المحتوى الرئيسى

مفوضية المساواة ومنع التمييز

05/09 18:48

بعد استشهاد المواطن نبيل حبشى على يد الإرهابيين فى سيناء أعتقد أن هذه الحادثة أثارت مشاعر المصريين جميعا وتركت جرحا عميقا فى وجدانهن ووجدانهم.. أنا أعتقد أنه قتل بسبب عقيدته، والذى فعلها إرهابيو سيناء، وقامت الدولة بمقاومتهم فى جهد يستحق الشكر والعرفان. وهذا يجعلنا نطلق صرخة لأعضاء مجلس النواب لينظروا جيدا فى دستور 2014 لأن الأمر أصبح خطيرا.

انتظر الجميع أن تأتى سيرة مفوضية عدم التمييز حول مشاريع القوانين والتشريعات المزمع مناقشتها، ولكن القائمة لم تتضمن أى شيء بخصوص تلك المفوضية من باب الالتزام بما جاء فى الدستور. وأشار الدستور أنه يجب أن يصدر هذا التشريع فى الدورة الأولى للبرلمان السابق، وبينما نحن الآن فى انعقاد برلمان جديد لم نسمع إشارة عن هذا المشروع. وانطلاقا من اهتمامنا بهذا التشريع فإننا يجب أن نتذكر جيدا ما يحدث الآن من تخطى للأوائل فى الجامعات والمعاهد الأجدر بتعيينهم معيدين، وإعطاء هذا المنصب لمن بعدهم فى الترتيب. وأيضا يجب أن نتذكر ما حدث لمن تقدم لوظيفة «ملحق دبلوماسى» ونجح فى امتحان وزارة الخارجية، ولكنه رفض فى المقابلة التى تسبق التعيين فقرر الانتحار وكان سبب رفضه أن مستواه الاجتماعى منخفض! هذه حادثة لن ينساها ضمير المواطن المصرى.

هناك الكثير من القضايا التى لا تتحقق فيها المساواة بين كل المواطنين والمواطنات، ففى المادة 9 من الدستور «تلتزم الدولة بتحقيق تكافل الفرص بين جميع المواطنين دون التمييز» وفى المادة 14 «الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة دون محاباة أو وساطة وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم وقيامهم بأداء واجباتهم فى رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبى إلا فى الأحوال التى يحددها القانون».

وعلى الرغم من ذلك، وإلى الآن، نرى أن هناك تمييزا فى تولى المناصب وخاصة المراكز الحساسة فى الدولة ويحرم من هذه المراكز جمع كبير من المصريين والمصريات بسبب العقيدة، ما يتناقض مع المادة 14، والأمثلة كثيرة لمن يريد الاطلاع عليها. وفى المادة 53 من الدستور «المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى الجغرافى أو لأى سبب آخر». ونص الدستور على أن التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، فهل من المعقول أننا فى هذه الأيام نرى بعض الناس يدعون المسلمين بعدم تهنئة إخوانهم فى الوطن، وهم ما يتناقض مع مبادئ الإسلام الحنيف الذى يدعو إلى الرحمة والتكافل.

الكلام على الدستور هو دعوة لأعضاء مجلس النواب أن يهتموا بقراءته ويعملوا على تطبيق ما جاء به، وندعوهم إلى التفكير جديا فى إصدار مفوضية منع التمييز التى نص عليها الدستور فى المادة 53. للأسف لم نر مفوضية عدم التمييز على قائمة التشريعات والقوانين التى يعتزم مناقشتها فى مجلس النواب، وهو ما يعد إخلالا بالدستور.

هناك جهود كثيرة عَملت على إخراج مفوضية المساواة ومنع التمييز إلى النور؛ مثل جهود الأستاذة «منى ذو الفقار» والأستاذة «أنيسة حسونة» عضوة مجلس النواب التى تقدمت بمشروع قانون وإطار لتلك المفوضية ووضع مواد واضحة تناولت الشكل والمضمون؛ على أن تتكون المفوضية من رئيس ونائبين وعدد من الأعضاء مساوٍ لعدد محافظات الجمهورية ويتولى كل عضو أو عضوة إدارة فرع المفوضية بتلك المحافظة، ويتم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس النواب. ويتمتع رئيس وأعضاء المفوضية بالاستقلال الكامل أثناء مباشرة أعمالهم. وفى القانون التى اقترحته أنيسة حسونة تتشكل المفوضية من 5 لجان هى:

1) لجنة لمكافحة جميع أشكال التمييز بسبب الدين أو العقيدة.

2) لجنة لمكافحة أشكال التمييز بسبب الجنس.

3) لجنة لمكافحة أشكال التمييز بسبب الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة.

4) لجنة لمكافحة أشكال التمييز بسبب الإعاقة.

5) لجنة لمكافحة أشكال التمييز بسبب المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى.

ومن المقترحات أيضا أن ترفع المفوضية تقريرا سنويا لكل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء، وفى حالة تلقى المفوضية شكوى فردية أو جماعية تتضمن الاستناد إلى مخالفة أحكام هذا القانون، يتعين عليها فحصها فورا وإبلاغ الجهة المعنية بوقوع المخالفة، وبعد إقرار القانون يصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية.

وهناك مواد أخرى محكمة ورصينة يجب الاطلاع عليها وأخذها فى الاعتبار.

إن إنشاء هذه المفوضية يخرس ألسنة الجهات الأجنبية بشأن وجود اضطهاد دينى، ولذلك نطالب بأن يكون قانون إنشاء المفوضية من أولويات البرلمان الحالى بعد أن تفشت فى الآونة الأخيرة دعوات لاستهداف أشخاص أو مؤسسات دينية، وعجز الدولة عن التصدى لهذه المشكلة، وأن تكون هذه المؤسسة مستقلة لا تخضع سوى للدستور والقانون وأن تكون محايدة تؤدى واجبها دون أى ضغوط من أى جهة حتى يسود العدل فى هذا الوطن.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل