المحتوى الرئيسى

أطباق رمضان  تعود إلى العصر الأندلسى.. والملك يحرص على «الدروس الحسينية»

04/16 04:16

تمتزج طقوس شهر رمضان فى دولة المغرب بين عبق التاريخ وأصالة الحاضر, ومع ما فرضه فيروس كورونا من إجراءات احترازية, يحاول المغاربة الاستعاضة عن التواصل البشرى الكبير فى ليالى رمضان, بالتواصل عبر منصات التواصل الاجتماعى.

اقرا ايضا|حلويات رمضان| طريقة عمل الـ«سويت توست» بالعسل والقشطة

وقد عرفت المغرب قبل اجتياح كورونا العالم, العديد من مظاهر الاحتفال والاحتفاء بالشهر الكريم, فيبدأ المغاربة بتهنئة بعضهم البعض برمضان بقول «عواشر مبروكة», أي عشر الرحمة، وعشر المغفرة، وعشر العتق من النار.

ويستعد البيت المغربى للشهر الكريم قبل حلوله، حيث تُعلن حالة استنفار قصوى استعداداً لأجواء الصيام، ويتهافت الناس على الأسواق، خاصة الشعبية منها، والتي تعبق بروائح لا تخطئها الأنوف، وتزدهر تجارة التوابل التي تصنع منها الأكلات المغربية الشهيرة التي تتسيد المائدة في شهر الصوم, كما تفتتح محلات موسمية تعرض الحلويات الخاصة برمضان.

ومما يلفت الانتباه في السلوك الاقتصادي للمواطن المغربي في هذا الشهر، أن الإنفاق الزائد لا يقتصر على طبقة بعينها، ذلك لأن الشرائح الضعيفة والميسورة تبذل وسعها لتجهيز موائد الإفطار والعشاء والسحور، وتكون نتيجة ذلك الإسراع إلى شراء المواد الغذائية, حيث يكون هناك ندرة فى بعض هذه المواد، وبالإضافة لإرتفاع الأسعار، وذلك برغم جهود المراقبة التي تقوم بها السلطات الحكومية، من جهة. بل أكثر من ذلك، تتنافس مؤسسات القروض على إغراء صغار الموظفين وذوي الدخل المحدود بالاستفادة من فرص للحصول على سلفات للتكفل بمصاريف الشهر.

ومن العادات القديمة التى يبدو أنها في طريقها إلى الاندثار، نجد فى المغرب شخصية «النفار» الرمضانية, وهى تشبه إلى حد كبير «المسحراتى».

والنفار أيضاً هو من يوقظ الناس في وقت السحور، وما زالت بعض المناطق القديمة تعتمد هذا التقليد التراثي القديم الذي اشتهر به المغرب.

أما عن البيت المغربى والمائدة المغربية فى شهر رمضان, فالمرأة هى سيدة الموقف هناك، حيث تهتم ربّة البيت إلى حدٍّ كبيرٍ بالزينة وتجهز البيت لاستقبال الضيوف من الأهل والجيران، حيث تزدان أركان المنزل بالزهور الطبيعية والأعشاب الخضراء، ويشتري الأب أو كبير العائلة مجموعة كبيرة من المسابح ويهديها للأطفال الصغار.

وترتدي الفتيات دون سن البلوغ فستاناً يسمَّى «تكشيطة»، وهو رداء نسائي تقليدي مغربي، كما تكسو أيديهن نقوش الحناء، وتمتلئ حقابهن الصغيرة بالتمر والجوز والمكسرات.

وعلى أنغام أصوات المدافع وزغاريد النساء، تعمل السيدات على تجهيّز ألذ الأطباق والحلويات، وقبل جائحة كورونا كانت شوارع المدن المغربية لا تنام تقريباً فرحاً بالشهر الكريم.

والوجبة الرئيسية للمغاربة فى رمضان تكون بعد منتصف الليل، حيث يتناولون السمك واللحم والأطعمة الدسمة الأخرى؛ كالكسكسي المغربي والباسطيلة (هو طبق تقليدي مغربي، أندلسي الأصل, نوع من المعجنات المصنوعة من العجين والمحشوة بالبصل، أو الحمام أو الدجاج، أو الديك الرومي، أو المأكولات البحرية في الآونة الأخيرة، بالإضافة للبقدونس، والكزبرة، والبيض المسلوق واللوز، خليط من الحلو والمالح، بنكهة القرفة).

كما تمتاز المغرب بمجموعة من الأطباق الفريدة والضاربة بعمقها فى التاريخ, فهناك «البريوات» (هو طبق ينتمي لعائلة الفطائر، الذي يحضر بورق البسطيلة المتكون من عجين رقيق للغاية يصنع بالدقيق والماء والملح في الفرن أو مقلية في حمام زيت, تحشى البريوات باللحم, وفي معظم الأحيان يكون بالدجاج أو لحم الضأن أو السمك، والشعرية الصينية وبعض الخضار ثم تلف في ورق بسطيلة المغربية على شكل ثلاثي أو أسطواني وترش بالجبن والليمون أو حلوة فتحشى بعقدة اللوز. غالباً ما تتبل بالتوابل للحصول عليها مالحة أو بمسحوق السكر للحصول عليها حلوة), وأيضاً  شوربة «حريرة» (أصلها أندلسى, ومكونة من لحم, وحمص مسلوق, وعدس, وكزبرة, وطماطم, وزيت زيتون, وبصل, وقرفة, وفلفل أسود وفلفل أحمر, وزنجبيل, وكركم أصفر, ودقيق), أما الحلويات فهناك «الشباكية» (ولا يخلو منها بيت مغربي في شهر رمضان، وغالباً ما يتم تناولها بالشاي المنعنع، وتعتبر الشباكية المغربية من أقدم الحلويات المعروفة في المطبخ المغربي, وهي تشبه إلى حد ما الحلوى المعروفة في المشرق والمغرب بالزلابية، والشباكية تقترن بشهر رمضان، وعيد الفطر خصوصاً، ولها شكل مميز، وهى مغطاة بالعسل وحبّات السمسم), وأيضاً حلوى «كعب غزال» (وهي عبارة عن عجين رقيق محشو باللوز المطحون و المنسم بماء زهر الليمون. كلفة كعب غزال مرتفعة نظراً لاحتوائه على اللوز، وتتناول كثيراً مع الشاي), وكذلك حلوى «سْلُّو» (عبارة عن عجين رقيق، مكوّن أساساً من مزيج الطحين المُحمص واللوز والسمسم وسكر وزبدة. يختلف تحضيرها من منطقة لأخرى، حيث تسمى كذلك السْفْوف والتْقَأوْت ولا يخلو أي منزل مغربي منها . يذكر أن الحجاج اعتادوا قديماً أخذ هذه الحلوى معهم في رحلتهم إلى الديار المقدسة).

أما المشروب المفضّل فهو الشاي بالنعناع، والشاي الأخضر المضاف إليه القرنفل، بالإضافة إلى بعض المشروبات الباردة التي يدخل في إعدادها الأعشاب الطبيعية المفيدة للجهاز الهضمي أثناء النهار, ويستمرّ الأكل والشرب حتى وقت السحر، وقبل أن يضرب مدفع الامساك بقليل يتوقّفون عن تناول الطعام.

أما عن جانب الروحانيات والابتهال إلى الله, فما يُميز المغرب عراقة المساجد والبناء المعمارى الخاص بها, والتى تشعرك بتاريخ الممالك العربية القديمة التى مرت على بلاد الأطلسى, كما يظهر بجلاء تأثير الحضارة الإسلامية فى الأندلس, وقبل كورونا كانت المساجد تكتظ بالمصلين من مختلف الأعمار، بما فيهم الأطفال والنساء اللواتي يقبلن بكثرة في هذا الشهر على صلاة العشاء والقيام جماعة في المسجد الذي يخصص جناح منه للنساء.

كما تقام طيلة شهر رمضان، الدروس الدينية في المساجد بعد صلاة الظهر مباشرة، وبعد صلاة العصر يجتمع المصلون لقراءة القرآن بشكل جماعي.

على الجانب الآخر يتضاعف نشاط مقاهي الشيشة وتهيئ البعض منها فضائها لسهرات غنائية مطولة، أما داخل الأسواق فتعرف احتكاكاً بشرياً هائلاً، لشراء الحاجيات ومتطلبات المنزل.

وهناك تقليد أصبح سائداً في المغرب منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث كان الملك الراحل الحسن الثاني يقيم «الدروس الحسينية الرمضانية» خلال أيام الصوم، يحضرها علماء وفقهاء من جميع أرجاء العالم العربي والإسلامي، تُختار نخبة منهم لإلقاء دروس أمام الملك في القصر بالرباط، يحضرها كبار رجال الدولة ووزراء الحكومة ومسؤولو الجيش والأمن.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل