المحتوى الرئيسى

بي بي سي: ما علاقة كورونا بتزايد حالات انتحار وسط النساء في اليابان؟

03/01 13:13

https://www.bbc.com/arabic/world-56211405

تبلّغ اليابان عن حالات الانتحار لديها بشكل أسرع وأكثر دقة من أي مكان آخر في العالم؛ فعلى عكس معظم البلدان، تُحصى الحالات دوريا في نهاية كل شهر. لكن هذه الأرقام الحديثة كشفت عن وضع مثير للقلق خلال وباء كورونا.

في عام 2020، ولأول مرة منذ 11 عاما، ارتفعت معدلات الانتحار في اليابان، وكان أكثر ما أثار الدهشة هو ارتفاع معدل انتحار النساء بنحو 15 بالمئة، في حين انخفضت حالات انتحار الذكور بشكل طفيف.

وفي شهر أكتوبر وحده، ارتفع معدل انتحار الإناث في اليابان أكثر من 70 بالمئة، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق.

فما الذي يحدث في اليابان؟ ولماذا يبدو أن تأثير الوباء على النساء أسوأ بكثير منه على الرجال؟

ازداد احترامي لأولئك الذين يعملون على منع الانتحار، خاصة بعد أن التقيت شابة حاولت مرارا وتكرارا الانتحار؛ إذ تسبب لي ذاك اللقاء بكثير من التوتر والقلق.

كنت أجلس في مركز يستقبل المرضى بلا مواعيد مسبقة في إحدى أحياء مدينة يوكوهاما في اليابان، والذي تديره جمعية خيرية لمنع الانتحار تسمى (مشروع بوند)، في حين كانت تجلس قبالتي شابة تبلغ من العمر 19 عاما، شعرها قصير حتى رقبتها. كانت تجلس بلا حراك.

وبهدوء، وبطريقة لا تشوبها أية عواطف، بدأت تخبرني قصتها.

بدأ كل شيء عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها عندما أخذ شقيقها الأكبر يسيء معاملتها ويعنفها، حتى هربت من المنزل، لكن ذلك لم يضع نهاية لألمها ولوحدتها.

بدا لها وقتها أن إنهاء حياتها كان السبيل الوحيد للخروج مما كانت تمر به.

وقالت لي: "منذ عام تقريبا وأنا أدخل وأخرج من المستشفى. حاولت مرات عديدة أن أقتل نفسي، لكنني لم أنجح. لذا أعتقد الآن أنني تخليت عن محاولة الموت".

في الواقع، تخلت الشابة عن محاولة الموت بعد تدخل جمعية (مشروع بوند)، إذ وجد لها الفريق مكانا آمنا للعيش فيه، وبدأ بتقديم المشورة المكثفة لها.

مؤسسة المشروع هي جون تاتشيبانا؛ تبدو هذه المرأة الأربعينية صارمة، لكن تفاؤلها لا حدود له.

تقول لي: "عندما تكون الفتيات في ورطة حقيقية ويشعرن بالألم، فإنهن في الحقيقة لن يعرفن ما الذي يجب فعله. نحن هنا مستعدون للاستماع لهن وللقول لهن إننا نقف إلى جانبهنّ".

تقول تاتشيبانا إن "مرض كوفيد-19 يبدو وكأنه يدفع إلى شفير الهاوية أولئك الذين يمرون بظروف معيّنة أضعفتهم". وتشير إلى عدد من المكالمات المروعة التي تلقاها موظفو الجمعية في الأشهر الأخيرة: "نسمع كثيرا عبارة 'أريد أن أموت' و'ليس لدي مكان أذهب إليه'. يقولون لنا 'إنه أمر مؤلم للغاية، أنا وحيدة للغاية. أود لو أختفي".

أما بالنسبة لأولئك الذين تعرضوا لاعتداء جسدي أو جنسي، فإن الوباء زاد الوضع عليهنّ سوءا.

أخبرتني تاتشيبانا أن إحدى الفتيات قالت لها إنها تعرضت للتحرش الجنسي من قبل والدها "ولكن بسبب كوفيد-19، فإن والدها لا يخرج للعمل كثيرا لذا يبقى في المنزل كثيرا ولا مهرب منه".

إذا نظرت إلى أزمات سابقة في اليابان، خذ الأزمة المصرفية لعام 2008 على سبيل المثال، أو انهيار سوق الأسهم الياباني وأزمة العقارات في أوائل التسعينيات، فستلاحظ أن التأثير السلبي كان غالبا ما يطال الرجال في منتصف العمر. وشوهدت طفرات كبيرة في معدلات انتحار الذكور.

لكن يبدو أن وباء كورونا مختلف، فهو يؤثر على فئة الشباب، وخاصة الشابات - وأسباب هذا الأمر معقدة.

تسجل اليابان عادة أعلى معدل انتحار في دول العالم المتقدم، ونجحت على مدى العقد الماضي في تقليل معدلات الانتحار بنحو الثلث.

أخبرتني البروفيسورة، ميتشيكو أويدا، وهي إحدى كبار الخبراء اليابانيين في مجال الانتحار، عن مدى صدمتها وهي تشاهد التراجع الحاد في الأشهر القليلة الماضية. وقالت لي: "هذا النمط من انتحار الإناث ليس عاديا أبدا".

وتضيف: "لم أرَ أبدا هذا القدر من التزايد في الحالات خلال مسيرتي المهنية كباحثة في هذا الموضوع. المشكلة المتعلقة بوباء كورونا هي أن الصناعات الأكثر تضررا هي الصناعات التي توظّف النساء غالبا، مثل السياحة وتجارة التجزئة والصناعات الغذائية".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل