وأنا أقرأ خبرًا عن استقرار أسعار الدواجن فى الأسواق، قبل أيام من عيد الفطر.. وتذكرت أن هذا الخبر كان يسيل له لعاب الأستاذ عباس.. وبالمناسبة، فقد كانت أسعار الدواجن أهم عنده من الأخبار السياسية، رغم أن «الوفد» كانت صحيفة حزبية تهتم بالسياسة أولًا.. وبهذه المناسبة، أذكر أن الأستاذ سعيد عبدالخالق كانت له هو الآخر انحيازات للكرة، وكان فوز الأهلى يتقدم على أى خبر سياسى مهما كان.. فهو أهلاوى صميم، كما أن فؤاد باشا كان يفرح بذلك، فقد كان رئيس شرف النادى الأهلى!.

فأسبوعًا كانت الدواجن تقترب أن تكون المانشيت، وفى أسبوع آخر كانت الكرة فوق الترويسة، كأنها مانشيت.. وكان ذلك يتم بحسابات شديدة وإلا تسمع أصوات المعارضة فى الهيئة العليا واللجان النوعية.. الذين كانوا يشكلون المعارضة داخل الوفد.. وكان فؤاد باشا يسمح بهذا ويستمع له ليقوى أصوات النقد داخل الوفد!.

رحم الله الجميع، فقد كان مجرد خبر عن الدواجن سببًا لكى أتذكر الجميع وأترحم عليهم الآن.. وتعلمنا المعارضة داخل الوفد من مناقشات الكبار.. وكان كل واحد يقول رأيه دون خوف.. الآن لم يعد أحد يقول رأيه، ومادام لا أحد يقول رأيه، فمعناه أنك لا تسير على الطريق الصحيح.. الرأى الواحد لا يصنع مجدًا، ولا يصنع تعددية.. وكان الوفد زمان يدعو إلى التعددية ويمارسها، وكانت داخله أجنحة تقدم أفكارها، ولكن كان فؤاد باشا رمانة الميزان!.

كنا نسخر من الحكومة ونسخر من أنفسنا، ونرى أن مَن لا يستطيع نقد نفسه لا ينقد غيره.. ومَن لا يستطيع أن ينتقد وزيرًا فلا يمدحه.. ومعناه أن النقد مقدم على الإشادة.. فالإشادة مقبولة، ولكن حين تكون وحدها تصبح نفاقًا مرذولًا.. ولم نكن نعرف الإشادة فى الوفد، وكنا نتركها لصحف الحكومة لنكتب عن الجانب الآخر!.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل