المحتوى الرئيسى

الدراما.. سلاح الوعى| مشاهدات من المحيط إلى الخليج.. الدراما الوطنيـة الرهان الناجح فى معركة الوعى

04/16 19:09

قبل أعوام سأل الرئيس عبد الفتاح السيسى الفنانة يسرا والفنان أحمد السقا عن حال الدراما، ودورها الخطير فى تشكيل وعى المجتمع ودعاهما الى تقديم اعمال وطنية ذات قيمة تساهم فى تقديم الواقع للناس. تحدث الرئيس فى ذلك التوقيت بلسان الناس، كان ناقدا لموجة دراما العشوائيات والبلطجة والمخدرات وتأثيرها السلبى على الأطفال والمراهقين وميلهم الى تقليد ما يرونه فى المسلسلات ونقلها لصورة مسيئة لمصر فى الخارج .

لسنوات دارت الدراما المصرية فى فلك العشوائيات والعلاقات الإنسانية الشاذة وقدمت صورة مخيفة وفجة عن الشعب المصرى، وكان الإنتاج الفنى فى مصر يتعلل بأن المكسب المادى مرتبط بتقديم تلك النماذج لأنها تجذب المشاهدين والمعلنين والمكسب المادى هو ما يمكن الصناعة من الاستمرار . إلى ان كسر "فيلم الممر" تلك المعادلة، والتف المصريون والعرب حول الشاشات يتابعون بطولة من بطولات حرب الاستنزاف وانهارت كل "حجج الناس عايزه كده" بأن الناس تبحث عن عمل فنى يحترم عقولها ولا يخاطب غرائزها . وفى الموسم الحالى تعرض الأعمال الوطنية المصرية على اكثر من شاشة عربية وهى أعمال فنية متقنة بالدرجة الأولى مثل: الاختيار 2 والقاهرة كابول وهجمة مرتدة وموسى وهى الدراما التى كسرت معادلة القبح بمعادلة فنية تنطلق من رسالة وعى وطنية كانت غائبة لسنوات وعبر هذه الرسالة استعادت مصر قوتها الناعمة وعادت الدراما المصرية لجذب الأشقاء من المحيط الى الخليج الى الدراما الفنية المصرية التى تستعيد ذاكرة رأفت الهجان ودموع فى عيون وقحة وليالى الحلمية بأعمال درامية لديها نفس القيمة الفنية العالية ويتبارى فيها المبدعون المصريون الذين يجددون دم الدراما المصرية بجيل جديد يمكن ان نطلق عليه جيلا أو موجة عودة الوعى الى الدراما المصرية.

المنتج‭ ‬القوى‭ ‬أعاد‭ ‬الدراما‭ ‬المصرية‭ ‬لمكانتها‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬العربية

حظى ملف الدراما باهتمام الدولة المصرية خلال السنوات الثلاث الاخيرة من خلال خطة وضعتها وعملت على تنفيذها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية− وهى شركة وطنية فى المقام الأول− بهدف إصلاح حال الدراما التى اعتراها الضعف والوهن وتعرضت لهزات عنيفة خلال سنوات سابقة؛ وكادت أن تفقد عناصر جذبها وقوتها وانصرف المشاهد المصرى والعربى عنها كما أنه جرى تقديم أعمال  كان يمكن استخدامها فى تدمير الهوية الوطنية بعد أن ركزت الأعمال التى كانت تقدم فى تلك الفترة على أعمال البلطجة والعنف والفساد والتى بدأ تقديمها مع بداية الالفية الجديدة، وتصاعدت موجتها بعد ثورة 2011 فأصيب المشهد الإنتاجى للدراما سواء سينما أو تليفزيون بحالة من الفوضى العارمة والتى كانت جزءا من الحالة التى انتابت البلاد فظل المنتجون والمخرجون يؤكدون ويبررون ما يقدمونه على أن الفن مرآة الواقع ويعكس ما يحدث فى المجتمع، كما أن النهاية دائماً ما تكون مؤسفة لحال هذا البلطجى سواء بموته أو القاء القبض عليه لما قام به من أعمال خارجة على القانون مثل"خالتى فرنسا"و"إبراهيم الابيض"، ثم "قلب الأسد"و"الألماني"و"الطيب والشرس والسياسي"و"عبده موتة"،و"القشاش"،وصولاً لـ"ولاد رزق"، ومسلسلات مثل"البلطجي"و"طرف ثالث"و"الاسطورة"،و"ابن موت" وغيرها من هذه النوعية من الاعمال.

الهدف الأول فى خطة الاصلاح الساعية إلى ضبط نوعية الموضوعات التى يتم تقديمها أحدث حالة من التحول من قضايا العشوائيات والبلطجة والفساد إلى توثيق البطولات المصرية ومكافحة التطرف والإرهاب، لأن العقل الذى يخطط لعملية التحول فى نوعية الدراما يدرك جيدا أن المعركة ضد الأرهاب والتطرف هى معركة وعى فى المقام الأول ، كما يدرك أن الدراما تشكل جزءاً كبيرا من الوعى الحقيقى للمواطن المصرى والعربى أيضا من منطلق مسئولية الدراما المصرية ودورها فى تشكيل الوعى المصرى والعربى عبر سنوات طويلة كان للدراما المصرية اليد الطولى فى ذلك ،ولكن تراجعت فى وقت من الاوقات وقد حان الوقت لاستعادتها، كما أن هذا العقل يعى جيدا أننا فى حاجة إلى استعادة هذه الأداة ،ونجح فى ذلك خلال العام الماضى ومستمر فى التأكيد على استعادتها من خلال خطة درامية بشقيها التلفزيونى والسينمائي، حتى يكتب التاريخ ويسجل الحاضر بحس المسئولية لتحقيق النجاح فى تطوير الدراما ومحتوياتها لتشكيل حالة وعى عامة كى نبنى على ما أنجز مع استعادة ألق الماضي.

ومنذ أن تولى الرئيس السيسى المسئولية وهو يطالب بحتمية قيام الإعلام بصفة عامة والدراما بصفة خاصة بدورهما المطلوب فى تنمية الدولة، من خلال الاهتمام بالقضايا الوطنية ومخاطبة الوعى فقد أشاد الرئيس بالجزء الأول من مسلسل"الاختيار" الذى عرض فى رمضان الماضى وهو العمل الذى سلط الضوء على الحرب ضد الإرهاب فى شمال سيناء، واعتبر الرئيس أنه على مدار سنين لم ينجح أحد فى تقديم الرسالة بنفس المستوى، وقال أن مسلسلا واحدا لا يكفي".. وأضاف الرئيس قائلا:المطلوب كتير قوى لأن احنا دلوقتى موجودين وانتم عايشين اللحظة اللى بتحصل فى سيناء وحجم الإنجاز اللى ربنا ساعدنا فيه وكنا فين فى 2012 وبين دلوقتي، وبالتالى حق الأجيال الحالية والقادمة والأحفاد كمان إنهم يشوفوا مش نضال المصريين للحفاظ على بلدهم، لا، يشوفوا أد ايه مصر قدمت"..هذه الكلمات التى قالها الرئيس السيسى كانت بمثابة دافع  قوى لصناع الدراما لتقديم منتج درامى قوى يمتلك القدرة على المنافسة بل والتفوق فى السوق الدرامى وهو ما تم ترجمته فى اعمال درامية تهتم بالقضايا الوطنية وتخاطب الوعى، وفى نفس الوقت نجحت فى استعادة الدراما المصرية لمكانتها فى الاسواق والشاشات العربية التى عادت من جديد تعرض مسلسلاتنا وهو ما انعكس على عودة الارباح للإنتاج الدرامى المصرى ، بعد أن عادت الفضائيات العربية تعرض المسلسلات المصرية من جديد، ناهيك عن زيادة تأثير الدراما المصرية فى محيطنا الإقليمي، وقد ظهر واضحا فى الأعمال الدرامية التى يتم تقديمها اهتمام الدولة المصرية بدعم الفن المصرى من خلال الامكانيات الضخمة التى توفرها لإنتاج الأعمال الدرامية الكبيرة وكانت البداية بفيلم∪الممر∪وفيلم "السرب" الذى يتناول بطولات القوات الجوية المصرية للثأر لابنائها المصريين الذين اغتالتهم يد الإرهاب فى ليبيا .

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل