المحتوى الرئيسى

«لماذا تركتهم؟».. مذكرات شاب إخواني منشق: «طالتني اللعنة» (2)

01/27 01:40

ينشر «أمان» على مدار سلسلة من الحلقات اعترافات لشباب منشق عن تنظيم الإخوان الإرهابي، يكشفون فيها كيف انضموا للجماعة وسبب تركهم لها، بالإضافة إلى العديد من الأسرار التي تمكن الشباب من مواجهة فكرهم المتطرف وتحصين أنفسهم من الوقوع فريسة للإرهاب.

وفي الحلقة الثانية يسرد عبد المعطي أحمد رجب، المنشق حديثا عن الإخوان، تجربته قائلا: «الجماعة الإرهابية كانت تنظر لمخالفيهم من داخل التيار الإسلامي نفسه بأنهم «أمنجية» فلك أن تتخيل نظرتهم تجاه التيارات غير الإسلامية.. فقد كانت مرحلة مليئة بالزيف والادعاءات الكاذبة».. وإلى نص اعترافه كما أرسله لـ«أمان»:

رغم نعمة القراءة علي العقل واثرها علي السلوك وتكوين الشخصية الا انني للاسف حصرت معظم اهتماماتي وقتها بالقراءة عن الاخوان فقط وازعم اني اضطلعت علي كثير جدا من كتبهم التي يعتمدوها.قرأت لهم (احداث صنعت التاريخ ) و(مذكرات الدعوة والداعية ورسائل البنا ) و(البوابة السوداء ) و( سراديب الشيطان ) و(الاخوان سبعون عاما من الدعوة والتربية والجهاد) و(حسن البنا حامل لواء الاسلام في القرن العشرين ) و(المدخل لدعوة الاخوان ) و(الثوابت والمتغيرات ) بالاضافة الي اغلب الشروح علي رسالة التعاليم سواء الشرح المصري او العراقي او اليمني... وعشرات الكتب بل مئات لن استطيع حصرها في هذه النافذة.

كل تلك الكتب والمراجع كانت ترسخ عدة مفاهيم داخل الفرد الاخواني وتشكل الوعي الذي تريده الجماعة لا الوعي الذي يحتاجه الفرد في الحياة.ربما نتناول بعضا من تلك المفاهيم والمباديء التى تصدرها الثقافة الاخوانية للفرد المنتسب اليها فيما بعد ان سمح المجال.

كان من ضمن هذه الثقافات ان الاخوان هي ام الجماعات الاسلامية او كما يطلقون عليها (كبري الحركات الاسلامية ) وانها الجماعة (الام ) الحاضنة للطيور الشاردة من افراد الجماعات الاخري وان الاخوان جماعة شاملة تأخذ من كل التيارات مايميزها فتأخذ من السلفيين الرجوع للكتاب والسنة في كل شيء وان هذا ماقرره الاستاذ البنا في الاصل الثاني من اصوله العشرين ولأن السلفيين يهتمون بالمظهر الخارجي فتجد الاخوان يشيرون لبعض دعاتهم الملتزمون ب (اللحية ) و(تقصير الثياب )....الخ

وتأخذ من الجمعية الشرعية عمل الخير والقيام علي الايتام وان الاخوان بها قسم كامل اسمه قسم (البر) يرأسه احد افراد مكتب الارشاد وتأخذ من حزب التحرير دعوته للخلافه الاسلامية وان هذا مقرر في اهداف الاخوان فيما يسمي ب (استاذية العالم ) وتأخذ من التيارات الجهادية دعوتهم للجهاد ضاربين المثل بحركة (حماس الفلسطينية ) الي اخر هذه المزايا التى يتم ترويجها والتى مفادها اان من اراد اي شيء من هذه التيارات فكل شيء موجود في الاخوان في الوقت الذي كانوا ينظرون بشفقة لتلك الجماعات ان لديها قصور في الفهم والتطبيق والنظر للدين ضاربين المثل بنظرتهم للاسلام ونظرة الجماعات الاخري بقصة الفيل والعميان بقصة الفيل والعميان

ثم بعد هذا التوجيه الثقافي وترسيخ هذا المفهوم داخل الصف الاخواني تجدهم يصدرون انهم ليسوا ضد هذه الجماعات وان يدهم مفتوحة للتعاون معهم والائتلاف ومد اليد اليهم جميعا لما فيه (مصلحة المشروع الاسلامي )!

لكن البون شاسع بين التنظير والممارسة العملية فعند المنافسة تجد ان الاخوان لاتري الا انفسهم ولا يؤمنون الا بأفكارهم بل وتجد تهم التخوين ورمي الاتهامات المعلبة لكل مخالفيهم حتي ممن ينتهجون نفس مشروعهم

في عام 2012 اثناء الانتخابات البرلمانية ومع ظهور الاحزان الاسلامية كحزب النور والبناء والتنمية وغيرها كانت الثقافة السائدة عند جموع الصف الاخواني -بناءا علي التنظير الموجود في كتبهم – ان هذا هو اوان الوحدة الاسلامية والاجتماع تحت راية واحدة لإقامة الخلافة.لكن لم يكن ذلك الا مجرد سراب يتم تداوله في الكتب فقط

فعلي سبيل المثال عندما تأسس حزب النور طالته الاتهامات في داخل الجماعة بأنه لم يؤسس الا لمحاربة الاخوان وكذا باقي الاحزاب

في احد ليالي 2012 جمعني لقاء مع مسؤل اخواني وكان سؤالي له بلهجة الحماسة و(الغيرة علي الاسلام ) لماذا لايتم التحالف مع حزب البناء والتنمية اليسوا بعد المراجعات اصبحوا اقرب الينا من غيرهم ؟!

لم يلبث هذا المسؤل الا ان قال لي ( توحد مع مين دول شوية امنجية !!)

احدقت النظر من صدمة الكلمة وراجعته فيها فما كان منه الا ان يقسم لي ويكرر ماقاله

شعرت وقتها بهزة داخلية وتساءلت بيني وبين نفسي هل هذه هي نظرة الاخوان لمخالفيهم من داخل التيار الاسلامي نفسه ام مجرد موقف فردي من مسؤل متحمس وماذا لو كانت هذه النظرة حقيقية فما بالنا بنظرتهم للتيارات الاخري الغير اسلامية.

مرت الايام وكدت اقنع نفسي ان هذا الرأي مجرد وجه نظر لمسؤل متعصب لكن الايام كانت حبلي بالحقائق وكشف الغشاوة التي علي عيني. اتضح لي بعدها ان هذا منهج لديهم لن يفلت منه حتي من كان معهم وبينهم

فعندما ترشح عبدالمنعم ابو الفتوح للرئاسة مخالفا توجههم في هذا الوقت وابو الفتوح من هو ؟ انه عضو ارشاد الجماعة لمدة اربعين سنة واحد قيادتهم التي اعادت تأسيس الجماعة في السبعينات ومع ذلك خرج علينا وقتها محي الدين الزايط عضو مجلش شوري الجماعة متهما ابوالفتوح بأنه علماني سيفعل بالاخوان مافعله عبدالناصر !

وبعد الاطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي اصطف حول الاخوان اغلب الاحزاب الاسلامية واسسوا ما يعرف (التحالف الوطني لدعم الشرعية ) اصطف هؤلاء وقرروا مع الاخوان مواجهة الدولة واجهزتها وقطاع كبير من الشعب المصري وكان من بين هذا التحالف حزب الوسط وكان في رؤية الاخوان في هذا الوقت هو تقديم هؤلاء وغيرهم من بعض الليبراليين الذين ايدوهم حتي يصدروا للعالم ان موقفهم هذا ليس موقف ايدولوجي طائفي ولكنه موقف يعبر عن كل أطياف الشعب

في عام 2014 تعرضت للسجن بتهمة التظاهر وجمعني في الزنزانة بمسؤل عن مكتب اداري للإخوان وعضو مجلس شوراها العام وفي هذه الاثناء جاءنا خبر انسحاب حزب الوسط من (تحالف دعم الشرعية) نتيجة فشل الاخوان في ادارة التحالف واستفرادهم بالقرارات فما كان من هذا المسؤل الرفيع الا ان قال اننا لن ننتصر الا عندما يصبح الاخوان وحدهم ! ويتخلي عنا كل هؤلاء حتي يتطهر التحالف وتتمايز الصفوف!

دب الخلاف بيننا في الزنزانة وكنت من المعارضين له علي كبر قامته بين المسجونين

تساءلت بصوت عالي (انتو ازاي كدة وازاي بالتفكير ده ؟!!) ثم عكفت علي نفسي اراجع مواقفي من هؤلاء وكيف لي ان اكون مغيبا لهذا القدر مع هؤلاء الاقصائيين الذين يعيشون دور اليوتيوبية الاسلامية وكأن هؤلاء هم المعصومين المنزهين من الاخطاء وغيرهم مجروج تدور حولهم علامات الاستفهام

خرجت من تلك المحنة التي كانت في طياتها منح كثيرة كان اهمها كشف زيف كثير من المفاهيم التي ورثتها وتشبعت بها وبدأت اعبر عن بعض قناعاتي الجديدة علي صفحات التواصل منتقدا بعد الافكار المنحرفة والادعاءات الكاذبة لهؤلاء المدعين

طالتني كثير من الانتقادات والتعليقات السلبية متهمين شخصي بالانحراف والافتتنان سائلين الله لي الهداية والثبات !

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل