المحتوى الرئيسى

حوار مع فريق المصري بعد فوزه بإعادة إعمار مجمع جامع النوري في الموصل

04/16 18:51

كشف الفريق الهندسي المصري النقاب عن كواليس تصميمه الهندسي الفائز بالمسابقة الدولية المعمارية لإعادة بناء الجامع النوري التاريخي، في مدينة الموصل العراقية، والذي اختير من بين 123 تصميما.

ويعتبر جامع النوري أحد العناصر الرئيسية في مشروع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الطموح "إحياء روح الموصل"، والذي تموله دولة الإمارات، والرامي إلى إعادة تأهيل المدينة القديمة في الموصل، والتي كانت قد تعرضت للخراب والدمار، على يد داعش، أثر احتلالها من قبل التنظيم الإرهابي في العام 2014.

وفي حوار أجرته "أخبار الأمم المتحدة" مع أعضاء فريق المهندسين المصريّين الثمانية، قال د. صلاح الدين هريدي، رئيس الفريق، إن مثل هذه المسابقات مثيرة للجدل، لأنها تتضمن الحفاظ على القديم، والتجديد وترميم ما هُدم، والنمو في المجتمعات العربية أخذا بعين الاعتبار احتياجات الأشخاص الذين يعيشون فيها.

 وأوضح هريدي: "لقد كانت هناك مناقشات كثيرة في الفريق وتقييم شديد للحلول التوافقية بقدر كبير. ولكن في وقت معيّن، أدركنا أنه لا بد من القفز خارج ما هو تقليدي، وأن نقوم بعنصر المغامرة وهي سمة المسابقات".

وانطلقت الشرارة الأولى لمبادرة اليونسكو الرائدة "إحياء روح الموصل" في عام 2018 بغية إعادة تأهيل النسيج التاريخي لمدينة الموصل القديمة، وإنعاش الحياة الثقافية فيها، وتعزيز نظامها التعليمي لضمان تنعّم الجميع بتعليم جيّد.

وأشار عضو الفريق، د. خالد الديب، إلى أن "اليونسكو هيئة معتبرة والمشروع كان مليئا بالتحديات.. والمشاركة في المسابقة لها أبعاد أخرى، تتجاوز الجمال وتصميم المباني. إذ توجد أبعاد تتعلق بالإنسان والمجتمع وإعادة اللحمة للمجتمع، وقد أحببنا الدخول في المسابقة".

وكانت اللجنة التوجيهية المشتركة قد اشترطت على المشاركين الحفاظ على أجزاء من قاعة الصلاة التي نجت من الدمار الذي لحق بالجامع في عام 2017، ودمجها مع المباني الجديدة.

ودعت اللجنة إلى إعادة تأهيل الصروح التاريخية كجزء من الموقع الذي سيكتسي حلّة جديدة بفضل التصميم الجديد.

يقول هريدي: "هناك شيء اسمه "ذاكرة المكان"، بلا شك أنه ليس نفس المكان وتغيّر، ولكن إذا كانت هناك حديقة في المكان، فتوجب علينا أن نعطي هذا التعويض للسكان كي نحافظ على ذاكرة المكان".

يهدف المشروع أيضا إلى إنشاء مساحات جديدة مخصصة للمجتمع المحلي، لاستخدامها في إطار التعليم والأنشطة الاجتماعية والثقافية، ويخدم سكان الموصل بطرق تتجاوز وظيفته الدينية الرئيسية.

يقول عضو الفريق المصري، د. شريف فرج: "في الأساس كانت الفكرة الرئيسية بعد الدمار الذي وقع في المدينة والتشتت، هي كيف يمكن إعادة القصة للأشخاص الذين كانوا يعيشون فيها، دون أن نخلّ أو نضع أثرا سلبيا يذكرهم بأحداث أليمة حدثت في المنطقة".

وبدأ الفريق المصري التفكير بإعادة شكل المبنى، ووضع إضافات عليه. وقال: "نظرنا في الاحتياجات المطلوبة لقاعة الصلاة، وما هي الأمور التي لم تكن متوفرة، كالتهوية والإضاءة. وبناء عليه بدأنا نفكر بمعالجة مشاكل التهوية والإضاءة، وأيضا هذا المبنى تاريخي بحالة مليئة بالتحديات، فرأينا وضع الإضافة الخاصة بنا دون التأثير السلبي على الروح الأساسية للمشروع أو للمسجد".

وأراد الفريق إيجاد طريقة تنفيذية لتلافي عيوب الماضي، بحيث لا تتسبب طريقة البناء بدمار لما تبقى من آثار، مع الحفاظ على القبّة أثناء التعمير. وشدد الفريق على أن الهدف هو الحفاظ على وحدة المبنى التراثي.

يقول صلاح الدين هريدي: "المشروع هو ليس إعادة وتطوير المسجد فقط، ولكن الحالة العامة للمنطقة كاملة، هناك مبان إضافية وتعليمية هي جزء من البرنامج المطلوب. ولكن الموضوع المفصلي هو المسجد وامتداده وكيفية إيجاد حالة المساحة المفتوحة بدورها الديني والاجتماعي والتعليمي والسكاني".

وشدد د. خالد الديب على أن الفكرة الأساسية لمشروع "حوار الأروقة" تقوم على مبدأ التسامح، وإعادة التسامح، بعد تعرّض الموصل لأحداث قاسية جدا، وتقوم على الانفتاح مرة أخرى والعودة للحياة بسلام وتعايش.

وقال إن الفريق أضاف جزئين للمشروع: "أضفنا جزءا لمركز مجتمعي ليخدم المجتمع على مراحل مختلفة.. وأضفنا متحفا مصغرا ليروي قصة وتاريخ ما حدث، وإعادة اللحمة الوطنية وإعادة إحياء روح الموصل".

الفرق في البناء بين مصر والعراق

يشير عضو الفريق، المهندس طارق علي، إلى أن أي مشروع لا يرتبط بالسياق والمكان الذي يتواجد فيه،

وكانت اليونسكو قد استهلّت المسابقة الدولية لإعادة بناء وإعادة تأهيل مجمع جامع النوري في الموصل، في شهر نوفمبر 2020. هذا وأعدّت المسابقة بتنسيق وثيق مع وزارة الثقافة العراقية وديوان الوقف السني العراقي، وبدعم من الإمارات العربية المتحدة، وهم جميعاً أعضاء في اللجنة التوجيهية المشتركة للمشروع.

وقد فاز الفريق المصري الذي يضم د. صلاح الدين هريدي، ود. خالد الديب ود. شريف فرج والمهندس طارق علي، وأربعة مصممين معماريين وهم نهى منصور ريان وهاجر عبد الغني جاد ومحمود سعد جمال ويسرا محمد البهاء. كما شارك زميلهم د. سيّد رمضان في النقاشات.

وسيحصل التصميم الفائز على جائزة قدرها 50 ألف دولار أميركي، وكذلك على العقد الذي يقضي بإعداد التصميم المفصّل للمجمع.

ويرى الفريق المصري أن العمارة الإسلامية في العراق وسوريا ومصر كانت في عصر ما متقاربة. وقال د. صلاح الدين هريدي: "الأهم أن يفهم المرء المجتمع، لأن العمارة إفراز للمجتمع. هذا المبنى نشأ في عصر شهد ارتباطا وتجارة وثقافة مشتركة، هي فروق محلية، لكنّ الارتباطات عامّة. مثلا هذه القبة نجد كثيرا منها في مصر الإسلامية. المسألة ليست بعيدة وجميعنا عرب ونفهم بعضنا البعض".

بحسب اليونسكو، سيعدّ المهندسون تصميماً أكثر تفصيلا لمشروع إعادة بناء مجمع جامع النوري، المزمع استهلاله في أواخر خريف عام 2021. ويؤكد د. صلاح الدين هريدي أن ما يحكم هذا الأمر هو أمور إدارية وفنية ومادية. لكنّه أضاف أنه في بعض الأحيان تتكشف إجراءات لم تكن معلومة من قبل. وقال: "عندما يبدأ الجانب التنفيذي، يكون الأمر مختلفا. الموضوع سيستغرق وقتا، ولكنني أشعر أن هناك حماسا من الأطراف المشاركة، والمنظمة، وهذا سيكون أمرا إيجابيا".

وأكد عضو الفريق د. شريف فرج على أن الفريق لم يفكر في الجامع على أنه جامع، بل دوره كمكان للعبادة: "هو مساحة للتعامل الإنساني التي يمكن أن تحصل لكل شخص في كل الأوقات والحالات، المساحة المفتوحة التي أنتجت في المشروع هي مساحة تعطي الحرية ليفعل كل شخص ما يحب أن فعله: شخص يصلي، شخص يدرس، شخص يتروّح، هي مساحة للناس للتواصل".

نرشح لك

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل