المحتوى الرئيسى

حدوتة قبل السحور | بذخ العثمانيين يتسبب في حريق القلعة وشح الماء قبل 200 سنة - المصري لايت

04/16 01:21

للشهر الفضيل وقعه الخاص في وجدان المصريين الذين أعاروه اهتمامهم على الصعيدين الديني والاجتماعي، وخصصوا لاستقباله  طقوسًا ميزتهم عن غيرهم من الشعوب الإسلامية؛ فحكايا رمضانات مدينة الألف مأذنة  المشبعة بالهوية المصرية الخالصة لا حصر لها.

على مدار الشهر الفضيل يصطحبهم «المصري لايت» عبر سلسلة «حدوتة قبل السحور» في رحلة يومية لسرد  حكايا  رمضانات المصريين، وكيف طغت هويتم على طقوس هذا الشهر الفضيل، الذي صبغوه بنزعتهم الخاصة رغم تباين الثقافات  التي مرت على مصر بدءًا  القرن السابع الميلادي مع الفتح الإسلامي لمصر مرورًا بالعصر المملوكي والعثماني ثم  وصولًا إلى القرن التاسع عشر.

الحلقة الثالثة: امتعاض مصري من البزخ العثماني.. «الإسلامبول تسببوا في حريق القلعة وشح المياه»

في السابع من شهر رمضان عام 1235 هجريًا، 18 يونية 1820 ميلاديًا، نشب حريق هائل في الديوان العالي  بسراي القلعة، والتهم الأخشاب التي أضفاها عليها العثمانيين بغرض تزينها، حتى تحولت مظاهر البزخ  إلى رماد، لكن الحريق الذي تسبب في شح المياه ليومين متتاليين في نهارات  رمضان الحارة كشف دلالات أخرى أوردها الجبرتي.

في كتابه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار»، وثق المؤرخ المصري، عبدالرحمن الجبرتي، الحريق الذي نشب في قلب القاهرة  في السابع من شهر رمضان قبل 201 عامًا  ووضع تحليلًا لأسبابه؛ مُلمحًا لامتعاض المصريين من بزخ الحاكم  العثماني، الذي تسبب عبر تزيينه للقلعة  واستبدال صخورها بالاخشاب بغرض الزينة في الإضرار ببنائها العتيق، مما أدى لنشوب حريق في الباب العالي وخسارة 25 كيس من مال الديوان العالي، فضلًا عن  استنزاف مياه السقايين الذين شاركوا في إخماد الحريق، ومن ثم إحداث شح في المياه ليومين متتاليين في نهارات رمضان الحارة، آنذاك.

حريق هائل تسبب في شح المياه

بدأ الجبرتي حديثه عن الحريق قائلًا: «في سراية القلعة وقع حريق فطلع الأغا «مسؤول المدينة» والوالي (حاكم المدينة_أشبه بالمحافظ حاليًا)  واهتموا بطفء النار وطلبوا السقائين (من  يحملون قرب المياه) من كل ناحية، حتى شحَّ الماء مع شدة الحر وفي شهر رمضان».

 السقايين يسهمون في إطفاء النيران  

ويستكمل الجبرتي كيف التهمت النيران الديوان العالي بالقلعة، ووصلت إلى مقر  رئيس الديوان  المُلقب بـ«كتخدا بك» قائلًا: «أخذوا في إطفاء النار يومين كاميلن، لم يغنيا عن احتراق ناحية ديوان كتخدا بك ومجلس شريف بيك، وتلفت أمتعة ودفاتر حرقًا ونهبًا».

امتعاض مصري من البزخ  العثماني

وضع الجبرتي تحليلًا للحادث، كما أورد امتعاض المصريين من البزخ العثماني؛ إذ أرجع السبب في الحريق إلى أن أبنية القلعة التي بناها الملوك المصرين بالأحجار والصخور تحولت بسبب مظاهر الطرف والزينة إلى بناء هش، جراء تدخلات الولاة العثمانيين، كما أبرز عدم اعتراف المصريين بهم شأنهم شأن الفرنسيين؛ إذ منح المصريون  لقب «الإسلامبول» للولاة العثمانيين، تمامًا كما منحوا الفرنسيين ومن بعدهم الإنجليز لقب «فرنج»

وعن سبب الحريق يقول الجبرتي: «أن أبنية القلعة كانت من بناء الملوك المصرية بالأحجار والصخور والعقود وليس بها إلا القليل من الأخشاب، أن العثمانيون همدوا ذلك جميعه وبنوا مكانه الأبنية الرقيقة وأكثرها من الحجنة (أحد النباتات النجيلية) والأخشاب على طريق بناء إسلامبول والإفرنج، وزخرفوها وطلوها بالبياض الرقيق والأدهان والنقوش وكله سريع الاشتعال».

انتقال دواوين الديوان العالي الأزبكية

ويستكمل الجبرتي: «لما بلغ محمد علي باشا أمر الحريق، كان مقيمًا بشبرا حينها، وتذكر بناء القلعة القديم وما كان فيه من المتانة ولام على تغيير الوضع السابق، وقال: “أنا كنت غائبًا بالحجاز والمهندسون وضعوا هذا البناء”، وتلف في هذا الحريق ما يزيد على 25 ألف كيس حرقًا ونهبًا، ولما حصل هذا الحريق انتقلت الدواوين إلى بيت طاهر باشا بالأزبكية، وانقضى شهر رمضان».

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل