المحتوى الرئيسى

في مواجهة الحرب الباردة الجديدة.. فشل مجلس الأمن مستمر

04/20 20:30

نشرت موقع AllAfrica مقالا للكاتب ذاليف ديين يوضح فيه فشل مجلس الأمن في حل الصراعات الموجودة الآن، بل ساعد في تأجيجها، والذي أرجعه إلى أن مصالح وتحالفات دول أعضاء مجلس الأمن أصبحت تسمو على ميثاق الأمم المتحدة... نعرض منه ما يلي.

تهدد الحرب الباردة الجديدة- هذه المرة بين الولايات المتحدة والصين- بشل أقوى هيئة في الأمم المتحدة مع اجتياح الصراعات العسكرية والحروب الأهلية جميع أنحاء العالم، ومعظمها في إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.

الانتقادات المتزايدة الموجهة لمجلس الأمن تذهب بشكل كبير إلى إخفاقاته في حل الصراعات الراهنة والأزمات السياسية في سوريا، واليمن، وأفغانستان، والعراق، وماينمار، والصومال، وجنوب السودان، وأوكرانيا، وليبيا.. إلى جانب الإخفاقات المتتالية في حل القضية الفلسطينية.

الانقسامات الحادة بين الصين وروسيا من جانب والقوى الغربية من جانب آخر من المرجح أن تستمر، وهو ما يثير التساؤل؛ هل يبقى لمجلس الأمن فائدة أم أنه فقد مصداقيته السياسية؟ فما نراه أن كل قوة من القوى الكبرى الخمس تتمسك بحماية حلفائها، بغض النظر عما يرتكبه هؤلاء الحلفاء من جرائم حرب وإبادات جماعية وانتهاكات لحقوق الإنسان.

في الأسبوع الماضي، دعت ياسمين أحمد، مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في المملكة المتحدة، بريطانيا إلى تكثيف جهودها لحل الأزمة في ماينمار والبدء في التفاوض على مشروع قرار لمجلس الأمن يحظر بيع الأسلحة للجيش في ماينمار ويفرض عقوبات عليه. ففي ماينمار قتل أكثر من 580 شخصا، بينهم أطفال، منذ انقلاب الأول من فبراير، وقالت ياسمين أن مجلس الأمن عليه أن يتخذ إجراءات جوهرية بدلا من إصداره فقط للتصريحات.

ولكن، في معظم هذه الصراعات، حتى في ميانمار، من الصعب فرض حظر على الأسلحة، لأن موردي الأسلحة الرئيسيين للأطراف المتنازعة في هذه الصراعات هم الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن؛ الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا والصين.

وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن ما يحدث من تنامي للصراعات في العالم بأنه صراع بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية. في مقال نشرته مؤخرا صحيفة نيويورك تايمز، ذكر أن التحالف الأكثر لفتا للنظر هو التحالف الروسي الصيني، والذي قوي بعد ضم روسيا لجزيرة القرم عام 2014. كما أعلنت الدولتان بناء محطة أبحاث على القمر مشتركة، وهو ما يمهد الطريق للتنافس مع برامج الفضاء الأمريكية. وذكرت الصحيفة أن وجود تحالف تقوده الولايات المتحدة لمواجهة السياسات الاستبدادية للصين لم يؤد إلا إلى تعزيز طموح بكين في أن تصبح زعيمة عالمية للدول التي تعارض واشنطن وحلفائها.

قال إيان ويليامز، رئيس جمعية الصحافة الأجنبية بنيويورك، لوكالة إنتر بريس سيرفس أنه في البداية، عندما كان هناك أغلبية حليفة للولايات المتحدة في الجمعية العامة، كان يمكن للولايات المتحدة التظاهر بالفضيلة وتجنب استخدام حق النقض (الفيتو). ولكن كما هو الحال مع الأمم المتحدة والقانون الدولي، استخدام الولايات المتحدة للفيتو مع القضايا التي تمس إسرائيل شوه ما حاولت إظهاره من قيم، والآن روسيا تنتهج نفس النهج في سباق الفيتو مع سوريا. أشار إيان أن الصين تجنبت استخدام الفيتو إلا في القضايا التي تمس تايوان أو التبت.

في البداية كان هناك بعد أيديولوجي؛ العالم الثالث والاشتراكية ضد الإمبريالية. ولكن الأمر الآن أصبح يحكمه المعاملات، يهتم فيه من يملك حق الفيتو بعملائه وحلفائه، ولذلك سيكون وهما الاعتقاد بتبني أيا من الدول الخمس في مجلس الأمن خطوات تقدمية وبناءة، أو أن توجه أيا من هذه الدول الاتهام إلى الأخرى، فجميعهم يحمون حلفاءهم. والتاريخ يقول أن الحكومات تتسامح مع عمليات القتل الجماعي التي تتم في البلدان البعيدة عنهم أو التي لا يعرفون عنها إلا القليل مثل دارفور والبلقان ورواندا.. والآن ميانمار.

عندما سئل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس عن عمليات القتل في ميانمار وعدم اتخاذ مجلس الأمن إجراءات فعالة، قال أنطونيو للصحافيين "نحن بحاجة إلى مزيد من الوحدة في المجتمع الدول. نحن بحاجة إلى مزيد من الالتزام في المجتمع الدولي والضغط لعكس هذا الوضع. أنا قلق. وأرى حقيقة أن هذه الاتجاهات لا رجوع فيها، ولكن لا يمكننا التخلي عن الأمل".

قال فيجاي براشاد، المدير التنفيذي لمعهد الأبحاث الاجتماعية "Tricontinental" أن الأمم المتحدة تعتبر مؤسسة هامة، وعملية من نواح كثيرة، ولكنها غير مكتملة. فوكالات الأمم المتحدة- بما في ذلك منظمة الصحة العالمية واليونيسيف والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين- تقدم خدمات حيوية لشعوب العالم. ويجب العمل على تقوية هذه المؤسسات والتأكد من أنها تخدم أجندة عامة تعزز الأهداف الرئيسية للأمم المتحدة؛ حفظ السلام والقضاء على الجوع والأمية... إلخ.

ولكن، كما يشير فيجاي، فمجلس الأمن وقع ضحية للصراعات السياسية في العالم، ومن المستحيل بناء أطر أفضل للتعامل مع اختلافات القوى الكبرى. ولذلك سيكون من الأفضل بكثير تمكين الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي هي أكثر ديمقراطية. ولكن منذ السبعينيات رأينا كيف قامت الولايات المتحدة- على وجه التحديد- بتقويض الجمعية العامة للأمم المتحدة من اتخاذ القرار وتحويلها بشكل حصري لمجلس الأمن. ومنذ سقوط الاتحاد السوفياتي، أصبح الأمين العام للأمم المتحدة خاضعًا للحكومة الأمريكية.

قالت السفيرة الأمريكية ليندا توماس جرينفيلد للصحفيين في 31 مارس أنه "فيما يتعلق بالعمل مع نظرائي في مجلس الأمن، أعلم أن هناك مجالات- وهذا نقاش أجريته مع كل زملائي الروسيين والصينيين– تعتبر خطوطا حمراء... هناك مناطق تثير مخاوفنا، وكنا منفتحين وكنا صريحين بشأن هذه المخاوف. على سبيل المثال ما يحدث مع الأويغور في الصين، وما تقوم به روسيا في سوريا... ولكن نحن نعرف الخطوط الحمراء".

وتستطرد ليندا قائلة ""لقد حاولنا سد هذه الفجوات، لكننا نحاول أيضًا العثور على تلك المجالات التي لدينا فيها أرضية مشتركة. واستطعنا إيجاد أرضية مشتركة في بورما (ميانمار). مع الصينيين، نعمل على قضية تغير المناخ بطريقة إيجابية... وبصفتي أكبر دبلوماسية أمريكية في نيويورك، فإن مسؤوليتي هي إيجاد أرضية مشتركة حتى نتمكن من تحقيق أهداف مشتركة، وهذا لا يعني منح أيا من الدولتين تصريحا بانتهاك قيم حقوق الإنسان أو الدفع باتجاهات غير مقبولة".

في هذه الأثناء، وبالعودة إلى حقبة ماضية، خلال ذروة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في الستينيات، كانت الأمم المتحدة ساحة المعركة الأيديولوجية بين الأمريكيين والسوفييت- إما في الجمعية العمومية أو على طاولة مجلس الأمن. لا يمكن نسيان الحرب الكلامية التي حدثت في أكتوبر عام 1962 عندما تحدى السفير الأمريكي أدلاي ستيفنسون (1961-1965) المبعوث السوفيتي فاليريان زورين بمزاعم بأن الاتحاد السوفياتي قد نقل صواريخ نووية إلى كوبا وعلى مسافة قريبة من الولايات المتحدة. وبلهجة حادة قال ستيفنسون لزورين " أذكرك أنك لم تنكر وجود هذه الأسلحة. وبدلاً من ذلك، سمعنا أنهم أصبحوا فجأة أسلحة دفاعية. لكن اليوم- مرة أخرى، إذا سمعتك بشكل صحيح- فأنت تقول الآن أنها غير موجودة، أو أننا لم نثبت وجودها... حسنًا يا سيدي، دعني أطرح عليك سؤالًا بسيطًا واحدًا. هل تنكر أن الاتحاد السوفياتي قد وضع ويضع صواريخ متوسطة المدى في كوبا؟ نعم أم لا؟"

رد زورين: "أنا لست في قاعة محكمة أمريكية، وبالتالي لا أرغب في الرد على سؤال تم طرحه علي بنفس الطريقة التي ينتهجها المدعي العام. في الوقت المناسب، سيدي، سوف تحصل على ردك. لا تقلق".

وحتى لا يشعر ستيفنسون أن زورين تفوق عليه قال "أنت في محكمة الرأي العالمي الآن، ويمكنك الإجابة بنعم أو لا. لقد أنكرت وجودهم. أريد أن أعرف ما إذا كنت فهمتك بشكل صحيح"... عندما قال زورين أنه سيقدم الإجابة في الوقت المناسب، رد ستيفنسون رده الشهير قائلا "أنا مستعد لانتظار الإجابة حتى يتجمد الجحيم".

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل