المحتوى الرئيسى

#كيف_أضحت! (4)| إسبرطة.. من مدينة أرعبت العالم القديم إلى وجهة سياحية بارزة

04/16 12:36

بين الكتب والروايات إلى الأفلام، ترددت مدن وأماكن تاريخية عديدة على مسامعنا وأعيننا، حتى علقت بأذهاننا ونُسجت بخيالنا، بعدما جسدها الكتاب والمؤلفون في أعمالهم، لكننا أصبحنا لا نعلم عنها شيئا، في الوقت الحالي، حتى كثرت التساؤلات عن أحوال هذه المدن التاريخية الشهيرة، كيف أضحت وأين باتت تقع؟

بعض هذه المدن تبدلت أحوالها وأضحت أخرى مختلفة، بزمانها ومكانها وساكنيها، فمنها التي تحولت لمدينة جديدة بمواصفات وملامح غير التي رُسمت في أذهاننا، لتجعل البعض منا يتفاجئ بهيئتها وشكلها الحالي، ومنها التي أصبح لا أثر ولا وجود لها على الخريطة، ما قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها كانت مجرد أماكن أسطورية أو نسج خيال.

لكن، ما اتفقت عليه تلك المدن البارزة أن لكل منها قصة وراءها، ترصدها لكم "الشروق"، في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، من خلال الحلقات اليومية لسلسة "كيف أضحت!"، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء المدن والأماكن الشهيرة التي علقت بأذهاننا وتخبركم كيف أضحت تلك المدن حاليا.

بين الأفلام السينمائية العالمية والروايات والكتب الأسطورية، تعدد ذكر إسبرطة، تلك المدينة اليونانية والدويلة التي كانت بؤرة القوة في العالم اليوناني القديم، في القرن الخامس قبل الميلاد، وعرفت بفرسانها ومحاربيها الأقوياء، فحيكت حولها الأساطير والحكايات والقصص العديد، ولكن ما حقيقتها وكيف حالها اليوم؟

فعن حالها قديما حكى الفيلم الحربي الملحمي الأمريكي، "300"، قصة هجوم جيش الفرس على اليونان وكيف تصدى لهم فقط ثلاثمائة جندي إسبارطي بشجاعتهم الأسطورية، وفي الصفحات الأولى من رواية "واحة الغروب" الصادرة عن دار الشروق، عقد الكاتب بهاء طاهر مقارنة ما بين مجتمع الواحة الصغير في سيوة أواخر القرن التاسع عشر، وبين المدينة اليونانية التي اشتهرت في العصور القديمة بقوة جيشها، فوصفها بماكينة لإنتاج العسكر.

إسبرطة.. أرض المحاربين الأقوياء

كانت إسبرطة قديما مدينة يونانية، وأحد أقوى ممالك اليونان القديمة، تقع على جانب نهر يوروتاس في جنوب شرق إقليم بيلوبونيز اليوناني، فتأسست في القرن العاشر قبل الميلاد، عبر تجمع القرى الأربع (لمناي، ميسوا، كينوسورا، بيتاني)، واشتهرت بمجتمعها العسكري، الذي ينشأ أبناءه بصفة أساسية على القتال.

وحالها كحال أثينا، كانت إسبرطة "مدينة دولة"، ونوع من البلدان الصغيرة المستقلة، على الرغم من أنها جزء من اليونان، فتمتعت بحكم مستقل، وكانت المدينة الوحيدة التي يحكمها ملك مقيد بدستور وبرلمان إرادته فوق إرادة الحاكم، وبلغت ذروة قوتها ومجدها، لتقود العالم القديم في الفترة من عام 550 إلى 350 قبل الميلاد.

المجتمع الذكوري الذي قاد العالم القديم

ومدينة إسبرطة، التي تميزت بالعنف والعسكرية منذ نشأتها، كانت من أفضل المدن اليونانية، وأكثرها تحقيقا للبطولات في بلاد الأغريق، فتميزت بقوتها وخوضها للعديد من المعارك، حتى أنها قادت حروبا ضد الفرس دامت قرابة قرن من الزمان، حاولت فيها غزو بلاد فارس ولكنها فشلت، وفقا لما ذكر في كتاب "سنن قيام الحضارات وسقوطها قديما وحديثا" بآراء ابن خلدون.

وذكر المؤرخون أن المجتمع الإسبارطي كان مجتمعا ذكوريا من الدرجة الأولى، يعتمد على تهميش دور المرأة واستقلاليتها، ويولي اهتمامه الأكبر لتربية الذكور من عمر الرابعة عشر عاما حتى العشرين على التربية العسكرية المكثفة، فكانت حياتهم حياة حادة عنيفة لا تعرف المرح، ومع ذلك، فقد استطاعت إسبرطة من خلال هذه التربية العسكرية تكوين أقوى دويلات العالم.

عداء أثينا وبسالة إسبرطة

لم يأت اهتمام إسبرطة وهوسها بإعداد المحاربين من فراغ، ‏ففي كتاب "اليونان.. مقدمة في التاريخ الحضاري"، الصادر عام 1996، أرجع الكاتب اتجاه إسبرطة نحو النظام العسكري بعد أن اضطرت إلى خوض حروب طويلة مع جيرانها، وعلى رأسهم أثينا، التي خاضت معها حربًا طاحنة استمرت لربع قرن، غير أن أثينا وإسبرطة سرعان ما اتحدتا عام 481 قبل الميلاد، رغم حروبهما، عندما تقدم الفرس باتجاه اليونان.

ورغم أن أثينا استطاعت التصدي للغزو الفارسي في الحملة الأولى، غير أن الحملة الفارسية الثانية كانت لتدمر جيش أثينا، لولا بسالة الإسبرطيين، الذين أمنوا انسحابا بأقل للخسائر للجيش الأثيني، فاستبسل ثلاثمائة من أشجع قادة إسبرطة العسكريين، ووقفوا بوجه الجيش الفارسي وضحوا بأرواحهم، حتى انسحب جيش أثينا إلى موقع آمن بعد إحراق مدينتهم، وبعدها عاد الإسبرطيون واتحدوا مع أثينا والمدن اليونانية لينتصروا على الفرس ويلقنوهم درسا.

ليلة سقوط إسبرطة

بعد هزيمة الفرس، ساد اليونان سلام لم تعهده قبلا استمر لمدة عشرين عاما، قبل أن تؤدي النزاعات والتحالفات الجديدة إلى بروز مدينة طيبة اليونانية كقوة عسكرية، وفي عام 371 قبل الميلاد، تمكنت من كسب ود معظم الناقمين، وهزيمة إسبرطة في موقعة ليوكترا، لتتدهور مكانتها السياسية والعسكرية منذ ذلك الوقت.

إسبرطة.. المدينة الخلابة

واليوم، تقع إسبرطة في مقاطعة لاكونيا، في الجنوب الشرقي من اليونان، وتحديدا على موقع إسبرطة القديمة على ضفاف نهر يوروتاس، النهر الرئيسي للمنطقة.

وتُعد إسبرطة من المدن الخلابة التي تزخر بالعديد من المعالم الأثرية والمواقع الجذابة، وهي من أجمل المناطق السياحية، التي تجذب إليها الكثير من السائحين سنويًا.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل