المحتوى الرئيسى

ما تفاصيل "القاسم الانتخابي" الذي أثار جدلا في المغرب؟

03/07 20:04

في خطوة وصفت بـ"الإنزال الكثيف"، أقدم حزب العدالة والتنمية المغربي، الجمعة، على حشد نوابه لحضور جلسة التصويت على مشاريع القوانين الانتخابية، مما أثار استغرابا وردود فعل لم تتوقف حتى اللحظة.

وبحسب متابعين، فإنه لم يسبق للحزب أن انتهج نفس الأسلوب حيال أي قضية من القضايا التي أثارت الجدل في البرلمان لدى التصويت عليها.

وحظي تعديل القاسم الانتخابي بمصادقة 162 برلمانيا، في حين تم رفضه من طرف 104 نائبا من نواب "البيجيدي" (اختصار العدالة والتنمية)، فيما امتنع نائب برلماني واحد عن التصويت، وهو ما اعتبره البعض حشرا للحزب "الإسلامي" في الزاوية، من طرف البرلمان المغربي، خلافا لما روجه الحزب خلال السنوات الماضية من كونه هو الحزب الأكثري في المؤسسة التشريعية.

وصادق مجلس النواب، على مشروع القانون التنظيمي للمجلس، والذي شمل تعديلا يطال القاسم الانتخابي، الذي أصبح احتسابه يتم على أساس المسجلين، بدل الاعتماد على الأصوات الصحيحة فقط، كما كان يتم في الماضي.

وبينما بقي "البيجيدي" لوحده معارضا لتعديل القاسم الانتخابي، أيدت تعديله أحزاب خارج الائتلاف الحكومي مثل الأصالة والمعاصرة والاستقلال والتقدم والاشتراكية، إلى جانب أحزاب أخرى من داخل الأغلبية الحكومية، مثل التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي.

ويرى صلاح الدين الشنقيطي، عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، أن تعديل القاسم الانتخابي ليشمل الاعتماد على كل المسجلين في اللوائح الانتخابية "يدفع المواطنين الذين كانوا يعزفون عن التصويت لكي يتحملوا مسؤولياتهم حيال ما تفرزه الخرائط الانتخابية"، مؤكدا أن "ما حدث سيكون حافزا لهم لكي يقوموا بواجبهم في التصويت، ويعطوا المرتبة الأولى للحزب الذي يرتضونه"، في إشارة منه إلى أن أصوات الفئات التي تفضل عدم التصويت باتت محتسبة في تشكيل النتائج بعد التعديل.

وأضاف الفاعل الحزبي، والذي كان أيضا من مؤسسي الحزب الأكثر معارضة لحزب العالة والتنمية، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "تعديل القاسم الانتخابي إجراء تقني بقيمة سياسية كبرى لأنه سيقضي على العزوف" داعيا المواطنين المغاربة إلى "التصويت بكثافة لكي تكون الحكومات قوية، وليست هجينة كالحكومة الحالية".

وأشار الشنقيطي إلى أن "ردة فعل حزب العدالة والتنمية تعني أنه كان هو المستفيد الوحيد من العزوف"، معتبرا أن "إنزال الجمعة هو غزوة، لم يُعرف لها مثيل"، مؤكدا أن "تتبع الشأن السياسي المغربي يُظهر أن الغياب الواضح كان هو سمة برلمانيي البيجيدي، خصوصا حينما كان يتعلق الأمر بقضايا كبيرة، وبرهانات وطنية ودولية"، متسائلا عن "السر الذي يكمن وراء التجييش الذي وقع من طرف الحزب".

واعتبر ذات المتحدث أن "تطبيق القاسم الانتخابي الجديد سيعطي للتعددية الحزبية معناها، لأنه سيتيح للأحزاب الصغيرة أيضا أن تمثل ناخبيها، بقدر ما أن جزءا من جوهر المغرب يكمن في المحافظة على التعددية"، منبها إلى "خطورة تعوُّد حزب العدالة والتنمية على الريع الذي كان يتيحه له العزوف الانتخابي"، ومؤكدا على أن "جزء من المدخل إلى الإصلاح يمر عن طريق تغيير قواعد احتساب الأصوات، لإزالة وهم تمثيل المغاربة".

علاقة أحزاب الحكومة لم تكن "على ما يرام"

ومن جهته، اعتبر أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، محمد الغواطي، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن تعديل المادة 84 من القانون التنظيمي لمجلس النواب لاحتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية على صعيد الدائرة الانتخابية، بدل المصوتين يوم الاقتراع، سيتيح للذين لم يصوتوا يوم الاقتراع أيضا أن يكون لهم دور في رسم الخريطة السياسية للحكومة المقبلة"، مسجلا أن "ما يثير الانتباه هو أن هذا المقترح دافعت عليه أحزاب تنتمي للمعارضة والأغلبية، والذي كان محط خلافات قوية أثناء المشاورات التي قادتها وزارة الداخلية، مع الأحزاب الممثلة في البرلمان".

وأوضح الغواطي أن "علاقة الأحزاب المشكلة للحكومة لم تكن دوما على ما يرام، والخلاف بشأن عديد القضايا كان باديا طيلة مدة الانتداب الحكومي"، معتبرا أن "التحالفات الحزبية التي تظهر بعد الإعلان عن النتائج تكون هشة، من منطلق أن هاجس تقاسم المقاعد المخصصة للاستوزار، والإشراف على القطاعات الحكومية الوازنة يكون هو الغاية"، في إشارة منه إلى القيمة السياسية لتعديل القاسم الانتخابي.

بدوره، أكد الخبير في الشأن السياسي والفاعل الحزبي، خالد أشيبان، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "قرار الأشخاص المسجلين في اللوائح الانتخابية القاضي بعدم التصويت ينبغي أن ينعكس على النتائج الانتخابية"، مؤكدا أن "القاسم الانتخابي الذي لا يعتمد على عدد المسجلين يجعل التمثيلية مغلوطة، في حين أن عدد المسجلين سيعطينا تمثيلية حقيقية داخل المشهد السياسي المغربي".

وأضاف أن "الهبَّة التي قام بها حزب العدالة والتنمية تقف خلفها عدة أسباب، من بينها أنه سيفقد الكثير من المقاعد بسبب تغير القاسم الانتخابي"، معتبرا أن "ذلك سيسحب منه بساط الادعاء بأنه يمثل الشعب المغربي"، مشددا على أن "الإسلاميين في المغرب قد فهموا أن نهايتهم قد دنت، ليس لأن هناك من يريد التخلص منهم، ولكن لأن حزب العدالة والتنمية قد فشل في تحقيق أي تغيير يذكر خلال العشر سنوات الماضية".

وفي ذات السياق، قال الباحث في السياسات الانتخابية، الحسان البرنوسي، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "حزب العدالة والتنمية خلال المحطات الانتخابية الماضية كان هو الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات المعبر عنها، ما يجعل هذا المعيار يخدم مصلحته في الحفاظ على هذا الوضع، لأنه يتوفر على كتلة انتخابية ثابتة"، موضحا أن "الفارق بين عدد الأصوات وعدد المسجلين سيخدم باقي الأحزاب، وهوما يرفضه العدالة والتنمية، متحججا بكون اللوائح غير محينة، بالرغم من أن تحيينها يحدث بشكل دوري".

ويتهيأ المغرب لتنظيم انتخابات برلمانية ومحلية وجهوية خلال في وقت لاحق من هذه السنة، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام تنافس حاد، وسط توقعات بتراجع حزب العدالة والتنمية بسبب فشل سياساته، وبسبب ما سينتج عن تغيير القاسم الانتخابي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل