الجميع صوب مرفأ بيروت المدمر.. "سوليدير" جديدة أم مساحة نفوذ

الجميع صوب مرفأ بيروت المدمر.. "سوليدير" جديدة أم مساحة نفوذ

منذ 3 سنوات

الجميع صوب مرفأ بيروت المدمر.. "سوليدير" جديدة أم مساحة نفوذ

بعد ثمانية أشهر على انفجار بيروت المروع، تتطلع شركات عالمية استثمارات بمليارات الدولارات، إلى مشروع إعادة إعمار المرفأ المدمر \nلكن المهمة تبقى صعبة لا سيما في ظل استمرار تخلّف المسؤولين اللبنانيين عن توفير البيئة المناسبة من شفافية وإصلاحات ملحة لإطلاق العملية.\nويقول مدير مرفأ بيروت بالوكالة باسم قيسي "الجميع مهتم بالمرفأ، الروس والصينيون والأتراك والفرنسيون واليوم الألمان، لكن الأمر لا يتخطى حتى الآن مجرد إعلان نوايا".\nولم يُتخذ أي قرار بشأن المرفأ حتى الآن، وتعمل إدارته حالياً، وفق قيسي، على وضع "خطة متكاملة جديدة تتضمن مشاريع عدة تتعلق بالسوق الحرة، والمستودعات والحاويات وغيرها"، على أن تتقدم بها فور جهوزها إلى مجلس الوزراء.\n\nلكن شركات ألمانية استبقت الأمور، وأعلن ممثلون عنها من بيروت الجمعة مشروعاً ضخماً تبلغ قيمته 30 مليار دولار لإعادة إعمار المرفأ والمناطق المتضررة في محيطه.\nوتطمح الخطة التي تمتد على نحو 20 عاماً، إلى إبعاد غالبية أنشطة المرفأ عن وسط المدينة، وتحويل الأجزاء الأكثر تضرراً فيه إلى منطقة سكنية تضم شققا بأسعار مقبولة ومساحات خضراء وشواطئ.\nوشكّل حجم المشروع المدعوم من الحكومة الألمانية، عامل مفاجأة لكثيرين وجدوا أنه يطمح لإعادة إعمار بيروت ولا مرفأها فقط.\nكما وضعت شركة "سي أم أ - سي جي أم" الفرنسية العملاقة رؤيتها الخاصة أيضاً لمستقبل المرفأ.\nوفي أيلول/سبتمبر الماضي، رافق رئيس مجلس إدارة الشركة رودولف سعادة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته الثانية إلى بيروت بعد الانفجار.\nويقول المدير الإقليمي للشركة جو دقاق لوكالة فرانس برس إن الزيارة شكلت فرصة لتقديم "مشروع متكامل" من ثلاث مراحل هدفه أولاً إعادة إعمار ما تدمر في المرفأ ثم توسيعه وتطويره إلى أن يتحول إلى "مرفأ ذكي".\nوقدّرت الشركة كلفة المرحلتين الأولى والثانية بين 400 و600 مليون دولار، وفق دقاق الذي يقول إن شركته "ستموّل نصف الكلفة من أموالها الخاصة"، مشيراً إلى أن المشروع يلقى اهتمام "50 شركة ومؤسسة عالمية".\nوليست الشركة الفرنسية بغريبة عن المرفأ، فهي الشركة الوحيدة التي لا تزال تعمل فيه اليوم على تفريغ الحاويات وإعادة شحنها في بواخر أخرى.\nوقد تقدمت الشركة للمشاركة في مناقصة إدارة منطقة الحاويات، بعدما حصلت على امتياز تشغيل محطة الحاويات في مرفأ طرابلس شمالاً حتى العام 2041.\nويستغرب البعض اهتمام شركات عالمية بالاستثمار في بلد يشهد انهياراً اقتصادياً وتدهوراً لعملته المحلية على وقع شلل سياسي تغيب عنه أفق الحل.\nلكن أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية عماد سلامة يعيد هذا الاهتمام إلى أسباب عدة بينها التنافس على "التنقيب عن الغاز في مياه المتوسط" و"التعاون الاقتصادي المستقبلي بين إسرائيل ودول عربية" على خلفية اتفاقات التطبيع الأخيرة، ثم "التوسع الروسي" في الشرق الأدنى.\nويرى سلامة أن الجهة التي ستضع يدها على مرفأ بيروت ستحظى "بنفوذ مهم" في عمليات التنقيب عن الغاز.\nووقّع لبنان في 2018 أول عقد للتنقيب عن الغاز والنفط في مياهه الإقليمية، مع ائتلاف شركات يضم "توتال" و"إيني" و"نوفاتيك".\nويلفت سلامة إلى أن روسيا تنقّب عن الغاز في المياه السورية.\nوفي تقرير نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، حذّر ديفيد شينكر، الدبلوماسي الأميركي الذي كان يقوم بدور الوساطة بين لبنان وإسرائيل في ملف ترسيم الحدود البحرية، من الطموح الصيني في لبنان عبر بوابة المرفأ.\nواعتبر أن أي دور للصين سيشكل "النتيجة الأسوأ لأوروبا والولايات المتحدة".\nوالتنافس ليس دولياً فقط بل أوروبياً، إذ اعتبر شينكر أن العرض الألماني "قد يثير غضب فرنسا".\nوكتب "هناك مجال واسع للتعاون الأوروبي بشأن تمويل المرفأ وإعادة بنائه، وعلى واشنطن العمل عن كثب مع كل دولة لضمان أن يتم تنسيق المشروع بشكل متعدد الأطراف".\nومنذ ما قبل انفجار مرفأ بيروت، يشترط المجتمع الدولي على لبنان تنفيذ إصلاحات ملحة كشرط ليحصل على دعم مالي ضروري يخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادي الذي يضربه منذ عام ونصف.\nلكن، وبعد مرور ثمانية أشهر على استقالة حكومة حسان دياب إثر الانفجار، لا تزال الأطراف السياسية تتبادل الاتهامات حول أسباب تأخر تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.\nوحذت الشركات الألمانية والفرنسية حذو الموقف الدولي، فوضعت الشروط نفسها لتحقيق مشروعيها: تنفيذ الإصلاحات وتحقيق الشفافية في بلد ينهش الفساد مؤسساته.\nويثير تهافت الشركات قلق البعض في لبنان، إذ يخشون تكرار تجربة شركة "سوليدير" الخاصة التي أنشأها رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري لإعادة إعمار وسط بيروت بعد الحرب الأهلية (1975 - 1990).\nوأثار مشروع "سوليدير" انتقادات واسعة تناولت عملية شراء العقارات الجماعية بأسعار متدنية بالمقارنة مع ما صارت تساويه العقارات بعد الإعمار، واعتبار كثيرين أن عملية إعادة الإعمار لم تأخذ بالاعتبار روحية الأحياء القديمة، إنما تم تصميمها لجذب الاستثمارات والسياح والأغنياء.\nوقالت جمعية "نحن" المعنية بحماية المساحات العامة والتراثية، الجمعة "على الرغم من الحملات المعارضة لها، انطلقت سوليدير بإعادة إعمار وسط لا يشبه بيروت.\nويتكرّر المشهد اليوم أمام إغراءات ضخّ دولار إعمار" المرفأ. وأضافت "لن نقبل بسوليدير جديدة بحلّة أجنبيّة ولن نقبل بسلب ذاكرتنا ولن نقبل بتشويه إرثنا".\nويرى الخبير الاقتصادي جاد شعبان أن مشاريع ضخمة بحجم الخطة الألمانية "لا تتطلب حكومة جديدة فقط بل استشارة على الصعيد الوطني للخيارات الاستراتيجية على الصعد الاقتصادية والمدنية والاجتماعية".\nلكنه يتساءل في الوقت ذاته "من مستعد اليوم أن يستثمر قرشاً واحداً في بلد يشهد انهياراً كاملاً؟".\nجميع الحقوق محفوظة لمؤسسة بوابة العين الاخبارية للاعلام والدراسات ©2020

الخبر من المصدر