المحتوى الرئيسى

لدرء عمل ظالم.. هل يعاقب الشخص على عرض رشوة؟ - صوت الأمة

02/28 17:01

«في بعض الأحيان أضطر للجوء إلى دفع بعض المال للموظف عندما يعترضني لمخالفة ما، على الرغم من كوني بعيدا من المخالفات إلا أن بعض الأفراد قد تتفنن في إلصاق أي مخالفة، لذلك أضطر للجوء إلى دفع بعض المال حتى أخرج من هذا الموقف».. بهذه الكلمات بدأ «إبراهيم.ز»، 39 سنة، مقيم بمحافظة الجيزة، سرد مشكلته في محاولة لإيجاد حل قانوني لها.

وتابع: «وأحيانا أخرى أضطر لدفع بعض المال لواسطة ما أو لرجل الترخيص كي استخرج الرخصة أو الأوراق المطلوبة على الرغم من كون كل أوراقي سليمة، فهل هذا العمل يندرج تحت الرشوة، وهل عليه وزر، وماذا أفعل إذا كانت معظم المصالح لا تقضى إلا عن طريق الدفع».

هل يعاقب الشخص علي عرض رشوة لدرء عمل ظالم؟

للإجابة على هذا السؤال – يقول أستاذ القانون الجنائي والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق – أن الرشوة هي اتجار موظف عام في أعمال وظيفته، ويستوي في الرشوة أن تكون لأداء عمل حق أو غير حق، وذلك لأن المشرع استهدف من العقاب شرف الوظيفة العامة ونزاهتها، ولهذا لا يصح دفاعا للراشي أنه قدم الرشوة للحصول على حق ثابت له ومشروع، ولكن يثور التساؤل عن حكم الراشي الذي يقدم الرشوة لدرء عمل ظالم؟ مثل من يدفع مال لعسكري المرور كي لا يحرر له مخالفة لم يرتكبها.   

تباين الآراء القانونية بين عقاب الراشي من عدمه لانتفاء القصد الجنائي

وقال «فاروق»: «فى الحقيقة المسألة هنا محل خلاف في الفقه، فذهب رأي إلى عدم عقاب الراشي لانتفاء القصد الجنائي لديه، وذلك لأنه لم يبغى شراء ذمة الموظف بل فحسب درء العمل الظالم المحدق به، وهذا الرأي محل نظر لأن الراشي في هذه الحالة غرضه أساسا شراء ذمة الموظف وباعثه الخلاص من العمل الجائر».

وتابع: «والعبرة في توافر القصد بالغرض لا بالباعث، وذهب رأي آخر إلى عدم عقاب الراشي، وذلك لتخلف شرط الاختصاص اللازم لقيام الجريمة، وذلك لأن الموظف خلق من عندياته ظروف تعطيه الاختصاص فلم يعد يتصرف باعتباره ممثل للدولة وعاملا من عمالها، وبالتالي فإن عرض الرشوة على مثله لا جريمة فيه، وهذا الرأي بدوره محل نظر إذ لا يلزم لتحقق الرشوة أن يكون الموظف مختص فعلا بالعمل الوظيفي، وإنما يصح أيضا الزعم بالاختصاص عن طريق افتعال الواقعة التي تحققه، ويري القضاء تحقق مسؤولية عارض الرشوة لدرء عمل ظالم طالما لم تتوافر في شأنه شروط حالة الضرورة، ورفض تبعا لذلك قالة وقوع العارض تحت تأثير إكراه». 

ومذهب القضاء بدوره محل نظر، إذ من المستحيل توافر حاله الضرورة في الفرض محل البحث، والرأي عندنا تحقق مسؤولية عارض الرشوة، إذ من المقرر أن جريمة عرض الرشوة تتحقق في جانب العارض متي كان العرض جديا إذ يكفي مجرد العرض الذي لا يصادف قبول لدي الموظف العام، وأن كان ذلك يخالف مبادئ العدالة، ولهذا نهيب بالمشرع أن يتدخل لحل هذه المسألة، وإلى أن يتم ذلك فإن القاض بما يملكه من سلطه في تفريد العقاب يملك تخفيف العقاب – الكلام لـ«فاروق».

رأى محكمة النقض في الأزمة  

هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لمثل هذه الأزمة فى الطعن المقيد برقم 1265 لسنة 30 حيث قالت فى حيثيات الحكم: «متى كان الموظف مختصاً بالعمل فلا فرق بين أن يطلب منه أداؤه أو الامتناع عنه، كما يؤاخذ القانون على الرشوة بغض النظر عما إذا كان العمل أو الامتناع المطلوب من الموظف حقاً أو غير حق - فإذا كان الثابت أن مفتش الأسعار وقت أن ضبط الأغلفة الناقصة الوزن فى مصنع المتهم، إنما كان يقوم بعمل من أعمال وظيفته ولم يكن في الإجراء الذي قام به أية مخالفة للقانون».

وقد أسفرت الواقعة عن تقديم المتهم بالفعل للمحاكمة عن جريمة أنه طرح للبيع «شاياً» معبأ فى أغلفة ناقصة الوزن، فإن قضاء المحكمة ببراءة المتهم عن هذه الواقعة استنادا إلى أن عدم التعبئة يجعل الجريمة منعدمة لا يترتب عليه أن المتهم كان في حالة إكراه معنوي أو حالة ضرورة عند عرض الرشوة، وإنما كان عرضها للتأثير فى مفتش الأسعار وحمله على الإخلال بواجبه بالامتناع عن ضبط الأغلفة الناقصة في الوزن للتوجه بها إلى مراقبة الأسعار لوزنها هناك، و من ثم كان سليماً ما ذكره الحكم من أن براءة المتهم من واقعة عرضه للبيع «شاياً» بأغلفة ناقصة الوزن لا يؤثر في قيام جريمة عرض الرشوة على الموظف.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل