"صياد الغرقى".. مصري يروي حكايته مع أغرب مهمة في النيل

علي ضفاف نهر النيل، وعلى مدى أكثر من 35 سنة، يخرج صياد اشتهر بين الجميع باسم "الشيخ عزت" بمركبه الخشبي البسيط، ويظل طيلة النهار يراقب مياه النهر وتحركات الأمواج لا لصيد الأسماك بحثا عن لقمة العيش، ولكن لصيد جثث الموتى.\nعزت عفيفي البالغ من العمر 60 عاما، مهمته البحث عن جثث الغرقى في النيل، وبدأ بممارسة هذه المهمة في سن 25 عاما بشكل تطوعي، حينما وجد أول جثة لشابة تعثر مركبه فيها.\nوتكرر الأمر عدة مرات، وبات عفيفي محترفا في البحث عن الجثث، وأسند إليه الأمر بشكل رسمي من جانب قوات الإنقاذ النهري التي باتت تلجأ له للمساعدة في البحث عن الجثث، وإبلاغهم عنها، وفقا لما رواه عزت لموقع سكاي نيوز عربية.\nوقال الرجل الستيني لسكاي نيوز عربية: "أنا من أقدم الصيادين في جزيرة الوراق وتفرغت حاليا لمهمة البحث عن الجثث فقط، بينما يقوم أبنائي بالصيد في النهر لكسب ما نعيش منه".\nوأضاف: "لا أتقاضى أجرا عن هذا الأمر، يكفيني دعاء المكلومين في إيجاد جثث غرقاهم ودفنها ليعرفوا مصيرهم على الأقل".\nالشيخ عزت لم يحصل يوما على دورة في الغطس تحت الماء، لكنه احترف الأمر بالفطرة منذ الصغر، وحينما يجد الجثة يخرجها إلى اليابسة على ظهر مركبه المتواضع، ويبلغ الشرطة كي تتخذ إجراءات إبلاغ أهل الضحية وتنسيق دفنه، حسب تعبيره.\n" أهل الضحية أحيانا يكرمونني باللي فيه النصيب، ولكن أنا لا أطلب شيئا من أحد، يكفيني الثواب عن هذا العمل الذي أعتبره عظيما، لأن إكرام الميت دفنه".\nزملائه في البداية كانوا يخافون منه ويشعرون بالرهبة تجاهه من كثرة الجثث التي أخرجها، لكنهم الآن يتعاونون معه وأصبحوا يطلقون عليه رادار أو مراقب الجثث في النهر، وفقا لتأكيده.\nوأوضح الشيخ عزت أنه "يستخرج ما بين 100 إلي 160 جثة في العام الوحد، وفي الصيف يكون العدد أكثر من الشتاء لأن الكثير من أبناء الريف يسبحون في النهر هربا من حرارة الطقس".\nوتنتقل النيابة العامة لمكان الجثة وتستمع لأقوال الشيخ عزت وكيفية إيجاد الجثة، قبل نقلها للمشرحة واتخاذ الإجراءات القانونية.\nالنسبة الأكثر من الجثث التي أخرجها عفيفي كانت لضحايا الغرق، ونسبة أقل لضحايا الانتحار أو القتل، حسب ما كشفت التحقيقات على مدى السنوات التي استخرج فيها عزت الجثث حسب قوله.\nويصف الرجل منطقة النيل أمام جزيرة الوراق بأنها بمثابة مرسى الجثث القادمة من الصعيد نظرا لضحالة المياة فيها، حيث تطفو الجثث على السطح نظرا لانخفاض منسوب المياه بالمنطقة، فيراها ويستخرجها.\nيقول عفيفي:"اختياري لهذه المهمة جاء بتفويض من إدارة الحماية المدنية وقسم شرطة الوراق، ثم ذاع صيتي علي مستوى الجمهورية"، حسبما يقول.\nويوضح: "بالرغم من تسخير كل المعدات والإمكانيات لفرق الحماية المدنية وفرق الانقاذ النهري، إلا إننا نظل كصيادين من الركائز الأساسية في إنتشال الجثث من النيل".\nعصام حامد، أحد الصيادين بالمنطقة يقول لسكاي نيوز عربية إنه عندما يعثر الصيادون على جثة يقومون بإبلاغ الشيخ عزت فورا، "وليس من حق أي صياد التصرف بالجثة أو إخراجها من النيل تجنبا للمشاكل، لأنه الوحيد المفوض من الشرطة بالتعامل".\nللشيخ عزت زوجة و4 أبناء كانوا في البداية يخافون منه لدرجة أنه قال"لو خلعت جلابية لا يغسلوها"، لكن بعد ذلك تفهموا الأمر وأصبح معتادا لديهم.\nيتعكز الرجل الستيني علي مركبه الخشبي ملتقطا أنفاسه بعد تجديف لساعات، بينما يختتم حديثه لموقع سكاي نيوز عربية قائلا: "علمت إبني الكبير "عبده" أسرار هذه المهمة حتي أصبح يتقنها، ليستمر في هذا العمل الإنساني حتى بعد موتي".\n\n\n\n\n