المحتوى الرئيسى

#كيف_أضحت؟ (24).. أنكور.. مدينة الألف معبد التي أسسها الهندوس لتصبح قبلتهم الدينية

05/06 13:27

بين الكتب والروايات إلى الأفلام، ترددت مدن وأماكن تاريخية عديدة على مسامعنا وأعيننا، حتى علقت بأذهاننا ونُسجت بخيالنا، بعدما جسدها الكتاب والمؤلفون في أعمالهم، لكننا أصبحنا لا نعلم عنها شيئا، في الوقت الحالي، حتى كثرت التساؤلات عن أحوال هذه المدن التاريخية الشهيرة، كيف أضحت وأين باتت تقع؟

بعض هذه المدن تبدلت أحوالها وأضحت أخرى مختلفة، بزمانها ومكانها وساكنيها، فمنها التي تحولت لمدينة جديدة بمواصفات وملامح غير التي رُسمت في أذهاننا، لتجعل البعض منا يتفاجئ بهيئتها وشكلها الحالي، ومنها التي أصبح لا أثر ولا وجود لها على الخريطة، ما قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها كانت مجرد أماكن أسطورية أو نسج خيال.

لكن، ما اتفقت عليه تلك المدن البارزة أن لكل منها قصة وراءها، ترصدها لكم "الشروق" في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، من خلال الحلقات اليومية لسلسلة "كيف أضحت؟"، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء المدن والأماكن الشهيرة التي علقت بأذهاننا وتخبركم كيف أضحت تلك المدن حاليا.

يقال إنها أسطورة المدن التاريخية، وأشهرها في العالم، بل وأكثرها أهمية لدى الهندوس، لقيمتها التاريخية والدينية، سميت بمدينة الألف معبد لكثرة معابدها المشيدة بأنحائها، وعرفت بأنها تحتضن في جنباتها نسبة كبيرة من آثار العالم، تختزنها في معابدها الأثرية، فهي مدينة أنكور التاريخية، التي ظلت لفترة كبيرة يعتقد بأنها أسطورة.

فالمدينة، التي تقع في أعماق غابات شمال كمبوديا، يعود تاريخ بنائها إلى آلاف السنين خلال حكم الخمير، سكان العالم القديم الذي سكنوا منطقة جنوب شرق آسيا، وكان حكامهم من الهندوس الذين يعبدون كآلهة، فقد استطاعوا، في القرن السادس الميلادي، الاستيلاء على مملكتي فونان وشتلا الهندوسيتين، ليؤسسوا إمبراطورية هندوسية موحدة، بدأت من الأراضي التايلندية إلى أنحاء كمبوديا.

وعلى مر السنوات والعقود وحتى القرون، ازدهرت إمبراطورية الخمير، فاستمرت لمدة 6 قرون، وتحديدا من القرن التاسع وحتى القرن الخامس عشر الميلادي، تأسست فيها حضارة مميزة تطورت بوضوح في مدينة أنكور، التي اتخذوها عاصمة ومقرا لإمبراطوريتهم الواسعة.

وشيد حكام الخمير، في مدينة أنكور، خلال تعاقب فترات حكمهم أكثر من ألف معبد، لعل أشهرها معبد "أنكور وات" الشهير، الذي شيده الملك سيرفان الثاني على شكل مستطيل، يتميز بفنائه الشاسع، الذي تتوسطه 5 أبراج على شكل زهرات اللوتس، كما تزين أروقته وساحاته تماثيل وتصاميم منحوتة تحكي أساطير ومعتقدات الخمير.

ومن المعابد المميزة للمدينة -أيضا- معبد "بايون"، الذي شيده الملك الخميري جيا فارمان السابع، والذي يضم أحجار صخرية ضخمة منحوتة على شكل رؤوس بشرية، تمثل في الأصل شكل وجه الملك جيا فارمان.

ولكن، مع حلول منتصف القرن الرابع عشر الميلادي، بدأت تايلاند، البلد المجاور لكمبوديا، في شن هجمات متتالية على العاصمة، إلى أن نجحوا بعد ما يقارب القرن، في القضاء على حكم الخمير، ونهب الكثير من ثروات المدينة وتركها فارغة، حتى هجرها سكانها.

وظلت المدينة الحصينة مهجورة مغمورة بين أشجار الغابات، معرضة للخطر جراء عمليات سلب ونهب الكنوز الموجودة بها، إلى أن اكتشف وجودها عالم التاريخ الفرنسي، هنري ماهوت، بمنتصف القرن التاسع عشر، وتحديدا في عام 1860، ليوجه أنظار العالم إليها، وإلى ما بها من كنوز تاريخية.

وبعدها بـ5 عقود، أسندت السلطات الكمبودية مهمة حماية المنطقة إلى هيئة رسمية تابعة لها، وخاصة مع عدم الاستقرار، والحروب الاهلية، والثورات التي اندلعت في المنطقة، ولكن سرعان ما تعذر على الهيئة ممارسة عملها، فتعرضت المدينة مجددا للإهمال والنهب، وراح اللصوص ينقلون ما بها من تماثيل لبيعها خارج الأراضي الكمبودية.

ولكن مع حلول عام 1992، ومع إدراج المدينة في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو، وضعت أنكور على قائمة أكثر الأماكن التاريخية المعرضة للخطر جراء عمليات سرقة كنوزها، وتقدمت العديد من الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها اليابان، بمشاريع ومبادرات تهدف إلى المحافظة على تراث هذه المدينة الأثرية.

ولكثرة معالمها الأثرية، ظلت أنكور تعد من أشهر المواقع التاريخية في العالم، بمعابد التي تعد آية وغاية في الإبداع والتصميم المعماري، وتماثيلها، وبحيراتها الشاسعة، ومساحتها الكبيرة، التي تمتد إلى أكثر من 400 كيلومتر مربع، لذا تعد أكبر موقع أثري في العالم.

وطبقا لمنظمة اليونسكو للتراث العالمي، فتسمى أنكور مدينة الألف معبد، إذ يصل عدد المعابد الموجودة في المدينة لأكثر من ألف معبد تاريخي، منها ما لا يزال يحتفظ بمعماره وشكله وما أصبح أكوام من الأنقاض المنتشرة حول حقول الأرز، إلا أن العديد من تلك المعابد قد تم ترميمها، نظرا لأهميتها وقيمتها التاريخية والدينية لدى الهندوس.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل