الملك فاروق: حكاية ملك مصر المتهم بـ"التواطؤ" مع هتلر - BBC News عربي

الملك فاروق: حكاية ملك مصر المتهم بـ"التواطؤ" مع هتلر - BBC News عربي

منذ ما يقرب من 3 سنوات

الملك فاروق: حكاية ملك مصر المتهم بـ"التواطؤ" مع هتلر - BBC News عربي

صدر الصورة، Getty Images\nفي مثل هذا الوقت من عام 1936 عاد الأمير فاروق إلى مصر قادماً من بريطانيا ليجلس على العرش خلفا لوالده فؤاد الأول، ليكون الحاكم الحادي عشر من أسرة محمد عليباشا، وقد انتهى عهده بعد 16 عاماً عقب حركة الجيش في 23 يوليو/تموز من عام 1952 التي أجبرته على التنازل لنجله الرضيع أحمد فؤاد الذي كان يبلغ من العمر 6 أشهر، ثم أسدل الستار بعد نحو عام على النظام الملكي عقب الإعلان عن قيام النظام الجمهوري في مصر في 18 يونيو/حزيران من عام 1953 .\nتقول دائرة المعارف البريطانية إن الملك فاروق ولد في 11 فبراير/ شباط من عام 1920 في العاصمة المصرية القاهرة وتوفي في 18 مارس/ آذار من عام 1965 في العاصمة الإيطالية روما عن عمر ناهز 45 عاماً.\nوتلقى فاروق، ابن وخليفة الملك فؤاد الأول، تعليمه في مصر وإنجلترا، وبعد وفاة والده الملك فؤاد الأول في أواخر أبريل/نيسان من عام 1936 عاد الأمير إلى مصر في 6 مايو/ آيار وهو بالكاد تجاوز 16 عاماُ من العمر وهو اليوم الذي اعتبر التاريخ الرسمي لجلوسه على العرش.\nوبعد أن أصبح ملكاً واصل خصومة والده مع حزب الوفد ذي القاعدة الشعبية الكبيرة، واشتبك معه حول العديد من القضايا، بحسب دائرة المعارف البريطانية.\nصدر الصورة، Getty Images\nكان الملك فؤاد على خلافات مع الوفد\nفقد اختلف الملك الشاب فاروق الأول على الفور مع النحاس باشا زعيم الوفد ورئيس الوزراء حول عدة قضايا منها الحد من سلطات الملك، والسياسات الدولية.\nوفي كتابها "الملك فاروق والخلافة الإسلامية" تقول الدكتورة أمل فهمي إن التيار الإسلامي احتل مكانة داخل القصر في عهد الملك فاروق الذي استخدمه لتحقيق شعبية في الشارع للتغلب على خصومة السياسيين، وأبرزهم حزب الوفد.\nوأشار الكتاب إلى مساعيه للترويج لفكرة الخلافة منذ اليوم الأول له في الحكم، عقب أدائه اليمين الدستورية، إذ تصاعد الجدل حينئذ بشأن مساعي القصر لتنظيم احتفال له طابع إسلامي لفاروق في مسجد الرفاعي. وكان الأمير محمد علي الوصي على العرش قد اقترح أن يتقدم الشيخ المراغي، شيخ الأزهر حينها الحضور ويقوم بتقليد فاروق سيف جده محمد علي باشا، ولكن حزب الوفد بقيادة زعيمه مصطفى النحاس أصر أن يتم تتويج الملك الشاب وفقا لنص الدستور، ولم ينظم الحفل.\nوقد استغل الملك شعبيته الكبيرة في ذلك الوقت وأجواء التوتر الدولي التي بدأت تنذر بحرب عالمية جديدة ليطيح بحكومة الوفد في ديسمبر/ كانون الأول من عام 1937.\nحقائق عن مصر\nحكاية السلطان الذي صار ملك مصر والسودان وسيد النوبة وكردفان ودارفور\nوبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، حاول فاروق الحفاظ على الحياد، على الرغم من وجود القوات البريطانية في مصر، ولكن في فبراير/شباط من عام 1942 أجبره البريطانيون على تسمية زعيم الوفد مصطفى النحاس مجددا رئيسا للوزراء بحسب دائرة المعارف البريطانية.\nصدر الصورة، Getty Images\nمصطفى النحاس رئيس وزراء مصر السابق\nفقد كان النحاس يميل إلى التعاون مع البريطانيين في مواجهة دول المحور ومن ثم خير السفير البريطاني السير مايلز لامبسو، مسلحاً بإنذار ومدعوم بقوة عسكرية حاصرت قصر عابدين، الملك فاروق بين التنازل عن العرش أو تكليف النحاس برئاسة الحكومة فاختار فاروق العرض الثاني، ثم جاءت انتخابات مارس/آذار من ذلك العام فمنحت حزب الوفد نصراً ساحقاً.\nوفي أكتوبر/تشرين الأول من عام 1944 تفاوض النحاس على بروتوكول الإسكندرية، وكان خطوة نحو إنشاء جامعة الدول العربية في العام التالي، وهي منظمة إقليمية للدول العربية والتي أراد فاروق أن يضع نفسه على رأسها، بحسب دائرة المعارف البريطانية.\nوحول علاقة فاروق بالجيش البريطاني في أواخر الحرب العالمية الثانية نشرت بي بي سي وثيقة عن تلك الحرب تقول إنه في بداية عام 1945 كانت الحرب في أوروبا على وشك الانتهاء، وفي شمال إفريقيا هزم الجنرال مونتغومري الجيش الألماني وطرده أخيرا.\nوفي 18 فبراير/ شباط من عام 1945 وافقت قيادة البحرية البريطانية على طلب الملك فاروق زيارة حاملة طائرات تابعة للبحرية الملكية بالإسكندرية. ونظراً لأن الحاملة إتش إم إس هانتر كانت سفينة حربية بريطانية رفيعة المستوى، فقد طُلب من الكابتن تورليس الترفيه عن الملك فاروق وتوضيح كيفية عمل حاملة الطائرات.\nفقد أبحرت إتش إم إس هانتر من ميناء الإسكندرية وقام السرب 807 بمناورات وعرض تكتيكات قصف الأهداف أمام الملك المصري.\nحاملة الطائرات إتش إم إس هانتر\nوقد قدم الطيارون عرضا رائعاً وسهروا في الليل مع الملك في ملهى ليلي، وتلقى كل طيار ساعة يد ذهبية وتسلم الطاقم صناديق برتقال من بساتين الملك.\nوفي اليوم التالي، أبحرت إتش إم إس هانتر عبر البحر الأحمر صوب اليابان. بحسب وثائق الحرب العالمية الثانية التي نشرتها بي بي سي.\nولكن هل كان فاروق ميالا للبريطانيين؟ أو هل كان يسعى للحياد فعلا في الحرب العالمية الثانية؟ في كتابه "النازيون العرب القصة الكاملة لتحالف لم يكتمل"، قال الباحث رامي رأفت إنه بعد سقوط ألمانيا النازية وقعت وثائق تابعة لوزارة الخارجية الألمانية في يد الحلفاء تفضح علاقة الملك بالألمان، وفي أعقاب حرب 48 قدمت الولايات المتحدة للأمم المتحدة مذكرة من 11 صفحة عنوانها "سجل تواطؤ الملك المصري فاروق مع النازيين وحليفهم مفتي القدس".\nوفي كتابه "كيف سقطت الملكية في مصر؟ فاروق بداية ونهاية" يشير المؤرخ محمد عودة لاتصالات غير مباشرة بين هتلر وفاروق، بموجبها تم الاتفاق على أن يقدم الملك المصري دعماً لوجستياً وسياسياً للقوات الألمانية إذا نجحت في هزيمة الجيش البريطاني لتسهيل وصولها إلى قناة السويس ثم منابع النفط في الخليج العربي وإيران.\nتقول دائرة المعارف البريطانية إن الوطنية المصرية منيت بهزيمة مذلة على يد دولة إسرائيل الحديثة النشأة في حرب عام 1948، وقد أثارت الهزيمة العسكرية غضب العديد من ضباط الجيش المصري بشكل خاص، وانتهى الأمر بهم إلى الإطاحة بفاروق عام 1952.\nوقد فجر ذلك الغضب بشكل خاص ما عرف باسم "قضية الأسلحة الفاسدة" وهي القصة التي أثارها الأديب والكاتب الصحفي إحسان عبد القدوس الذي قال إن الجيش المصري تعرض للخيانة في حرب فلسطين عام 1948 واستخدم أسلحة فاسدة قتلته بدلا من قتل العدو، فكان ذلك سبب الهزيمة.\nصدر الصورة، Getty Images\nانتهت حرب 1948 بهزيمة القوات العربية\nولكن هل كانت هناك قضية "أسلحة فاسدة" فعلا؟ في كتابه "مذكراتي في السياسة والثقافة" أكد ضابط المخابرات الحربية السابق الدكتور ثروت عكاشة أن الآراء التي تقول بأن سبب هزيمة الجيش المصري في فلسطين عام 1948 هو فساد الأسلحة والذخائر آراء متجاوزة للحقيقة، وأن كل ما حدث هو انفجار ناجم عن خطأ في تعبئة الذخائر الإنجليزية، وكان مثل هذا الحادث وقع للجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية.\nوفي كتابه "كلمتي للتاريخ" قال اللواء محمد نجيب: "أنا لا أريد أن أنزلق مثل الكثيرين إلى تعليق عدم انتصارنا في حرب فلسطين على مشجب الأسلحة الفاسدة، وهي القضية التي استخدمت للدعاية ضد النظام القائم حينذاك، ولكنها انتهت ببراءة المتهمين".\nغير أنه من رحم حرب فلسطين وما أعقبها من قصة "الأسلحة الفاسدة" ولد تنظيم الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر والذي أطاح فيما بعد بفاروق وبالنظام الملكي كله.\nاستمر حكم فاروق 16 عاماً إلى أن أرغمته حركة الجيش في 23 يوليو/تموز من عام 1952 على التنازل عن العرش لابنه الطفل أحمد فؤاد والذي كان عمره حينها 6 أشهر وفي مساء يوم 26 يوليو/ تموز من عام 1952 غادر الملك فاروق مصر على ظهر اليخت الملكي المحروسة، وهو نفس اليخت الذي غادر به جده الخديوي إسماعيل عند عزله عن الحكم.\nمذبحة القلعة: كيف تخلص محمد علي من منافسيه في حكم مصر بضربة واحدة؟\nحكاية جمهورية زفتى التي أعلنت انفصالها عن مصر\nوفي هذا الإطار، يتحدث كتاب "سادة الصحراء" للمؤرخ البريطاني جيمس بار عن قصة التنافس الأمريكي البريطاني على المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، وقصة علاقة الجاسوس الأمريكي الشهير كيم روزفلت مع الضباط الأحرار وكيف التقى بمجموعة منهم في قبرص.\nصدر الصورة، Getty Images\nكانت الولايات المتحدة تحاول أن تسد الفراغ الذي تركته بريطانيا في الشرق الأوسط في أعقاب الحرب العالمية الثانية\nوكان ذلك قبل أشهر من الإطاحة بالملك فاروق الذي لطالما كان يردد قبل رحلته الأخيرة من الإسكندرية إلى إيطاليا بعد الانقلاب عليه أن ملوك العالم لن يبقى منهم سوى ملوك ورق الكوتشينة الأربعة وملك بريطانيا.\nكما كان الملك فاروق متيقنا في البداية أن حكمه سيأتي إلى نهايته في لحظة ما قريبة، فإن بريطانيا بدت بدورها متحسبة لانتهاء الدور، مما أجج صراعها مع الولايات المتحدة ودفع مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط وندل ولكي للقول: "إن الزمن الاستعماري أصبح من الماضي".\nفي تلك المرحلة بدت بريطانيا بحسب الكتاب كمن يصارع القدر لا سيما مع الترابط الذي بدا جليا بين تأميم مصدق في إيران للنفط في العام ١٩٥١ وطلبه خروج الموظفين البريطانيين من ميناء عابدان الإيراني، وبين تحرك البرلمان المصري لتعديل اتفاقية ١٩٣٦، حيث عبر تشرتشل عن الوضع بالقول إن أزمة السويس هي "لقيطة الحالة الإيرانية".\nوبعد نفيه من مصر، استقر الملك فاروق أولا في إمارة موناكو ثم انتقل إلى العاصمة الإيطالية روما.\nوتوفي الملك فاروق في مطعم إيل دو فرانس في روما في 18 مارس/آذار من عام 1965، بعد تناوله العشاء ولم يتم تشريح الجثة لمعرفة سبب الوفاة حيث رفضت العائلة ذلك.\nوفي حديث نشره موقع صحيفة الأهرام المصرية بتاريخ 9 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2018، قال الدكتور ماجد فرج المتحدث باسم الملك أحمد فؤاد الثاني ومؤرخ العائلة المالكة إن فاروق توفي في ليلة 18 مارس/آذار من عام 1965 وقد حدثت الوفاة في الساعة الواحدة والنصف صباحا بعد تناوله عشاء دسماً في مطعم ايل دي فرانس، وقد قيل إنه اغتيل بسم الاكوانتين، على يد إبراهيم البغدادي أحد أبزر رجال المخابرات المصرية، فهل كانت صدفة أن يعمل البغدادي نادلا لمدة شهر في نفس المطعم الذى اعتاد الملك فاروق الذهاب اليه؟ لقد كان ذلك بتكليف من القيادة السياسية التي كانت تخشى تحقق شائعة عودته لمصر.\nصدر الصورة، Getty Images\nفاروق في المنفى في إيطاليا مع صديقته ملكة جمال نابولي في عام 1954\nوقد رفضت أسرة الملك تشريح جثته وقتها، ربما لحرصها على أن تنفذ وصية الملك بأن يدفن في مصر.\nوأضاف الدكتور فرج قائلا للأهرام إن الرئيس جمال عبد الناصر رفض هذا الطلب آنذاك، لولا إلحاح العاهل السعودي الملك فيصل بن عبد العزيز بأن يدفن في مصر، واشترط الرئيس جمال عبد الناصر بأن لا يدفن في مدافن مسجد الرفاعي، ونقل جثمانه إلى مصر في منتصف الليل ودفن في جامع إبراهيم باشا بتكتم شديد، إلا أن الرئيس السادات سمح بنقله في وقت لاحق، وتم نقل رفاته ليلا وتحت حراسة أمنية إلى المقبرة الملكية بمسجد الرفاعي في القاهرة ودفن بجانب أبيه الملك فؤاد وجده الخديوي إسماعيل وبقية أعضاء الأسرة العلوية.\nتقول دائرة المعارف البريطانية إنه على الرغم من الشعبية الكبيرة التي تمتع بها في البداية فإن الخصومات الداخلية بين إدارته ونفور الجيش إلى جانب تجاوزاته وغرابة أطواره المتزايدة أدت إلى سقوطه وقيام جمهورية.\nوعلى الرغم مما نسب لفاروق من سلبيات سواء في فترة حكمه أو على المستوى الشخصي إلا أنه نسب إليه أيضا عدد من الإنجازات التي تمت في عهده.\nففي كتابه "سنوات مع الملك فاروق شهادة للحقيقة والتاريخ"، يقول الدكتور حسين حسني السكرتير الخاص للملك إن عهده شهد العديد من الإنجازات منها استبعاد الموظفين البريطانيين من قصر عابدين واستبدالهم بمصريين.\nصدر الصورة، Getty Images\nالملك فاروق وزوجته ناريمان عام 1951\nومن إنجازاته أيضا انضمام مصر إلى عصبة الأمم ثم الأمم المتحدة، وإنشاء الكلية الجوية "مدرسة الطيران العالي" بمنطقة ألماظة في عام 1937 والتي تحولت إلى كلية الطيران الملكية عام 1948، كما وقع اتفاقية مونتريه في عام 1937 مع الدول الأوروبية التي لها امتيازات أجنبية في مصر تم بموجبها إلغاء الامتيازات الأجنبية التي كانت تتمتع بها هذه الدول.\nوكانت تلك الامتيازات تنص على أنه إذا حدث خلاف بين مصري وأوروبي يفصل في الخلاف قنصل البلد الذي ينتمي إليه ذلك الأوروبي، وبعد توقيع اتفاقية مونتريه صار يفصل بينهما القضاء المصري.\nكما يعود إليه أيضا فضل عقد أول مؤتمر برلماني للبلاد العربية والإسلامية من أجل فلسطين، وإنشاء جامعة فاروق الأول بالإسكندرية والتي بدأت ببعض كليات تابعة لجامعة فؤاد الأول بالقاهرة في عام 1938، ثم أصبحت جامعة مستقلة في أغسطس/آب من عام 1942، وافتتاح متحف فؤاد الأول الزراعي.\n هل أطاحت المخابرات المركزية بالملك فاروق في يوليو ١٩٥٢؟\nلماذا يتوق بعض المصريين إلى عهد الملك فاروق؟\nوتزوج الملك فاروق مرتين، ولديه 3 بنات وابن واحد، والزوجة الأولى هي صافيناز ذو الفقار "الملكة فريدة" التي تزوجها عام 1938 وانفصل عنها عام 1948 وأنجبا فريال وفوزية وفادية، وزوجته الثانية هي ناريمان صادق التي تزوجها عام 1951 وانفصلا عام 1954 وأنجبا أحمد فؤاد.\nيذكر أن عدد المعجبين بصفحة الملك فاروق في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك يتجاوز 5 ملايين شخص.\n© سياستنا بخصوص الروابط الخارجية.

الخبر من المصدر