المحتوى الرئيسى

«سلامة فراويلا» و«محسن ممتاز» شخصيات صنعت تاريخ يوسف شعبان

02/28 22:28

يوسف شعبان من النجوم الذين تربعوا على عرش قلوب الملايين، ونالوا دعواتهم بالشفاء العاجل بمجرد انتشار خبر إصابته بفيروس كورونا اللعين، ومتابعة أخباره لحظة بلحظة حتى غادر الحياة مصحوبا بملايين الدعوات بالرحمة والمدح لتاريخ طويل وأدوار مميزة لا تمحى ، بينما نال غيره تعليقات الشماتة والتكفير وغيرها عند انتشار أخبار مماثلة عنهم، وهي سمة غالبة في الفترة الأخيرة تسببت في ألم نفسي لعدد غير قليل من الفنانين، فالمناخ العام اتسم بالفجوة الكبيرة بين الفنان وجمهوره، بعد أن تسبب التشتيت الذهني الذي سيطر على نسبة كبيرة منهم لكل ما هو فن، مصاحبا بتردي واضح في الأعمال الفنية المقدمة من غناء ودراما وسينما. 

وقد مرت الحالة الصحية للفنان يوسف شعبان بمراحل تصاعدية حيث نقل إلى غرفة الرعاية المركزة في مستشفى العجوزة الثلاثاء الماضي، بعدما كان في أحد مستشفيات حي الدقي وأجرى مسحة كورونا لمعرفة مرحلة الإصابة بالفيروس فتأكدت إيجابيته، ثم استقرار الحالة إلى حد كبير، بعدها بدأ يعاني من نقص الأكسجين في جسمه، ونقل بعدها للعناية المركزة مع خضوعه لجهاز التنفس الصناعي، ليدخل بعدها في حالة حرجة اضطرت الأطباء لوضعه على أنبوبة حنجرية من أجل انتظام التنفس وهو في غيبوبة لم يفق منها وفارق الحياة على أثرها عن عمر ناهز التسعين. 

ورغم تاريخه السينمائي الكبير إلا أن تكريمه جاء متأخرا، حيث كرمه مهرجان المركز الكاثوليكي خلال دورته الرابعة والستين في فبراير عام 2016 بعد أيام قليلة من خروجه من المستشفى على أثر أزمة صحية كبيرة، وأثناء تسلمه درع التكريم بكى متأثرا لقاءه بالجمهور، أعقبه في سبتمبر من نفس العام تكريم آخر من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في دورته الثانية والثلاثين والتي أهديت للفنانة يسرا وسلمه الدرع الكاتب حلمي النمنم وزير الثقافة السابق، واستقبله الجمهور بحفاوة كبيرة كانت عنوانا للأخبار التي نشرت في ذلك الحين، وقال في كلمته "التكريم ده جه في وقته، كنت محتاج لرفع روحي المعنوية"، وتكريم آخر من سفارة فلسطين ومن قناة النيل للدراما.  

برع يوسف شعبان في تقديم أدوار الشر بكافة تفصيلاتها، فكان استغلالياً في فيلم "حارة أورجوان" أمام نبيلة عبيد وحمدي غيث، متسلقاً في فيلم "معبودة الجماهير" أمام شادية وعبد الحليم حافظ، منافقاً في مسلسل "الضوء الشارد" أمام سميحة أيوب وممدوح عبد العليم، أكلاً لحقوق اليتامى في "المال والبنون"، وهي أعمال تمثل مراحل عمرية مختلفة للفنان، في ذات الوقت نجح في تقديم شخصية المحب العاشق الفقير في فيلم "بائعة الجرائد" أمام ماجدة، ونجح نجاحا منقطع النظير عند تقديمه أدوار الخير والوطنية، فلا أحد ينكر البصمة التي وضعها في مسلسل "رأفت الهجان"، من خلال شخصية ضابط المخابرات محسن ممتاز الذي استطاع تحويل بطل المسلسل من شخص مستهتر إلى آخر ضحى بكل ما يملك من أجل بلده، فكان محسن ممتاز نقطة تحول كبرى في مسار الأحداث، وغلى الرغم من براعته وشعبيته الواسعة، ظل سنوات دون عمل رافضاً التقليل من نفسه بالسؤال عن أدوار لتجسيدها، وإهانة تاريخه بالرضوخ لتقديم ما يعرض، حتى أعلن اعتزاله لثلاث سنوات ولم يعيده إلى التمثيل سوى مسلسل "عش الدبابير" الذي لم ينتهي من مشاهده بسبب إصابته. 

ولد يوسف شعبان شميس، في 16 يوليو 1931 بالقاهرة، ولعبت الصدفة دورا مهما في دخوله الوسط الفني، إذ تمنت أسرته أن يلتحق بالكلية الحربية أسوة بأبناء عمه أو كلية الشرطة مثل أبناء خاله، إلا أنه التحق بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، وشاءت الظروف أن يلتقي بالموهوب كرم مطاوع، ونشأت بينهما صداقة قوية وتأثر بشخصية صديقه كثيرا، وشيئا فشيئا تعلق بفن التمثيل، واستجاب لنصيحة صديقه العاشق للفن، والتحق بفرقة التمثيل بالجامعة، تحول حب الفن إلى شغف كبير، ولذا ترك الحقوق، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وراح يرسم طريقه الخاص. 

بدأ شعبان العمل في السينما قبل التخرج من معهد الفنون المسرحية بعام حيث رشحه المخرج هنري بركات للمشاركة في بطولة فيلم "في بيتنا رجل" إنتاج عام 1961، وضم هذا الفيلم نخبة كبيرة من النجوم منهم رشدي أباظة، وعمر الشريف، وحسن يوسف، وحقق نجاحا كبيرا لفت أنظار شركات الإنتاج لميلاد وجه جديد، توالت أعماله بعد ذلك حتى بلغ إنتاجه على شاشة السينما 110 أفلام منها: "زقاق المدق، بائعة الجرائد، درب الجدعان، ميرامار، اذكريني، الرصاصة لا تزال في جيبي، الطريد، مراتي مدير عام، معبودة الجماهير ". 

كما حقق نجاحا كبيرا في الدراما التليفزيونية، وشارك في بطولة 130 مسلسلا أبرزها: "المال والبنون، والضوء الشارد، والشهد والدموع، وليالي الحلمية، ورأفت الهجان، وآخرها قضية معالي الوزيرة "، وشارك أيضا في بطولة 50 عرضا مسرحيا، وبفضل سمعته الطيبة وقيمته الفنية تم انتخابه نقيبا للممثلين في الفترة من 1997 إلى 2003. 

وفي تصريحات للفنان الكبيرقال أنه وقف أمام الميكرفون لأول مرة قبل أن يكمل عامه العاشر فى مدرسته الإسماعيلية الابتدائية، حين اختاره مدرس اللغة العربية بعد أن لاحظ قوة شخصيته وصوته وسلامة لغته ليلقى كلمة فى الإذاعة بمناسبة المولد النبوى، وكان قد سبق والتحق بإحدى مدارس الجمعية العامة للمحافظة على القرآن الكريم قبل التحاقه بمدرسة الإسماعيلية الابتدائية وحفظ أجزاء من القرآن ساعدته طوال حياته على إتقان اللغة العربية وسلامة مخارج الألفاظ ومنحته مع صوته الأجش قوة فى التعبير والإلقاء ظهرت حين وقف على كرسى أمام ميكروفون الإذاعة المدرسية وألقى الكلمة التى كتبها مدرس اللغة العربية، وبعد أن انتهى اهتزت المدرسة بتصفيق الطلبة والمدرسين إعجابا، وشعر الصغير بالنشوة والفخر، وكان لهذا الموقف تأثير كبير على الصغير الذى قرر أن يثقف نفسه ويتجه للدراسة الأدبية، وعرف حلاوة تصفيق الجمهور، فقرر أن ينمى قدراته الفنية ومهاراته فى التمثيل والإلقاء.  

وحكى الفنان الكبير عن بداية رحلته وحياته فى حى شبرا مسقط رأسه، قائلاً: "أنا الابن الكبير لأسرتى وماكنش حد فى العيلة عنده ميول فنية ،أبويا كان بيحب يغنى، ودنه حلوة لكن صوته وحش، وفى بداية تعليمى التحقت بمدارس المحافظة على القرآن الكريم حتى سن 10 سنوات وحفظت أجزاء من القرآن ساعدتنى على سلامة اللغة العربية وبعدها انتقلت لمدرسة الإسماعيلية بشبرا". 

"على من يرغب في الانضمام لفريق التمثيل التواجد فى مدرج الطبيعة بعد انتهاء الحصص".. كانت هذه العبارة التى قرأها الطالب يوسف شعبان بعد التحاقه بمدرسة التوفيقية الثانوية بداية الرحلة فى طريق الفن، وقال عن هذا الموقف: توجهت إلى مدرج الطبيعة فوجدت عددا من الزملاء الذين أصبحوا نجوما بعد ذلك، ومنهم بليغ حمدى وحمدى أحمد، وكان الفنان صلاح سرحان الشقيق الأكبر للفنان شكرى سرحان يشرف على المسرح المدرسى ويعد رواية لتقديمها على مسرح الأزبكية واستصغرنى وقال لى تعالى العام القادم، وبالفعل فى العام التالى أعطانى دورا فى مسرحية "سالومى" وحصلت على جائزة عن أول دور فى حياتى.  

يستعيد ذكريات البدايات والأحلام: "لم أفكر فى احتراف التمثيل وكنت رياضيا وحصلت على بطولة المدارس فى المبارزة والسلاح وبعد حصولى على التوجيهية فكرت فى الالتحاق بكلية عسكرية لأنى كنت لعبى وقلت الكليات العسكرية هتعلمنى الحزم والالتزام، وحلمت بدخول كلية الطيران، لكن والدتى خافت ورفضت، فقدمت فى كلية الشرطة، ولكن لم يتم قبولى فى كشف الهيئة".  

التحق الفنان يوسف شعبان بكلية حقوق عين شمس: "منذ أيامى الأولى فى الكلية رأيت لافتة أيضا على لوحة الكلية بأن من يرغب فى الانضمام لفريق التمثيل يأتى بعد انتهاء المحاضرات إلى بوفيه الكلية، فذهبت ووجدت سعد أردش وكرم مطاوع ونجيب سرور وإسلام فارس وصلاح السقا وسعيد عبدالغنى وابراهيم نافع الذى أصبح فيما بعد كاتبا صحفيا ورئيسا لتحرير الأهرام، وكان الفنان حمدى غيث يقوم بإخراج مسرحية هاملت والبطل كرم مطاوع، وشارك فيها نجيب سرور، وشاركت فيها وأتقنت دورى، ونصحونى بالالتحاق بمعهد التمثيل لأنهم جميعا التحقوا بالمعهد  إلى جانب الدراسة بالكلية، وبالفعل التحقت بالمعهد وتقدم معى آلاف، ولكنهم اختاروا 10 فقط وكنت أنا منهم  بعدما اختبرنى الفنان الكبير حسين رياض، وبعدها تركت كلية الحقوق فى الصف الثالث وتفرغت للدراسة بالمعهد" 

وتابع الفنان الكبير متحدثاً عن بداية طريق الفن :"عندما وصلت للسنة الثالثة بمعهد التمثيل كنا نتقابل فى نقابة الممثلين وكانت عبارة عن شقة فى شارع 26 يوليو كانت ملكا للفنانة تحية كاريوكا، وتبرعت بها لتكون مقرا للنقابة، وكان مساعدو الإخراج بيختاروا طلبة من المعهد للأدوار الثانوية ورشحنى حسن إبراهيم مساعد هنرى بركات مع 3 زملاء لدور فى فيلم "فى بيتنا رجل" واختارنى بركات للدور، وتعرفت على الفنان عمر الشريف ولما عرف أنى فى المعهد كان بيسألنى بتدرسوا إيه ونشأت بيننا صداقة"، وبعدها توالت أعمال الفنان الكبير وأبدع في عشرات الأدوار في السينما والدراما. 

على صعيد الحياة الشخصية تزوج يوسف شعبان 3 مرات، وكانت الأولى من الفنانة ليلى طاهر عام 1963، وحدث الانفصال بعد 4 سنوات ولم يثمر هذا الزواج عن أولاد، ثم تزوج من نادية إسماعيل ابنة الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق وأنجب ابنته سيناء، ولم يستمر هذا الزواج إلا عامين فقط، أما المرة الثالثة والأخيرة فكانت من سيدة كويتية تدعى إيمان الشريعان ورزق منها بـ "زينب، ومراد". 

وعن حياته الشخصية قال شعبان : "تزوجت من نادية إسماعيل ابنة الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق وأنجبت منها ابنتي سيناء، وسميتها بذلك الأسم لأنها من العيلة المالكة في ذلك الوقت، كانت فتاة جميلة تدرس في الجامعة الأمريكية، وجاء تعارفنا خلال حفلة، ثم أعجبت بها وعرضت عليها الزواج، وقالت لي سوف افكر في الأمر، فقولت لها "ازاي تفكري تتجوزى يوسف شعبان"، وكان غرور الشباب هو الغالب في ذلك الوقت، وبالفعل تزوجنا وخلفت ابنتي سينا"، وكان زواجه الأول بالفنانة ليلى طاهر، حيث قرر الاعتراف لها علناً أثناء تصوير مسلسل "الحب الكبير"، واستمر زواجهما 4 سنوات فقط وحدث خلالها الطلاق ثلاث مرات مما أدى إلى الانفصال النهائي بينما ظل الحب والاحترام تسود العلاقة بينهما. 

وجاء أول ظهور لابنته زينب من زوجته الكويتية إيمان الشريعان في العام الماضي، من خلال استضافتها في برنامج "ليالي الكويت"، ويعد هذا اللقاء هو الأول الذي ظهرت من خلاله "زينب"، التي تصدرت وقتها "تريند" محرك البحث جوجل ومواقع التواصل الاجتماعي، فهي الابنة التي خطفت الأنظار بملامحها الجذابة واللهجة الكويتية التي تتقنها جيدًا من والدتها، وتدرس الإعلام وشجعها والدها على أن تصبح مذيعة، لكنها أوضحت خلال لقائها بالبرنامج، أنها لم تحدد هدفها بعد، أما عن مشاركتها في التمثيل، تحدث الفنان يوسف شعبان وقتها، أنه أعطى لأبنائه حرية الاختيار لكن لم يورثهم مهنة التمثيل قائلا: أنا مديهم مُطلق الحرية.. لكن الفن موهبة.. وبنتي برغم حلاوتها دي مش هورثها المهنة أو التمثيل.. زي ما كتير بيعملوا. 

وتحدثت زينب عن صفات والدها قائلة : هو فنان كبير لكنه متواضع.. بحب أسمع منه واتكلم معاه.. وبستفيد بشدة من خبراته، و بسألة كثيراً عن نجوم الزمن الجميل الذين عمل معهم مثل العندليب عبد الحليم حافظ، وانتقل وقتها الفنان يوسف شعبان في الحديث عن كيفية قضاء يومه في الحجر المنزلى، إذ قال: "وزني زاد بسبب الأكل الكتير، طبعًا مبخرجش غير للضرورة القصوى، وبسلي الوقت في قراءه الكتب، وربنا قادر على رفع الغمه والبلاء". 

وعبر الفنان الراحل في وقت سابق عن حزنه الشديد لابتعاده عن الساحة الفنية فى السنوات الأخيرة، وهو وغيره من جيل الفنانين الكبار، وقال: "جيل الفنانين العظماء مركون.. أنا حزين جدًا"، كما كان حزيناً بسبب توقف مسلسل "بالحب هنعدى" للفنانة سميرة أحمد، قائلا: سميرة أحمد من جيل العظماء.. والناس نفسها تشوفها.. الدراما مش كده.. مش جيل يسلم جيل.. لازم يكون فيه تنوع، كما قال إنه تراجع عن قرار اعتزال التمثيل نهائيًا، بعدما أجبره الدور الذي عرض عليه في مسلسل "سيف الله"، المأخوذ عن الكاتب الكبير الراحل عباس محمود العقاد، وأبدى رفضه لفكرة تحويل حياة الفنان الراحل أحمد زكى، إلى عمل درامى، مؤكدًا أن ذلك العمل ليس فى صالحه ولن يؤثر بكل الأحوال على شعبيته ومحبة الجمهور له، وتابع: إن فكرة تحويل حياة أحمد زكى جاءت فى وقت مبكر جدًا، لاسيما وأن تاريخه معروف للأجيال الموجودة حاليًا، فلن يكون محل اهتمام بالنسبة لهم بشكلِ كبير. 

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل